تشهد الساحة السياسية الأمريكية تصاعدًا في استخدام النزاعات الدولية كأدوات انتخابية، ومن أبرز هذه النزاعات حرب غزة التي أصبحت سلاحًا انتخابيًا مؤثرًا في السباق الرئاسي بين كامالا هاريس ودونالد ترامب، يلعب هذا الصراع دورًا حاسمًا في تشكيل مواقف المرشحين وجذب الناخبين الذين يهتمون بالشؤون الخارجية والأمن القومي.
كامالا هاريس، كنائبة للرئيس الحالي، اتخذت مواقف حذرة تجاه حرب غزة، ودعت إلى وقف فوري لإطلاق النار وبدأت في التوسط لجهود السلام بين الأطراف المتنازعة، وركزت على أهمية الحلول الدبلوماسية ودعم حقوق الإنسان، مما أكسبها تأييد الناخبين الذين يفضلون النهج الدبلوماسي في التعامل مع الصراعات الدولية.
على الجانب الآخر، يتبنى دونالد ترامب موقفًا قويًا تجاه إسرائيل، مؤكدًا على دعم الولايات المتحدة الثابتة للعدو التقليدي لإسرائيل، ودعا إلى تعزيز التحالفات الأمنية وتقديم الدعم العسكري لإسرائيل، مما جعله يحظى بدعمًا واسعًا من الفصائل المحافظة والناخبين الذين يرون في إسرائيل حليفًا استراتيجيًا هامًا.
تعتبر حرب غزة قضية حساسة تؤثر على الناخبين المهتمين بالشؤون الخارجية والأمن القومي، فاستخدام هذه الحرب كسلاح انتخابي يسمح للمرشحين بإبراز اختلافاتهم في السياسات الخارجية، مما يساعدهم على جذب شرائح معينة من الناخبين بناءً على مواقفهم تجاه الصراع.
يمكن لحرب غزة أن تؤثر أيضًا على السياسة الداخلية من خلال إبراز قضايا مثل الهجرة، حقوق الإنسان، والسياسات الأمنية، على سبيل المثال، قد يستخدم ترامب الحرب لتأكيد ضرورة تعزيز الدفاعات الداخلية ومواجهة التهديدات الأمنية، بينما قد تستخدم هاريس الحرب للتركيز على أهمية الدبلوماسية وحقوق الإنسان.
ويستغل كل من هاريس وترامب حرب غزة لتوجيه رسائل انتخابية موجهة تستهدف قاعدتيهما الانتخابيتين، هاريس تركز على الحاجة إلى حلول سلمية وإنسانية، بينما يركز ترامب على الدعم القوي للحلفاء التقليديين وتعزيز القوة العسكرية.
وعلى جانب آخر ألقت صحيفة «تليجراف البريطانية» الصوء على نائبة الرئيس الأمريكي، والمرشحة الديمقراطية لانتخابات أمريكا 2024 للحفاظ على التوازن الصعب بين الدعم التقليدي لإسرائيل والاحتفاظ بأصوات الأمريكيين المسلمين، في تقرير بعنوان «دموع التماسيح والإبادة الجماعية: كيف تهدد حرب غزة فرص كامالا هاريس في البيت الأبيض».
حيث مثلت قضية غزة إحدى القضايا الرئيسية فى انتخابات هذا العام لاسيما مع سعى كلا من هاريس والمرشح الجمهورى دونالد ترامب لجذب أصوات الأمريكيين العرب والمسلمين فى ولاية ميشيجان المتأرجحة الرئيسية.
ولفتت الصحيفة إلى أن الملف الفلسطيني كان فى صدارة القضايا التي واجه بها الناخبون هاريس، ففي أغسطس ، عندما كانت تسير على خشبة المسرح وسط تصفيق حار في المؤتمر الوطني الديمقراطي، كان المتظاهرون في الخارج يهتفون "فلسطين حرة!".. ورفعوا حينها لافتات تدعوها إلى "إنهاء الإبادة الجماعية" و"تحرير فلسطين". وكان البعض يقول ببساطة: "اتركوا هاريس 24".
وقالت الصحيفة إن الحرب في غزة أثارت غضب أعداد كبيرة من الناخبين التقدميين الذين يمكن الاعتماد عليهم عادة لدعم مرشح ديمقراطي. وتوقعت أن دعم هاريس لإسرائيل من الممكن أن يكلفها غاليا في انتخابات يوم الثلاثاء.
وفي كلمتها أمام حشد من المؤيدين في شيكاغو، وصفت هاريس الخسائر "المدمرة" التي تكبدها المدنيون الفلسطينيون بسبب الحرب، وأعلنت دعمها "لحقهم في الكرامة والأمن والحرية وتقرير المصير".
وكان الخطاب مصمما ليكون إشارة خفية إلى أنها تهتم بالفلسطينيين أكثر من جو بايدن، الذي يعد صديقا لإسرائيل منذ فترة طويلة وقد زود البلاد بالذخائر والغطاء الدبلوماسي.
ولكن بعد مرور أكثر من شهرين، بات من الواضح أن بعض الناخبين المؤيدين للفلسطينيين لم يمنحوها تأييدهم بعد.
ومع اقتراب يوم الاقتراع، تشعر حملة هاريس بقلق بالغ إزاء مجموعتين من الناخبين: الأمريكيين العرب والليبراليين الشباب.
ويزعم كثيرون من هذه الفئات الديموغرافية أن هاريس ينبغي لها أن تفرض على الفور حظرا على الأسلحة على إسرائيل، وتنهي أكثر من عام من الدعم "الصارم" من جانب الولايات المتحدة، وتدعو إلى الاعتراف الفوري بالدولة الفلسطينية.