مصر تجني ثمارها.. 212 مليون خدمة طبية قدمتها المبادرات الرئاسية خلال 6 سنوات
الأحد، 17 نوفمبر 2024 11:18 ص
طفرة غير مسبوقة في المنظومة الصحية حققتها مصر خلال السنوات القليلة الماضية ، مع إطلاق حزمة من المبادرات الصحية العاجلة، بدأت بمبادرة القضاء على فيروس سي، وتلتها مجموعة كبيرة من المبادرات التي اهتمت بكل الفئات العمرية في كل أنحاء الجمهورية، لتحسين جودة الخدمات الصحية للمواطن المصري والوصول إلى الرعاية الطبية المتكاملة كركن أساسي للتنمية والوصول إلى رؤية مصر 2030.
212 مليون خدمة طبية قدمتها المبادرات الرئاسية خلال 6 سنوات
شملت حزمة المبادرات الرئاسية، التي تم إطلاقها، تحت شعار "100 مليون صحة"، (مبادرة الكشف المبكر وعلاج فيروس سي، دعم صحة المرأة، العناية بصحة الأم والجنين، الكشف المبكر وعلاج الأورام السرطانية، الكشف المبكر وعلاج ضعف وفقدان السمع للأطفال حديثي الولادة، فحص وعلاج الأمراض المزمنة والكشف المبكر عن الاعتلال الكلوي، فحص المقبلين على الزواج، الكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم، الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية، الرعاية المستمرة لكبار السن، دعم الصحة النفسية "صحتك سعادة"، علاج أطفال مرضى الضمور العضلي الشوكي، الكشف المبكر عن سرطان الكبد وعلاج سرطان الكبد الأولي، الكشف المبكر عن فيروس سي لطلاب المدارس).
ونجحت المبادرات باعتمادها على تقديم خدمات الكشف المبكر والتوعية، وكذلك العلاج المجاني للحالات المكتشفة، على تقديم 212 مليون و878 ألف خدمة طبية، استفاد منها 94 مليون مواطن من كافة الفئات العمرية منذ مرحلة المهد وحتى الشيخوخة، خلال 6 سنوات، وذلك منذ بداية باكورتها في أكتوبر عام 2018 تحت شعار "100 مليون صحة .
مصرخالية من فيروس سى
كانت المبادرات الرئاسية، كلمة السر في حصول مصر على الفئة الذهبية من منظمة الصحة العالمية لجهودها الرائدة في القضاء على فيروس التهاب الكبد الوبائي "سي"، كأول دولة في العالم، مما مثل تتويجًا للجهود المصرية والاستراتيجيات المبتكرة، وعلامة بارزة في مجال الصحة العالمية.
انطلقت رحلة الإنجاز، مع إطلاق المبادرة الرئاسية، «100 مليون صحة»، وبدء أكبر مسح صحي للكشف عن المرض وعلاجه بالمجان، والنجاح في فحص أكثر من 60 مليون مواطن، وعلاج أكثر من 4.1 ملايين مريض من فيروس سى، ومثَّلت العلاجات المضادة للفيروسات ذات المفعول المباشر المُصنَّعة محليًّا عاملًا رئيسيًا في النجاح الملحوظ الذي حققته الحملة، إذ بلغ معدل الشفاء من التهاب الكبد C، بين الأشخاص الذين تلقوا العلاج، نسبة 99%.
وتضمنت خطة القضاء على فيروس سي من خلال مبادرة «100 مليون صحة»، توفير العلاج ومستلزمات الفحص مجانًا في 170 مركزًا لعلاج الفيروسات الكبدية، على مستوى جميع محافظات الجمهورية، حتى نجحت المبادرة بالعلاج المكثف للمرضى المصابين، في الوصول إلى معدلات إصابة أقل من المعدلات العالمية من مرضى الفيروس، حيث انخفضت النسبة إلى 0.38% عام 2022.
ولم تتوقف جهود الدولة مع انخفاض المعدلات إلى هذا الحد، إذ تم إطلاق امتداد لمبادرة القضاء على فيروس سي، بمبادرة تكميلية تستهدف علاج المرضى الذين أصيبوا بتليف الكبد من خلال 76 مركزًا لمتابعة المرضى وعلاجهم، وإطلاق مبادرة للكشف عن فيروس سي وعلاجه لدى طلاب المدارس في المرحلتين الإعدادية والابتدائية، لضمان مستقبل آمن للأجيال القادمة.
خبراء العالم يشيدون بتجربة مصر في القضاء على الفيروس
قال الدكتور تيدروس أدهانوم جبريسيوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية: "إن المَسيرة التي قطعتها مصر، من بلد يملك أحد أعلى معدلات العدوى بالتهاب الكبد C في العالم إلى بلد حقَّق مسار القضاء على المرض في أقل من 10 سنوات"، هي مسيرة مذهلة، وهذا أقل ما توصف به. لقد قدمت مصر للعالم نموذجًا يُحتذى به فيما يمكن تحقيقه عند الأخذ بأحدث الأدوات، وتوفير الالتزام السياسي على أعلى المستويات باستخدام تلك الأدوات للوقاية من العدوى وإنقاذ الأرواح، مشيرا إلى أن نجاح مصر يبثَّ في نفوسنا الأمل والحافز للقضاء على التهاب الكبد C في كل مكان.
ومن جانبها، قالت ممثلة منظمة الصحة العالمية في مصر، الدكتورة نعيمة القصير السابقة: "يغمرني شعور بالفخر والسعادة وأنا أعيش هذه اللحظة التاريخية التي شهدت الاعتراف بمصر دوليًّا، بوصفها أول بلد يحرز هذا التقدم الملحوظ نحو القضاء على المرض"، ولقد كنتُ شاهدة على الجهود الاستثنائية التي بذلتها وزارة الصحة والسكان خلال العقد الماضي للقضاء على هذا التهديد المُحدِق بالصحة العامة. وكانت الوزارة مدفوعة في مساعيها بأعلى مستوى من الالتزام السياسي وبروح التضامن، والإنصاف، والشمول لتقديم الخدمات إلى كل شخص يعيش على أرض مصر، دون أي تمييز، إعمالًا لحق من حقوق الإنسان العالمية.
حصول مصر على شهادة خلوها من الملاريا
جاء منح منظمة الصحة العالمية، مصر شهادة خلوها من الملاريا، إنجازًا تاريخيًا ووطنيًا كبيرًا، يتوج جهود الدولة في القضاء على آفة قديمة، بعد 100 عام من مكافحة المرض، إذ تعد مصر البلد الثالث في إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط الذي يحصل على الإشهاد على خلوه من الملاريا.
وتمنح المنظمة شهادة القضاء على الملاريا لكل بلد يثبت أن سلسلة انتقال الملاريا محليا عن طريق بعوض الأنوفيليس قد توقفت في جميع أنحاء البلد لمدة لا تقل عن 3 سنوات متتالية، ويجب على البلد أيضًا أن يثبت قدرته على منع عودة انتقال العدوى.
وقال الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية وزير الصحة والسكان، "إن حصول مصر على شهادة القضاء على الملاريا اليوم ليس نهاية الرحلة بل بداية مرحلة جديدة، يجب علينا الآن أن نعمل بلا كلل ويقظة للحفاظ على إنجازنا من خلال الحفاظ على أعلى معايير الترصد والتشخيص والعلاج، والإدارة المتكاملة للنواقل واستدامة استجابتنا الفعالة والسريعة للحالات الوافدة، وستكون جهودنا المستمرة مع كافة الشركاء المعنيين حاسمة للحفاظ على مصر الخالية من الملاريا.
وأضاف قائلًا: "أؤكد من جديد أننا سنواصل عملنا بعزم وإرادة قوية للحفاظ على صحة الجميع في مصر بتوجيهات القيادة الرشيدة والمضي قدما في تعزيز نظم الرعاية الصحية، والتي ستظل حجر الأساس في حماية حياة وصحة الجميع ممن يعيشون على أرض مصر بالإضافة إلى الوافدين".
من جانبه، قال الدكتور تيدروس أدهانوم جبريسيوس مدير عام منظمة الصحة العالمية: "الملاريا قديمة قدم الحضارة المصرية نفسها، ولكن هذا المرض الذي ابتلى به الفراعنة بات الآن من ماضي مصر لا مستقبلها".
وأضاف قائلًا: "الإشهاد على خلو مصر من الملاريا نجاح تاريخى حقًا، وشهادة على التزام شعب وحكومة مصر بالتخلص من هذه الآفة القديمة، أهنئ مصر على هذا الإنجاز، الذى يعد مصدر إلهام للبلدان الأخرى في الإقليم، ويظهر ما يمكن تحقيقه بتسخير الموارد المناسبة والأدوات المناسبة".
تعود جذور الملاريا في مصر إلى سنة 4000 قبل الميلاد، استنادا إلى الأدلة الوراثية التي عثر عليها والتي تثبت الإصابة بهذا المرض في مومياء توت عنخ آمون ومومياوات مصرية قديمة أخرى.
وقد بدأت جهود مبكرة للحد من الاختلاط بين البشر والبعوض في مصر في عشرينيات القرن الماضي عندما حظر البلد زراعة الأرز والمحاصيل الزراعية قرب المنازل، ولما كان معظم سكان مصر يعيشون على طول ضفاف نهر النيل وبالنظر إلى انتشار الملاريا بنسبة وصلت إلى 40%، فقد صنف البلد في عام 1930 الملاريا في عداد الأمراض التي يجب الإبلاغ عنه وافتتح في وقت لاحق أول مركز لمكافحة الملاريا يركز على التشخيص والعلاج والترصد.
وقالت الدكتورة حنان بلخي، المديرة الإقليمية لشرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية: "لقد أثبتت مصر أنه يمكننا أن نتغلب على أكبر التحديات كلما تحلينا ببعد النظر والتفاني والوحدة، وهذا النجاح في القضاء على الملاريا ليس مجرد انتصار للصحة العامة فحسب، بل هو بادرة أمل للعالم أجمع، ولاسيما للبلدان الأخرى الموبوءة بالمرض في إقليمنا، وقد جاء هذا الإنجاز نتيجة استثمارات في الترصد المستدام والمتين في نظام صحي قوي ومتكامل، حيث مكنت المشاركة المجتمعية والشراكات من إحراز التقدم، وإضافة إلى ذلك، يظل التعاون مع البلدان التي يتوطنها المرض، مثل السودان، ودعمها أولوية".
وبحلول عام 1942، ارتفعت حالات الملاريا في مصر إلى أكثر من 3 ملايين حالة إصابة نتيجة لنزوح السكان في الحرب العالمية الثانية، وتعطل الإمدادات والخدمات الطبية، وغزو بعوض الأنوفيليس، وهو ناقل للبعوض عالي الكفاءة، من بين عوامل أخرى، ونجحت مصر في السيطرة على فاشية الملاريا من خلال إنشاء 16 قسما علاجيا وتوظيف أكثر من 4000 عامل صحي.
وشكل سد أسوان، الذي اكتمل بناؤه في عام 1969، خطرا جديدا للملاريا في البلد، حيث هيأت المياه الراكدة مرتعاً خصباً للبعوض، وأطلقت مصر، بالتعاون مع السودان، مشروعا صارما لمكافحة النواقل ومراقبة الصحة العامة للكشف السريع عن فاشيات الملاريا والاستجابة لها.
وبحلول عام 2001، أُحكمت السيطرة على الملاريا ووضعت وزارة الصحة والسكان نصب عينيها منع عودة انتقال الملاريا محليا، وتمكنت مصر بسرعة من احتواء فاشية صغيرة لحالات ملاريا فى محافظة أسوان فى عام 2014 من خلال التحديد المبكر للحالات، والعلاج الفورى، ومكافحة النواقل، وتثقيف الجمهور.
ويتاح تشخيص الملاريا وعلاجها مجانًا لجميع السكان فى مصر بغض النظر عن وضعهم، ويقدم التدريب للمهنيين الصحيين فى جميع أنحاء مصر للكشف عن حالات الملاريا وفحصها بما فى ذلك على الحدود، وقد أسهمت شراكة مصر القوية عبر الحدود مع البلدان المجاورة، ومنها السودان، إسهاما أساسيا فى منع عودة انتقال الملاريا محليا، وهو ما مهد الطريق لحصول البلد رسميا على الإشهاد على خلوه من الملاريا.