تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط تتصدر القمة الأردنية الأمريكية بواشنطن
الخميس، 25 فبراير 2016 07:32 ص
عقد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في واشنطن أمس الأربعاء لقاء قمة مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما تناولت الجهود الدولية المبذولة لمحاربة الإرهاب والتطرف في الشرق الأوسط والعالم ومستجدات الأزمة السورية وجهود إحياء مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وتطرقت القمة التي حضرها الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد إلى سبل ترسيخ الشراكة الإستراتيجية بين الأردن والولايات المتحدة وذلك في إطار الدور المحوري الذي تقوم به المملكة في المنطقة.. حسبما أفاد بيان صادر عن الديوان الملكي الهاشمي مساء اليوم بعمان.
وأكد الزعيمان - في تصريحات مشتركة بعد لقاء القمة - حرصهما المشترك على إدامة التنسيق والتشاور بين قيادتي البلدين حيال التعامل مع التحديات التي تواجه المنطقة والعالم وسبل تطوير علاقات التعاون الثنائية.
وقال العاهل الأردني "إنه لا يوجد دولة تدعم الأردن بالحجم الذي تقوم به الولايات المتحدة على الصعيد الاقتصادي ما يمكنه من التعامل مع تحدي اللاجئين السوريين وكذلك الحال على الصعيد الأمني والعسكري لحماية حدوده ومصالح شعبه".
وأضاف "نحن جميعا نعمل سويا كأعضاء في المجتمع الدولي لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية ولكن في ذات الوقت فإن مواجهة خطر "داعش" قد أخذ حيزا من مباحثاتنا اليوم خصوصا كيفية التغلب عليه بالسرعة الممكنة ليس في سوريا فقط بل أيضا في العراق.. وذلك من خلال التواصل مع الأشقاء هناك ليكونوا شركاء في جهود التصدي للإرهاب والتطرف".. مضيفا "أعتقد أننا نسير في الاتجاه الصحيح فالتنسيق مع الولايات المتحدة في أعلى مستوياته".
وأعرب عن أمله في أن تحرز نقاشات الرئيس الأمريكي مع روسيا تقدما في الاتجاه الصحيح بشأن الأوضاع في سوريا، قائلا "إنني أعتقد أن العالم في وضع أفضل الآن بفضل قيادة الرئيس أوباما لجهود مواجهة عصابة داعش والمجموعات الإرهابية المرتبطة بها".
وقال "إننا تحدثنا حول سبل إعادة الأمل للعملية السلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فمن الواضح أن الأوقات الحالية تمثل تحديا صعبا ولكن من الضروري أن نزرع الأمل لدى الطرفين، وقد تحدثنا حول هذا الموضوع لبحث ما يمكن أن نقوم به خلال عام 2016 ولبناء الزخم للمضي في الاتجاه الصحيح".
ومن جهته.. قال أوباما "لقد تركز معظم النقاش حول الوضع في سوريا والعراق والجهود المشتركة لمكافحة عصابة داعش حيث يعد الأردن شريكا مميزا في هذه العملية".. مشيرا إلى أن التحالف حقق تقدما في دحر داعش في الأراضي العراقية والآن في بعض المناطق في سوريا.
وأضاف "إنه على الرغم من هذا التقدم إلا أنه لايزال هناك عمل كثير ينبغي القيام به، لذلك فإن التنسيق بين بلدينا وشركائنا الآخرين في التحالف في غاية الأهمية، وقد قدم الأردن إسهاما كبيرا بهذا الصدد".. منوها بأن الأردن بلد له دور محوري يتجاوز إمكانياته المحدودة عندما يتعلق الأمر بمحاربة داعش.
وفيما يتعلق بسوريا.. أطلع أوباما العاهل الأردني على المحادثات التي أجراها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بخصوص اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه.. قائلا "إننا حذرون للغاية بشأن رفع مستوى التوقعات بالنسبة لهذا الموضوع، فالوضع على الأرض صعب، لكننا شهدنا تقدما متواضعا على مدى الأسبوع الماضي أو نحو ذلك فيما يتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية إلى السكان المعرضين للخطر".
وأضاف "ولو حصل أن شهدنا على مدى الأسابيع القليلة المقبلة بعض التراجع في حدة العنف الذي ألحق أذى كبيرا بسوريا فإن ذلك سوف يوفر لنا أرضية للوصول إلى وقف لإطلاق النار على مدى أطول في كل من الشمال والجنوب، وسوف يسمح لنا بالمضي قدما في عملية الانتقال السياسي الضرورية لوضع حد للحرب الأهلية في سوريا كما أنها ستسمح لنا بعد ذلك بتركيز جهود جميع الأطراف في المجتمع الدولي بأكمله بما في ذلك روسيا لملاحقة داعش وهزيمتها، وهو الأمر الذي لا يتم الآن بقوة".
وتابع "تحدثنا عن اللاجئين السوريين والعبء الذي يتحمله الأردن ودول أخرى في المنطقة، لقد كان الشعب الأردني في غاية الكرم باحتضانه مئات الآلاف من السوريين الذين فروا من القتال، والولايات المتحدة مساهم رئيسي في الجهود الجارية لإيواء وتوفير الرعاية الأساسية لهؤلاء اللاجئين، لكن الأرقام لاتزال تتزايد".
وأبدى الرئيس الأمريكي التزامه نحو الأردن كي يظل قادرا على مساعدة من يحتاج إليه وستكون الولايات المتحدة شريكا قويا له وستوفر الدعم الكافي فيما يتعلق بهؤلاء اللاجئين.
وقال "إننا ناقشنا أيضا المساعدات الاقتصادية والعسكرية التي قدمناها ونقدمها للأردن نظرا لكل ما يقوم به هذا البلد لصالح المنطقة والعالم، من المهم بالنسبة للشعب الأردني أن يعلم أن الولايات المتحدة موجودة لمساعدته في كل خطوة يقوم بها".
وأضاف "ناقشنا كذلك الوضع في إسرائيل والضفة الغربية والتوتر القائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين هناك، حيث كان للملك عبدالله الثاني دور مهم في الحد من بعض مصادر التوتر المباشرة في الحرم الشريف، وما تسببت به من أحداث هناك، ولكن مازلنا على اتفاقنا أنه من المهم أن نوفر لكلا الجانبين شعورا بإمكانية تحقيق التقدم وأن نعطيهما الأمل بدل من اليأس، هذه مهمة صعبة".
وتابع "لقد تبادلنا الأفكار حول كيفية تحقيق تقدم في هذا المسعى، فالملك عبدالله الثاني لايزال صوت العقل ونموذجا للاعتدال والتسامح لجميع الأطراف المعنية في هذه القضية، ونحن نقدر عاليا دوره في هذه العملية".
وردا على سؤال حول الوضع في سوريا والتعاون الأردني الأمريكي في التعامل مع مختلف التحديات في المنطقة.. أجاب العاهل الأردني بأن التنسيق بين الأردن والولايات المتحدة مميز، مؤكدا أن العملية السياسية في سوريا تحظى بالأولوية في الوقت الراهن.
وقال "كلنا داعمون لما يقوم به الوزيران جون كيري وسيرجي لافروف في إطار العملية السياسية؛ والتأكد في ذات الوقت بأن البعد الثاني لهذه العملية هو محاربة عصابة داعش ودحرها، وأعتقد أن هذين البعدين يكملان بعضهما البعض وبشكل خاص فيما يتعلق بجنوب سوريا".
وأضاف "في المحصلة فإن داعش عدونا جميعا، وحاليا علينا أن نتابع التقدم الذي يتم إحرازه بين وزيري الخارجية كيري ولافروف ولدينا مبادرات جيدة بهذا الخصوص، ولكن يجب أن نبقى متفائلين بحذر إزاء إحراز تقدم في العملية السياسية".
وقد تم خلال جلسة المباحثات الموسعة بين الزعيمين مناقشة سبل تعزيز العلاقات الثنائية لاسيما تلك المتعلقة بالتعاون العسكري والأمني في ضوء قانون دعم التعاون الدفاعي الموقع مؤخرا مع الأردن، حيث أبدى الملك عبدالله الثاني تقديره للدعم الأمريكي في هذا المجال.
وتناول ملك الأردن والرئيس أوباما مخرجات مؤتمر لندن، حيث جرى التأكيد على ضرورة تنفيذها ودعم المملكة بنهج مستدام يرتكز على جذب الاستثمار وتحفيز النمو وليس المساعدات فقط.
وجرى الوقوف على الجهود الدولية في مكافحة الإرهاب مع التأكيد على أهمية محاربته بنهج شمولي يشمل جميع النواحي الأمنية والعسكرية والأيديولوجية، إضافة إلى التشديد على أهمية تسليط الضوء على محاربة جميع بؤره في الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا وغيرها من المناطق.. وتم كذلك التطرق إلى الوضع في ليبيا، والتأكيد على ضرورة التحرك وتوحيد الجهود لمنع عصابة داعش الإرهابية من إيجاد موطئ قدم لها هناك.
وتشهد العلاقات الأمريكية الأردنية تطورا لجهة المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة سنويا للمملكة حيث أقر الكونجرس الأمريكي بالإجماع رفع المساعدات المالية السنوية المقدمة للأردن للعام الحالي إلى مليار و275 مليون دولار من أصل مليار دولار، وذلك لدعم اقتصاده وحماية أمن الحدود ومكافحة الإرهاب، والتخفيف من الأعباء التي تتحملها جراء أزمات المنطقة.
كما وقع الرئيس الأمريكي باراك أوباما أخيرا تشريع التعاون الدفاعي بين الولايات المتحدة والأردن للعام 2015، وبما يدعم التعاون العسكري بين البلدين ويضع المملكة على قائمة الحلفاء بنفس وضع دول حلف شمال الأطلسي، ويسهل الإجراءات المتعلقة بالمساعدات العسكرية لها.