الدعم النقدي يحمي المستحقين.. خبراء يؤكدون أهمية التحول في المنظومة ويعتبرونها خطورة ضرورية

السبت، 12 أكتوبر 2024 01:11 م
الدعم النقدي يحمي المستحقين.. خبراء يؤكدون أهمية التحول في المنظومة ويعتبرونها خطورة ضرورية
أمل غريب

قضت الحكومة سنوات عدة، فى المفاضلة بين أيهما أفضل "الدعم النقدى أم العينى"، حتى وصلنا اليوم إلى مرحلة لوضع آلية مساندة حقيقية لـ "محدودى الدخل"، خاصة في ظل التطور الذي طرأ على المجتمع واختلاف متطلبات الحياة يوما بعد الأخر، ما جعل الحكومة تتجه نحو التفكير الجدي فى التحول إلى الدعم النقدى، الذى سيقضي على الفساد الذى شاب منظومة الدعم العينى، والحد من التجاوزات المرتبطة بتوزيع السلع، وكذلك تقليل الضغط على الموازنة العامة للدولة، من أجل ضمان وصول الدعم إلى مستحقيه والفئات الأولى بالرعاية، وتعزيز برامج الحماية الاجتماعية.
 
وأصبحت قضية التحول من الدعم العيني إلى النقدي، تحدي جديد يواجه الحكومة والدولة، من أجل ضمان حياة كريمة للأسر الأولى بالرعاية ووصول الدعم إلى مستحقية، وهو ما دفع مجلس أمناء الحوار الوطنى، لتوجيه الدعوة إلى كافة الخبراء والمتخصصين والمعنيين والمؤسسات التنفيذية والمجتمعية، ومختلف القوى السياسية والأهلية والنقابيّة والشبابية، للبدء في مناقشة الترتيبات الخاصة بجلسات الدعم العينى والنقدي، يوم 30 سبتمبر الماضي، فى ظل التغيرات الاقتصادية الراهنة، وكذلك فتح باب تلقي المقترحات من جميع المهتمين بهذا الشأن، من أجل الخروج بتوصيات حقيقية وقابلة للتنفيذ.
 
وفى جلسة الحوار الوطنى السابقة، قرر مجلس الأمناء استمرار الأمانة الفنية في تلقي الاقتراحات حتى الخميس الماضى، 10 أكتوبر الجارى، على أن تُعِد الأمانة تحليلاً تفصيليًا لما وصلها، حيث يتم عرضه على مجلس الأمناء والمقرر العام والمقرر العام المساعد للمحور الاقتصادي، مع عقد أسبوع من الجلسات العامة العلنية لمناقشة مختلف جوانب قضية الدعم، يشارك فيها مختلف القوى السياسية والأهلية والنقابيّة والشبابية، على أن تتضمن محاور رئيسية، وهى البيانات الرسمية حول منظومة الدعم في مصر، تحديد مستحقي الدعم ومتطلباتهم (الفئات المستهدفة)، مزايا وعيوب الدعم العيني والنقدي، آليات وضمانات وصول الدعم لمستحقيه، بالإضافة إلى عقد أسبوع من الجلسات المتخصصة يحضرها جميع المعنيين من خبراء ومتخصصين وجهات سياسية ومؤسسات تنفيذية ومجتمعية، ويراعى فيها التمثيل الكامل والمتوازن لكل مدارس الفكر والعمل في مصر، وذلك لبلورة التوجهات والتوصيات التي تم التعبير عنها في الجلسات العامة، ثم عقد جلسات للصياغة النهائية للتوصيات الصادرة عن جلسات الحوار الوطني، وبعدها عرض التوصيات المُصاغة سابقاً على مجلس الأمناء لإقرارها ورفعها إلى رئيس الجمهورية.
 
وأكد الحوار الوطنى إنه لضمان تحقيق الحماية الاجتماعية، ووصول الدعم لمستحقيه، يولي الحوار الوطني اهتماماً كبيراً بقضية الدعم، التي أحالها له الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، إيمانا بدور الحوار الذي يستهدف ضمان المشاركة المجتمعية والسياسية والاقتصادية الواسعة في المناقشات؛ كون قضية الدعم قضيةً مجتمعية تهم أكثر من ٧٠ مليون مصري.
 
وظهر أن هناك شبه إجماع بين المتخصصين ورجال الاقتصاد، بأن التحول إلى الدعم النقدي هو الأفضل بالنسبة للمواطن، وحماية للمستحقين الحقيقيين، بل بات خطوة ضرورية، لما له من أبعاد اجتماعية واقتصادية.
 
ويرى الدكتور جودة عبد الخالق، عضو مجلس أمناء الحوار الوطنى ووزير التضامن الاجتماعى الأسبق، أن الدعم العينى يحمل الدولة عبئاً كبيراً، منذ زمن بعيد، فيما يعتمد الدعم النقدى على أن تقدم الدولة والحكومة مبالغ مالية مباشرة، للفئات الأولى بالرعاية والأكثر احتياجا، مشددا على ضرورة إجراء الحكومة "حصر دقيق" بالمستحقين، والبحث عن موارد بديلة لتمويل هذا الدعم، خاصة أن دعم السلع التموينية لا يتسبب في عجز الموازنة العامة للدولة، فقط هو يمثل أقل من 3.5% من إجمالي المصروفات، بالتزامن مع ضرورة مراجعة سياسات الدعم الموجودة حاليا، من أجل ضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها، وفي الوقت ذاته بات هناك حاجة ملحة لاتخاذ خطوات عملية وسريعة لمكافحة الغلاء والجشع وضبط الأسعار، كونها إجراءات من شأنها دعم محدودى الدخل.
 
من جهته أكد خالد نور الدين عضو مجلس إدارة الشعبة العامة للمستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية ورئيس لجنة سلامة الغذاء، أهمية ضمان وصول الدعم إلى مستحقيه، وإن الدولة عازمة على توصيل دعم حقيقي للمواطنين مع ضرورة الرقابة على الأسواق لوصول الدعم إلي مستحقيه، وشدد على أهمية تحقيق العدالة في توزيع الدعم، حيث إن هذا الأمر يمثل أولوية أساسية للاستقرار والدعم الاجتماعي للمواطنين خاصة رغيف الخبز، مشيرا إلى أنه قبل تطبيق الدعم النقدي يجب وضع آليات صارمة للرقابة على السوق.
 
وأوضح خالد نور الدين، أن المنظومة التموينية بحاجة إلى نظام متكامل يضمن عدم استغلال الدعم، ويضمن أن تصل المساعدات إلى الفئات الأكثر احتياجًا وعدم إهمال أي شخص من الفئات المستحقة، مشيراً إلى أهمية عمل آليات فعالة لرصد الأسعار وضمان الشفافية في عمليات توزيع الدعم، حتى تلك الخطوة في المساهمة في تعزيز الثقة بين الحكومة والمواطنين، مؤكدا على ضرورة تحقيق التوازن بين دعم الفئات المستحقة والحفاظ على استقرار السوق بعد تطبيق الدعم النقدي حتى لا تفلت الأسعار.
 
ويرى الدكتور كريم العمدة، الخبير الاقتصادي، أن فكرة الدعم العيني هي وسيلة قديمة، وأصبحت عديمة الفائدة ولا تستخدمها أغلب دول العالم في دعم مواطنيها، بينما اتجهت الأنظمة الاقتصادية الدولية إلى تقديم الدعم النقدي، ما يستدعي إعادة نظر الحكومة مرة أخرى، ومراجعة هيكلة سبل الدعم التي تقدمها، من أجل إيصال الدعم إلى مستحقيه وإعطاء الأسر احتياجًا دعم نقدي بدلا من العيني، مما يتيح لهم فرصة لشراء السلع والمنتجات التي يحتاجونها من السوق، خاصة أن فرص الفساد وأشكاله باتت واضحة أمام الجميع سواء الحكومة أو المواطنين، ونسبته أقل كثيرا، داخل برنامج الدعم النقدي، ما يشكل ضرورة بالغة في الاتجاه نحو هذا الاتجاه من أجل رفع كفاءة الإنفاق.
 
ويرى ياسر عمر وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن الدولة طبقت نظام الدعم النقدي في عام 2015 لكن ليس بشكلا كاملا داخل بطاقة التموين، والتى تعد إحدى الأدوات المهمة التى تتيح للمواطنين الوصول إلى السلع بأسعار مدعومة، غير أن ما يفوق الـ 30% من فاتورة الدعم العيني الحالية، يتم إهدارها وتذهب لغير المستحقين، ومنها على سبيل المثال، ما يصدر عن كثير من المواطنين، بأن يتركوا بطاقات التموين لصاحب المخبز طوال الشهر، وهو بدوره يستحوذ على الدعم الموجه لتلك البطاقات فى حالة عدم صرف الخبز لصاحبها، لذا أصبح التحول نحو الدعم النقدي ضرورة ملحة، وفرز المستفيدين واستبعاد غير المستحقين، خاصة أن الدولة حاليا، أصبحت تمتلك قاعدة بيانات ضخمة عن محدودي الدخل والأسر الأكثر احتياجا، تم بناؤها على مدار 8 سنوات كاملة، وتضم الفئات الاجتماعية المختلفة، مما يمكنها من سهولة عملية توجيه الدعم النقدى إلى مستحقيه بسهولة.
 
ويؤكد الخبير الاقتصادي، محمد أنيس، أن التحول إلى الدعم النقدي أصبح ضروري، خاصة أن من أهم مميزاته هو زيادة المبلغ الممنوح للمستحقين، بشكل أكبر من المتوفر حاليا في بطاقات التموين، ما سيكون سببا في الحفاظ عليه من الهدر أو السرقة، كذلك في الوقت ذاته، لابد من وضع عدة شروط يجب تنفيذها، من أجل ضمان التطبيق السليم لمنظومة الدعم النقدي، ومنها أن يتم توجيهه من خلال بطاقات ذكية للمستحقين، مع ضرورة عدم السماح بسحبها نقديا، وتوجه الفرد لشراء بعض السلع والخدمات الأساسية فقط، وذلك لضمان حسن استخدام الدعم حتى نضمن وصوله للمستحقين فقط، وأخيرا ربط برنامج الدعم النقدى الموجه للمستحقين بشكل غير مباشر بمعدلات التضحم، ما يضمن الحفاظ على نصيب الفرد من الدعم سنويا.
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة