ايمي نور تخاطب المارد وتؤكد له انها ذائقة الموت

الإثنين، 16 مايو 2016 08:21 م
ايمي نور تخاطب المارد وتؤكد له انها ذائقة الموت
إيما خليل
إيما خليل

(الرحلة الأولي) (بيتاً يشبه حالي في العدم)..

مدي مفتوح بالنسيان.. وأفكار وأشجار وهواء وحنين إلي بعيد غامض..
أبوابٌ مغلقة .. فما الأبواب إلا حيلة للإطمئنان..
وقلبٌ يركض وليلٌ يردد لم يبق سواك أنت وزوالك..
كتبي وافكاري مبعثرة تذكرني بمن أهدته لي..
فكل منا الآن صار علي حدة .. فلا حرب تُشن علي موتي..
هنا لا أقوي ولا أقدر علي عطر يبوح بالفؤاد..
فماذا بعد حيناً تمطر عليً فيه السماء أحجار الحنين..
وسط ذكريات أمس جريح...
كان العدم مطوق بنقيضه..
في بيتاً يشبه حالي في العدم..
وبيدي زجاجة الكونياك التقينا أنا وأنا..وأنا وزينب في متحف الذاكرة ..
وكنا حاملين كل أنين.. وعبثاً أخبئ جرحي المفتوح..
فماذا بعد العودة الي هذا الأنين المتبادل والحنين الفردوسي..
سوي أن اقف أنشد علي إرتفاع اللاشئ وأغني..
أنشد لا انتظر أحداً ولا أنتظر هتاف العائدين..
فقط أنشد لأحفظ عطرها.. واسحب نفسي من جسداً لا أرااه..
أنشد لأرصد ما تبقي من فتات الغيب لي..
ففي البيت أنا دونها لا حزيناً ولا سعيداً..
فحتي الأماكن قد تمضي قِدماً اذا صار لها ربَة متوجة..
يازينب..
يا شمساً تطرز سحابي الصفراء..
يا وجع البحث عن فرح سابق..
يا من يخجل أمامك الذهب المنافق في صلابته..
أحببتك يا نهر الكرم لا لأنكِ زينب فقط..
بل لأنكِ كنت لي المقعد الخشبي في حياة المسافر..
وفي حبك تأتي كل العواطف الخبيئة ويأتي كل ماهو غائب..
كنتي انتي العنكبوت علي غار حراء ..
ويد يسوع في الشفاء مني..
وكني انتي من ألقتني في اليَم..لأصير أنا عاشق الذات وكليم الله..
فإن كان غيابي إليكي شجر ..
فهذا غيابك كله دخان يطل منكِ عليً..
فأنا الآن لم أعد أجد من يهز سريري في الليل..
فقد هدأت كل قوافلي ورحلت..
بعد ان اخترت الفراغ ونمت..
زينب..
زينب هي العنوان الثابت في دوائر الرحيل..
وان بحثت في ملابسي عن دوائر الشك..
و هي الوحيد والأوحد التي تعرف كيف تنفتح السماء..
زينب هي بصمة وطن علي جسد..
وهي بقايا الكف في جسد القتيل..
هي رسالة من بلد لم ولن أحبه وأنا فيه..
وزينب هي أمي..
وهي أوطاني..
وزينب هي .... أنا..
ولكن زينب لم تأتي ..
وأتجاهل الغياب وأتجاهل ..
فقد رحم الله إمرئ تغافل لأجل بقاء الود والذات..

(الرحلة الثانية) (رحلتي في شهور العتق)..
صديقتان وأسطورتان وتوأمان نحن علي سطوح الليل ..
واحدة تغازل وأخري تقاتل..
كيمامتان تحلقان علي سقف بيت مهجور..
وكان حاضرنا يسامرنا وماضينا يسلينا..
ونسير لمدن الخيال معاً اذا احتجنا للعب البرئ مع المصائر..
كانت السماء كريمة معنا وليالي القدر لنا..
فقد كان يركض تحت أقدامنا وخلفنا كل شئ..
فكل شئ بيننا كان مختلفاً ومؤتلفاً..
وكم كنا حمقي..
كم كنا حمقي حين صدقنا ان أسماءنا لنا..
وان جناح النسر سيرفعنا الي أعلي..
واننا ملائكة آمنا بقدر الخلود..
كنا طيبين يا زينب وقلنا البلاد بلادنا وقلب الخريطة لنا..
كنا حالمين ولم نكن نعرف أن لنا ماضي يسرق الغد ويرِقص الحاضر..
فمن بلاد الشام ومقاطعات الفرنجة لبلاد الأمن والأمان كان القطار كالأفعي الوديعة..
وكان كل سفير من الألم في كل أرض يخفي غناءنا المبحوح عن نهر الحنين..
وكأن الترحال كان تدريب لنا علي صداقة الذئااب..
وكأن الرحيل مثل وشم ذاب في جسدنا النحيل..
فحتي الذكري قد مرضت معنا..
كبرنا يا زينب والطريق الي السماء بعيدة..
فقد مر القطار ولم نكن يقظين..
وعلي محطات العمر نسقط ونهوي ..
ولا دور لنا في المزاح مع الوقت..
وإنه الزمن يا زينب..
الزمن هو اليم.. وأنا المُلقي فيه وحدي..
إنه الزمن يغير الملامح والعادات..
ونحن الغرباء والاشلاء..
والطيبون بالفطرة صدقنا الآلهة ولم يكن لدينا وقتاً للكراهية ..
فنحن فقط في إنتظار القطار والوداع دائماً..
نغلق الابواب ونتحايل علي الخوف..
ونقف وراءها كالثملي متجاهلين رصاصات القدر..
ومتجاهلين كل الخيانات الساذجة من حولنا..
رحلت عنك من أرض لأرض..
فلم يكن هناك مفر من الرحيل عن وطن يحمل في طياته ذكري خيانة مؤلمة ...
ذكري تجبر علي الإنحناء..
وإنها سٌنة الرحيل والألم..
وإنها الأحلام يا زينب.. وقد شاخت وتمددت في خريطة تجاعيد أجسادنا..
إنها الأحلام التي يجب ان ندللها اكثر حتي تكبر ونقدمها قرباناً للزمن..
ودعتك وودعت معك كل العادات كوداع المراهق لحبيبته المحتملة...
ولا لقاء يتكرر بين محبين طالما قرروا الوداع دوماً..
فكثيرا لاتكفي كلمة الموت لتفسر كيف نموت..

(الرحلة الأخيرة) (أنا المارد من زجاج)..
واليوم ذكري غفلتي النصف منسية..
اليوم ذكري انتقامي من الغياب..
وليس لي من شخص فقدته.. أو تمثال كسرته..
فقد قتلت قلبي بعد أن أخفيت دوماً الحنين الي سواي..
وفعلت كما فعل الضباب بأخوتي وشويت قلبي..
فهناك العديد من الطرق ليموت من تحب..
فأنا لم أعد أري سواي بعد ان تجلًت روحي علي السياج البعيد..
فأنا أحب ذاتي كل يوم أكثر مما كنت اعرف..
أحببتها الي حد العتمة.. وصرت أنا الحر من لعنة الجذور ..
وما أكثر اسراري الكامنة وراء بابي..
اليوم يتوقف الزمن حداداً علي وحدتي..
فلم أكن أعلم يوماً انني قد وصلت الي تلك اللحظة التي يتوقف من بعدها الزمن..
ولم يعد لدي إلا أن أصلي بآياتي الحزينة كل ليل..
وان أقرأ بداخلي ترانيم الخوف وتراتيل الحفظ من الوحدة..
وإبتهالاتي من أن يصيبني الجنون..
أنا كليم الله الملقي في اليم..
تشقني كل ليل عصا الخوف السحري..
وليس لي إلا ابتسامة كلبي في الليل التي لا يراها سواي..
وأنا الكاتب الباحث في كتابة سيرته الذاتية عن الموت..
يا أمي ..
أزمتي في الحياة اني اخترت الحياة وإن ضلً ساعي السماء رسائله..
وساظل أنا وسأظل احذر لدغة الأمل الجريح..
فأنا لم أعرف يوماً السند السمح كيف يكون..
فلم يعد لي وطن إلا أنا..
وأنا..
أنا المتمرد الرافض وغنائي عبادة..
أنا الحامد والشاكي..
وانا من أحب الجميع لأنه غريب ..
انا الراجح والمؤكد والواثق والعالم..
وانا المتيم والمتمم ولم أعد أري سواي وكانت تلك المأساة لو تعلمي..
وانا من لم يؤرقني خدش في المساء..
ولا أبحث عن أغنية تلاءم الذكري بعد أن ألقيتيني في اليًم وحدي..
فقد حُرِم عليً زيارة قلبي كمن مسه الحرام..
وأنا الكهل في العدم..
وحتي في العدم أنا الوحيد..
وأنا العدم..
أنا المعصوم من ممارسات العاديين..
أهلكت تحت قدميً قلبي والذكري واليابس المنسي وكسرت الزمان..
وقلبي الهش تلميذ الفراشة ووريث الصبار في الوقوف..
أنا المارد من زجاج..
لا يقوي عي إحتمال حتي الهواء ولو عظًموه..
وأنا من رفض أن يحيي في وطناً بحجم القبر..
ربحت الخروج من ظلمة الليل وملل النهار..
ولكن بعد ان صرت زجاج..
أنا المارد من زجاج .. ذائق الموت..






 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة