توابع «زلزال بنما»..11.5 مليون وثيقة تكشف تورُّط سياسيين ورياضيين بتهريب أموال.. ميسى وبلاتينى وبوتين ومبارك أبرزهم.. أحد مؤسسي موساك فونسيكا يعترف بصحة الوقائع.. وحكومات دول العالم تفتح تحقيقات موسعة
الإثنين، 04 أبريل 2016 05:30 م
كشف تحقيق صحفي ضخم نشر يوم الأحد الماضى، وشاركت فيه أكثر من 100 صحيفة حول العالم استنادًا إلى 11.5 مليون وثيقة مسربة، أن 140 زعيمًا سياسيًا من حول العالم، بينهم 12 رئيس حكومة حاليًا أو سابقًا، هربوا أموالًا من بلدانهم إلى ملاذات ضريبية.
وقال الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين -ومقره واشنطن- إن الوثائق التي سرِبت من شركة «موساك فونسيكا» للمحاماة -ومقرها بنما- احتوت على بيانات مالية لأكثر من 214 ألف شركة في ما وراء البحار، في أكثر من مئتي دولة ومنطقة حول العالم.
ما هو موسيك فونسيكا؟
هو مكتب محاماة في بنما يقدم خدمات تشمل تأسيس شركات في مناطق مجاورة بالخارج مثل «جزرالعذراء البريطاني». يدير فونسيكا مكاتب أخرى في الخارج مقابل دخل سنوي. كما أن الخدمات الأخرى التي يقدمها تشمل إدارة الثروة.
أين يقع؟
هو مكتب بنمي يدير عمليات على مستوى العالم. موقعه على الإنترنت يفتخر بأن لديه شبكة من 600 شخص يعملون في اثنين وأربعين دولة. ولديه امتيازات حول العالم مع شركات تتعامل بشكل منفصل مع عملاء جدد ويكون لها حق استخدام علاماتهم التجارية.
يدير موسيك فونسيكا عملياته في المناطق ذات الضرائب المنخفضة (الملاذات الضريبية) مثل سويسرا، قبرص وجزر العذراء البريطانية، وفي مناطق التاج البريطاني مثل جيرنسي، جيرسي وجزيرة مان.
تورط 12 رئيس دولة و143 سياسيا
وأظهرت تلك الوثائق تورط عدد كبير من الشخصيات العالمية -بينها 12 رئيس دولة، و143 سياسيا- بأعمال غير قانونية مثل التهرب الضريبي، وتبييض أموال عبر شركات عابرة للحدود.
والشركات أو المصارف عابرة للحدود هي مؤسسات واقعة خارج بلد إقامة المُودع، وتكون غالبًا في بلدان ذات ضرائب منخفضة أو مؤسسات مالية لا تخضع للرقابة الدولية.
وكشف الاتحاد -من جانبه- أن هذه الوثائق حصلت عليها أولا صحيفة «تسود دويتشه تسايتونغ» الألمانية، قبل أن يتولى الاتحاد نفسه توزيعها على 370 صحفيا من أكثر من سبعين بلدا؛ من أجل التحقيق فيها في عمل مضن استمر نحو عام كامل.
كيف تم تهريب الوثائق؟
ولم يوضح الاتحاد كيف تم تهريب هذه الوثائق، التي أطلق عليها اسم «وثائق بنما»، لكن الصحيفة الألمانية- ومقرها ميونيخ- أفادت بأنها تلقت تلك المعلومات عبر قناة سرية من مصدر مجهول دون مقابل مالي نظير تلك الخدمة، مكتفيا بطلب توفير إجراءات أمنية غير محددة.
وتغطي وثائق بنما المسربة فترة تتجاوز أربعين عاما، من 1977 حتى ديسمبر الماضي، وتزعم الوثائق أنها تبين أن بعض الشركات التي توجد مقراتها الرسمية في ملاذات ضريبية تُستغل في ما يشتبه في أنها عمليات غسل أموال وصفقات سلاح ومخدرات إلى جانب التهرب الضريبي.
أكبر لطمة للمستبدين
وأعرب مدير الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين جيرار رايليه عن اعتقاده بأن التسريب ربما يمثل «أكبر لطمة تلقتها المؤسسات العابرة للحدود في العالم، نظرا للنطاق الواسع للوثائق» المسربة.
وذكرت وكالة أسوشيتد برس أن الوثائق تضمنت تفاصيل لأسهم وسندات يملكها قادة دوليون حاليون وسابقون، ورجال أعمال، ومجرمون، ومشاهير ونجوم رياضيون.
فونسيكا تؤكد صحة الوثائق
وأكد رامون فونسيكا -أحد مؤسسي موساك فونسيكا- صحة الوثائق التي ورد ذكرها في التحقيقات التي نشرتها مئات الصحف، غير أنه نفى ارتكاب شركته أي مخالفة، معترفا في الوقت ذاته بحدوث اختراق ناجح، لكنه «محدود» لقاعدة بيانات الشركة.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن فونسيكا قوله «هذه جريمة.. هذه جناية»، مؤكدا أن «الخصوصية هي حق أساسي من حقوق الإنسان وتتآكل أكثر فأكثر في عالمنا اليوم، كل شخص لديه الحق في الخصوصية سواء أكان ملكا أم متسولا».
وأضاف فونسيكا (64 عاما) أن عملية التسريب «هجوم على بنما لأن بعض الدول لا تروق لها مقدرتنا التنافسية العالية على جذب الشركات».
وتابع «هناك حرب بين الدول المنفتحة مثل بنما والبلدان التي تفرض ضرائب أكثر فأكثر على شركاتها ومواطنيها».
وفي أول ردود فعل دولية على التسريبات، أعرب الرئيس البنمي خوان كارلوس فاريلا عن استعداد بلاده للتعاون مع كافة التحقيقات التي ستبدأ قريبا.
وأكد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند اليوم أن ما كشفته التحقيقات الأولى عن الملاذات الضريبية سيؤدي إلى تحقيقات في فرنسا، وشكر الذين كشفوا هذه المعلومات، متوقعا أن تجني خزينة بلاده منها «موارد ضريبية».
من جانبها، طلبت الحكومة البريطانية اليوم من الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين تزويدها بنسخة من الوثائق المسربة عن زبائن لشركة موساك فونسيكا حتى يتسنى لها التحقق مما ورد فيها من بيانات، ومن ثم التعامل مع أي تهرب ضريبي محتمل.
وفي أستراليا ونيوزيلندا شرعت السلطات هناك في التحري عن أمر عملاء محليين لمؤسسة قانونية وردت أسماؤهم في تلك التسريبات.