الحكومة تفتح أبوابها وتنصت للمثقفين

«مدبولى» يضع يديه على نقاط القوة والضعف لحكومته بالاستماع لآراء النخبة والقامات الفكرية

السبت، 02 نوفمبر 2024 01:04 م
«مدبولى» يضع يديه على نقاط القوة والضعف لحكومته بالاستماع لآراء النخبة والقامات الفكرية

رئيس الوزراء: منفتحون على جميع الأفكار والانتقادات.. ومستعد لاستقبال أى رأى لتعزيز الثقة 

 

«منفتحون على جميع الآراء والمقترحات والأفكار، بل والانتقادات أيضا، ويهمنى الإنصات لكل ما تطرحونه، بما يسهم فى تحقيق المصلحة العامة للدولة المصرية».. رسالة مهمة بعث بها الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، إلى النخبة والقامات الفكرية المصرية والخبراء المتخصصين فى مختلف المجالات، بعدما استكمل الأسبوع الماضى، لقاءاته التخصصية، التى شملت شقين، سياسى لمناقشة القضايا المثارة على الساحتين الداخلية والخارجية، بحضور الدكتور على الدين هلال، المفكر السياسى الكبير، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والدكتور محمد كمال، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، مدير برنامج العلاقات الدولية بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، والسفير محمد توفيق، الكاتب والمفكر السياسى، سفير مصر الأسبق لدى واشنطن، واقتصاديا مع الدكتور زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء الأسبق، المفكر الاقتصادى والسياسى الكبير.

وقبل شهر تقريبا، التقى «مدبولى» مجموعة من المفكرين والمثقفين: الدكتور أحمد درويش، الدكتور أسامة الغزالى حرب، الكاتب محمد سلماوى، الدكتور جمال عبدالجواد، الدكتور محمد كمال، الدكتور مصطفى الفقى، الدكتور حسام بدراوى، الدكتور أحمد زايد، الدكتور سعيد المصرى، الكاتب الصحفى حسن المستكاوى، الدكتورة نيفين مسعد، الدكتورة نورهان الشيخ، الدكتور عبدالفتاح الجبالى، الدكتورة عالية المهدى، الدكتور أحمد غنيم، والدكتور هشام إبراهيم.

وأكد مدبولى، اهتمامه البالغ بهذه اللقاءات، وحرصه على دورية عقد هذه الجلسة التخصصية حول الملف السياسى مرة على الأقل كل شهر، نظرا لأهمية البعد السياسى خلال المرحلة الراهنة.

وفى لقائه مع الثلاثى «هلال وكمال وتوفيق»، تناول «مدبولى» بالنقاش عددا من المحاور ذات الصلة بالسياسة الخارجية، والأوضاع الداخلية، مثل الانتخابات الأمريكية وانعكاساتها على منطقة الشرق الأوسط، والأوضاع الإقليمية وتداعيات الصراع فى المنطقة، إلى جانب مختلف الأبعاد فى الدائرة المحلية.

وطرح الثلاثى «هلال وكمال وتوفيق» عددا من الرؤى حول العديد من القضايا الإقليمية والعالمية، وتأثيراتها على المنطقة ومصر، ومحددات التحرك المصرى تجاه تلك القضايا، ومن ذلك انتخابات الرئاسة الأمريكية وتبعاتها على اتجاهات السياسة الخارجية الأمريكية، وفرص تأثير نتائج تلك الانتخابات المرتقبة على تهدئة الصراع المحتدم فى منطقة الشرق الأوسط، ووضع حد لاتساع دائرته إقليميا، كما تم تناول الفرص الواعدة لتعزيز العلاقات الثنائية بين مصر والعديد من بلدان العالم، وفق أولوية تراعى المصالح الوطنية لمصر، وفى إطار يخدم جوانب النمو الاقتصادى والتنمية التى تستهدفها، وكذا توجهات التعاون فى مجالات التعليم والبحث العلمى، وتسليط الضوء على عدد من مكامن القوة الناعمة المصرية، ومساحات التقارب مع البلدان المختلفة.

وفيما يرتبط بمحور الأوضاع الإقليمية، تطرق المفكرون السياسيون إلى عدد من السيناريوهات المتوقعة لمسار الصراع فى العديد من النقاط المشتعلة فى الدائرة الإقليمية، وفى مقدمتها قطاع غزة، ولبنان، والسودان، مع التأكيد على كون مصر حجر الزاوية لكل مساعى تنسيق المواقف إقليميا وعالميا، وضرورة إبراز المواقف المصرية المشرفة تجاه التعامل مع القضايا الإقليمية، إلى جانب طرح العديد من المشكلات الإقليمية الأخرى التى تفرض تأثيراتها على مصر، مثل أمن البحر الأحمر، إلى جانب ملف المياه بالغ الأهمية، كما تطرقوا إلى الملفات الداخلية، حيث طرحوا العديد من الآراء حول عدة ملفات، مثل الانتخابات البرلمانية المرتقبة، والمحليات، وشرائح المجتمع المختلفة، والأجانب فى مصر، وغيرها، كما أكدوا أهمية التحرك الميدانى لرئيس الوزراء، والمسئولين، فى الوقوف على حقيقة المشكلات، وكذا انتظام عقد المؤتمرات الصحفية فى الرد على شواغل الرأى العام، إلى جانب أهمية مثل هذه اللقاءات الفكرية فى توليد الرؤى والأفكار التى يفيد بعضها الحكومة، مع الإشادة بالإعلان عنها إعلاميا، كما اقترحوا عقد لقاءات مع عدة قطاعات، مثل أساتذة الجامعات، والنقابات المهنية، وكذا النخب المحلية بالمحافظات فى ضوء خصوصية القضايا المرتبطة بكل محافظة.

وخلال لقائه مع الدكتور زياد بهاء الدين، أكد «مدبولى» حرصه الشديد على الاستفادة مما تتضمنه مقالات «بهاء الدين» من أفكار وأطروحات تسلط الأضواء على عدد من الموضوعات السياسية والملفات الاقتصادية، بما يسهم فى تحقيق المصلحة العامة للدولة المصرية.

وأكد الدكتور زياد بهاء الدين، أن اللقاء أتاح الفرصة لطرح الأفكار والآراء التى يمكن أن تفيد فى تحليل الأوضاع الحالية للاقتصاد المصرى، من خلال عدة زوايا مختلفة، لافتا إلى أن الدولة المصرية تخطت الأزمة الاقتصادية الأخيرة بفضل ثلاثة عوامل، هى صفقة رأس الحكمة، ودعم صندوق النقد الدولى، والتعاون مع الاتحاد الأوروبى ووصوله إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، مشيرا إلى أن المواطنين أصبح لديهم حاليا تفاؤل فى مستقبل أفضل، نظرا لوجود عدة مؤشرات أسهمت فى ذلك، منها التشكيل الحكومى الحالى الذى يضم عددا من الشخصيات المبشرة، موضحا أنه يتابع أداء عدد من الوزراء الذين لديهم بالفعل أفكار مهمة.

كما لفت «بهاء الدين» إلى نقطة مهمة تتمثل فى أن إعادة الثقة مع المستثمرين هو أمر غاية فى الأهمية، مشيرا إلى أن هناك بعض المقترحات والأفكار من بينها ما يتعلق بوثيقة سياسة ملكية الدولة، وقال: نصيحتى أن يكون هناك إصدار ثان منها، للبدء فى منطلقات مختلفة، وتكون الوثيقة بها سياسة واضحة، على أن يرتبط بها جدول محدد يوضح إجراءات تخارج الدولة من الاقتصاد، وقدم اقتراحا آخر يتعلق بالرسوم التى يتم فرضها على المستثمرين، معبرا عن اعتقاده بأن الحكومة اتخذت مسارا بذلك، وهناك قرار بعدم فرض أى رسوم جديدة على المستثمرين دون موافقة مجلس الوزراء، لافتا إلى عدد من الرسوم التى يتم فرضها على المستثمرين، خاصة ما يخص التوسع فى النشاط، ومنها النشاط الصناعى، مؤكدا أهمية تتبع تلك الرسوم، وما يتم حيالها من إجراءات وإعلان ذلك، كما أشار إلى أنه تم عقد اجتماع مع وزير المالية، بشأن حزمة التحفيزات الضريبية التى أعلنت الحكومة عنها، وهو أمر مهم للغاية.

وخلال اللقاء، دارت مناقشات حول الآليات المثلى التى يتعين اتباعها لتحقيق مزيد من الثقة بين الدولة والقطاع الخاص، وأكد الدكتور مصطفى مدبولى، أنه على مدار الفترات الماضية قابل الكثير من المستثمرين العالميين فى القطاعات المختلفة، حيث أعربوا عن إعجابهم الشديد بالتجربة التنموية الراهنة للدولة المصرية، مقارنة بما كانت عليه البلاد قبل 20 عاما، موضحا أن الأمر مختلف بالنسبة للقطاع الخاص المحلى، فيبدو أن هناك حاجة لمزيد من الإجراءات لبناء المزيد من الثقة، رغم كل ما تم اتخاذه من إجراءات على مدار الفترات الماضية، فيما يتعلق بحزم الحوافز المختلفة لتشجيع القطاع الخاص فى معظم القطاعات، وتنفيذ ما جاء فى وثيقة سياسة ملكية الدولة من دعم كبير للقطاع الخاص، وتحديد سياسات واضحة تحقق الحياد التنافسى.

وشدد مدبولى، على استعداده لاستقبال أى آراء وأفكار من شأنها تعزيز الثقة بين الدولة والقطاع الخاص.

وأكد الدكتور زياد بهاء الدين، أنه لا أحد ينكر أن هناك أشياء كثيرة تغيرت، فيما يتعلق بما تتخذه الحكومة المصرية من إجراءات وخطوات مهمة لتشجيع مناخ الاستثمار، لكن ليس بالضرورة أن تظهر آثار هذه الإجراءات الآن، فمن المعروف أن يستغرق الأمر بعض الوقت لكى نرى نتائج هذه الإجراءات، وقال إن الدولة المصرية ركزت على عدد من الأمور المهمة التى تهم المستثمرين فى الخارج، مشيرا إلى أن المستثمرين العالميين ينظرون لعدد من النقاط، أبرزها الاستقرار السياسى، ومدى قدرة دولة ما على الوفاء بديونها، فالكثير من هؤلاء المستثمرين يضخون استثمارات فى أدوات الدين مثل السندات، ويعنيهم كثيرا ألا ينخفض تصنيف هذه السندات حفاظا على أموالهم، والحكومة نجحت بالفعل فى إيصال رسالة مهمة مفادها أن الدولة قادرة على سداد التزاماتها رغم كل التحديات التى تواجهها، كما أكد ضرورة أن يكون هناك حرص على تنفيذ ما يتم رسمه من سياسات اقتصادية، وألا يقتصر الأمر فقط على مجرد الكلام أو النظريات، مشيرا إلى أن المستثمرين العالميين يرغبون فى رؤية أطر محددة للعمل فى قطاعات بعينها مثل الاستثمار فى قطاع الصحة، وبشكل خاص فى بناء المستشفيات، وهناك معايير محددة فى هذا السياق يجب أن يتأكدوا من وجودها قبل أن يبدأوا العمل، والأمر كذلك ينطبق على قطاعات أخرى مثل التعليم.

ورد مدبولى، على ما طرحه «زياد بهاء الدين»، بتأكيده أن أُطر العمل بالفعل موجودة وهناك شراكات مهمة تم عقدها مع مؤسسات طبية عالمية، مشيرا إلى أنه منفتح كذلك لأى مناقشات من شأنها تيسير العمل فى هذه المجالات المحورية بالنسبة للدولة المصرية.

وقبل شهر التقى «مدبولى» عددا من القامات الفكرية والثقافية، بحضور الدكتور بدر عبدالعاطى، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، وأكد حرصه على الاستماع إلى مختلف الآراء والتوجهات من جانب القامات الفكرية الكبيرة بما يسهم فى تحديد مسار تحرك الدولة خلال الفترة القادمة فى العديد من القضايا، ويحقق مصلحة الدولة المصرية، وقال: «نعيش حالة ومرحلة فارقة استثنائية، لم تشهدها المنطقة والعالم منذ عقود طويلة، من سرعة الأحداث وسرعة التغيير والمستجدات التى تحدث على الساحة السياسية فى المنطقة»، مشيرا إلى أن هذه الأحداث فوق طاقة الجميع، وأن الفترة بين اجتماع أسبوعى وآخر، هناك كم كبير جدا من الأحداث والفعاليات التى قد تغير أهداف واستراتيجيات وتوجهات العالم بأكمله، وفى ظل هذه التغيرات والأحداث السريعة جدا لا أعتقد أن الحكومات الموجودة الآن لديها رفاهية وضع تصور للمستقبل القريب، مؤكدا حرص الحكومة مع كل هذه التطورات والتبعات التى تحدث هو ضمان تقديم كل الخدمات الأساسية والمتطلبات المعيشية للمواطن المصرى بأقل قدر من الأعباء والتبعات فى ظل حجم التحديات التى نواجهها.

وأكد الدكتور مصطفى مدبولى، أن الأهم هو الاستقرار الداخلى وهذا لن يتأتى إلا من خلال مواطن واع بحجم المخاطر التى تهدد الدولة المصرية والأجندات والأفكار والرؤى التى قد تضعها بعض القوى الخارجية لإعادة ترتيب المنطقة، ونحن كدولة مصرية كيف نحافظ على أمننا القومى واستقرار الدولة المصرية فى مواجهة هذه الأفكار، وقال: كل هذه تحديات أعتقد أنه من المهم لمواجهتها يجب أن يتلقى المواطن المعلومة الصحيحة، وعلى الأقل تناقش أمامه كل التحديات الموجودة وتأثيراتها على الدولة المصرية، بدلا من استقاء هذه المعلومات من مصادر أو مواقع هى ضد استقرار هذه الدولة، مؤكدا دور القامات الفكرية فى المساعدة فى العمل على استقرار وبقاء ونمو وتقدم الدولة، وأن الحكومة المصرية حريصة لمعرفة الرأى والرأى الآخر فى إطار الصالح العام للدولة للاستفادة منه فى هذه الفترة غير المسبوقة، والتعرف على التوجه الذى يجب أن تسلكه الدولة فى هذه الفترة، فى ظل الأوضاع شديدة الصعوبة.

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق