هذه مصر

الثلاثاء، 24 مايو 2016 04:24 م
 هذه مصر
كمال الهلباوي يكتب


أعود فى هذا المقال أو التقديم، الى عرض أو عزف مقطوعتين من روائع مريم توفيق. أولهما: هذه مصر، وثانيتهما : مقطوعة عيد الدقهلية ، وتمنيت أن يكون هناك عيد أو مناسبة شعبية لكل محافظة يقام فيها مهرجان شعبى أو ثقافى كبير لكل الابداع والمواهب المصرية العظيمة. وأستكمل هذا المقال، بتحليل رائع من الأستاذ الكاتب إسلام عوض. عن ديوان : بين الكلمات للشاعرة المبدعة نفسها، ونتمنى لها الشفاء من كل داء. تقول الشاعرة العظيمة:


"من قلعة التاريخ والحضارة، من بلد أنطقت الحجارة ، من بلد الثورة والثوار، والفنون والعلوم والعمارة ،من بلد على ضفاف نيلها تم اختراع الناى والقيثارة ، وكان أول الحروف حرفها وأجمل الزهور زهرها وأعرق التيجان تاجها ،وأعذب الأنهار والثمار والنضارة ، ورغم كل ما عاشته فى تاريخها الطويل من حوادث النضال والإثارة ، ورغم ما عانته من نهب وطغيان على مدار عمرها العريق ، يظل قلبها الفتى يدفع الدماء فى العروق ،تظل تعطى خيرها وفكرها وعلمها للخصم والصديق.


تظل حتى فى عصور الجهل والظلام فى تاريخها منارة على الطريق ، تعيش فى وجدانها أصالة الفراعنة ، وحكمة الإغريق والبطالمة ، وروعة الإيمان بالرسل ،فأول الموحدين شعبها ، ودينها القديم يقرر الثواب والعقاب ،والحساب والخلود ، وجاءها موسى مبشرا بدعوة التوحيد ، فألقى السحرة ساجدين مؤمنين سابقين، وبارك المسيح أرضها بخطوه المجيد ،وخصّها القرآن بالذكر ونعمة الصمود، وصية من أحمد بأهلها وحصنها الفريد ، وأشرقت بأرضها فصاحة البيان والقصيد" شوقى " شدا إعجازه الشعرىّ فى ربوعها ، " محفوظ " صاغ سحره من سحرها ، " طه وعباس " أذاعا فكرها".


قالت كذلك عن مصر: ونبغ الآلاف من أبنائها فى الطب فى الفيزياء فى الفنون فى العلوم ، فى صناعة الوجود ، فى صياغة التاريخ ، فى الصدق والإخلاق فى صيانة العهود ، يا أصدقائى، تلك لمحة من مصرنا العظيمة ، مصر التى لا تقبل الخنوع والهزيمة ، مصر التى صانت عروبتها ولم تخضع لغاصب، مصر التى ضحت وأعطت للعروبة دعمها فى كل جانب، مصر التى يتسابق أبناؤها نحو العلا شهداء لن تنحنى لها هامة، مصر الكنانة محفوظة بإذن الله من أعداء الخارج والداخل، أبدا لن تنال منها القنابل والحرائق".


وهذه المبدعة، كما يسميها الأستاذ الدكتور حسام عقل قالت فى تحيتها لعيد الدقهلية: وعاصمتها المنصورة فى عيدها القومى:


"من غربتى قد جئت يدفعنى الهوى ، لمدينتى ولأهلها الأطهار ،فوجدت شعبا لا مثيل لطبعه ، فى الحب والإخلاص والإصرار ،تاريخه يزهو بنصر شامخ أسر الملوك بوقفة المغوار ، ووجدت فيها الشعر يزهو رائعا طربا ، يزيد العشق للسمار ، ولكم عشقت مساءها وجماله وعشقت فيها بهجة الأزهار ، منصورة هى منذ يوم بنائها فهى العروس تشع بالأضواء ، غسلت بماء النيل رائع شعرها ، فاختال ماء النيل فى الأنهار ، الشعب فيها للحضارة عاشق صنع الجمال وصانه بإطار ، خير الرجال رجالها ونساؤها فزن الجمال بسائر الأقطار ، يحميك رب العرش يامنصورة ويقيك من شر ومن أخطار ، لو عاد نجم الدين حيا بيننا ليرى مدينة نصره المختار ، لرأى مدينته تفيض حضارة وتشع بالتثقيف والأنوار ، تعطى لمصر من الشوامخ أنجما تعلو بمصر فوق كل مدار ، ورأى الأصالة والعراقة والنهى ، ورأى الحصافة عند كل قرار ، ورأى "ابن مطروح " يعود مغردا بالشعر للتحذير والإنذار ،ورأى العلوم تصان فيها والهدى يعلو ويكسو حسنها بوقار ، أبناؤها يتلألئون كواكبا تبنى الحضارة فوق كل فخار".


ولا نستطيع أن نختم هذا المقال إلا بالتحليل الرائع من الكاتب والصحفى الأستاذ إسلام عوض. يقول الرجل "بين الكلمات.. " ديوان رومانسي جديد للشاعرة "مريم توفيق": ثم يقول:


"قالوا عن الشعر إنه غلبة النور على الظلمة، والحق على الباطل، هو ترنيمة البلبل ونوح الورق، وخرير الجدول وقصف الرعد، هو ابتسامة الطفل ودمعة الثكلى، وتورد وجنة العذراء، هو جمال البقاء وبقاء الجمال، الشعر لذة التمتع بالحياة.. وأقول إن الشعر هو الأمل والألم، هو الضحك والبكاء، هو السعادة والشقاء، هو العطش والارتواء.. الشعر ديوان الحياة"... ثم يقول إسلام عوض:


"ونحن اليوم أمام الشاعرة الرومانسية الجميلة "مريم توفيق"، فمنذ أن قرأت عنوان ديوانها الجديد "بين الكلمات"، تأكدت أنها شاعرة من طراز فريد، فالعنوان وحده أسرني وأدخلني في واحة شاعرية فكم هو جميل أن تقرأ ما بين الكلمات، وكم هو أجمل أن تستطيع أن تقول ما تشاء دون تصريح أو تلويح أو تجريح، استطاعت شاعرتنا الجميلة "مريم" أن توازن بين الحداثة والزمن الجميل، فهي تمتلك الكثير من المفردات والتشبيهات والأحاسيس، فلغة الحوار عند الشاعرة "مريم" ليست كلمات فحسب، بل طريقة متميزة في التعبير، واستخدام الكلمة الواحدة للتعبير عن معان مختلفة.


تقول شاعرتنا في قصيدة بعنوان "أمس حارق" مليئة بالشاعرية والرومانسية والإيمان بالقضاء والقدر:
أحلم بالفراشات، أجوب الحقول
وعلى صفحة الدهر أحدث بنعم القضاء ونعم القدر
عدت بالذاكرة لسحر الشفق وروعة الغصون
أنشودة السمر
كم أهديتك العمر قربانًا
البدر في عينيك أرسمه ليهديني الحب
********
وفي قصيدة بعنوان "العمر الثاني" تخاطب المحبوب متغزلة فيه عشقًا وحبًا قائلة:
وإذاك تهل ببابي ملكًا قمري اللمحات
فرسمت سنيني سحبًا
ورسمت عيوني شعرًا
شمسًا، قمرًا، بسمات
يا أطيب عطرٍ يغمرني
********
وفي قصيدة بعنوان "بوح" تخاطب حبيبها إثر عودته بعد طول هجر وغياب فتقول:
ثم أهداني الزمان أنت وأنت
إلى سنا النجم أحن إليك
فبالله قل .. أين كنت؟
********
وفي قصيدة بعنوان "حنين" تتمنى الشاعرة أن تكون لها عين زرقاء اليمامة لترى المحبوب وهو قادم من بعيد؛ لتهدئ شوقها وتروي ظمأها قائلة:
كم تمنيت أن تكون لي عين زرقاء اليمامة
كي أراك من بعيد
إن أغمضت عيني ألمح كل جميل فيك
********
وتختتم الشاعرة ديوانها "بين الكلمات" بقصيدة بعنوان "شكرًا"، تمتن فيها لمن علمها ووقف بجانبها، وهي تدل على أصالة الشاعرة وعرفانها بالجميل تقول فيها:
شكرًا لمن علمني أن أرفض، أو أن أغضب
أو أن يعبث غرٌ بحناني
علمني أني عالية كالنجمة في كل أوان
وأن دفاتر شعري تهدي الأكوان
تمنحني العمر الثاني
وتنتاب الشاعرة لحظات حزن واستسلام للواقع، وهذا شيء طبيعي؛ فالشعر لو انفصل عن الواقع فقد تأثيره وكيانه، ولكنها تلوذ في المساء بالشعر الذي يمرمي إليها بطوق النجاة من الغرق في بحر الحزن فتقول شاعرتنا:
عند المساء أيقنت أنني للشعر أنسام عشق
فلم تعد تفتتني الرياح
ليتهاوى القلب بين الخواطر
تائهة بجوف الليل
يطرقني الخوف والباب الموصد
مخنوق لحني
وقرص الشمس منذ البكور في أفول ". إنتهى تحليل الأستاذ إسلام عوض الجميل.
وأقول: تحتاج المواهب فى شتى الميادين العلمية والأدبية، الى إبراز وتركيز ، يحول دون الهامشية والتخلف الذى نراه ونلمسه من حين لآخر، حتى تنجو مصر من تخلفها ، كما نجت من المخططات الشيطانية التى تقف وراء تقسيم وتفتيت الأمة. فهنيئا للأمة لمبدعيها، وهنيئا للأمة لحراسها ومنقذيها. والله الموفق

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق