التحول إلى الدعم النقدي يتصدر أولويات القوى السياسية والتنسيقية تطالب بتدقيق قاعدة البيانات

الأحد، 20 أكتوبر 2024 01:20 م
التحول إلى الدعم النقدي يتصدر أولويات القوى السياسية والتنسيقية تطالب بتدقيق قاعدة البيانات
هانم التمساح

تعد مسألة التحول إلى الدعم النقدي من أهم القضايا التي تتبناها الحكومة، باعتبارها قضية مجتمعية تستهدف ضمان وصول الدعم لمستحقيه،  ويستعد الحوار الوطني لإطلاق جلساته لمناقشة هذا الملف من جميع الجوانب بمشاركة القوى السياسية والمجتمعية، وأجرت الأمانة الفنية للحوار الوطني وفى محاولة لتبسيط القضية على المواطن، ما أطلقت عليه التحليل الرباعي للدعم العيني أو السلعي، برصد نقاط القوة والضعف والتهديدات والفرص التي تتعلق بعملية التحول، وأصدرت تقريرا بنتائج التحليل.
 
وأشار التقرير إلى أن التحول إلى الدعم النقدي يسهم في توفير السلع الأساسية بشكل مباشر، فضلا عن إشراك مؤسسات المجتمع المدني في توزيع الدعم .
 و تطرق التقرير  للحديث عن  مجموعة من نقاط الضعف والتي يأتي من بينها تسرب الدعم لغير مستحقيه، ومن ثم لا يصل الدعم الغذائي إلى مستحقيه من الفئات الأكثر احتياجا، كما يواجه هذا النظام مجموعة من التهديدات تتمثل في زيادة الأسعار العالمية أو نقص في الموارد قد يؤثر سلبا على هذا النظام، كذلك الهدر المستمر للسلع أثناء التوزيع، وارتفاع معدلات الفساد .
 
وأصدرت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين مقترحا بشأن التحول للدعم النقدى انتهى إلى إصدار عدد من الحلول والبدائل التى تساهم فى إنجاح المنظومة الجديدة من بينها إعادة تعريف وتحديد فلسفة واضحة لسياسات الحماية الاجتماعية بشكل عام فى برنامج الحكومة الحالى، ومستهدفات برامج الدعم المتنوعة مع التركيز على استهداف التمكين ومكافحة الفقر، على أن يتم اتباع التطبيقات العلمية فيما يخص برامج الدعم النقدى . 
 
 
وأكدت التنسيقية على ضرورة تدقيق قاعدة البيانات الحالية للدعم، من خلال التنسيق الفورى مع الجهات المعنية قبل تنفيذ المنظومة المقترحة، للوقوف على أسباب قصور قاعدة البيانات الحالية، وما يواجهها من تحديات، مع توحيدها وتنسيقها وإدماج كل قواعد البيانات الجزئية والفرعية مع القاعدة الرئيسية، على أن تكون جهة واحدة مسؤولة عن إدارة هذا الموضوع، كوزارة التموين، علمًا بأن عملية تنقية البيانات لا بد وأن تكون دورية «3 شهور» لأنها عملية ديناميكية، وليست ثابتة تتم لمرة واحدة، فضلا عن ضم كل الجهات المعنية بما لا يسمح بأى قصور أو عقبات قد تظهر نتيجة عدم ضم جهة بعينها فى بداية المشروع .
 
 
 بدورها عقدت أمانة الهيئة البرلمانية للحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى ورشة عمل انتهت إلى عدد من التوصيات على رأسها التأكيد على أن الدعم النقدى له العديد من المميزات على مستوى تحسين مستويات الاستهداف وتقليل الهدر، لكن فى ذات السياق فإن التخلى عن الدعم العينى للسلع الاستراتيجية خصوصا الخبز على المدى القصير والمتوسط له مخاطر عديدة، لذا يمكن التحول التدريجى للدعم النقدى لبعض السلع والخدمات بشرط توفر البنية التحتية التى تكفل وصول الدعم النقدى بسهولة لمستحقيه على المدى المتوسط 
 
 
 و أوصت الورشة بضرورة مراجعة طريقة حساب سلة السلع المرتبطة بحساب التضخم، من حيث اختيار السلع المرتبطة بالمائدة المصرية، بما يساهم فى دقة تحديد حجم الدعم المستحق، والبدء فى الاستهداف الجزئى لبعض الفئات فى منظومة الدعم النقدي، للسيدات الحوامل أو كبار السن على سبيل المثال، كجزء من التجارب التطبيقية قبل التحول الكامل 
 
 
 ودعت التنسيقية إلى إصدار كارت للمواطن يتم إيداع قيمة الدعم النقدى فيه ليتم الاستهلاك عبر منافذ وسلاسل البيع، فضلا عن استحداث آلية لتقدير نسبة الزيادة السنوية فى قيمة الدعم النقدى وفقًا لمؤشر خاص بالسلع السبع الأساسية تبعا لتكلفة إنتاج السلع والتغير فى معدل التضخم حتى نحافظ على القوة الشرائية للمواطن لتلبية احتياجاته من السلع الأساسية 
 
 
وشددت التنسيقية على ضرورة تقنين الدعم النقدى بوضع إطار تشريعى لمنظومة الضمان الاجتماعى والذى يقر بأحقية المواطنين الواقعين فى براثن الفقر والفئات الأكثر هشاشة وضعفا فى تلقى تحويلات نقدية مشروطة وغير مشروطة يتيح تقديم مجموعة من برامج الدعم النقدى على حسب الفئات المستهدفة، على أن يتم التدرج التطبيقى لمنظومة التحول للدعم النقدى 
 
 
كذلك بحث تطبيق تجربة الدخل الأساسي الشامل  بشكل جزئي، وهى تجربة مختلفة من الدعم طبقتها بعض الدول النامية الشبيهة للحالة المصرية مثل الهند وجنوب أفريقيا بأشكال مختلفة، لذا من الممكن أن يتم تطبيق هذه التجربة بشكل جزئي على بعض الفئات، مثل كبار السن ، وسكان الريف، بما يساهم في تقليل معدلات الهجرة إلى المدن من ناحية، وربط ذلك بزيادة الإنتاج الزراعي، والتزام الطلاب في الحضور بالمدارس، وغيرها من الشروط الصحية والتعليمية التى تربط ما بينها وبين الحصول على الدعم النقدي فى صورة دخل أساسي شامل.
 
وانتهت توصيات التنسيقية إلى سرعة التحول فى المدى المتوسط لاقتصاد أقل نقدًا، وذلك عبر تحديث تطبيقات الدفع الرقمى، لإلغاء بعض العملات الورقية فى المستقبل وتقليل حجم ورق البنكنوت المتبادل، ويساهم مثل هذا الأمر فى مزيد من إمكانية تتبع نمط الاستهلاك للمواطنين، وبالتالى تحسين مستويات الاستهداف فى برامج الدعم عبر القدرة على متابعة حجم الإنفاق وتوزيعه بشكل أكثر دقة، ما يضمن حوكمة حقيقية لبرامج الدعم 
 
 
وشددت التوصيات على ضرورة ربط معدلات الدعم النقدى بالحد الأدنى للفقر على المستوى الوطنى، وحساب مبلغ الدعم بشكل مختلف للمستحقين عبر معادلة إنفاق تأخذ فى الاعتبار تباين مستويات الفقر بين المستحقين، دون التسبب فى حالة من التضخم الحلزونى عبر زيادة الدعم النقدى بنفس نسبة زيادة معدلات التضخم من خلال طباعة البنكنوت، فضلا عن تحديد مستهدفات واضحة لبرامج الدعم، وتنقية قواعد البيانات المستهدفة قبل المضى فى أى سياسة جديدة 
 
 
كما قدم حزب الجيل الديمقراطى رؤيته إلى إدارة الحوار الوطنى، والتى أكد خلالها دعم الدولة والحكومة المصرية فى كل ما يساهم فى تخفيف العبء عن الموازنة المصرية ويخفض العجز إلا أن مصلحة المواطن والحفاظ على معدلات دخله الحقيقى وليس النقدى تعتبر خط فاصلا فى هذا الدعم، مشيرا إلى أن مقترح التحول إلى منظومة الدعم النقدى أمر محمود ولكن لا بد من تحين الوقت وتمهيد الأمر باستقرار البيئة الاقتصادية، لا سيما السيطرة على معدلات الارتفاع فى الأسعار الناتجة عن اضطرابات أسعار الصرف وارتفاع التكاليف لإنتاج السلع هو أمر أساسى قبل البدء فى التحول إلى المنظومة المقترحة  
 
 
 و شدد حزب الجيل على ضرورة التأكد من أن المبالغ المقررة لمن سيتم إدراجهم على قوائم المستفيدين ستكون بها المساحة التى تسمح لهم بمواجهة التغيرات الطبيعية فى الأسعار التى أقرها البنك المركزى المصرى فى سياسته النقدية «فى حدود من ٧% الى ٩%» وأن أى تغيرات أكثر من ذلك سيتم التعامل معها إما برفع المقررات النقدية للدعم أو بالتحرك لضبط الأسواق من خلال آليات رقابية 
 
 
أيضا من واقع العديد من الدراسات والتجارب التى تمت بخصوص التحول إلى الدعم النقدى فى دول أمريكا اللاتينية والهند فإن نجاح المنظومة كان مرهونا بقدرة الدولة على السيطرة على الأسعار للسلع المدرجة والمقدمة لمستحقى الدعم والسيطرة على تغيرات الأسعار بها فى ظل بيئة اقتصادية مستقرة 
 
   من ناحيته يرى الدكتور مصطفى أبوزيد، مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن الحكومات تسعى إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية من خلال تطبيق سياسة الدعم، وهو إعادة توزيع الدخل لصالح الفقراء، بشرط توافر أمرين رئيسيين وهما الاختيار الدقيق للسلع التى سيتم دعمها ونظام محكم لتوزيع السلع المدعمة، لضمان وصوله لمستحقيه من الفئات الأشد فقرا.
 
 وقال أن التحول إلى الدعم النقدى خطوة مهمة باعتباره نظاما عادلا لمحدودى الدخل، فضلا عن قدرته على تحقيق العدالة الاجتماعية بين شرائح المجتمع إلى جانب أن الدعم النقدى يمنع تسرب الدعم إلى غير المستحقين لأنه يوجه مباشرة للمواطن، بالإضافة إلى أنه يتيح مساحة أوسع للاختيار بين العديد من السلع والمنتجات، بدلا من التقييد بمجموعة محددة من السلع الأساسية، وبالتالى زيادة حرية الاختيار فى السلع المستهلكة وفقا لاحتياجاته وأولويات انفاقه 
 
وأكد أن الدعم النقدى يسهم فى ترشيد الاستهلاك نظرا لتغيير السلوك الاستهلاكى للفرد والمساهمة فى تراجع عجز الموازنة العامة والاستفادة الكاملة من كامل مخصصات الدعم بالموازنة العامة للدولة 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق