من معركة الإسماعيلية إلى حرب الشائعات.. وزير الداخلية الأسبق يكشف لـ«صوت الأمة» كواليس التصدي للجماعة الإرهابية

السبت، 25 يناير 2025 01:09 م
من معركة الإسماعيلية إلى حرب الشائعات.. وزير الداخلية الأسبق يكشف لـ«صوت الأمة» كواليس التصدي للجماعة الإرهابية
حوار/ دينا الحسيني - تصوير حسين طلال

اللواء محمد إبراهيم يوسف:
نمر اليوم بفترة شديدة الخطورة.. وما يحاك ضد مصر من مؤامرات أخطر بكثير من مخططات هدمها في 2011
المشير طنطاوي قال لى بعد تكليفى وزيراً للداخلية: "جايين نرمي نفسنا في النار عشان لازم نقوم البلد تاني"
خلال 15 يوم تمكنا من تحقيق التواجد الأمني في الشوارع والسيطرة على الفوضى بعد أحداث 25 يناير 2011
الجماعة الإرهابية ضغطت علينا بالضباط والأفراد الملتحين.. وخططوا لهيكلة الداخلية وتفكيك الأمن المركزى ونقل الجوازات والأحوال المدنية للرئاسة 
العريان والبلتاجى قادوا خطة تعيين عناصر مدنية من مكتب الإرشاد بالمجلس الأعلى للشرطة.. وتصدينا بقوة للمشروع الشيطاني  
القوات المسلحة والشرطة تصدوا لتحرك الإخوان بفصل سيناء عن باقي المحافظات وإعلانها إمارة إسلامية 
الرئيس السيسي يواجه التحديات والمؤامرات الداخلية والخارجية ببعد واعي ورؤية واضحة للأمور في ضوء  المعلومات الدقيقة لديه.. وإجهاض المخططات من المهد أخذاً بزمام المبادئة

 
 
 
 
من معركة الإسماعيلية 25 يناير 1952 إلى الحروب الإلكترونية، تواصل وزارة الداخلية القيام بالدور الوطني في حفظ الأمن وإجهاض مخططات الطامعين، وتطور من خدماتها الجماهيرية بلمسة إنسانية لتقديم أفضل خدماتها الشرطية للمواطنين. ونحن نحتفل مع الشرطة المصرية عيدها الـ 73 التقت "صوت الأمة" مع أحد القامات الأمنية البارزة في تاريخ وزارة الداخلية المصرية، اللواء محمد إبراهيم يوسف، الذي تولى منصب وزير الداخلية في فترة دقيقة وحاسمة في تاريخ مصر الحديث، تحديداً خلال الفترة من 7 ديسمبر 2011، وحتى 4 أغسطس 2012، وطوال مسيرته المهنية، لعب اللواء محمد إبراهيم دوراً مهماً في تعزيز الأمن وحماية الاستقرار الداخلي في البلاد، لا سيما في فترة حكم جماعة الإخوان الإرهابية التي شهدت تحديات أمنية كبيرة.
في هذا الحوار، سنناقش مع اللواء محمد إبراهيم يوسف التحديات الأمنية التي واجهتها وزارة الداخلية في تلك الفترة العصيبة، وكذلك الجهود التي بُذلت لمكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن في ظل التغيرات السياسية التي شهدتها مصر، كما تناولنا أبرز المواقف التي مر بها جهاز الشرطة وكيفية تجاوبه مع الأحداث الهامة التي شكلت منعطفات كبيرة في تاريخ مصر.
بالإضافة إلى ذلك، تطرق الحوار إلى التحديات التي تواجه مصر حالياً، خاصة في ظل الحرب الإلكترونية والشائعات التي تستهدف الدولة، ودور وزارة الداخلية في إحباط هذه المخططات.
وإلى نص الحوار.
 
كنت وزيراً للداخلية بعد أحداث 25 يناير 2011، وخلال 7 أشهر من حكم جماعة الإخوان الإرهابية وبلا شك كانت فترة حرجة مليئة بالتحديات الأمنية..كيف واجهتها مصر؟ وكيف تم التعامل معها؟
لم تكن تربطني علاقة مسبقة برئيس الوزراء الأسبق الراحل الدكتور كمال الجنزوري، وفوجئت باتصال هاتفي منه في شهر نوفمبر 2011 وطلب مقابلتي في مقر المعهد القومى للتخطيط، وتوجهت في الموعد وكان يأخذ رأيي فيما حدث من انفلات أمني خلال 25 يناير، وطلب مني الاشتراك مع حكومة الإنقاذ الوطني كوزير للداخلية، وكلفني بمهمة استعادة الأمن.
بعدها التقيت بالمشير محمد حسين طنطاوي رحمة الله وقال لي نصا: «إحنا جايين في حكومة الإنقاذ دي نرمي نفسنا في النار عشان مفيش دولة، ولازم نقوم البلد تاني».
بعد التكليف، بدأت في إجراء لقاءات ميدانية في الشوارع مع المواطنين والقوات الشرطية، وسألتهم عن احتياجاتهم المطلوبة لنتمكن من توفير الأمن الذي افتقده المواطن بعد احداث الفوضى وانتشار الجرائم،  فكان لابد من توفير الدعم اللوجيستي اللازم للقوات في الشارع وتسليحهم بمعدات عالية المستوى، وأصدرت تعليمات صريحة للقوات بالتعامل الفوري مع حالات رفع السلاح في الشارع أو في وجه القوات، وتطبيق القانون بحزم في إطار حق الدفاع الشرعي. وخلال 15 يوم تمكنا من تحقيق التواجد الأمني في زمن القياسي، وبدأت الحياة تعود لطبيعتها مجددا، وشعر المواطن بالطمأنينة بتواجد الشرطة في الشوارع.
 
كيف واجهت الوزارة تهديدات جماعة الإخوان الإرهابية بأزمة الضباط الملتحين؟
بعد وصول جماعة الإخوان الإرهابية إلى حكم مصر ضغطوا على وزارة الداخلية بالضباط والأفراد الملتحين الذين حاصروا الوزارة بعد رفضي إعادتهم للعمل قبل الالتزام بلوائح العمل الأمني وحلق «اللحية»، فاستنجد هؤلاء الضباط والأفراد الملتحين بقيادات الجماعة الإرهابية وعلى رأسهم محمد البلتاجي الذى أكد لهم عودتهم للعمل رغما عن قرار وزير الداخلية، وزعم لهم إقالتي في غضون أيام، وأنه سيتولى هو منصب وزير الداخلية.
بعدها استدعاني الرئيس المعزول محمد مرسي وقال لي نصاً: «أنت مش مقتنع باللحية؟"، فكان ردى عليه: سواء كانت اللحية من السنه أو عادة، فأنا بقول أن القوانين واللوائح التي تنظم عمل جهاز الشرطة تمنع إطلاق اللحية، وحينما رفض هؤلاء الضباط والأفراد الالتزام باللوائح والقوانين وأصروا على إطلاق اللحية أصدرت قراراً بمحاكمتهم".
وماذا كان رد فعل الضباط الملتحيين وقيادات الإخوان بعد الرفض القاطع بإعادتهم للعمل والإجراءات القانونية التي اتخذت حيال ذلك؟
حينها حرك الإرهابي محمد البلتاجي مظاهرة قوامها 9000 عنصر إخواني انضم عليهم من ميدان التحرير، ووصلتنا معلومات بتحركهم لمحاصرة مقر الوزارة، وكانت هناك سابقة لهم باقتحام الوزارة في عهد وزير الداخلية الراحل منصور العيسوي لأنهم كانوا يقفوا أمام عودة الأمن بعد 25 يناير، وضد أي محاولة لتقوية جهاز الشرطة، وكانوا يتصدوا لأى محاولة لتطوير جهاز الشرطة، لأنهم كانوا يريد الفوضى تعم البلاد ولا تنتهي، لذلك قمت باستدعاء قائد الأمن المركزي والقوات وأبلغت المستشار عبد المجيد محمود النائب العام أنذاك وطلبت منه إرسال فريق من النيابة العامة لمراجعة تسليح الوزارة قبل وصول المتظاهرين، واستندنا إلى مواد القانون في التدرج في استخدام القوة دفاعاً عن مقر وزارة الداخلية،  ونجحنا في إبعادهم عن مقر الوزارة، رغم أن حصارهم للوزارة استمر لخمسة أيام، لكن القوات تصدت لهم وأجبرتهم على مغادة المكان بعدما تيقنوا أنه لا جدوى مما يفعلونه وضبطنا مجموعة كبيرة منهم.
 
حاولت الإرهابية الانتقام من وزارة الداخلية بمشروع الهيكلة واستبعاد قيادات بعينها من حركة تنقلات الشرطة .. فماذا حدث؟
بالفعل خططوا لهيكلة وزارة الداخلية وتفكيك قطاعتها، وتزعم الخطة عصام العريان ومحمد البلتاجي وصبحى صالح وأكرم الشاعر، وضغطوا على الوزارة في مجلس النواب لتفكيك قطاع الأمن المركزي وتوزيعه على المحافظات، ونقل تبعيه قطاع الأمن الوطني إلى رئاسة مجلس الوزراء، ونقل تبعية الجوازات والهجرة وقطاع الأحوال المدنية إلى رئاسة الجمهورية، وتعيين عناصر مدنية من مكتب الإرشاد بهيئة المجلس الأعلى للشرطة، ورفض المجلس الأعلى للشرطة بكامل هيئته هذه التحركات وتصدوا لهذا المشروع الشيطاني الذي كان يهدف إلى إضعاف جهاز الشرطة، لضمان عدم قدرتها على مواجهة أي انفلات أمني في الشارع.
 
ماذا عن محاولات الإخوان الإرهابية إقصاء قيادات أمنية بعينها والتدخل في حركة تنقلات الشرطة السنوية؟
لأول مره يطلب رئيس جمهورية حركة تنقلات الشرطة كاملة للعرض علية قبل إعلانها، هذا حدث من محمد مرسى، وحينما توجهت لعرضها عليه بعد إلحاح أخذها وطلب من مدير مكتبه الإخواني الهارب أحمد عبد العاطى بوضعها في الخزنة الخاصة به، وكنت أعتقد أنه سيقوم بمراجعتها أمامي وهو ما لم يحدث، بعد ذلك أتصلت به كثيراً لأخذ الحركة لإعلانها، وأفهمته أن هناك مده قانونية وفقاً لقانون الشرطة، تلزمني بإعلانها قبل 1 أغسطس، فحدد موعد وتوجهت لمقابلته في الرئاسة لاستلامها وفوجئت بمجموعة أوراق أمامه، يبدو أنه لا يعلم عنها شيئاً، لأنه كان يقرأها بصعوبة وكانت تحوي أسماء قيادات أمنية بعينها طلب خروجهم معاش، من بينهم اللواء خالد غرابة مدير أمن الإسكندرية واللواء محسن مراد مدير أمن القاهرة رحمه الله، واللواء نصر مدير أمن الشرقية، وعلمت بعد ذلك أن مكتب الإرشاد هو من أعد هذه القائمة، ورفضت هذا التصرف، وقمت بإعلان الحركة دون أي تغيير.
 
كيف تعاملتم مع تحركات الإخوان في سيناء في ظل حكم محمد مرسي؟
مرت محافظة شمال سيناء بالعديد من التحديات بعد أحداث 25 يناير 2011 كان أصعبها تنفيذ هجمات إرهابية، فضلا عن محاولة الإخوان الإرهابية بعد فوز محمد مرسي فصل سيناء عن باقي محافظات مصر وإعلانها إمارة إسلامية، وكان ذلك بالتنسيق مع عناصر أجنبية أخرى، وقامت وزارة الداخلية مع القوات المسلحة بتوجيه ضربات استباقية واستهدفناهم، وكانت أعدادهم بالألاف وضبطتنا أسلحة ثقيلة مثل الهاون وكمية من الصواريخ، وقاعدة طائرات وبنادق آلية كانت قادمة من ليبيا فى طريقها إلى سيناء.
 
من معركة الإسماعيلية إلى الحرب الإلكترونية، تواجه مصر الأن تحديات أمنية غير مسبوقة فبما تفسر ذلك؟
تمر مصر الأن بفترة في منتهى الخطورة، وما يحاك ضدها من مؤامرات الأن أخطر بكثير من مخططات هدمها في 25 يناير 2011، لأن من يقف وراء هذه المخططات مخابرات دول تسعى منذ أمد بعيد لإسقاط مصر، لأنها تعتبر عمود الخيمة للمنطقة العربية، وتصدت بالمرصاد لتصفية القضية الفلسطينية برفضها تهجير أهالي غزة إلى سيناء، واذا سقطت مصر لسقطت المنطقة بأكملها، لذلك هناك من عرض بمليارات الدولارات مقابل اسقاط مصر بأي طريقة.
شنوا حروب الجيل الرابع والخامس لتأكل الدولة من الداخل ليسهل الاستيلاء عليها واسقاطها من الخارج، مستخدمين جماعة الإخوان الإرهابية لإرباك الشرطة المصرية عن طريق نشر الفوضى والشائعات واستغلال الأزمة الاقتصادية العالمية للدعوات للتظاهر والمشكلات الفئوية، أما من الخارج أحاطوا مصر بحروب ونزاعات مسلحة في دول جوارها لتصديرها إلى الداخل المصري، وتنامى نشاط التنظيمات الإرهابية على الحدود، وكلها مخططات تنبهت لها الأجهزة المعلوماتية في مصر التي لديها من الاحترافية في رصدها والتعامل معها، فضلاً عن فطنة الرئيس عبد الفتاح السيسي وحكمته في إدارة الأزمات والمشكلات التي عصفت بمصر، والتعامل معها بتعقل، ومن خلال سياسة خارجية متوازنة دون المساس بالأمن القومي المصري.
 
هل نجحت وزارة الداخلية في مواكبة  التطورات التكنولوجية لمواجهة هذه التهديدات؟
وزارة الداخلية أصبح لها من الاحترافية التكنولوجية ما يمكنها من التعامل مع الحروب السيبرانية بالرصد المبكر لها، والتعامل معها، وأصبح هناك سرعة في الرد من وزارة الداخلية على الوقائع التي تبثها كتائب الإخوان الإلكترونية التي إما مفبركة أو قديمة أو معاد تدويرها، وأصبح هناك تدريب مستمر ومكثف للضباط والأفراد المعنيين بقطاع التكنولوجيا والمعلومات داخل وزارة الداخلية، فضلا عن استحداث الأجهزة ذات التقنية الفنية العالية. 
 
لكن ما بين حين وأخر لا يزالوا يطلقوا دعوات للتظاهر والفوضى والعنف والتخريب في البلاد؟
من يدعوا لها ويقف ورائها هم عناصر إخوانية هاربة بالخارج، وآخرين يعملوا كوكلاء لأجهزة مخابراتية بالخارج توهموا أنهم يستطيعوا تحريك الشعب المصري من خلف شاشة محمول أو كمبيوتر، لكنهم لا يدركون أن الشعب المصري أصبح لدية من الوعي والحس الوطني ما يجعله رافضاً لمثل هذه الدعوات المشبوهة، بعدما ذاقوا مرارة الفوضى والتخريب في 25 يناير 2011 وعاشوا أيام عصيبة حينما أحرق المخربون أقسام ومراكز الشرطة، واقتحموا السجون وكان كل مواطن يحمي بيته بنفسه، فلن يقبل المصريون العودة إلى هذه الأيام السوداء مره أخرى، فضلاً عن كون الإخوان الإرهابيون فقدوا قدرتهم على التأثير والحشد بعدما أثبتوا فشلهم في إدارة الدولة وإغراقها بالأزمات في أقل من عام مدة حكمهم، وكشفوا عن نيتهم السوداء ضد المصريين بانتقامهم من ثوار 30 يونيو 2013 حينما خرجوا سلميين مطالبين بعزلهم من الحكم.
 
ما هو تقييمك لدور المرأة في جهاز الشرطة؟ وكيف ترى تطور هذا الدور؟
الشرطة النسائية في مصر أثبتن جدارة في تحمل المسئولية أسوة بزملائهم الضباط، ولهن دوراً فعال في العمل الشرطي وحظين بالثقة بجهدهن الدؤوب في المشاركة في حفظن أمن الوطن، لذلك تقلدن مناصب قيادية داخل قطاعات الوزارة، وبرز دورهن في قطاع حقوق الإنسان من خلال المبادرات الإنسانية التي تطلقها وزارة الداخلية في القرى والمحافظات للتيسير على المواطنين، وتقديم الدعم لغير القادرين والمساهمة في تخفيف أثار الأزمة الاقتصادية على المواطنين بإطلاق مبادرات لخفض الأسعار.
 
أخيراً بمناسبة الاحتفالات بعيد الشرطة ما رسالتك لضباط وأفراد الداخلية؟
أتقدم بالتهنئة إلى وزير الداخلية اللواء محمود توفيق وأعضاء المجلس الأعلى للشرطة وقيادات وزارة الداخلية وضباط وأفراد الوزارة والمجندين والعاملين المدنيين، وأقدم لهم الشكر أيضاً لما يبذلوه من جهود لتوفير مناخ أمن للمصريين وللضيوف المقيمين على أرض مصر، وأقول لهم أعانكم الله في مهمتكم المقدسة.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق