الدولة تعالج «جنون» الدولار بحصص الشركات والبنوك.. والخبراء يقترحون.. طرح «بضاعة» جديدة في شكل أسهم خاصة لتنشيط الأسواق.. وخصخصة شركات الدولة لجذب الاستثمار

الخميس، 10 مارس 2016 11:34 م
الدولة تعالج «جنون» الدولار بحصص الشركات والبنوك.. والخبراء يقترحون.. طرح «بضاعة» جديدة في شكل أسهم خاصة لتنشيط الأسواق.. وخصخصة شركات الدولة لجذب الاستثمار
صورة موضوعية
رامي جلال

تسبب نزيف الاحتياطي النقدي وجنون الدولار الذي ارتفع إلي مستويات قياسية أمام الجنية المصري، إلي عودة الحديث عن طرح حصص من الشركات والبنوك الحكومية «الناجحة» في البورصة المصرية خلال الفترة المقبلة، وهو ما سبق أن أعلن عنه المتحدث باسم رئاسة الجمهورية علاء يوسف، في منتصف يناير الماضي، وذلك بعد اجتماع الرئيس عبد الفتاح السيسي مع رئيس الوزراء، ومحافظ البنك المركزي، ووزير الصناعة، ووزير المالية، والذي ناقشوا خلاله «ما شهدته مؤشرات سوق الأوراق المالية المصرية من تراجع يعزى إلى هبوط مؤشرات أسواق المال العالمية».

وجدير بالذكر أن الدولة المصرية تمتلك البنك الأهلي المصري وبنك مصر وبنك القاهرة والمصرف المتحد ونحو 50 % في البنك العربي الأفريقي ونحو 10 % من أسهم بنك الإسكندرية.
وتمتلك الحكومة عددًا كبيرًا من الشركات في مختلف المجالات ومن أهمها المقاولون العرب وحسن علام في المقاولات والبناء وبتروجيت وإنبي ومايدور في القطاع النفطي.
وكان آخر طرح لشركات حكومية في البورصة في عام 2005 حينما تم طرح أسهم المصرية للاتصالات وأموك وسيدي كرير للبتروكيماويات.
وتراجع المؤشر الرئيسي لبورصة مصر نحو 15% منذ بداية العام وحتى نهاية معاملات جلسة يوم الإثنين 19 يناير وفقدت أسهم البورصة 43.5 مليار جنيه من قيمتها السوقية.
عن هذا الشأن تحدث خبير الإئتمان الدكتور يوسف سيد، قائلا أن دافع الرئاسة لتطوير هذه الشركات والبنوك ومحاولة جذب استثمارات جديدة وخلق نوع من الشراكة المجتمعية بين الدولة والأفراد، وهو ما دفعها للإعلان عن طرح هذه البنوك والشركات في البورصة في الفترة القادمة.

وأضاف «يوسف» في تصريحات خاصة لـ«صوت الأمة»: «الرئاسة أكدت في البيان علي كلمة " الناجحة" أي أن الشركات الخاسرة لن تطرح حاليا، وهذا يعد بعد نظر من الرئاسة لأنه يجب إعادة هيكلة هذه الشركات والبنوك ماليا وإداريا حتى ترقي إلي مرتبة الخصخصة لأن من يبيع شركات خاسره فإنه لن يجني إلا الفتات».

فيما قال الأمين العام لإتحاد المستثمرين العرب السفير جمال بيومي، أن القرار جاء لفتح نوافذ جديدة للتمويل وتوسيع المحفظة التي تمتلكها هذه البنوك والشركات مما يجعلها أكثر قدرة علي التنافسية وتقليل الأعباء علي الموازنة العامة للدولة.
وأضاف «بيومي» أن معادة الخصخصة أصبحت عند البعض مسألة مبدأ دون النظر للإيجابيات والسلبيات والمتغيرات الاقتصادية، وسؤالي لهم ماذا سيضر الدولة إذا أصبحت بلا بنوك ؟، والعديد من دول العالم بما فيها أكبر اقتصاديات العالم وهو الاقتصاد الأمريكي لا تملك فيه الدولة بنوك ؟.
وأشار إلي أنه علي الدولة التخلص من الشركات الخاسرة حتى إذا تطلب الأمر أن تدفع هي أموال للمستثمرين وهو ما قامت به الحكومة الألمانية عندما انضمت لها ألمانيا الشرقية، لأن وجود بطالة مقنعة داخل هذه الشركات وحصول العاملين علي كافة مستحقاتهم سواء قاموا بالعمل أم لا، يعد إهدار الموارد المادية الخاصة بالدولة في شركات نزيف الخسائر فيها لن يتوقف إلا بوجود القطاع الخاص، الذي يعيد توظيف العناصر البشرية ويحسن استغلال الموارد المادية، ويستخدم آليات الثواب والعقاب بما يضمن تحسن المراكز المالية لهذه الشركات.
وأكد «بيومي» علي أن من يقول أن عمليات الخصخصة شابها فساد بأنة «عبيط» حسب وصفه، لأن الجهاز المركزي للمحاسبات ومجلس الدولة والعديد من الأجهزة الرقابية تراقب مثل هذه الصفقات، مضيفا: «الدليل علي ذلك صفقة بيع عمر أفندي حيث طرح وزير الاستثمار السابق محمود محي الدين الشركة للبيع فقامت الدنيا من خلال هجوم منظم علي شخص الوزير، فاستجاب الدكتور محي الدين للضغوط، وأعاد طرح الشركة مره أخري للبيع وتقدم نصاب لشرائها بشيك بدون رصيد قيمته 2.3 مليار جنية».

وأضاف: «بعد أن عادت هذه الفروع للدولة ماذا قدمت هذه الشركة للاقتصاد المصري، ناهيك عن إلزام مصر بدفع تعويضات لهؤلاء المستثمرين وتشويه صورتنا في الخارج وجعل مصر دولة غير جاذبة للاستثمارات».

في نفس السياق قال وزير المالية الأسبق الدكتور فياض عبد المنعم، أن أي سوق ينشط بتوسيع البضاعة المطروحة فيه، مضيفا: «عندما نطرح بضاعة جديدة في شكل أسهم خاصة أنها في قطاع جذاب مثل البنوك فإن هذا سوف يؤدي إلي حالة رواج في القطاع الاقتصادي».
وأكد «عبد المنعم» أن كل سياسة اقتصادية لها إيجابيات وسلبيات فمن زاوية الإيجابيات سترسل الدولة رسالة إلي العالم، تقول أن الاقتصاد المصري اقتصاد حر وسوف يتم تنشيط البورصة، ووقف نزيف الخسائر، وزيادة التمويل، وجذب الاستثمارات.

وقال: «من زاوية السلبيات فأن هناك وجه نظر تقول أن البنوك الوطنية لا يمكن التفريط فيها لأن لها تشابك مع القطاعات الأخرى وتؤثر علي كل أنشطة الأعمال وهذا مردود علية بأنه في حالة وجود بنك مركزي قوي يمتلك من الأدوات ما يتيح له الرقابة ورسم السياسيات النقدية فلا خوف من نقل ملكية البنوك للقطاع الخاص أو حتى بنوك أجنبية».

وطالب «عبد المنعم» بطرح الشركات الخاسرة للخصخصة مع وضع ضوابط لإزالة المخاوف لأن الإدارة الخاصة أفضل وأكثر فاعلية في الإدارة، مضيفا: «لا يعقل ترك هذه الشركات في يد إدارات فاشلة خاصة أن هذه الأصول مملوكة للشعب وليس للحكومة».

فيما قال وزير التضامن الأسبق والمفكر الاقتصادي الدكتور جوده عبد الخالق، أن القرار غامض ولم يوضح «هل سيتم طرح الأسهم بنسبة من رأس المال أم بقيمة أسمية من الأسهم»، ولا يتيح القرار قدر كاف من المعلومات يسمح بإبداء رأي، وكان الأفضل أن يتم الطرح من قبل البرلمان، لا من قبل مؤسسة الرئاسة، ويهدف الطرح من قبل مؤسسة الرئاسة لأن يكون القرار غير قابل للاعتراض والاستفادة من نفوذ الرئيس وهو أمر مؤقت لأنة في التطبيق الفعلي سوف يكون هناك اعتراضات ويحدث مثل ما حدث في قانون الخدمة المدنية من إرباك للدولة والمواطن علي حد سواء.
وأضاف «عبد الخالق» أن تحويل جزء من الملكية العامة إلي ملكية خاصة يعني خصخصة جزئية ،وطرح أسهم البنوك والشركات في البورصة حاليا يشكل خطورة بالغة خاصة في الحالة المصرية حيث لا يمكن السيطرة علي حركة التداول وفرز المستثمرين بما يتيح لشركات تابعة للكيان الصهيوني من النفاذ لقلب الاقتصاد المصري، وهو ما يهدد الأمن القومي المصري.
وأشار «عبد الخالق» إلي أن هذا القرار تحول هام في السياسة الاقتصادية وكان يتطلب الأمر توضيح من قبل الرئاسة يوضح الأبعاد والحدود ومسئولية كل طرف من الأطراف وما المتوقع من هذا القرار.
وأوضح أن هذا القرار سياسي أكثر منه اقتصادي لأن هذه الأموال هي أموال الشعب وبنص الدستور الرئيس مطالب بحماية المال العام والجانب الايجابي في هذا القرار أن حملة الأسهم سوف يكون لديهم القدرة علي مسائلة إدارات الشركات مما يحسن الأداء ويخلق نوع من الشفافية لأن هذه الشركات سوف تعرض قوائمها المالية علي الجمهور.
وتساءل «عبد الخالق»: «أين ستذهب حصيلة طرح هذه الشركات هل إلي الخزينة العامة للدولة ؟لمواجهة عجز الموازنة أم سوف تبقي لدي هذه الشركات لزيادة رأس المال ؟»، مما يساعدها علي التطوير وإعادة الهيكلة بما يزيد قدرتها الإنتاجية وهو ما فعلته الصين في تجربتها الخاصة بالخصخصة.
فيما قال الخبير المصرفي، وليد سيد، أنه أسعد شخص في العالم بعودة الخصخصة لأنها تعني تغيير الفكر والتطوير وتغيير منهجية الإدارة فبدلا من أن تكون الشركات الحكومية تتحمل مسئولية اجتماعية فإنها تتحول إلي مؤسسات اقتصادية هادفة للربح ،ويفتح المنافسة ويبعد شبه احتكار الدولة أو هيمنتها علي الأنشطة الاقتصادية.
وأكد «سيد» أن حصيلة بيع هذه الشركات يجب أن تذهب إلي الخزينة العامة للدولة لسد العجز وعدم الأخذ بشعارات زيادة رأس المال وإعادة الهيكلة لأنه ما دامت الشركات تدار بنفس الفكر فإن الزيادة في رأس المال سوف تذهب هباء وهذا ما لمسناه في تطوير شركة الحديد والصلب.
وأشار إلي أن تملك الدولة لمؤسسات اقتصادية يعطي مؤشرات سلبية للمستثمرين، لأنه لن يأتي مستثمر عاقل لينافس دولة، مضيفا: «بيع هذه البنوك والشركات بالعملة الصعبة سوف يكون أداه لمواجهه نقص الدولار وسوف يوقف نزيف الاحتياطي من النقد الأجنبي».
وقد رفض نائب رئيس إتحاد العمال مجدي بدوي، الإدلاء برأيه في هذا الشأن علي الرغم من أهمية الطرح وتأثيره علي مستقبل ملايين العمال.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق