رئيس وزارء ماليزيا يوضح دور الازهر فى الإصلاح والتجديد

الأحد، 10 نوفمبر 2024 04:07 م
رئيس وزارء ماليزيا يوضح دور الازهر فى الإصلاح والتجديد
منال القاضي

قال الدكتور داتو سيري أنور إبراهيم، رئيس وزارء ماليزيا، إن إقبال عن التجديد والإصلاح، وتعزيز الجهود التعاونية، والبقاء منفتحين على التقدم ومع ذلك، يجب علينا أيضا، أن تستفيد بعمق من التعاليم الخالدة لإيماننا، والتي توفر بوصلة أخلاقية ترشدنا نحو مجتمع متوازن ومتناغم، متجذر في العدالة والرحمة والوحدة.
جاء ذلك خلال محاضرة عامة ألقاها رئيس وزراء ماليزيا، بعنوان «معا أقوي: رؤية للأمة الإسلامية من خلال التمكين التكنولوجي ‏والاجتماعي والاقتصادي»، بمركز الأزهر للمؤتمرات بمدينة ‏نصر، بحضور الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، والدكتور سلامة داوود، رئيس ‏جامعة الأزهر، وعدد من الوزراء ورجال الأعمال والطلاب الماليزيين، ‏ولفيف من قيادات الأزهر والقيادات السياسية والدبلوماسية.
وتابع رئيس وزراء ماليزيا: في عصرنا هذا، تساعد مقاصد الشريعة على معالجة القضايا العالمية الملحة من الفقر وعدم المساواة إلى الأضرار البيئية، وعندما نقوم بتضمين هذه المبادئ في مؤسساتنا، فإنها تضمن أن الحكم والأنظمة الاجتماعية والسياسات الاقتصادية، تخدم الصالح الجماعي وليس المكاسب الفردية، ومن خلال ترسيخ قراراتنا في هذه الأهداف العليا، فإننا نبني مجتمعا تكون فيه الرحمة والإنصاف والنزاهة في قلب كل عمل، مما يحمي حقوق وكرامة كل فرد
ورفاهية الأجيال القادمة.
 
واستكمل: القيادة ليست امتيازاء بل مسؤولية التكليف والتصريف يجب أن تقابل بالتواضع والحكمة والالتزام الصادق تجاه الناس إن الحكم في الإسلام يتجاوز
الهياكل السياسية ويصبح واجبا أخلاقيا، حيث يكون القادة مسؤولين ليس فقط أمام شعوبهم ولكن أمام الله، هذا النموذج من القيادة متجذر في الخدمة والعدالة والرحمة، وهو تقليد يجسده النبي محمد صلى الله عليه وسلم بنفسه، إن أحد التحديات الأكثر انتشارًا التي نواجهها اليوم هو الإسلاموفوبيا، وهذا التحيز يشوه الإسلام، ويدفع أتباعه إلى الصور النمطية الضارة التي تغذي الشكوك والعداء تجاه المسلمين في جميع أنحاء العالم، إن إستمرار كراهية الإسلام يعكس جهلاً عميقاً يحجب المساهمات الغنية والمتنوعة للحضارة الإسلامية، ومثل هذه المشاعر تفشل في الاعتراف بالمساهمات التي قدمها الإسلام للحضارة العالمية من التقدم في الطب والرياضيات إلى الحفاظ على المعرفة الكلاسيكية.
 
وقال: يجب أن يكون ردنا على الإسلاموفوبيا متجذرا لمواجهة الجهل بالمعرفة والحكمة والرحمة والفهم، ويذكرنا الله في القرآن ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبَيْنَهُ عَدَاوَةً كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ )) فصلت (34)، مما يشجعنا على الرد على العداوة بالصبر واللطف والحكمة، إن التراث الفكري والأخلاقي للإسلام يقف شاهدا على الدور البناء الذي لعبه المسلمون في تقدم المعرفة الإنسانية وتعزيز السلام، ومن خلال المبادرات الاستباقية والتبادل بين الثقافات، يمكننا كسر الصور النمطية الضارة واستبدالها بتقدير حقيقي لمساهمات الإسلام في مجتمع عادل وسلمي، وبالصمود والحكمة، يمكننا إنشاء مجتمع أكثر شمولاً، حيث يتعايش المسلمون وغير المسلمين على حد سواء بكرامة وإحترام متبادل، أما اليوم فقد أصبحت الفجوة صارخة، والعواقب ملحة، وتحتل عشر دول ذات أغلبية مسلمة فقط مرتبة في فئة مؤشر التنمية البشرية المرتفع، وهو الرقم الذي لم يتحسن إلا بالكاد خلال أكثر من عقد ونصف من الزمن، ومع أن متوسط الإستثمار في البحث والتطوير لا يتجاوز 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي، فإن البلدان ذات ا الأغلبية المسلمة أقل كثيراً من المتوسط العالمي الذي يبلغ 1.78%، ويعني هذا النقص فرصا ضائعة وإمكانات غير مستغلة ونقصا مقلقا في الاستعداد للمستقبل، ومع ذلك، في غياب الاستثمار الحاسم والمستدام في تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، فإننا نخاطر بالتخلف عن الركب، ومن الضروري تعزيز تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات منذ السنوات الأولى، وزيادة الإستثمار في البحث والتطوير بشكل كبير، وإعطاء الأولوية للمجالات التحويلية مثل التكنولوجيا الحيوية، والعلوم الكيميائية، وتكنولوجيا المعلومات، وتمثل هذه القطاعات أهمية بالغة ليس فقط للنمو الاقتصادي، بل أيضا المعالجة القضايا الملحة - من أزمات الرعاية الصحية إلى التدهور البيني - التي لا يمكنها انتظار حلول الغد، ويطرح الإقتصاد الرقمي تحديا ملحا آخر. ومع تزايد الترابط بين العالم، يتعين على العالم الإسلامي أن يعطي الأولوية للإستثمارات في الأمن السيبراني والبنية التحتية الرقمية، ومهارات تكنولوجيا المعلومات والإتصالات ويتعين علينا أن نعمل على إنشاء أطر قوية للأمن السيبراني، وبناء بنى تحتية رقمية مرنة، والتأكد من إستعداد الجيل القادم للإبحار وتشكيل المشهد الرقمي سريع التطور.
 
وتابع: على نفس القدر من الأهمية هناك الحاجة إلى تعاون واسع النطاق وعبر الحدود الوطنية في مجال العلوم إن المشاريع المشتركة في وعلم الفلك، وعلوم البحار، والحوسبة عالية الأداء ليست من الكماليات، بل. هي من الضروريات تتيح، هذه المشاريع الطموحة لدولنا الفرصة لتطوير أحدث التقنيات، وتحسين الأمن الاقتصادي، وإظهار قوة الأمة الموحدة، استكشاف الفضاء غالباً ما يتم تصوير العالم الإسلامي على أنه مجتمع محفوف بالخلاف والإنقسام. وهذا بالطبع تبسيط مبالغ فيه ورغم استمرار التحديات، يجب علينا أيضا أن نعترف بالخطوات الإيجابية التي تم تحقيقها في الأونة الأخيرة، وهذا أمر يجب علينا جميعا أن نشيد به و نشجعه، ويؤكد هذا التقدم على قوة الدبلوماسية والحوار في سد أعمق الانقسامات وتذكرنا، هذه التطورات الأخيرة أنه حتى القضايا الأطول أمداً يمكن أن تخضع للدبلوماسية والصبر والرؤية المشتركة للتعايش. مهما بدت الخلافات مستعصية على الحل، إن أي حرمان من التعليم وغيره من الحقوق الأساسية للمرأة هو أمر غير إسلامي وأمر مقيت المشاركة لا تعني محو إختلافاتنا، وعندما تتحدث عن وحدة المسلمين، فإننا لا نعني التماثل، ولا نتصور عالما تتحرك فيه جميع الدول الإسلامية في إنسجام تام، ومع وجود ما يقرب من ملياري شخص في مناطق مختلفة، فإن توقع إتفاق كامل بشأن كل قضية ليس أمرا واقعيا ولا مرغوبا فيه، إن الرؤية الواقعية للوحدة تعني إيجاد أرضية مشتركة حول القضايا الأساسية والعمل جنبا إلى جنب - إحترام إختلافاتنا مع السعي نحو تحقيق الأهداف المشتركة.
 
واختتم قائلا: كما هو الحال مع الأسرة، حيث قد يحمل أفرادها وجهات نظر مختلفة ولكنهم يظلون مرتبطين بالحب والمسؤولية المشتركة، فإن قوة الأمة تكمن في تنوعها، إن وحدتنا متجذرة في الالتزام الجماعي بالسلام والعدالة والرخاء للجميع، دعونا نبني على النجاحات الأخيرة لتجاوز التحديات التي نواجهها
وتشكيل مستقبل أكثر توحيدا وإشراقا للعالم الإسلامي، الله يهدينا ويقوينا ويلهمنا للقيام بدورنا كوكلاء للعلم والعدالة والسلام، دعونا نسعى معا لجعل هذه الرؤية حقيقة لأنفسنا، والمجتمعاتنا، وللأجيال القادمة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق