محمد مهنا: ما بين الجامع الأزهر ومسجد الحسين تتشكل الهوية المصرية
الإثنين، 03 مارس 2025 11:32 ص
منال القاضي
أشاد الدكتور محمد مهنا، أستاذ القانون الدولي بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، بجهود الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، في نقل الفكر الإسلامي من نطاق التنظير داخل الجدران إلى ساحات التفاعل المباشر مع الجماهير، حيث يتجسد العلم في واقع الحياة، ويتجلى السلوك القويم، وينتشر الأدب الرفيع والوعي المستنير الذي تحتاج إليه الأمة، لنستعيد وعينا بذاتنا وثقتنا بقدراتنا وهويتنا الراسخة.
وأكد مهنا، خلال مشاركته فى ملتقى الفكر الإسلامى بالحسين، أن بين الجامع الأزهر ومسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه) تتشكل الهوية المصرية، حيث يلتقي العلم بالروح، وتتجسد الشريعة في السلوك، ويتكامل الفقه والتصوف في بناء الإنسان، موضحًا أن الشريعة بلا حقيقة عاطلة، والحقيقة بلا شريعة باطلة، مما يبرز ضرورة الجمع بين العلم والعمل، وبين العقيدة والسلوك، لصياغة منظومة متكاملة تعكس روح الإسلام الوسطي المستنير، مشيراً إلى أن الروحانية والأخلاق والوطنية هي أعمدة ثلاثة لا غنى عنها في بناء الأفراد والمجتمعات، مبينًا أن مقاصد الشريعة الخمسة المتمثلة في حفظ الدين، والنفس، والمال، والعقل، والعرض، لا يمكن تحقيقها إلا في ظل وطن مستقر، يُحترم فيه القانون، ويُصان فيه الأمن، وتتحقق فيه العدالة الاجتماعية، مشددًا على أن حب الأوطان ليس مجرد شعور وجداني، بل هو التزام عملي ومسؤولية شرعية تتجلى في العمل والبذل والعطاء.
وأوضح أن الهجرة النبوية كانت نموذجًا متكاملًا في بناء الوطن، حيث لم تكن مجرد انتقال جغرافي، بل كانت هجرة إيمان ويقين، بعد أن أمضى النبي ﷺ ثلاث عشرة سنة في مكة يرسّخ في أصحابه أصول العقيدة والإيمان، ليكونوا على أتم الاستعداد لتحمّل أمانة بناء الدولة في المدينة المنورة، مما يؤكد أن بناء الأوطان يبدأ ببناء الوعي وترسيخ القيم، قبل إقامة المؤسسات والهياكل، وأكد أن الحفاظ على الوطن ليس مجرد واجب وطني، بل هو فريضة دينية، تستوجب الوعي والتكاتف والعمل الجاد، داعيًا الجميع إلى استلهام دروس التاريخ، والعمل على ترسيخ القيم النبيلة، لتعزيز نهضة الوطن وحماية مستقبله
وسبق أن أعلن الدكتور أسامه الأزهرى، وزير الأوقاف، إنطلاق ملتقى الفكر الإسلامي، ليكون نداءً للخير، وصوتًا للروحانية، وشعارًا للوطنية، سائلًا الله -عز وجل- أن يجعله منبرًا لنشر الوعي المستنير، وبابًا من أبواب الفضل في هذا الشهر الكريم.
وأشاد الدكتور عبد الهادي القصبي بجهود وزارة الأوقاف في نشر الفكر الوسطي، مؤكدًا أن بناء الوعي الديني الصحيح هو أساس نهضة المجتمعات، فيما شدد الأستاذ الدكتور ممدوح غراب على أهمية نشر الوعي وتعزيز الانتماء الوطني، موضحًا أن التعليم وحده لا يكفي دون غرس القيم الدينية والفكرية الصحيحة لمواجهة التحديات الفكرية المعاصرة.
جدير بالذكر أن ملتقى الفكر الإسلامي أحد أهم المنابر الفكرية التي تقدمها وزارة الأوقاف خلال شهر رمضان، إذ يهدف إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة، ومواجهة الفكر المتطرف، وتعزيز قيم التسامح والتعايش السلمي. كما يمثل منصة تجمع العلماء والمفكرين لتقديم رؤى مستنيرة حول قضايا المجتمع، مما يسهم في رفع الوعي الديني والفكري بين أبناء الوطن، وترسيخ الانتماء والولاء لمصر وهويتها الحضارية.
واختُتم الملتقى بابتهال ديني رائع قدَّمه المبتهل الشيخ عبد اللطيف العزب وهدان، وسط تفاعل وإعجاب كبير من الحضور، الذين أشادوا بأهمية هذه اللقاءات الفكرية في إثراء معارفهم وتعميق فهمهم للدين والوطنية.