خط «الرورو».. فتح الأبواب الأوربية أمام الصادرات المصرية
السبت، 22 فبراير 2025 02:29 م
خط الرورو
محمد فزاع
الحاصلات الزراعية والخضروات سريعة التلف أكثر السلع المستفيدة من تشغيل الخط الملاحى من دمياط إلى تريستا الإيطالية
النقل: خفض تكاليف الشحن ورسوم الموانئ بنسبة 88%.. ودعم تحويل مصر إلى مركز عالمي للتجارة واللوجستيات
النقل: خفض تكاليف الشحن ورسوم الموانئ بنسبة 88%.. ودعم تحويل مصر إلى مركز عالمي للتجارة واللوجستيات
في ظل الجهود المتواصلة لتعزيز مكانة مصر كمركز لوجستي إقليمي ودعم الاقتصاد القومي، أطلقت وزارة النقل الخط الملاحي «الرورو» بين مينائي دمياط المصري وتريستا الإيطالي، كجسر بحري يربط بين مصر وأوروبا.
ومن المتوقع أن يصبح «خط الرورو» نقطة تحول في منظومة النقل البحري المصري، ليس فقط من خلال تعزيز الصادرات، ولكن أيضا بتقديم مصر كواجهة اقتصادية مهمة على مستوى الإقليم والعالم.
ويأتي هذا المشروع الطموح في إطار استراتيجية الدولة لزيادة حجم الصادرات المصرية، خاصة المنتجات الزراعية سريعة التلف، إلى الأسواق الأوروبية، مع توفير مميزات لوجستية واقتصادية غير مسبوقة.
يُعَد المشروع خطوة مهمة في تعزيز التعاون البحري بين مصر وإيطاليا، ويهدف لتحويل مصر إلى مركز إقليمي للنقل واللوجستيات، حيث ستصبح الموانئ المصرية بوابة لإيطاليا نحو إفريقيا والخليج العربي، ويهدف خط الرورو الملاحي لتسهيل نقل الحاصلات الزراعية سريعة التلف إلى الأسواق الإيطالية والأوروبية في زمن قياسي بنحو يوم ونصف فقط، ما يحافظ على جودة المنتجات المصرية.
ويعتمد الرورو على نظام «Roll-on, Roll-off» ما يسمح بشحن الشاحنات المحملة مباشرة على متن السفن، ويساعد سرعة النقل في الحفاظ على الحاصلات الزراعية وزيادة تنافسية الصادرات.
ومن المتوقع أن يجذب الخط استثمارات إيطالية جديدة في مصر، سواء في مجالات النقل أو الإنتاج، بفضل انخفاض تكاليف النقل وزيادة كفاءة الشحن.
وأوضحت وزارة النقل أن الخط الملاحي يوفّر العديد من المزايا الاستراتيجية لدعم حركة الصادرات والواردات المصرية، لا سيما فيما يتعلق بالحاصلات الزراعية والخضروات سريعة التلف، ومن أبرز هذه المزايا تخفيض تكاليف الشحن إذ يعد الخط ممرًا أخضر بين مصر وإيطاليا، ما يساهم في تقليل تكاليف النقل البحري وزمن وصول البضائع.
ويعزز الخط القدرة اللوجستية، بالمساهمة في تحويل مصر إلى منطقة لوجستية محورية بين أوروبا وإفريقيا، مما يدعم فرص التجارة الإقليمية والدولية، كما يوفر المشروع ما يزيد عن 2000 فرصة عمل للسائقين المصريين، إلى جانب فرص توظيف مباشرة وغير مباشرة لشركات الشحن والنقل، بجانب تعزيز الصادرات بتسهيل نفاذية المنتجات الزراعية والصناعية المصرية إلى الأسواق الأوروبية.
ويتمتع الخط الرورو الرابط بين مصر وإيطاليا بمبدأ المعاملة بالمثل في الميناءين من حيث رسوم الميناء والحوافز التشغيلية، حيث تم تخفيض رسوم الموانئ من 26050 دولار إلى 3250 دولار للرحلة بقيمة خصم تقدر بنسبه 88%، كما تم تخصيص مساحة 35 ألف م2 لصالح المشروع مع الاشتراك في توصيل جميع الخدمات للساحة إلى جانب إصدار خطاب ضمان حكومي من هيئة ميناء دمياط لصالح الجمارك المصرية وكذا قيام وزارة المالية بتوفير جهاز كشف «X RAY» لصالح المشروع، كما تم فى اطار الربط الآلي بين الميناءين إنشاء وتنفيذ تطبيقات للتكامل بمعرفة هيئة ميناء دمياط للتكامل مع المنصة الخاصة بمجتمع الميناء الإيطالي، وكذلك تجهيز منصة آلية لإستقبال بيانات الشاحنات القادمة من منصة مجتمع الميناء الإيطالي، تحتوي على بيانات خاصة بنوع البضائع والأوزان وبيانات تفصيلية للشاحنين، بالإضافة إلى ربط الجمارك المصرية مع الجمارك الإيطالية عن طريق تطوير تطبيقات تشغيلية للجمارك بميناء دمياط، مع إمكانية تبادل المستندات الرسمية كالشهادات الصحية وسلامة الغذاء كمرحلة أولي، وكذلك تم اعتماد تبادل الملفات بصيغة عالمية معتمـدة من قسم التجارة والنقل بالأمم المتحدة وتنفيذ تطبيقات للأجهزة المحمولة يتم من خلالها قراءة السيل الإلكتروني من خلال تكنولوجيا RFID للتحقق من حالة السيل (جيد/تالف).
فكرة وهدف الخط
جاءت فكرة وهدف مشروع الخط من نظام "roll-on" و"roll-off" لنقل البضائع بين الدول، حيث تُصدَّر المنتجات على شاحنات، ويتم تشغيل هذا الخط من ميناء دمياط في مصر إلى ميناء تريستا في إيطاليا والعكس.
يستخدم خط الرورو سفنًا خاصة تسمى سفن الدحرجة، التي يمكنها حمل شاحنات كاملة، وتسمح هذه السفن بنقل البضائع بسرعة وكفاءة أكبر من السفن التقليدية، ويبلغ طول الرحلة في المشروع حوالي يوم ونصف يوم، وهذا أسرع بكثير من طرق النقل الأخرى، مثل النقل الجوي أو النقل البري.
ويعد الهدف الرئيس للمشروع هو تخليص البضائع السريعة التلف قبل وصولها، من خلال تبسيط وتسريع إجراءات الجمارك في المصدر والواجهة، كجزء من مشروع ضخم لربط المنطقة من العالم ببعضها.
وخلال فعاليات الاحتفال بتشغيل وإطلاق الرحلة الأولى لخط الرورو نوفمبر 2024، أكد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، أن المشروع سيساهم في تعزيز قدرة مصر على أن تكون منطقة لوجستية مركزية بين أوروبا وإفريقيا، فضلًا عن زيادة وتعزيز الفرص التجارية ودعم الصادرات المصرية من المنتجات الصناعية والحاصلات الزراعية من خلال تسهيل نفاذية المنتج المصري للأسواق الأوروبية.
مراحل إنجاز المشروع
بدأت فكرة المشروع في عام 2019، عندما وجّه الرئيس عبد الفتاح السيسي، بضرورة تسيير خط «الرورو» بين مصر وإيطاليا، وفي 2 نوفمبر 2019، صدّق مجلس الوزراء على ضرورة إنهاء الإجراءات الخاصة بهذا الموضوع؛ وجرى المضي قِدمًا للتعاون مع وزارة المالية والتجارة والصناعة وكافة الجهات الأخرى.
وخلال السنوات 2021، 2022، 2023، انضمت مصر إلى الاتفاقيات الدولية الخاصة بتسهيل النقل والتجارة، وفي 22 يناير 2024، وقّع الفريق كامل الوزير كامل الوزير والسفير ميكيلي كواروني، سفير إيطاليا بالقاهرة على اتفاقية "النقل الدولي للبضائع بواسطة المركبات البرية المقطورة (المقطورات وشبه المقطورات)، باستخدام خدمات الدحرجةRoRo "؛ وذلك بين حكومتي مصر وإيطاليا، حيث تنظم تلك الاتفاقية عمل دخول وخروج حركة الشاحنات من وإلى البلدين بهدف تقليل فترات المكوث في الميناء للحفاظ على سلامة المنتج المصري، وجذب المزيد من الطلب على التصدير للحاصلات المصرية عالميًا.
وقام جهاز تنظيم النقل البري الداخلي والدولي بتوقيع مذكرة تفاهم مع المديرية العامة للسلامة على الطرق والنقل البري التابعة لوزارة البنية التحتية والنقل في إيطاليا، بهدف تمكين نقل البضائع بسهولة ويسر وتقليل تكلفة النقل وزمن الرحلة بين إيطاليا ومصر، ويعد هذا الاتفاق الحكومي الوثيقة الأخيرة التي بموجبها يكتمل الإطار الحكومي لبدء تشغيل "خط الرورو" خلال النصف الأول من العام الجاري 2024 بما يحقق المصالح الاقتصادية للبلدين، ويعظم حجم التبادل التجاري المنقول بحرًا والشراكة بين مصر وإيطاليا في مجال النقل البحري.
وفي 28 نوفمبر لعام 2024، أعلن مجلس الوزراء إطلاق الرحلة الأولى لخط الرورو المصري الإيطالي، من ميناء دمياط، ليمثل يوم هام لقطاع النقل البحري واللوجستيات.
ويعتبر تشغيل الخط الملاحي "الرورو" خطوة هامة بالنسبة لمصر، كونه يساعد في زيادة حجم الصادرات المصرية إلى إيطاليا والأسواق الأوروبية.
وتعد إيطاليا من أهم الدول المستوردة للحاصلات الزراعية المصرية، ويعد الخط وسيلة نقل سريعة وآمنة لتصدير الحاصلات الزراعية المصرية إلى إيطاليا والأسواق الأوروبية.
ويعد فرصة مثمرة لخلق قناة للتعاون بين إيطاليا وشمال إفريقيا وخاصة مع التوتر الجيوسياسية في المنطقة، وهذا المشروع يأتي بتوجه الحكومة الإيطالية بالاهتمام بدول شمال أفريقيا ويشجع الشركات الإيطالية على الاستفادة من هذا المورد.
وتشغيل هذا الخط يزيد من الجدوى الاقتصادية لمشروعات القطار السريع، حيث يسهم في ربط الدول الأوروبية بدول آسيا وأفريقيا عبر الأراضي المصرية باستخدام الخط الأول من شبكة القطار الكهربائي السريع الذي يعتبر قناة سويس جديدة على القضبان، وتسهم في نقل حركة البضاعة المجزأة، والتي لا تحتاج لسفن كبيرة الحجم، وترفع تنافسية الدولة المصرية لتكون مركزًا للنقل واللوجستيات في المنطقة.
كما يساهم المشروع في تقليل التكلفة الإجمالية للنقل بين مصر وإيطاليا، مما سيؤدي إلى انخفاض أسعار المنتجات المصرية في الأسواق الإيطالية، حيث تعد إيطاليا ثالث سوق للصادرات المصرية بحصة سوقية بلغت 6.6% وهي المورد العاشر لمصر، بحصة 3.4%، وإيطاليا هي أكبر الدول المستثمرة في السوق المصري بأكثر من 1233 مشروعًا تعمل في القطاعات الصناعية، والزراعية، والسياحية، والخدمات، والإنشاءات، وتكنولوجيا المعلومات، والخدمات المالية، وبحجم استمارات وصلت 6 مليار يورو.
تعاون جمركي
ومن مميزات الخط، التعـاون الجمركي بين الجانبين، حيث تم الحصول على منحة الاتحاد الأوروبي لتوأمة الجمارك المصرية والإيطالية من خلال توقيع مذكره التفاهم بين جمارك البلدين وإصدار المنشور الجمركي لخط الرورو المصري الإيطالي واعتماد أقفال إلكترونية للحاويات المبردة تتضمن خاصية الإنذار حالة فتح الحاوية أو تغير درجة الحرارة والرطوبة بما في ذلك سلامة محتوى الحاوية وإخضاعها لإجراءات فحص جمركية أكثر سهولة، وبعد انضمام مصر لاتفاقة فيينا 1968 وفقا لقرار رئيس الجمهورية رقم 329 لسنة 2023، جرى القضاء على أي معوق خاص باللوحات المعدنية والرسوم وتم توقيع مذكرة التفاهم الحكومية للنقل البري كإطار لتنظيم حركة المركبات البرية الخاصة بالخط، كما تم حل موقف اللوحات المعدنية مع تخصيص طاقم من وزارة الداخلية لسرعة تغييرها بمنفذ داخل ميناء دمياط واعتماد مواصفات وسائل اطفاء الحريق الإيطالية، وفق بيان صادر من وزارة النقل.
وجرى تخفيض رسوم المرور على الطرق المصرية المنصوص عليها بالقرار رقم 278 لسنة 2017 الذي يقضي دفع 300 دولار أمريكي لكل تريلا وارد و350 دولار أمريكي لكل تريلا صادر لتصبح الرسوم 100 دولار أمريكي إلى جانب التنسيق مع إدارة الجوازات للسماح بخروج سائقين شاحنات أجنبية بشرط حصول السائقين على تأشيرة دول الإتحاد الأوروبي، وكذلك السماح بدخول وخروج سيارات أجنبية بقيادة مالكها بشرط الحصول على تأشيرة دخول وخروج لجمهورية مصر العربية مسبقاً، كما تم التنسيق مع هيئة السلامة والتفتيش البحرى للسماح بتواجد السائقين على سفينة الرورو بشرط ألا يزيد عدد السائقين على السفينة عن 11 سائقا.
وفيما يتعلق بالبضائع المنقولة على الخط فقد تم إضافة ميناء دمياط للقرار الوزاري رقم 682 لسنة 2007 الخاص بإنشاء لجان جمركية متخصصة تقوم بإجراءات الإفراج عن الأقمشة ومصنوعاتها بالإضافة إلى موانئ "الإسكندرية – بورسعيد - السخنة - القاهرة الجوي" ليتسنى تحقيق تشغيل اقتصادي للخط .
وتكون مواعيد الخط أسبوعياً من ميناء دمياط إلى ميناء تريستا والعكس، ويكون الوصول إلى دمياط الساعة 3 عصرًا يوم الخميس من كل أسبوع، والمغادرة الساعة 10 صباحًا يوم الجمعة، ثم الوصول إلى تريستا الساعة 10 صباحًا يوم الإثنين، والمغادرة الساعة 6 مساء نفس اليوم.
ويجري نقل البضائع والمنتجات المصرية التي ستصل تباعاً إلى ميناء تريستا إلى روتردام بهولندا عبر قطار بضائع مُخصص لنقل المُنتجات المصرية، ليتم بعد ذلك نقل تلك المُنتجات برياً إلى المُدن الهولندية المختلفة وإنجلترا وبلجيكا.