مهاجرون عراقيون يعودون للوطن بعد خيبة أمل في أوروبا

الثلاثاء، 08 مارس 2016 11:58 ص
مهاجرون عراقيون يعودون للوطن بعد خيبة أمل في أوروبا
صورة تعبيرية

تخلى سوركاو عمر وريبين عبد الله عن عملهما وأنفقا مدخراتهما في الهجرة الى أوروبا، ليجدا معسكرات لجوء مكتظة، وجوعا وبردا قارسا. والآن، عادا الى وطنهما شمال العراق ليصفا بالكارثة مسعاهما في الحصول على حياة أفضل.

أنفق كل منهما قرابة ثمانية آلاف دولار على الرحلة، أغلبها ذهب الى جيوب المهربين، ليعلقا في معسكرات طالبي اللجوء في ألمانيا ومن ثم في السويد لبضعة أشهر في نهاية المطاف حيث قالا انهما منحا القليل جدا من الطعام والمال.

قال عمر -25 عامًا-: "الوضع كان سيئا جدا" متحدثا عن معسكر في ألمانيا. "كنا نتضور جوعا هناك. هربنا بسبب الجوع. قدموا لنا الجبن والشاي فحسب، و30 يورو في الأسبوع."

بعدها قررا أن يجربا حظهما في السويد، لكن الأمر لم ينجح معهما أيضا.

قال عمر "عندما وصلنا هناك، كان الوقت شتاء. كان الطقس قارسا حد التجمد. وضعوني في غرفة مع ثلاثة سوريين. لم استطع التحدث معهم بالعربية وهم لا يتقنون الكردية. كنا نتواصل كما الصم والبكم." وبعد أن جربا ألمانيا مرة أخرى، تخليا عن الفكرة تماما.

وأضاف "قلنا لبعضنا، لنعد الى بلدنا. انها أفضل من أي مكان آخر."

لم يكن لدى العديد من مئات آلاف المهاجرين المتجهين الى أوروبا خيار سوى المرور بمثل هذه المصاعب كونهم قدموا من أماكن اجتاحتها الحرب وكانت حياتهم في خطر. لكن عمر وعبد الله قدما من إقليم كردستان العراق، المنطقة التي لم تتعرض الى حد كبير للقتال مع جماعة الدولة الإسلامية.

كانا من بين ما يقول الخبراء عدد متنام من المهاجرين الذين عادوا أدراجهم بسبب صعوبة الحصول على مسكن وعمل في اوروبا.

وانضم نحو 70 ألف عراقي لهذا المد من المهاجرين واللاجئين الساعين الى حياة أفضل في اوروبا العام الماضي، طبقا لأرقام المنظمة الدولية للهجرة. وتقول منظمة اتحاد اللاجئين العراقيين وهي منظمة محلية غير حكومية ان العدد أضعاف ذلك، مع 40 ألف عراقي عاد الى منطقة كردستان.

لكن مع حلول الشتاء العام الماضي، بدأ عدد الأشخاص المتقدمين بطلبات للتوطين للمنظمة الدولية للهجرة في النمو، حيث زاد من 100 شخص في الشهر منذ بداية العام إلى 350 في سبتمبر، ثم إلى 761 في أكتوبر، و831 في يناير.

وقالت ساندرا بلاك، مسؤولة الاتصالات بشأن العراق لدى المنظمة الدولية للهجرة "من الصعب جدا معرفة الأعداد الإجمالية لأن كثيرا منهم يعودون بشكل مستقل ويختلطون مع مسافرين آخرين. لكن الأعداد تزداد بصورة كبيرة."

وربما يمثل ذلك نبأ سارا للدول الأوروبية التي فتحت أبوابها أمام اللاجئين الفارين من الصراع لكنها تقول إن المهاجرين لأسباب اقتصادية يجب أن يبقوا حيث هم. كما إن ذلك مؤشرا على الصعوبات المتزايدة التي يواجهها اللاجئون في ألمانيا والسويد، واللتين استقبلتا معا أكثر من مليون مهاجر العام الماضي.

وأضافت بلاك "عادوا لنقص الأمل في الحصول على إقامة في أوروبا ونقص فرص العمل وبطء لم شمل الأسر ولعدم العثور على مسكن وفرص للعيش كانوا يأملون في الحصول عليها. العدد المتزايد للوافدين أوجد ضغوطا ضخمة على نظام الهجرة في أوروبا. الطلبات تستغرق وقتا، ولذلك بعضهم يتخلى عن المحاولة."

وقال ماوريتسيو ألبهاري، أستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة نوتردام الذي يدرس الهجرة إلى أوروبا، إن عددا من الدول الأوروبية "تسعى بنشاط إلى إثناء طالبي اللجوء عن البقاء، على الأقل بشل غير مباشر."

وأضاف إنها تفعل ذلك بجعل لم شمل الأسر عملية أطول وأصعب وباستغراق وقت طويل في بحث طلبات اللجوء للوافدين الجدد.

ومن بين 4305 عراقيين حصلوا على دعم من المنظمة الدولية للهجرة للعودة في 2015 وفي يناير 2016، عاد ثلثهم إلى إقليم كردستان. فالإقليم شبه المستقل آمن وهو نفسه مقصد كبير للاجئين. لكن الحرب، إلى جانب تراجع أسعار النفط، أثر بشدة على الاقتصاد المحلي.

وكان عمر يعمل بنظام المياومة في مطاعم ومتاجر للتجزئة في حين عمل عبد الله سائق سيارة أجرة، اضطر لبيعها كي يساعد في تكويل رحلته. ويقولان إن قرارهما أن يهاجرا يرجع في الأساس إلى ضغط الأقران.

وقال عمر "رأيت أن الجميع يغادر ويقول إن الأمر على هذا النحو أو ذاك -في أوروبا-. لكن عندما ذهبت هناك لم تكن الأمور كذلك على الإطلاق."

وقال عبد الله "الحياة في أوروبا صعبة بشكل فعلي. عليك أن تنتظر. ولم نستطع الانتظار. لم نستطع الانتظار لأننا مرتبطون للغاية بأرضنا وأوفياء لها ولأسرنا ولأمهاتنا ولأقاربنا. وللأمانة، أوروبا بطاقة الإقامة لا تساويان مغادرة أسرتك والمجازفة بحياتك."

وقال سوران عمر، رئيس لجنة حقوق الإنسان في برلمان إقليم كردستان، إن تجربتهما ليست شاذة بل شائعة.

وأضاف "أبلغنا نائب رئيس البرلمان الألماني، الذي كان هنا في الآونة الأخيرة، أنه حتى الأشخاص النازحين من الفلوجة والرمادي كانوا يعيشون في ظروف أفضل هنا في كردستان من اللاجئين في ألمانيا الآن."

لكنه ذكر أن النزوح الأكبر من المنطقة لا يظهر علامة على التراجع.

وقال "كثير من الأشخاص ربما يعودون. لكن التيار المعاكس أكبر كثيرا. الناس هنا ليس لديهم ما يخسرونه. نعتقد أن هذا العام سيكون عام الهجرة."

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة