على طريقة«الطالب الإيطالى»..العثور على جثة مهندس بعد إعتقاله 15 يوم..قوات شرطية تقتحم مكتبه وتقبض عليه مكبل اليدين أمام زملائه..والداخلية:القتيل كان يمارس أعمال إرهابية..والده:لا أستطيع محاربة الحكومة
الأحد، 06 مارس 2016 02:29 م
لم تكن قضية الطالب الإيطالى «ريجينى»، الذى عثرت على جثته شبه عارية بطريق القاهرة الإسكندرية وبها آثار تعذيب هى الأولى أو الأخيرة من نوعها بل تعددت تلك الحوادث المشابه بذلك، وكان آخرها التى حدثت فى محافظة بنى سويف لمهندس حكومى يبلغ من العمر 32 عاماٌ.
البداية
كانت البداية عندما إختفى مهندس حكومي، يبلغ من العمر 32 عاما، في منتصف يناير الماضى، عندما اقتحمت قوة ملثمة من الشرطة مكتبه في محافظة بني سويف، واقتادوه مكبل اليدين أمام زملائه في العمل، بحسب شهود عيان، وبعدها ظلت أسرة محمد حمدان تبحث عنه لمدة خمسة عشر يوما، حيث تقدمت بشكوى رسمية على اعتقاله وسألت عنه في مراكز الشرطة، إذ قيل لهم فقط من كل مسؤول يقابلونه إنه لم يلق القبض عليه مطلقا.
ظهوره مقتولاٌ
في الخامس والعشرين من يناير، ظهر حمدان مقتولا، لكن الشرطة كانت لديها قصة مختلفة تماما تقول: أعلنت وزارة الداخلية إن قوات الأمن قتلت حمدان في تبادل لإطلاق النار أثناء مداهمتها مزرعة كان يختبئ بها.
وأضافت أن حمدان، العضو في جماعة الإخوان المسلمين، كان وراء عمليات قتل سابقة لرجال الشرطة، وتم استدعاء عائلته إلى المشرحة، حيث وجدوا جثمانه يخترقه وابل من الرصاص.
أسرة حمدان
وقال والد حمدان، قناوي حمدان، فى وقت سابق المبني من الطوب اللبن في قرية بني سليمان على مشارف مدينة بني سويف: "اعتقلوه وقتلوه وأرسلوا بالجثمان إلى المشرحة وكتبوا التقرير وأغلقوا القضية وأعطوني الجثمان لدفنه".
أضاف الرجل البالغ من العمر 67 عاما: "لا يمكنني محاربة الحكومة".
خلية إخوانية
عرف عن حمدان أنه كان عضوا في جماعة الإخوان وعمل يوما كحارس لمرشد الجماعة محمد بديع، وفي الإعلان عن وفاة حمدان في الخامس والعشرين من يناير، قالت وزارة الداخلية إنه كان جزء من خلية إخوانية قتلت ما لا قل عن ثلاثة من رجال الشرطة، وأضافت أن الشرطة داهمت في نفس اليوم شقة سكنية على مشارف القاهرة وقتلت شخصين آخرين يعملان مع حمدان.
غير أن عائلة حمدان قالت إنه كان قيد الاحتجاز فعليا قبل أسبوعين، وقال أحد أشقائه، ويدعى حسين وكذلك والده قناوي، إن زملاء حمدان في العمل في وزارة الزراعة أخبروهم في العاشر من يناير باعتقاله، وفي مكتب وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، ظهر أن الموظفين خائفين من الحديث فى تلك القضية وقاموا بذلك فقط شريطة عدم الكشف عن هوياتهم خوفا من الانتقام.
وقال أحدهم إن حمدان "اعتقل" لكنه لم يقدم أي تفاصيل، وقال إنه شهد باعتقاله في النيابة، وأضاف: "لا يمكنني الحديث وإلا سوف أضع نفسي في ورطة، يمكنني فقط القول إنني صدمت ولا أزال مصدوما حتى اليوم".
وقال موظف آخر: "إنها قضية سياسية"، لكنه لم يشرح معنى ذلك.
تقارير رسمية
وكإثبات على واقع اختفاء حمدان، عرض شقيقه حسين سلسلة من التقارير الرسمية التي تقدمت بها الأسرة بشأن احتجازه. كان أولها ما تقدمت به على الفور في العاشر من يناير إلى النيابة العامة في بني سويف. وشكاوى أخرى إلى الشرطة والنيابة العامة ووزارة الداخلية مؤرخة بالأيام اللاحقة.
وفي ظل استمرار الأسرة في الحديث حول اعتقال حمدان، تم احتجاز أحد أشقائه لمدة أربعة أيام بدون اتهام، في ما تقول عنه العائلة إنها محاولة لتخوفهم.
سوء المعاملة
تزيد مزاعم سوء المعاملة من قبل الشرطة من مخاوف خروج قوات الأمن عن السيطرة. فعلى مدى عامين، كان لدى الشرطة مطلق الحرية إلى حد كبير في شن حملة على جماعة الإخوان المسلمين، التي حكمت البلاد سابقا، وعلى المتشددين الإسلاميين - وهما تهديد تقول الحكومة إنهما واحد ويسيران على نفس النهج.
الإعتداء على مواطنين
لكن في الأسابيع الأخيرة، أثارت حوادث الاعتداء على مواطنين عاديين غضبا شعبيا وصخبا غير عاديا تناولته وسائل الإعلام التي ظلت على مدى عامين تغدق المديح على الشرطة وتتجنب أي انتقاد للقوانين الصارمة الصادرة عن القضاء ضد الاحتجاجات في الشوارع.
إحتجاجات الإطباء
منذ أسابيع، نظم الأطباء احتجاجات كبيرة بعدما تعرض اثنان من طاقم احدى المستشفيات للضرب من قبل الشرطة، وعندما أطلق رجل شرطة النار وقتل سائقا لخلاف على الأجرة، اندلعت احتجاجات من قبل سكان الحي الذي يقطن به السائق بالقاهرة، وقال العديد من مقدمي البرامج التليفزيونية المؤيدين للحكومة إن الشرطة تتمادى في أفعالها بشدة.
وكررت وزارة الداخلية نفيها حدوث انتهاكات مثل التعذيب والاختفاء القسري والممنهج وقالت إن كافة الحالات هي حالات فردية.
إجراء إصلاحات
بعد اطلاق النار على السائق الشهر الماضي، وعدت الحكومة بإجراء اصلاحات من شأنها مساءلة رجال الشرطة المسيئين. غير أن هذه الاصلاحات ركزت على رجال الشرطة من الدرجات الأدنى المتواجدين في الشارع، الذين يصورهم المسؤولون على أنهم مصدر كل المشاكل.
لكن النشطاء الحقوقيين يقولون إن الانتهاكات هي أداة متعمدة تستخدم من قبل كافة المستويات في قوات الأمن.
وزير العدل
بعد يومين من ظهور جثمان حمدان، قال وزير العدل أحمد الزند على شاشة التليفزيون إن "ناره لن تطفئ إلا عندما يقتل عشرة ألاف من الإخوان المسلمين نظير كل شهيد" من قوات الأمن.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير لها في يناير إنه في حين أن تهديد المسلحين في مصر يعد تهديدا حقيقيا فإن الرد "ثقيل الوطأة" من قبل السلطات يخلق المزيد من الانقسامات، أضافت أن الحكومة "أظهرت بوضوح أنه سيتم سحق الآراء المخالفة".
إختفاء قصرى
تقول الجمعية المصرية للدفاع عن الحقوق والحريات إن ما لا يقل عن 314 شخصا في عام 2015 و 35 شخصا هذا العام تعرضوا لحوادث "اختفاء قسري"، حيث تعتقل الشرطة الشخص سرا.
ويقول النشطاء والمحامون إن هذا الأسلوب هو وسيلة يستخدمها الأمن لاستجواب - وغالبا تعذيب - شخص ما قبل اخطار مسؤولي النيابة العامة بالقبض عليه، وهو شيء وفقا للدستور من المفترض أن يتم خلال 24 ساعة.
الطابع الرسمى
وظهر معظم هؤلاء على قيد الحياة عندما أضفت السلطات أخيرا الطابع الرسمي على اعتقالهم. لكن جمعية الحقوق والحريات وثقت ما لا يقل عن حالتي وفاة هذا العام، من ضمنها حمدان، وما لا يقل عن خمسة آخرين العام الماضي، من ضمنهم واحد ظهرت عليه أثار الحروق والصدمات الكهربائية.
الطالب الإيطالى
هذه المزاعم كانت أحد الأسباب التي دعت العديد النشطاء للاشتباه في وقوف عملاء الأمن وراء مقتل طالب الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني، الذي اختفى في القاهرة في الخامس والعشرين من يناير الماضى، حيث نفت وزارة الداخلية ضلوع عملاء الأمن في الحادث وقالت إنه على الأرجح قتل في نزاع شخصي.