دار الإفتاء: أموال الزكاة يجوز انفاقها على مرضى فيروس سي
الجمعة، 23 أكتوبر 2015 11:00 ص
قالت دار الإفتاء المصرية أنه يجوز الإنفاق من أموال الزكاة على البرنامج القومى للقضاء على فيروس "سى"، وذلك من خلال إنشاء مراكز العلاج المتخصصة، وتوفير العلاج، والرعاية المتكاملة للمريض حتى يشفى بإذن الله. وأوضحت الدار فى أحدث فتاويها، أن الزكاة مشروعة لبناء الإنسان وكفاية حاجته، وما يتصل بأمور معيشته وحياته، كالزواج والتعليم والصحة وغير ذلك من ضروريات الحياة، أى: أنها للإنسان قبل البنيان، وللساجد قبل المساجد.
وأضافت الفتوى أن الشريعة الإسلامية لم تغلق باب الاجتهاد فى طريقة الصرف وكيفية التوزيع، ومن ثَمَّ اختلفت أنظار الفقهاء في مسائل متعددة تتعلق بتحقيق المناط فى مصارف الزكاة؛ توسيعًا وتضيقًا، ولا يخفى أن القضاء على الأمراض والأوبئة الفتاكة من أهم مقومات حياة الإنسان ومعيشته، وفيه تحقيق لأعظم المقاصد الكلية العليا للشريعة وهو حفظ النفس. وأشارت الفتوى إلى أن قيام الدولة المصرية بتبنى برنامج قومى للقضاء على فيروس "سى" من خلال إنشاء مراكز علاج متخصصة، وتوفير أحدث علاج متوفر عالميًّا، إضافة إلى الرعاية المتكاملة للمريض حتى يشفى بإذن الله يصح دخوله فى مصارف الزكاة دخولًا أوليًّا من أكثر من جهة.
وأوضحت الفتوى أن الجهة الأولى أنها تدخل فى مصرف الفقراء والمساكين؛ لأن أغلب المرضى هم من المحتاجين الذين يفتقدون الرعاية الصحية المناسبة والتغذية السليمة التى تحول دون وصول هذه الأوبئة إليهم، وهم المستفيد الأعظم من خدمات هذا البرنامج القومى المتكامل، وهو وإن لم يكن فيه تملُّكٌ مباشر لأفرادهم إلّا أن الدولة تتصرف فيه عنهم بما هو أنفع لهم، وفائدته الأساسية تعود على ذلك القطاع العريض من المجتمع الذى يحتاج احتياجًا أوَّليًّا إلى رفع مستواه العلاجى، كما أن الوصول إلى هذه المنظومة المتخصصة المتكاملة من العلاج الحديث لهذا الوباء وأمثاله؛ بتكاليفه الوصفية والتجهيزية والدوائية، لا يمكن أن يحققه عموم الأفراد بأنفسهم مهما بلغت قدرتهم المادية، وإنما يحتاج إلى ضرورة تدخل الدولة بميزانيتها الضخمة لتوفيرها لرعاياها.
أما الجهة الثانية التى ذكرتها فتوى دار الإفتاء أنها تدخل فى مصرف فى سبيل الله؛ لأنه عبارة عن إنشاء منظومة متكاملة لعلاج قطاع كبير من المواطنين الذين يؤدى تحسُّنُ مستواهم الصحى إلى تَطَوُّر معدلات التنمية المجتمعية، وزيادة القوة الاقتصادية للدولة؛ فإن العقل السليم فى الجسم السليم، وكل ذلك يساهم فى إعداد القوة المأمور به شرعًا، وتطوُّرُ العصر وتنوع آليات القوة فيه يستتبع تطوُّرَ أسباب الإعداد وتنوع جهاته وتعدد وسائله، كما هو الشأن فى تحسين منظومة التعليم والبحث العلمى؛ فإن موازين القُوَى لم تَعُدْ محصورة فى وسائل الحرب، كما أن بناء القوة يبدأ مِن بناء الفرد وقدرته على الإنتاج.
وقد توسَّع كثير من العلماء فى مفهوم هذا المصرف؛ فجعلوه مجالاً لصرف الزكاة عند الحاجة فى كل القُرَب وسبل الخير ومصالح الناس العامة؛ أخذًا بظاهر اللفظ فى قوله تعالى: "وَفِى سَبِيلِ اللهِ"، وهو ما عليه فتوى دار الإفتاء المصرية منذ عهد فضيلة الشيخ عبد المجيد سليم رحمه الله تعالى. وأشارت الفتوى إلى أن دار الإفتاء سبق وأفتت من قبل عدة فتاوى فى هذا الخصوص نحت فيها إلى سلوك مسلك التوسع فى مصرف فى سبيل الله، وأجازت صرف الزكاة فى طرق الخير والبر، ومنها: ما كان فى عهد الشيخ حسن مأمون عام 1958م، وعام 1980م، وغيرها.
ونبهت الفتوى على ضرورة أن تقتصر الفتوى بهذا القول على الجهات المعتمدة الموثوق بها التى تبتغى المصلحة العامة؛ حتى لا يؤدى ذلك إلى ضياع حقوق الفقراء والمساكين.