اللحظة الحاسمة في سوريا.. كيف تتعامل الولايات المتحدة وبريطانيا مع تحول الأحداث بعد سقوط الأسد؟
الثلاثاء، 10 ديسمبر 2024 01:59 م
كيف ستتعامل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا مع تحول الأحداث في سوريا؟ سؤال بات مطروحاً في أغلب الصحف الأمريكية والبريطانية خاصة بعد السقوط السريع لنظام بشار الأسد.
قالت واشنطن بوست ان التركيز يجب ان ينصب الان على سؤال "ماذا بعد؟" وأشارت الى ان الطريقة التي يتعامل بها احمد الشرع المعروف باسم أبو محمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام مع الانتقال الفوري بعد سقوط الأسد، ستعطي ادلة على توجهات الفصائل.
وقالت الصحيفة الامريكية انه يجب على الجولاني الالتزام بدعم قرار مجلس الأمن 2254 الذي صدر عام 2015 والذي يدعو إلى وقف إطلاق النار، وإنشاء سلطة انتقالية تضم جميع الفصائل المتحاربة السورية باستثناء الجماعات "الإرهابية"، وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة بعد 18 شهرا.
وأشارت إلى أن الاقتصاد في سوريا أصبح حطاما، ويحتاج إلى مساعدة دولية لإعادة البناء وينبغي أن تتوقف تلك المساعدة على التزام الشرع بسوريا شاملة وتعددية.
وحول كيفية الانتقال السلس للحكم في سوريا، قالت الصحيفة يجب ألا يكون هناك عقاب شامل ضد مسؤولي النظام القديم أو الجيش، فإذا عاد الأسد ومساعدوه إلى البلاد مرة أخرى، فسيكون من المعقول تماما أن تحاسبهم الحكومة الجديدة على جرائم حكمهم الذي دام 24 عاما، لكن الجنود كانوا في الغالب مجندين، كما ستكون هناك حاجة إلى بعض موظفي الخدمة المدنية من النظام القديم لمساعدة مؤسسات الدولة الضرورية على الاستمرار في العمل.
وأضافت أن رئيس وزراء بشار الأسد السابق الذي لا يزال في منصبه عرض بالفعل "غصن زيتون"، قائلا: "نحن مستعدون للتعاون مع أي قيادة يختارها الشعب". ودعت الصحيفة الشرع وهيئة تحرير الشام إلى قبول مثل تلك العروض.
ودعت الصحيفة، الولايات المتحدة إلى المساعدة في بناء سوريا الجديدة من خلال الدبلوماسية المنخرطة ، قائلة إن ذلك يعود بفوائد لأمريكا وأوروبا والدول المجاورة بالنظر الى موقع سوريا لاستراتيجي، وأشارت إلى أن الفصائل المسلحة التي سيطرت على دمشق أعلنت أنها تريد دولة تعددية تسع الجميع
وسلط التقرير الضوء على المصالح الامريكية في سوريا التي تقتضي انخراط واشنطن، وأشارت الى وجود حوالى 900 جندي امريكي وعدد من المتعاقدين والمقاولين العسكريين في شمال شرق البلاد قرب العراق ويقاتلون داعش الإرهابي ويدعمون القوات الكردية التي تقاتل نظام الأسد الذي سقط الآن.
وأشارت الى إن نظام بشار الأسد كان يمتلك أسلحة كيميائية محظورة، استخدمها ضد الفصائل المسلحة ومعظمهم من المدنيين، وإن تأمين هذا المخزون وإبعاده عن الأيدي الخطأ هو مصدر قلق بالغ للولايات المتحدة.
وعلى جانب الإدارة، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن رفض الرئيس السوري بشار الأسد الانخراط في عملية سياسية ذات مصداقية واعتماده على الدعم الخارجي أديا إلى انهياره، وأضاف قائلا: "أصبح لدى الشعب السوري أخيرا، سبب للأمل"، واكد دعم واشنطن بقوة للانتقال السلمي للسلطة الى "حكومة سورية مسؤولة من خلال عملية شاملة تحت قيادة سورية"
وتابع بيان بلينكن: " خلال هذه الفترة الانتقالية، يحق للشعب السوري أن يطالب بالحفاظ على مؤسسات الدولة، واستئناف الخدمات الأساسية، وحماية المجتمعات الضعيفة"، ودعا جميع الأطراف إلى "احترام" حقوق الإنسان، واتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لحماية المدنيين، واحترام القانون الإنساني الدولي.
من جانبه قال الرئيس الأمريكى جو بايدن، إن سقوط نظام بشار الأسد لحظة تاريخية تحمل فرصة كبيرة للشعب السوري لكنها أيضا تنطوي على مخاطر وحالة من عدم اليقين وأكد بايدن أن الولايات المتحدة ستعمل مع "جميع المجموعات السورية" فى إطار الأمم المتحدة لضمان انتقال سياسى بعد سقوط نظام بشار الأسد.
وأشار بايدن إلى أن نظام الأسد امتنع عن الانخراط فى عملية سياسية جدية وواصل ارتكاب الجرائم ضد شعبه وقال إن بلاده لن تعطى فرصة لتنظيم داعش لبناء قدراته، ولن تسمح بتحول سوريا لملاذ آمن لها"، وأضاف: "سنعمل على حماية قواتنا فى سوريا ومواصلة مهمتنا ضد تنظيم الدولة".
في سياق متصل، يتابع العالم بقلق تطورات ما يحدث فى سوريا، وتداعياته المتوقعة، فبعد 13 عاما على اندلاع الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد، سقط النظام خلال 11 يوما فقط، ولكن مع تسارع الأحداث التى شهدت هروب الأسد من البلاد، يصعب التكهن بما قد يحدث فى المستقبل القريب.
وتحت عنوان " لماذا قد تجلب المنعطفات القادمة فى سوريا أهوالاً أعظم من الأسد"، ألقت صحيفة "تليجراف" البريطانية الضوء على تداعيات ما يحدث فى سوريا، وقالت أن عجلة التاريخ تتحول مرة أخرى فى الشرق الأوسط، وليس للمرة الأولى فى الأشهر الأربعة عشر المضطربة منذ هجوم السابع من أكتوبر من العام الماضى.
على مدى الأيام والأسابيع المقبلة، سوف يعاد رسم المشهد الجيوسياسى فى الشرق الأوسط بشكل أكبر مع تحول السلطة فى سوريا من الأقلية العلوية التى ينتمى إليها الأسد، وهى فرع شيعى، إلى الأغلبية العربية السنية فى البلاد.
واعتبرت الصحيفة أن كل من إيران الشيعية وروسيا ستخسران أهم عميل عربى لهما. أن روسيا، التى ساعدت قصفها الجوى الوحشى الأسد على استعادة المدن التى سيطر عليها المتمردون، تبدو على وشك خسارة قاعدتها البحرية فى طرطوس وقاعدتها الجوية فى حميميم إلى الشمال، مما يحرم فلاديمير بوتين من موطئ قدم فى شرق البحر الأبيض المتوسط.
ومن ناحية أخرى، أصبحت إيران أكثر ضعفا. فقد أدى العمل العسكرى الإسرائيلى إلى تفريغ حلفائها غير الحكوميين الأكثر أهمية، حزب الله فى لبنان وحماس فى غزة.
وقالت الصحيفة أن سقوط نظام الأسد، الذى لم تستطع إيران أن تفعل الكثير لمنعه، يترك طهران محرومة من أهم دولة عميلة لها، والتى عملت كجسر برى حيوى بين إيران ولبنان من خلاله يمكنها إعادة تسليح وإعادة إمداد حزب الله.
واعتبرت الصحيفة أن حجم الكارثة واضح جدا فى إيران. وقال محمد على أبطحى، نائب الرئيس السابق، أن سقوط الأسد كان "أحد أهم الأحداث فى تاريخ الشرق الأوسط".
وأضاف أن شبكة وكلاء إيران فى جميع أنحاء الشرق الأوسط ستُترك بدون دعم، محذرًا من أن "إسرائيل ستصبح القوة المهيمنة".
وقال مظلوم عبدى، قائد قوات سوريا الديمقراطية، وهى جماعة مسلحة يقودها الأكراد وتدعمها الولايات المتحدة: "نحن نعيش لحظات تاريخية حيث نشهد سقوط النظام الاستبدادى فى دمشق. يقدم هذا التغيير فرصة لبناء سوريا جديدة قائمة على الديمقراطية والعدالة التى تضمن حقوق جميع السوريين".
وذهبت الصحيفة إلى أن هذا التفاؤل ربما يثبت أنه فى محله. ومع ذلك، فهو أيضًا تذكير بأن فصائل البلاد ستسعى إلى تأمين مكان لها فى سوريا الجديدة - وأنها لا تزال تحمل أسلحتها إذا لم تحصل على ما تريد.
ونظرًا لأنه من غير المرجح أن تكون هناك يد رادعة من إدارة ترامب القادمة، فقد تكون الجماعات المسلحة الساخطة أكثر جرأة على العمل.
فى تعليقه على الأحداث فى سوريا هذا الأسبوع، أوضح دونالد ترامب أنه يرغب فى البقاء بعيدًا عن المعركة عندما يتولى السلطة فى يناير، قائلاً: "هذه ليست معركتنا. "دع الأمور تسير كما هى. لا تتدخل".
بعبارة أخرى، ربما انتهت الثورة التى استمرت 13 عامًا ضد بشار الأسد. ولكن الحرب الأهلية فى سوريا ربما لم تنته بعد.