شهدت الأونة الأخيرة تحسن سعر الصرف فى البنوك المصرية واستقراره أمام الدولار بعد الإجراءات الأخيرة التى اتخذتها الدولة من أجل السيطرة على فوضي السوق السوداء، وحددت سعر صرف الدولار فى الاقتصاد المصرى بما ساهم فى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة وزيادة معدلات تحويلات المصريين بالخارج، بما يدعم استقرار سعر الدولار حيث يدور خلال الشهور الماضية فى نطاق سعر بين 46 و49.5 جنيه للدولار.
وساهم استقرار سعر الصرف فى إن صافى الاحتياطيات الأجنبية سجل 46.94 مليار دولار بنهاية شهر أكتوبر 2024 ، مقارنة بنحو 46.74 مليار دولار بنهاية شهر سبتمبر 2024 بارتفاع قدره نحو 200 مليون دولار.
كما ساهم نجاح خطة تحقيق استقرار سعر صرف الدولار إلى انتظام تحويلات المصريين في الخارج، من خلال مبادرات الحكومة والبنك المركزي لتحفيز المصريين في الخارج، مثل مبادرة "بيت الوطن" والتي حققت نجاحا كبيرا، وفي هذا الصدد تم التأكيد على استمرار التدفق النقدي بالدولار إلى شرايين القطاع المصرفي على مدار السنوات المقبلة، ممثلا فى قيمة أقساط أراضي "بيت الوطن"، حيث يعد وجود سعر صرف واحد، أهم شيء بالنسبة للمصريين في الخارج وهو ما نجح البنك المركزي بالفعل في تحقيقه بالتعاون مع الحكومة وأجهزتها المختلفة.
وتستورد مصر بما يعادل متوسط 7 مليارات دولار شهريًا من السلع والمنتجات من الخارج، بإجمالى سنوى يقدر بأكثر من 70 مليار دولار، وبالتالى فإن المتوسط الحالى لـ الاحتياطى من النقد الأجنبى يغطى نحو 8 أشهر من الواردات السلعية لمصر، وهى أعلى من المتوسط العالمى البالغ نحو 3 أشهر من الورادات السلعية لمصر، بما يؤمن احتياجات مصر من السلع الأساسية والاستراتيجية.
وتراجع الدين الخارجي لمصر ليسجل 153 مليار دولار بانخفاض قدره نحو 15 مليار دولار ويعد هذا الانخفاض الأكبر حجما فى تاريخ المديونية الخارجية على الاطلاق، بما يؤكد قدرة مصر على سداد الديون الخارجية فى مواعيد محددة خاصة مع الظروف الاقتصادية العالمية المعقدة والتوترات الجيوسياسية الحالية شديدة التعقيد التى تعانى منها منطقة الشرق الأوسط.
وقد ساهم استقرار سعر الصرف فى مساعدة التجار ورجال الاعمال على استيراد المنتجات بشكل كبير مما ساهم فى توفيرها بالأسواق المصرية وبالتالي زيادة المعروض وعودة الأسعار إلى حقيقتها وتراجع التضخم.
وجاءت مراجعات صندوق النقد الدولى لتؤكد على تحسن الاقتصاد المصرى والتزامه بتنفيذ ملاحظات خبراء الصندوق وأظهر تقرير المراجعة تقدمًا إيجابيًّا على أصعدة عدة، كان على رأسها استمرار تباطؤ معدل التضخم فى مصر ليتراجع على أساس سنوى من ذروته عند 38٪ فى سبتمبر2023 إلى 28.1٪ فى مايو، وهو أدنى مستوى منذ يناير الماضى.
المراجعة لفتت أيضًا إلى التزام الحكومة بسياسة مالية حذرة وتخفيض النفقات، ما أدى إلى تسجيل الفائض الأولى للموازنة العامة ارتفاعًا ملحوظًا فى الأشهر العشرة الأولى من 2023/2024 ليصل إلى 2.0٪ من إجمالى الناتج المحلى. وتواصل السلطات عملها لتحقيق ضبط مالى من خلال زيادة الإيرادات الضريبية بنسبة 3٪ من إجمالى الناتج المحلى، وتقديم حزمة من إصلاحات ضريبة القيمة المضافة إلى البرلمان بحلول نهاية نوفمبر.