«البحوث الإسلامية» يختتم فعاليات (أسبوع الدعوة) بأسيوط تحت عنوان: (الدِّين والعِلم.. عَلاقة طردية أم عكسية؟)
الأربعاء، 06 نوفمبر 2024 03:52 ممنال القاضي
اختتمت اللَّجنة العُليا للدعوة بمجمع البحوث الإسلامية، اليوم الأربعاء، نشاطَها الدَّعوي بمحافظة أسيوط، الذي استهدف شباب جامعة أسيوط ومساجدها؛ وعقد برعاية من فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب - شيخ الأزهر، وإشراف فضيلة وكيل الأزهر ،ورئيس جامعة أسيوط، والأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية.
حاضر في اللقاء الأخير للأسبوع الدكتور رشوان أبو زيد، أستاذ الحديث وعلومه بكليَّة الدراسات الإسلامية بسوهاج، الدكتور حسن يحيى، الأمين العام للَّجنة العُليا للدعوة بالأزهر، وذلك تحت عنوان: (الدِّين والعِلم.. علاقة طرديَّة أم عكسيَّة؟).
وقال الدكتور حسن يحيى: إنَّ فريقًا من الناس جعل العِلم في صدام مع الدِّين، والناظر بعين الإنصاف يجد أن عقيدة التوحيد لا تتعارض مع عقيد العِلم، فالعِلمُ بكلِّ ما وصل إليه مِن تقدُّم، يؤكِّد في النهاية حقيقةَ وجود الله -تعالى- وقدرته في خَلْقه، ولا عجب أن نجد أنَّ أول ما نزل من القرآن الكريم هو كلمة {اقرأ}، وبهذه الكلمة نجد أنَّ الخطاب الإلهي جاء آمرًا الإنسانَ أن يقرأ ويقرأ باسم الله، وأن يطَّلع ويتعلَّم، بل وساعد طالبي العِلم والبحث والاطِّلاع، فقال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ}، وغيرها من الآيات التي أكَّدت أنَّ العِلم والدِّين يسيران في طريق واحد، موضِّحًا أنَّه ما مِن شيء مِن خَلْق الله -من أرضٍ وسماواتٍ وحقائقَ كونيةٍ سَعَى إلى معرفتها العلم- إلَّا ولفت القرآنُ النَّاسَ إلى معرفتها، ففي معرفتها دليلٌ على وجود الله الخالِق.
وأكَّد الأمين العام للَّجنة العُليا أنَّ مَن قال: إنَّ المجتمع ينبغي أن يكفر ليتعلم، أو يتعلم فيكفر، فرأيه رأي مريض، لافتًا إلى أنَّ سبب ارتداد الحضارات هو أنها فرَّطت في الدِّين، وأي حضارة فصلت الدِّين عن العِلم كانت في زوال؛ لذا تُعدُّ حضارتنا الإسلامية خير شاهد، فبقاؤها خيرُ دليلٍ على رَبْط الدِّين بالعِلم، وتأكيدًا أنَّ العَلاقة بين الدِّين والعِلم عَلاقةٌ تكامليةٌ لا تعارض بينهما.
من جانبه، أوضح الدكتور رشوان أبو زيد أنَّ العِلم عِلمٌ إلهيٌّ وعِلمٌ تجريبيٌّ، فالعِلمُ الإلهيُّ هو الذي علَّمه الله لعباده عن طريق الوحي، والعِلمُ التجريبيُّ البشريُّ هو العِلمُ الذي جاءت نتائجه عن الطريق العقل البشري، وبعض الناس حين يسمع كلمة (العِلم) ينصرف ذهنه إلى العِلم الغربي التجريبي، مشيرًا إلى أنَّ للعِلم أنماطًا عدَّة، ومنها: العِلم الذى ذكره القرآن الكريم في قصَّة سيدنا سليمان وعرش بلقيس، وذلك الرجل الذي أتى بعرش بلقيس قبل أن يرتدَّ طرفُ نبيِّ الله سليمان، متسائلًا: أي نمط من أنماط العِلم كان عند هذا الرجل؟
كما تساءل رشوان: هل العِلم التجريبي الغربي في مرتبة واحدة أو عدة مراتب؟ مجيبًا أنَّ العِلم التجريبي ليس له مستوًى واحدٌ من المعرفة، بل إنه قابلٌ بشكلٍ واضحٍ للتغيُّر والتطوُّر، فما كان يعرفه البشر مِن مِئَة سنة تغيَّر اليوم، وما نعرفه اليوم سيتغيَّر بعد مِئَة سنة، لافتًا إلى أنَّ العقل الذي يمنح الفرضيات لهذه التجارِب هو عقل بشري، والعقل البشري غير كامل، ونتائج العِلم التجريبي ظنِّية، وليست المعرفة الناتجة عنها هي أكمل المعارف، أمَّا عِلم الدِّين فهو عِلمٌ منزل من عند الله؛ ولذا نجد أن العِلم البشري هو عِلمٌ يريد تعرُّفَ عِلم الله، وعِلمُ الدِّين هو وحي إلهي يعرِّف الناس بالله؛ إذًا فلا تناقض ولا اختلاف، وإن حدث اختلاف بين عالِم الدِّين والعالِم التجريبي، فإنَّ الخطأ يكمُن في عدم فَهم النَّصِّ لعالِم الدِّين، أو خطأ في النتائج عند العالِم التجريبي، وهذا أمر طبيعي.
وجاءت لقاءات (أسبوع الدعوة الإسلامي) التي استمرت على مدار أسبوع في رحاب جامعة ومساجد أسيوط، في إطار مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية (بداية جديدة لبناء الإنسان)، و استهدفت إعداد خريطة فكريَّة تتناول بناء الإنسان من جميع جوانبه الفِكرية والعَقَديَّة والاجتماعيَّة، وترسيخ منظومة القِيَم والأخلاق والمُثُل العُليا في المجتمع، وذلك بمشاركة نخبة من علماء الأزهر الشَّريف.