"الهجرة" في رمضان.. طريق مسلمي بوروندي نحو السكينة والأمن
السبت، 02 يوليو 2016 03:38 ص
جمعة، شاب بوروندي أراد أداء صلاة التراويح بمنأى عن أيّ تهديدات تستهدفه، في ظلّ أعمال العنف التي تعيش على وقعها العاصمة بوجمبورا، منذ اندلاع الأزمة السياسية والأمنية في البلاد، قبل أكثر من عام، فكان أن اضطرّ لتغيير مكان إقامته طمعا في الظفر بسكينة روحية تتلاءم مع الشهر الكريم.
جمعة تخلى عن منزله في حيّ "سيبيتوك" بالعاصمة، هربا من دوريات الشرطة، ليستقر في "بيت صغير في الشارع الثامن من الحي نفسه قبالة المسجد"، على حدّ قوله، مشيرا إلى أنه تمكن "من أداء جميع الصلوات والتفرغ التام للعبادات"، وذلك منذ انطلاق شهر رمضان في السادس من يونيو الجاري.
أمثال جمعة من المسلمين ممن يقطنون هذا الحي كثيرون، وقد انخرطوا في موجة تغيير مساكنهم بمناسبة حلول شهر الصيام، في عملية نزوح قصيرة المدى أو نهائية من أجل غاية وحيدة تتمثل في قضاء الشهر الفضيل في كنف السلام، بينهم أفراد عائلة يوسف القاطنة في الشارع الرابع من "سيبيتوك" والتي خيرت الاستقرار "المؤقت" في الشارع السابع، أي مباشرة خلف المسجد.
تغيير "مؤقت" للبعض و"نهائي" للبعض الآخر، على غرار كريم هذا الشاب المسلم الذي قرر قبل يومين من انطلاق شهر رمضان مغادرة منزله الكائن في حي "موساغا" جنوب بوجمبورا، معقل الاحتجاجات الشعبية الرافضة لولاية الرئيس بيير نكورونزيزا الثالثة، ليستقر في حي "بويزا "الهادئ" وسط العاصمة، على حدّ وصفه.
كريم ويوسف وجمعة أجمعوا على أنّ "الهجرة" هي "الوصفة المثالية" لقضاء شهر الصيام بعيدا عن العنف ومشاهد الدماء التي لا تنتهي، وإلى جانب بقية مسلمي بوروندي، خصوصا من سكان العاصمة الذين رأوا في تغيير سكناهم "حلاّ عمليا" لمجابهة خطر انعدام الأمن.
وتجنّبا للضوضاء الناجمة عن تواتر أعمال العنف في أجزاء كثيرة من أحياء العاصمة، إختارت العديد من العائلات البوروندية المسلمة التجمع في باحة مسجد الحي، في وقت الإفطار لتقاسم الطعام قبل أن يتوجّه أفرادها، في وقت لاحق لأداء الصلاة. أجواء منحت شهر رمضان لهذا العام مذاقا خاصا خلّصه من ثقل الأزمة، بحسب رجب، أحد أولئك المتجمعين في المساجد هربا من مشاهد القتل اليومية في العاصمة.
وتشهد بوروندي تصاعد أعمال العنف منذ أبريل 2015، على خلفية الإعلان الرسمي لترشح نكورونزيزا لولاية ثالثة يحظرها دستور البلاد، ورفضتها قوى المعارضة. ورغم إعادة إنتخابه في يوليو الماضي، إلا أنّ ملامح الأزمة لا تزال مطبقة بثقلها على البلاد.
وبحسب أحدث التقارير الصادرة، في السادس من يونيو الجاري، عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فقد أسفرت الأزمة البوروندية منذ اندلاعها، عن سقوط أكثر من 700 قتيل، وأجبرت ما يزيد عن 280 ألف شخص على مغادرة البلاد.