يوسف أيوب يكتب: قمة القاهرة العربية تلقي بالكرة في الملعب الأمريكي
السبت، 08 مارس 2025 12:04 م
العرب من أرض الكنانة لواشنطن: الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة والسلام متكاملة.. والتهجير مرفوض
تكثيف الترويج دولياً للخطة ووضعها على طاولة الحوار مع إدارة ترامب.. وبدء الترتيب لعقد مؤتمر دولى للمانحين
الخطة على 3 مراحل وتتكلف 53 مليار دولار وتربط الإعمار بالسلام.. ولجنة كفاءات لإدارة القطاع تحت مظلة الحكومة الفلسطينية
تأهيل وتدريب كوادر الشرطة الفلسطينية لحفظ الأمن في غزة.. ودعوة مجلس الأمن لنشر قوات دولية لحفظ السلام
تكثيف الترويج دولياً للخطة ووضعها على طاولة الحوار مع إدارة ترامب.. وبدء الترتيب لعقد مؤتمر دولى للمانحين
الخطة على 3 مراحل وتتكلف 53 مليار دولار وتربط الإعمار بالسلام.. ولجنة كفاءات لإدارة القطاع تحت مظلة الحكومة الفلسطينية
تأهيل وتدريب كوادر الشرطة الفلسطينية لحفظ الأمن في غزة.. ودعوة مجلس الأمن لنشر قوات دولية لحفظ السلام
من "مصر" أرض الكنانة، التى تقف دوما مع الحق والعدل مهما اشتدت الخطوب وعظمت الكروب، القى القادة العرب الذين شاركوا في قمة فلسطين "القمة العربية غير العادية" الثلاثاء الماضى، بالكرة في الملعب الامريكى، بعدما خرجت القمة بنتائج جاءت معبرة تماماً عن موقف عربي جماعي قد يكون غير مسبوق منذ فترة طويلة، من حيث تأكيد التكاتف والتضافر العربي في مواجهة مشروعات تهجير الفلسطينيين من أراضيهم والرفض المطلق لكافة المقترحات المتعلقة بهذا الشأن، وهو الأمر الذي يؤكد القدرة العربية على التصدي للمخاطر التي تحيط بالمنطقة، والتي لاتصب إلا في مصلحة إسرائيل التي تتحرك دون أي وازع أو مسئولية وتضرب بعرض الحائط القوانين والمواثيق والأعراف الدولية.
كما أن القمة، التي ترأسها الرئيس عبد الفتاح السيسى، وشهدت حضوراً عربياً مكثفاً، ودولياً رفيع المستوى من بينهم جواو لورنزو، رئيس أنجولا ورئيس الاتحاد الإفريقى، أنطونيو جوتيريش، سكرتير عام الأمم المتحدة، أنطونيو كوستا، رئيس المجلس الأوروبى، حسين إبراهيم طه، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامى، أكدت أن العرب لم يقفوا فقط عند حد الرفض لمقترحات ومخططات التهجير، بل لديهم البديل العملى، من خلال اعتمادها لخطة إعادة الإعمار المقدمة من مصر بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، ومن ثم أصبح لدى العرب خطة عربية متكاملة متوازنة المراحل تؤكد على مبدأ إعمار قطاع غزة دون تهجير، مع حث المجتمع الدولي ومؤسسات التمويل الإقليمية والدولية على تقديم الدعم اللازم لخطة الإعمار.
وجاءت هذه الخطة، في مواجهة موقف أمريكى، متأرجح في الوقت الراهن فيما يتعلق بالتهجير، فقد بدأ مصمما عليه، ومع مرور الوقت، واستجابة للموقف المصرى الصلب، تراجعت إدارة دونالد ترامب، تدريجيا، وتحدثت عن مقترح ليس ملزم، وهو الأمر الذى ألقى بكثير من الثقل خلف القمة العربية الطارئة التي عقدت بالقاهرة، وأيضاً التحركات المصرية متعددة الاتجاهات التي أنتجت خطة متكاملة، لم تقتصر فقط على الإعمار والتنمية، بل ربطت بين خطة الإعمار وعملية السلام، حيث أكدت ضرورة أن تسير الخطة جنباً إلى جنب مع خطة شاملة للسلام، وكذلك على المستوى الجهة التي سوف تحكم غزة خلال المرحلة القريبة المقبلة، من خلال الحديث عن تشكيل لجنة لإدارة القطاع تحت مظلة الحكومة الفلسطينية من كفاءات أبناء غزة، لفترة انتقالية بالتزامن مع العمل على تمكين السلطة الفلسطينية من العودة إلى القطاع.
كما أن قمة القاهرة، وفق الخطة المصرية، تعاملت مع الجانب الأمني، حيث أكدت أن ملف الأمن في غزة مسئولية فلسطينية خالصة يتم إدارته من جانب المؤسسات الفلسطينية الشرعية وفقاً لمبدأ القانون الواحد والسلاح الشرعي الواحد، وبدعم دولي مع الترحيب بالطرح المصري والأردني لتأهيل وتدريب كوادر الشرطة الفلسطينية، بما يضمن قدرتها على أداء مهامها في حفظ الأمن في غزة على الوجه الأكمل، بالإضافة إلى دعوة مجلس الأمن إلى نشر قوات دولية لحفظ السلام في كل من الضفة الغربية وغزة.
وانتهت قمة القاهرة إلى إعلان الدول العربية، رفضهم المطلق لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم أو لتصفية القضية الفلسطينية، مشددين على ثبات الموقف العربي في ما يتعلق بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، كونه السبيل الوحيد لتحقيق السلام الدائم في المنطقة، كما أعتمدوا الخطة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير سكانه، حيث أعرب القادة العرب عن دعمهم الكامل لهذه الخطة.
واعتمدت القمة العربية، الخطة المصرية، باعتبارها خطة عربية جامعة، لذلك فإن الفترة المقبلة ستشهد تحركات للحصول على دعم دولى لها، وهو ما أكده الدكتور بدر عبد العاطى، وزير الخارجية، الذى قال إنه سيتم البدء في جهد مكثف للترويج للخطة دوليًا، وسيتم التواصل مع الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، واليابان، وكافة القوى الدولية المختلفة لدعم تنفيذ الخطة، كما تم تكليف كافة السفارات المصرية في الخارج بالتحرك في دول الاعتماد، لإطلاع المسؤولين هناك على مضمون الخطة بمراحلها المختلفة، والعمل على حشد الدعم السياسي والمالي لتنفيذها بشكل ناجح.
وهو الامر الذى أكد عليه أيضاً، أيمن الصفدى، وزير خارجية الأردن، الذى قال "أن موقف الدول العربية الموحد إزاء الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة سيوضع على طاولة الحوار مع الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي، بهدف تحقيق السلام في المنطقة".
كما أكد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن القمة العربية غير العادية، قدمت بديلا واضحا وعمليا وواقعيا لمقترح إخراج الفلسطينيين؛ وهي خطة أعدتها مصر بالتعاون مع فلسطين؛ وأصبحت بعد اعتمادها من القمة؛ خطة عربية مؤيدة بالكامل من جميع الدول العربية والمجتمعات العربية والأمة العربية، وأن القمة أكدت الموقف العربي الجماعي الرافض لمقترحات وأفكار تهجير الشعب الفلسطيني تحت أي صورة وبأي مسمى، مشيراً إلى أن الخطة ليست فنية فقط لكنها ترسم أيضا مسارا لسياق أمني وسياسي جديد في غزة، فالسياق السياسي هي لجنة تكنوقرط غير فصائلية لإدارة القطاع لـ 6 شهور على الأقل تحت مظلة السلطة الفلسطينية والهدف هو الحفاظ على اتصال الضفة وغزة تحت سلطة واحدة؛ توطئة لتجسيد الدولة في المستقبل، لافتا الى أن الخطة العربية مرنة وقابلة للتطوير بحسب مقتضيات الواقع.
تفاصيل الخطة المصرية
والخطة المصرية كما اعتمدها العرب، تتضمن تصورًا شاملًا لبرامج التعافي المبكر السريع، في فترة تتراوح بين ستة أشهر إلى سنة بتكلفة 3 مليار دولار، وتهدف إلى توفير مساكن مؤقتة للفلسطينيين الذين يعيشون في العراء في غزة، إضافة إلى إزالة الركام والتعامل مع القنابل والصواريخ غير المنفجرة.
المرحلة الأولى من الخطة، والمسماة بمرحلة التعافي المبكر، تتضمن أيضًا برامج للحماية الاجتماعية للشعب الفلسطيني، والهدف الأساسي هو توفير مساكن عاجلة للفلسطينيين الذين فقدوا منازلهم نتيجة العدوان الإسرائيلي على غزة، وهذه المساكن المؤقتة سيكون لها أشكال مختلفة، منها منازل سابقة التجهيز، وخيام، وإعادة تأهيل للمنازل المتضررة جزئيًا، حيث تشير التقديرات إلى ان هناك 330 ألف منزل مدمر، منهم حوالي 60 ألف منزل تعرضوا لتدمير جزئي، وسيتم إعادة إعمار هذه المنازل في وقت قصير وبتكلفة أقل.
وتشمل المرحلة الأولى، مرحلتين فرعيتين، تبدأ بإنشاء 200 ألف وحدة سكنية دائمة، بحيث يتم نقل الفلسطينيين من المساكن المؤقتة إلى مناطق إقامة دائمة. كما تشمل هذه المرحلة إزالة الركام، حيث يُقدّر وجود 50 مليون طن منه، 40 مليون طن بسبب تدمير المباني السكنية، و10 ملايين طن بسبب تدمير الطرق.
وتتضمن الخطة المصرية، ثلاثة طرق للتعامل مع الركام، وهي إعادة تدويره لاستخدامه في إنشاء مواد بناء، أو تشكيل كتل خرسانية لاستخدامها في البناء، أو ردم أجزاء من البحر لتوسعة قطاع غزة.
ومن المقرر أن تستمر المرحلة الأولى عامين بتكلفة 23 مليار دولار، بينما ستكلف المرحلة الأخيرة حوالي 30 مليار دولار، وتمتد لعامين ونصف، وهذه المرحلة ستتضمن استعادة كاملة للخدمات الأساسية، وبناء 200 ألف وحدة سكنية إضافية، للتعامل مع الزيادة السكانية، حيث يُتوقع أن يصل عدد سكان القطاع إلى 3 ملايين نسمة، كما ستشمل إنشاء ميناء للصيادين، وميناء تجاري، ومطار دولي.
ووفق التقديرات المصرية، فإن تنفيذ الخطة التي ستمتد حتى 2030، تتكلف 53 مليار دولار، لكنها تشترط العمل على تثبيت وقف إطلاق النار، لأن غياب ذلك لن يخلق بيئة مناسبة لتحقيق التعافي المبكر أو تنفيذ إعادة الإعمار.
وبالعودة إلى التفاصيل الفنية للخطة، والخاصة باللجنة التي ستتولى إدارة غزة، فإن بدر عبد العاطى وزير الخارجية، اكد إنه تم الاتفاق على أسماء اللجنة المؤقتة التي ستتولى إدارة القطاع لمدة ستة أشهر، بالتزامن مع تمكين السلطة الفلسطينية لتولي مسؤولياتها في القطاع، وهذه اللجنة غير فصائلية، ولا تنتمي لأي طرف سياسي، حيث تضم مهنيين وتكنوقراط مستقلين.
وفيما يتعلق بالأمن في غزة، أوضح عبدالعاطي أنه تم إجراء مناقشات مع الجانب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن هناك عناصر شرطة داخل القطاع، ويجري العمل على إعادة تأهيلهم وتوفير التدريب اللازم لهم حتى يتمكنوا من تنفيذ مهام الأمن وإنفاذ القانون، إلى جانب تجنيد عناصر إضافية لتعزيز الاستقرار الأمني، لافتاً إلى أن مجموعة من الأسماء تم تقديمها لبدء عملية التدريب داخل مصر، على أن يتلقوا التدريب لمدة عدة أشهر قبل العودة إلى غزة لتولي مهامهم الأمنية، وشدد على أن الخطة التي تم اعتمادها من قبل القادة والرؤساء العرب أصبحت الآن خطة عربية شاملة، وليست خطة مصرية فقط، كما أوضح أن البيان الصادر عن القمة تضمن أيضًا اتفاقًا عربيًا على إنشاء صندوق ائتماني دولي يتولى مهام إعادة إعمار غزة، من خلال وضع جميع التعهدات المالية والتمويلات الخاصة بعملية التعافي وإعادة الإعمار في إطار منظم وشفاف.
واعتمد البيان الختامي للقمة، الخطة المصرية، بالتنسيق الكامل مع دولة فلسطين والدول العربية واستناداً إلى الدراسات التي أجريت من قبل البنك الدولي والصندوق الإنمائي للأمم المتحدة، بشأن التعافي المبكر وإعادة إعمار غزة؛ باعتبارها خطة عربية جامعة، والعمل على تقديم أنواع الدعم المالي والمادي والسياسي لتنفيذها، وحثت القمة، المجتمع الدولي ومؤسسات التمويل الدولية والإقليمية على سرعة تقديم الدعم اللازم للخطة، مؤكدة أن هذه الجهود تسير بالتوازي مع تدشين مسار سياسي وأفق للحل الدائم والعادل بهف تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة في إقامة دولته والعيش في سلام وأمان.
كما رحبت القمة العربية غير العادية بعقد مؤتمر دولي في القاهرة في أقرب وقت؛ للتعافي وإعادة الإعمار في قطاع غزة، بالتعاون مع دولة فلسطين والأمم المتحدة، وحثت المجتمع الدولي على المشاركة فيه للتسريع في تأهيل قطاع غزة وإعادة إعماره بعد الدمار الذي تسبب به العدوان الإسرائيلي، والعمل على إنشاء صندوق ائتماني يتولى تلقي التعهدات المالية من كافة الدول ومؤسسات التمويل المانحة، بغرض تنفيذ مشروعات التعافي وإعادة الإعمار، وأكدت القمة، على الموقف العربي الواضح، الذي تم التشديد عليه مراراً، بما في ذلك بإعلان البحرين الصادر في 16 مايو 2024، بالرفض القاطع لأي شكل من أشكال تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه أو داخلها، وتحت أي مسمى أو ظرف أو مبرر أو دعاوي، باعتبار ذلك انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي وجريمة ضد الإنسانية وتطهيرا عرقيا، وكذلك إدانة سياسات التجويع والأرض المحروقة الهادفة لإجبار الشعب الفلسطيني على الرحيل من أرضه، مع التشديد على ضرورة التزام إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، والتي ترفض أي محاولات لتغيير التركيبة السكانية في الأرض الفلسطينية.
ومن ضمن الرسائل القوية التي خرجت بها قمة القاهرة الطارئة، التأكيد على أن "خيارنا الإستراتيجي هو تحقيق السلام العادل والشامل الذي يلبي جميع حقوق الشعب الفلسطيني، وخصوصا حقه في الحرية والدولة المستقلة ذات السيادة على ترابه الوطني على أساس حل الدولتين، وحق العودة للاجئين الفلسطينيين ويضمن الأمن لجميع شعوب ودول المنطقة بما في ذلك إسرائيل، استناداً إلى مبادرة السلام العربية لعام 2002. والتأكيد على رفضنا الدائم لجميع أشكال العنف والتطرف والإرهاب التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار"، داعياً إلى تكثيف التعاون مع القوى الدولية والإقليمية، بما في ذلك مع الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل تحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة، وفي سياق العمل على إنهاء الصراعات كافة بالشرق الأوسط، مع تأكيد الاستعداد للانخراط الفوري مع الإدارة الأمريكية، والشركاء كافة في المجتمع الدولي لاستئناف مفاوضات السلام بغية التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، على أساس إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتجسيد الدولة الفلسطينية على أساس حل الدولتين ووفق قرارات الشرعية الدولية، وبما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو1967 وعاصمتها القدس الشرقية لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، والدعوة إلى عقد مؤتمر دولي لإقامة الدولة الفلسطينية.