«صندوق النقد»: مصدرو النفط عليهم التكيف مع أسعاره المنخفضة
الخميس، 03 مارس 2016 11:31 ص
صرح مدير ادارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطي في صندوق النقد الدولي مسعود أحمد بأنه لا أحد يتوقع عـودة أسـعار النفـط إلى الرقـم الثلاثي (أعلى المائة دولار) في المستقبل القريب، لذا يتعيـن علـى البلـدان المصـدرة للنفـط التكيـف مـع الواقـع الجديـد للأسعار بدلا مـن انتظـار نهايـة هـذه الفتـرة مـن الأسـعار المنخفضـة.
ولفت مسعود أحمد -في مقال نشرته مجلة "التمويل والتنمية"، وهي مجلة فصلية يصدرها صندوق النقد الدولي- إلى أنه في أوائـل عـام 1986، وفي أعقـاب اتخاذ بعـض أعضـاء منظمـة البلـدان المصـدرة للنفـط (أوبـك) قرارا بتنفيذ زيادة كبيرة في المعروض مـن النفـط، سـجل سـعر النفـط هبوطـا حـادا مـن حـوالي 30 دولارا للبرميـل إلى نحـو 10 دولارات للبرميـل.
وأردف أحمد يقول ،إن الوضع يتشابه الآن، فبعد 30 عاما تقريبا تواجـه الدول المصدرة للنفط هبوطـا مماثلا في أسـعار النفـط —التي تراجعـت مـن حـوالي 110 دولارات إلى نحـو 30 دولارا للبرميـل بسـبب تباطـؤ النمـو العالمي، وزيـادة إنتـاج أوبك، والصلابة المدهشـة لإمـدادات النفـط الصخـري.
وفي العـام الماضـي، تسبب انخفـاض أسـعار النفـط إلى خسـارة البلـدان المصـدرة للنفـط في منطقـة الشـرق الأوسـط وشـمال إفريقيـا 360 مليـار دولار، وهو ما يوازي حوالي سُـدس ناتجهـا الكلـي، مضيفا أنه مـن المتوقـع ازديـاد هذه الخسـارة خلال العـام الجاري، في ظل تكـرار هبـوط أسـعار النفـط في نهايـة 2015 وأوائـل 2016.
وأفاد المسؤول بصندوق النقد الدولي ،أنه في ظل ما تواجهـه العديـد مـن بلـدان الشـرق الأوسـط وشـمال إفريقيـا مـن صراعـات عنيفـة وتنامـي لأزمـة اللاجئيـن، فمـن الضـروري على هذه الدول توفيـق سياسـات موازناتهـا.
وأشار مسعود إلى أن البلدان المصدرة للنفط اتخذت قرارا بالتعقل في استخدام مدخراتها المالية الضخمة للحد مـن تأثيـر انخفـاض أسـعار النفـط علـى النمـو، وهو الأمـر الـذي يتيح لهـا المزيد من الوقت لصياغـة خطـط التصحيـح، فقد سـجل نصـف البلـدان المصـدرة للنفـط في منطقـة الشـرق الأوسـط وشـمال إفريقيـا عجـزا كبيـرا يتألـف مـن رقميـن كنسـبة مـن إجمـالي النـاتج المحلي في عـام 2015، ولا سـيما الجزائر والبحريـن والعـراق وليبيـا وعُمـان والمملكـة العربيـة السـعودية.
وأضاف ،أن البلـدان المصـدرة للنفـط في منطقـة الشـرق الأوسـط وشـمال إفريقيـا مـن خـارج مجلـس التعـاون الخليجـي تعمل كذلـك علـى تعديـل سياسـاتها، فقـد قامـت الجزائـر بتجميـد التعيينـات وتخفيـض النفقـات الرأسـمالية، ورفعـت إيـران معـدل ضريبـة القيمـة المضافـة ووسـعت قاعدتهـا كمـا قامـت بتحسـين التحصيـل الضريبـي، ضمـن مجموعـة مـن التدابيـر الأخـرى، مما يمثل دفعـة أولى مهمـة علـى مسـار التصحيـح المالي المطلوب.
وتشـير بحـوث صنـدوق النقـد الـدولي إلى أن حكومـات منطقـة الشـرق الأوسـط وشـمال إفريقيـا، مـع إجـراء التعديلات الصحيحـة في إدارة الاسـتثمارات العامـة، يمكنهـا تحقيـق نفـس النتائـج وتخفيـض إنفاقهـا بنسـبة 20%.
ونوه مسعود الى أن إصلاح أسـعار الطاقـة قد يحقـق وفـورات كبيـرة بأكثـر مـن 70 مليـار دولار سـنويا في دول مجلـس التعـاون الخليجـي في عـام 2015 فقـط، ويعـود معظمهـا بالنفـع علـى ميسـوري الحـال، ، نظرا للتكاليـف الكبيـرة التي تتكبدها الدول للحفـاظ علـى أسـعار الطاقـة المحليـة منخفضـة.
ففي الإمـارات العربيـة المتحـدة يقـارب سـعر البنزيـن حاليـا السـعر قبـل الضريبـة في الولايـات المتحـدة، كما رفعـت قطـر مؤخـرا رسـوم اسـتهلاك الكهربـاء والميـاه وأسـعار البنزيـن، وأعلنـت البحريـن والجزائـر والكويـت والمملكـة العربيـة السـعودية عـن خطـط لمواصلـة كبـح دعـم الطاقـة، كذلـك قامـت إيـران في العـام الماضـي برفـع أسـعار الوقـود بدرجـة كبيـرة.
وأشار المسؤول الدولي الى أن التحـدي الأصعب الذي يواجه هذه الدول هو خلق وظائف للقـوة العاملـة الوطنيـة الشـابة المتوقـع أن تنمـو بنحـو 10 ملاييـن نسـمة علـى مـدار الأعـوام الخمسـة التاليـة، لافتا إلى أن عمليـة تطويـر القطـاع الخـاص لخلـق فـرص العمـل التـي لم تعـد الحكومـات قـادرة علـى توفيرهـا هي عمليـة محاطـة بالتحديـات،وسـوف تقتضـي توفيـر حوافـز قويـة للمواطنيـن للدخـول في القطـاع الخـاص.
وأكد مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي أن إحـداث التحـول في الاقتصـادات المصـدرة للنفـط ليـس بالمهمـة السـهلة وسـوف يكـون بمثابـة مشـروع طويـل الأجـل، وسـيقتضي إعطـاء دفعـة مسـتمرة للإصـاح والتواصـل الجماهيـري المـدروس بعنايـة، وينبغـي لصنـاع السياسـات أن يتذكـروا دائمـا المخاطـر الماثلـة في المجالات الأخـرى مـن جـراء انخفـاض أسـعار النفـط .
واستدرك مسعود يقول ،إن النبـأ السـار في هـذا الشـأن هـو تزايـد عـزم صنـاع السياسـات في معظـم البلـدان المصـدرة للنفـط علـى توخـي منهـج اسـتباقي في معالجـة هـذه التحديـات واسـتخدامها لإحـداث التحـول والتنـوع في اقتصاداتهـا لبنـاء مسـتقبل اقتصـادي أكثـر قابليـة للاسـتمرار.