بالمستندات 10 خرائط توضح تناقص مساحة مصر عبر التاريخ.. ترسيم الحدود يبدء مع العصر الفرعوني .. صراعات مستمرة مع دول الجوار .. يحسمها «محمد على» ويعيد للمحروسة حدودها.. و«تيران وصنافير» تشعل الأزمة

الثلاثاء، 12 أبريل 2016 08:45 م
 بالمستندات 10 خرائط توضح تناقص مساحة مصر عبر التاريخ.. ترسيم الحدود يبدء مع العصر الفرعوني  .. صراعات مستمرة مع دول الجوار .. يحسمها «محمد على» ويعيد للمحروسة حدودها.. و«تيران وصنافير» تشعل الأزمة
صورة تعبيرية
احمد الساعاتي

اشتعلت خلال الأيام القليلة الماضية، قضية جزرين «تيران وصنافير» التي لم يكن يعلم عنها غالبية الشعب المصري شئ، فباتت حديث الساعة، وذلك بعد إسناد الحكومة المصرية ملكيتها وتابعيتها للمملكة العربية السعودية خلال زيارة الملك سلمان للقاهرة ومنذ هذة اللحظة.

ولم تكن هذه القضية الأولى التى شغلت الرأى العام الخاصة بالحدود، ولكن في فترة الخمس سنوات الأخيرة أثارة قضايا عديدة متعلقة بالحدود الجغرافية المصرية مثال «حلايب وشلاتين» والحدود البحرية المصرية مع قبرص وفلسطين المحتلة، بينما لم تثار قضايا مهمة كقضية «أم الرشراش»، «إيلات» المحتلة من دويلة إسرائيل.

ومن هنا ترصد «صوت الأمة» المشهد كاملًا لقصة الحدود المصرية علي مر العصور إبتداءًا من من العهد الفرعوني، وصولًا إلي عهد محمد علي والحكم العثماني وإتفاقية 1840 لترسيم الحدود، مع إيضاح كيفة وصولها لشكلها الحالي؟ وما هي النقاط الخلافية فيها وحقيقة أمرها؟ وما هي المساحات المتناقصة من الدولة المصرية؟.

ما قبل العصر الحديث

أجمع معظم المؤرخون بشكل شبه قاطع أن هناك بعض الكيانات في العالم تتمتع بخصائص جغرافية تتسبب في خصائص حضارية وسياسية وثقافية ثابتة تجعل منها كيانات من الصعب تغييرها أو العبث في حدودها، وانه يكفي أن تذكر اسم الكيان لتحدد موقعه الجغرافي بسهولة على العكس من أغلب دول العالم، فمثلا حين نقول فرنسا سنجد أننا امام تغييرات جغرافية وحضارية وعدم ثبات بينما يختلف الأمر كثيرا حين نتحدث عن بريطانيا على سبيل المثال التي تعتبر جزيرة عملاقة تتمتع بخصوصية جغرافية، ومصر تقع في قائمة هذه الدول التي تتمتع بهذه الخصوصية كما الصين والهند وإيطاليا وغيرهم.

وكانت مصر على مدار العصور القديمة قبل سيطرة الرومان تتسع حدودها وتضيق حسب قوتها وضعفها منذ عهد الملك «نارمر»، وحتى هزيمة كليبواترا أخر ملكة مصرية مستقلة حيث بعدها تحولت مصر لولاية رومانية، في عصور متأخر تقلصت الحدود المصرية، بسبب هجمات الأشوريين من الشرق، والكوشيين من الجنوب، واستطاع الملك بسماتيك الأول مؤسس الاسرة الـ26، إعادة حدود مصر بشكل كبير بعد طرده للأشوريين وردعه للكوشيين.

ثم جاء الإحتلال الفارسي ومن بعده ضم مصر لإمبراطورية الإسكندر الأكبر، ولكن سرعان ما استقلت مصر من جديد وعادت للإستقرار في عهد أسرة البطالمة، ولكن ليس بالشكل الذي كان في عهود الفراعنة العظام حيث أن التقسيم بدأ بعد وفاة الإسكندر الأكبر بين قادة جيشه، وكانت مصر من نصيب القائد بطليموس.

وكان التقسيم مبنيًا على ما اتفقوا عليه لا على أساس حدود مصر الطبيعية والمعروفة قبل مجيئ الإسكندر، وبعد هزيمة مصر في موقعة أكتيوم البحرية وانتحار الملكة كليوباترا، تحولت مصر لولاية تابعة للإمبراطورية الرومانية، وتحولت حدودها لحدود إدارية وليست دولية، ولأول مرة كان الرومان السبب المباشر في استقطاع جزء كبير من الأراضي المصري، ليعيدوا تقسيم المنطقة حسب أهوائهم فتم تقسيم مصر «لولايتين»، كما تم فصل شبه جزيرة سيناء، وفلسطين عن مصر، وكانت فلسطين حتى هذا العهد جزءًا طبيعيا من الدولة المصرية كسيناء تمامَا.

مع استقلال مصر الكامل وتحولها لمركز الحكم وعاصمة للخلافة في العصر الفاطمي استعادت الكثير من مجدها الذي غاب حتى عادت الخريطة شبيهة إلى حد كبير لأيام الفراعنة العظام فامتدت حدودها جنوبا وشمالًا لحدود «تحتمس» وزادت غربًا حتى وصلت لتونس والجزائر حاليًا.

وحتى بعد اسقاط الخلافة الفاطمية على يد صلاح الدين الأيوبي، ورغم عودة مصر رسميًا لتبعية بغداد والخلافة العباسية إلا أن ما أحدثه الفاطميين ظل متجذرًا وظلت مصر في عهد الأيوبيين دولة مستقلة، وكيان سياسي مستقل رغم تبعيته الإسمية للخلافة العباسية، وبعد سقوط بغداد أنتقلت عاصمة الخلافة المركزية للقاهرة من جديد وظلت مصر دولة مركزية ذات حدود رسمية في عهد المماليك محتفظة بحدودها التي عرفت بها منذ فجر التاريخ.

ولم يظل على ما هو عليه فبدأت أطماع الجار الشمالي المتمثل في «تركيا العثمانية» الصاعدة في الظهور واستطاع الجيش العثماني دخول القاهرة عام 1517، وتحويل مصر لولاية تابعة لإستانبول وعادت من جديد حدود مصر مجرد حدود إدارية يقسمها سلاطين العثمانيين حسب توزيع جوائزهم وولاتهم، ولكن في أغلب الوقت لم يقم العثمانيين بما قام به الرومان من تقسيم مصر إداريا لعدة ولايات، وإنما ظل حتى الجزء الأكبر من فلسطين بجانب سيناء في وضعه الطبيعي منذ فجر التاريخ جزءا من الأراضي المصرية الخاضعة للقاهرة.

الحدود في عهد محمد علي

بعد صعود محمد علي باشا لحكم مصر، بدأت مصر في استعادة مجدها وأراضيها واستقلالها الذي غاب عنها منذ دخول العثمانيين، وتم تأسيس الجيش المصري الحديث وإعادة مصر مرة اخرى لحدود «تحتمس العظيم» بل وزاد عليها جنوبًا بشكل كبير وعادت القاهرة مركزا للحكم من جديد وعاصمة للسلطة.

إتفاقية 1840 لترسيم الحدود

فكانت أوربا الصاعدة والطامعة في السيطرة على الشرق ترفض بأي حال عودة المجد المصري من جديد، وتجسد هذا في التحالف الكبير الذي تم بين الدول الأوربية وتركيا العثمانية ضد المشروع المصري، وبالفعل استطاعت القوى العالمية تقييد المشروع المصري بل وهدمه وإعلان اتفاقية لندن 1840، والتي بموجبها: تم فصل سوريا الكبرى عن مصر، وتحريض الاهالي السوريين على الجيش المصري، واجبار القوات المصرية من الانسحاب من الجزيرة العربية وأراضي الحجاز.

في اتفاقية 1840، أقرت الدولة العثمانية أن يحكم محمد علي باشا الجزء الجنوبي من سوريا الكبرى على أن يعود للدولة العثمانية بعد وفاته، وتعود حدود مصر الطبيعية له ولأولاده من بعده، فإذا نظرنا للخريطة التي حددت حدود مصر الشرقية نجد أن هناك جزءًا كبيرًا من دولة فلسطين وجزء كبير من ساحل السعودية يعتبر جزءًا من الأراضي المصرية بشكل تلقائي وليس حتى جزءًا من سوريا الكبرى.

الحدود مصر الشرقية عام 1892

في عام 1892 أصدر السلطان العثماني فرمان بعد تعيين الخديوي عباس الثاني وريثا لوالده الخديوي توفيق، ولأول مرة وبشكل رسمي يتم استقطاع شبه جزيرة سيناء بالكامل من السيادة المصرية لصالح السيادة التركية لكن بعد ضغوط شديدة ورفض بريطاني بسبب القلق على سيطرة الأتراك على قناة السويس، تم التراجع عن الفرمان ولكنه يعتبر أول خطوة جدية في إعاد رسم حدود مصر الشرقية بشكل مختلف عن ألاف السنين الضاربة بجذورها في وضوح حدود مصر الشرقية.

وفي عام 1906، أثارت الدولة العثمانية مسألة حدود مصر الشرقية من جديد عام واعتبرت أن العقبة و«أم الرشراش» ليستا جزءًا من الأراضي المصرية، رغم نص اتفاقية 1840 على ذلك، وأثارت من جديد قضية سيناء وكان الرأي العام المصري وقتها يميل للدولة العثمانية في هذا الشأن، بسبب معرفته أن الاحتلال البريطاني يحاول اتخاذ سيناء مبررًا للسيطرة على فلسطين وتهديد الحجاز فلم تجد تركيا رفضًا شعبيًا مصريًا كبيرًا وبناء عليه أمر السلطان العثماني قائد جيشه بالاستيلاء على العقبة وطابا بشكل كامل وبعد أزمة كبيرة ومفاوضات تم التوافق على أن تتواجد قوة مصرية في طابا باعتبار أن مصر كلها جزءا من الدولة العثمانية.

ولكن بعد ذلك صعدت تركيا من جديد رغبتها وبعد خلافات كبيرة تم التوصل لـ«اتفاقية 1906» المبرمة بين مصر والدولة العثمانية في تسوية الحدود الشرقية لمصر والتي تعتمد حتى اليوم كحدود رسمية بين مصر وفلسطين المحتلة وطبقًا لهذه الإتفاقية تم اعتبار كل من جزر «تيران وصنافير» جزءا من السيادة المصرية وكذلك قرية «أم الرشراش» «إيلات» حاليًا، وبناءا عليها تم فصل العقبة والساحل الاسيوي على طول خليج العقبة عن السيادة المصرية.

وظل الأمر في هذا الوضع حتى استطاع عبد العزيز آل سعود بمساعدة بريطانيا السيطرة على شبه الجزيرة العربية وإعلان الدولة السعودية التي كانت مصر قد قضت عليها من قبل واعتبر السعوديون الساحل المطل على خليج العقبة جزءا من الأراضي السعودية وفقا لاتفاقية 1906 واعتبرت السعودية أن جزيرتي «تيران وصنافير» جزءًا من الأراضي السعودية، وادعت أنهما ليستا لهما علاقة باتفاقية 1906 ولكن لم تستطع مواجهة القوات المصرية وقتها وظلت الجزيرتين تحت السيادة المصرية.

وفي عام 1948 احتل الصهاينه قرية «أم الرشراش» وقتلت 350ما يقرب من فردًا من جنود الحامية المصرية هناك وأطلقوا عليها اسم «إيلات»، ولكن بريطانيا وقتها واسرائيل اتدعو أن أم الرشراش لم تكن ضمن خط اتفاقية 1906 وانها جزءًا من فلسطين وليست مصر وظل الوضع على ما هو عليه حتى قامت اسرائيل باحتلال كامل سيناء عام 1967 وبعد انتصار مصر وتوقيع اتفاقية السلام انسحيت اسرائيل إلى خط اتفاقية 1906 بما في ذلك جزيرتي تيران وصنافير فيما عدا طابا التي ارادت أن تجعل منها أم رشراش جديدة وادعت انها خارج خط اتفاقية 1906 أيضا، ولكن بعد التحكيم الدولي عادت طابا لمصر وتم تناسي قضية «أم الرشراش» بشكل كامل فيما يبدو أنه كان نوع من التوافق أن تسلم اسرائيل طابا مقابل نسيان أم الرشراش.

بيان مجلس الوزراء

وبعد أن أصدر مجلس الوزراء بيان بإعلان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، وما يترتب عليه من نقل السيادة على صنافير وتيران إلى السعودية التي تبلغ مساحتهما 113كم².

اما منطقة حلابي فهي منطقة تتبع مصر إداريا بحكم الأمر الواقع، وهي محل نزاع حدودي بين مصر والسودان،ويطلق عليها أحيانا المنطقة الإدراية لحكومة دولة السودان وتبلغ مساحتها 20،580 كم2، اما قرية أم الرشراش والمختصبة من إسرائيل فبلغ مساحتها ٨٤٫٧٩ كم²، وبذالك يكون مساحة الأراضي المتناقصة من الدولة المصرية 153،58كم2 من ١٬٠٠١٬٠٠٠ كم².

في جولة للدكتور خالد العنانى وزير الآثار برفقة الدكتور سعاد الخولى نائب محافظ الإسكندرية، وقيادات قطاع المتاحف بالوزارة، اليوم لعدد من المواقع والمتاحف الأثرية بالإسكندرية، وجود خريطة بمدخل المتحف القومى فى الإسكندرية بها أخطاء جغرافية ولا تتضمن منطقة السلوم، وأمر بإزالتها على الفور.

لم تعد قضية ترسيم الحدود مع المملكة العربية السعودية، في جزيرة«تينار وصنافير» ومع السودان في «حلايب وشلاتين»، الوحيدة بين مصر والدول المجاورة، فهناك خلافا أيضًا مع ليبيا بشأن السيادة على «واحة جغبوب» الحدودية.

«واحة جغبوب»

هي واحة تابعة للأراضي المصرية، تقع «واحة جغبوب»، غرب واحة سيوة بحوالي 213 كيلومترا وعلى بعد 286 كيلومترا من «طبرق»، وتتمتع بموقع إستراتيجي مهمً للغاية، حيث لذا حرص العثمانيون على بسط نفوذهم فيها كنقطة لتحرك جيوشهم في شمال أفريقيا.

فقبيل الحرب العالمية الأولى دخلت القوات الإيطالية ليبيا التي كانت تحت الحكم العثماني، بينما كانت مصر تحت الاحتلال البريطاني، وبدأت روما في عام 1920 الاستحواذ على الأراضي الليبية وترسيم الحدود مع مصر، بالاتفاق مع بريطانيا.

وبعد مفاوضات، وافقت بريطانيا على منح واحة «جغبوب» لإيطاليا مقابل حصول بريطانيا على اعتراف بحقها في الحماية على مصر.

«التنازل»

طوال هذا الوقت، ظلت جغبوب مركزًا من مراكز المقاومة الليبية التي أعلنت مصر دعمها لها وتبادلت مصر وإيطاليا التصريحات الحادة بسببها حتى نهاية عام 1924.

وقد مارست بريطانيا ضغوطها من جهة أخرى على مصر حتى نهاية عام 1925، عندما تنازلت القاهرة عن «جغبوب»، مقابل منطقة بئر الرملة، إلي جانب مساحة من الأرض تربط بين «بئر الرملة وشمال السلوم»، في وقت وصول القوات الإيطالية الجديدة بأمر من «موسوليني»، لضرب المقاومة الليبية في الواحة، للتفرغ للحرب في اثيوبيا بعد ذلك.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة