تنظيم حرية الفوضى.. تنظيم حرية الآلهة !

الأحد، 24 أبريل 2016 04:12 م
 تنظيم حرية الفوضى.. تنظيم حرية الآلهة !
محمد حسن الألفي


تري ما الحد الفارق الفاصل بين حرية الفوضى وفوضي الحرية ؟ لا أريد الي طرح سؤال جدلي ، بل سأذهب الي النتيجة مباشرة وهي أن الاثنين وجهان لفاعل واحد ، يحرك الفوضي باسم الحرية ويحرك الحرية لإشاعة الفوضي ، مع ربط المفهومين بما يسمي القيمة العليا التي ينشدها الإنسان من حركته في الحياة ،أي خلع وصبغ مفهوم أخلاقي علي فعل تخريبي فوضوي ، وفي ذلك ، لن تجد أوسع ولا أنسب من مفهوم الحرية الذي هو ، في كل أدبيات الانسان واعتزازه بآدميته ، الهدف الأول المنشود منذ يولد الي ان يموت ، فهو يعيش بالحرية ويختنق بالسجن ، وهو يكافح من أجلها لينال حياة حرة كريمة ، وهو قد يموت طوعا وحبا من أجل حرية الآخرين ، ومن عجب أن المفهوم علي تاريخه العريق ، ظل نسبيا لدي الناس في المجتمع الواحد ، وفي المجتمعات المختلفة كافة ، بل ولدي الشخص الواحد في اللحظة الواحدة ، حسب المؤثرات الداخلية النفسية والعاطفية والعقلية ، أو المؤثرات الإجتماعية ، والسياسية بل والدينية.
واليوم ، وفي مصر ، حيث ازدهرت وتزدهر الفوضى تحت راية الحرية ، سيذهلك أن إخوة ، في الصحافة ، وفي الاعلام ، الذين حاربوا طويلا من اجل توسيع نطاق الحرية في الكتابة وفي الكلام وفي الرسم والتصوير والفن ،إلتبس عليهم نطاق المفهوم ذاته أو تعمدوا مطه وتوسيعه ، ليضم إليه نطاق الفوضي ، وحيث لا توجد مساءلة لدولة كانت متسيلة ،لأربع سنوات ، فقد خاضوا مع رواد الفعل الفوضي ، وسبح بعضهم في الوحل عميقا ، وأهال الطين والسباخ ، وقفز عاليا كلاعب في سيرك ، وقبض من الغمام والضباب ما يكفي لتعمية المواطنين ، فلا يرون الإ رؤاه هو ، لكن هل هي رؤاه حقا ؟! شبحوا جسد الوطن وروحه ومضوا فيه تقطيعا بدعوى علاجه ، ولما لا فالمزاد مفتوح ، والبطل الآن هو من كان أشد سفالة ، وبذاءة ، وشتما في الناس أو المسئولين ، والتوقح والتبجح ، وتحريض الناس ، والتعريض بالقرارات ، وتشكيك الشعب في دولته ، ونصب ملطمة ليلية ، تنعي الوطن السليب !
من الاعلاميين الصحفيين اليوم ، ومن الصحفيين الاعلاميين ، من تأله !
إرتفع علي العرش وسما ، ونصب نفسه حكيما ، بصيرا ، عليما ، يقطع في الفلك ، وفي الفيزياء ، وفي السياسة ، وفي التاريخ ، وفي الفقه ، ويجاهر بقوة جاهل واثق في جهله ، عما يعتقد أنه انسب الحلول لصعود مصر الي كوكب المشتري..
آلهة الاعلام الحاليون ،لا يموتون ، لأن الدولة بسكوتها عليهم ، يخربون ، ويشوهون ، ويشككون ، تمد في أعمارهم ، لكي يقصفوا هم عمر الدولة .رولو سقطت ، لا قدر الله ، ما قامت ثالثة ، فقد قامت مرتين من قبل .
إن منهم من يفهم في أصول الحرب ، ومنهم من هو جالس علي مقعد قيادة الدولة ، ويوجه رئيسها :
- تعال كده يا عبد الفتاح .. خش يمين يا أخي ..
- الله دخلت يمين ليه يا عبد الفتاح؟! .. قلتلك الشمال أسرع ، ولا أقولك خش تحت !
- أيوه انزل بسرعة تحت الأرض أو طير طير فوق فوق ، ولا أقولك انزل انت أما أوريك إزاي تسوق أم البلد دي يا جدع ، ماهو متآخذنيش إنت برضه جديد في شغلانة السلطة دي ، واحنا بقه اللي قلبنا حسني ومرسي ، وبنقلبك بس حته حته ، وبمزاجك ، بنقلب الشعب ع اللي ما يسمعش وع اللي ما بشوفش اللي احنا سامعينه وشايفينه !

نوع من اعلام طغي واستكبر، يري أن الحكام خدم الآلهة الجدد .
بطبيعة الحال ، لا يوجد صحفي حق يحب التضييق علي حرية التعبير والحريات الشخصية والاعتقاد والحرمات وكلها مصونة ومكفولة في مواد الدستور من المادة ٥٧ الي ٧٢، وكلنا نذكر لمحمد حسنين هيكل انه وراء تأميم الصحافة المصرية تحت اسم مخادع هو تنظيم الصحافة ، تماما كما دلل الهزيمة في حرب ١٩٦٧ وسماها نكسة ، ولن ندعو قط إلي تنظيم ولا تأميم ولا ينبغي المساس بحرية التعبير ، إنما ندعو بكل قوة في القلب ،الي مواجهة الفوضي المتشحة بوشاح الحرية ! ندعو لمعاقبة الفوضويين ، من إعلاميين و صحفيين ، دعاة تسويد العيشة والشعب ، والتشكيك في الدولة ومؤسساتها ، دون دليل قاطع جامع مانع .
لا يجوز المساس بحق الصحفي الحق ولا الاعلامي الحق في أن ينقد لا أن يشتم ، في أن يعارض ، لا أن يتآمر ، في أن يضيئ وينير حياة الناس لا ان يسود عقولهم وينشر الجهل والنميمة ويلقي بانصاف المتعلمين والبسطاء في جهنم اسمها منطقة اللا يقين ، اي الريبة ، وبالتالي ترتفع عقيرة الجهلة لتطغي علي عقل العلماء . لقد لعب الجهلة الذين يحركهم عملاء ، دورا خسيسا في التشكيك في وطنية المؤسسة العسكرية المصرية ، بأنها تغاضت ، أو اشتركت مع رئيس البلاد ، لو أفترضنا حتي أنه فعل ، وهو مستحيل ، في التنازل عن جزيرتين مصريتين للسعودية !!
منذا الذي يملك ، أو يقدر ؟!
إن الذي حفظ العرض ، لا يفرط في الأرض ، وكل من قادوا التحريض هم فلول البرادعي وزوائده مثل صباحي و٦ ابريل والاناركيين ، اي الفوضويين ، الاشتراكيين الثوريين !
لماذا تسكت الدولة علي من يحرض علي تقويضها ؟ هل الارهابي فقط هو من يقتل وينسف أو يحرض علي القتل والنسف ؟! أم أن الصحفي العميل شريك متضامن للارهاب ؟! وهل يجوز أساسأ أن يسمي عميل صحفيا؟
لم يحارب الاعلام الفرنسي بلده ، وهو يواجه الارهاب في باريس ، ولا فعلها البلجيك ، ولا الاسرائيليون ، ولا البريطانيون ولا الألمان ، ولكن يفعلها مأجورن تحت دعوى حرية الاعلام .. وهي من قبل ومن بعد حرية الفوضى وفوضى الحرية .
الحرية قانون .. تلك هي المسألة .

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة