الكوكب يعاني من صراعات البشر.. حرب غزة تعرقل حركة 2.74 تريليون دولار من التجارة السلعية العالمية

الجمعة، 04 أكتوبر 2024 02:28 م
الكوكب يعاني من صراعات البشر.. حرب غزة تعرقل حركة 2.74 تريليون دولار من التجارة السلعية العالمية

في شهر يوليو الماضي، صدرت دراسة أعدها مركز فاروس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، عن تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية، أكدت الدراسة فيها أن تلك الحرب تسببت في أعباء إضافية على الاقتصاد العالمي، على رأسها زيادة حجم الاستثمارات الخاصة المتعثرة، وارتفاع الديون، وبطء معدل نمو التجارة الدولية لم تشهده منذ خمسة عقود، بجانب ارتفاع أسعار الفائدة الذي جعل من الصعب على الحكومات والشركات الخاصة الحصول على الائتمان وتجنب التخلف عن السداد.

 
وعلى جانب التأثير البيئي، وبحسب تقرير مبادرة "المحاسبة للغازات المسببة للاحتباس الحراري أثناء الحرب"، الصادر في يونيو الماضي، فإن الحرب الروسية الأوكرانية ولدت ما لا يقل عن 175 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وسط زيادة في الانبعاثات الناجمة عن الحرب المباشرة، وحرائق المناظر الطبيعية، والرحلات الجوية المعاد توجيهها، والهجرة القسرية، والتسريبات الناجمة عن الهجمات العسكرية على البنية التحتية للوقود الأحفوري، بجانب تكلفة الكربون المستقبلية لإعادة الإعمار، وفقًا للتحليل الأكثر شمولاً على الإطلاق للتأثيرات المناخية الناجمة عن الصراع ، حيث تشمل الانبعاثات ثاني أكسيد الكربون وأكسيد النيتروز وسداسي فلوريد الكبريت، وهي أقوى غازات الاحتباس الحراري على الإطلاق، مما يعادل تشغيل 90 مليون سيارة تعمل بالبنزين لمدة عام كامل وأكثر من إجمالي الانبعاثات التي تولدت بشكل فردي في بلدان مثل هولندا وفنزويلا والكويت في عام 2022.
 

 

الآثار المدمرة للحرب الروسية الأوكرانية وحرب غزةالآثار المدمرة للحرب الروسية الأوكرانية وحرب غزة

 

وتؤكد المبادرة، خلال تقريرها أن روسيا تواجه فاتورة تعويضات مناخية بقيمة 32 مليار دولار من أول 24 شهرا من الحرب، كاشفة تزايد حرائق المناظر الطبيعية في الحجم والشدة على جانبي الحدود منذ الغزو، حيث ارتبط 2.47 مليون فدان من الحقول والغابات المحروقة بأسباب عسكرية، وهو ما يمثل 13٪ من إجمالي تكلفة الكربون، كما ارتفع استهلاك وقود الطائرات بشكل كبير مع حظر شركات الطيران التجارية الأوروبية والأمريكية من استخدام المجال الجوي الروسي، في حين اتخذت شركات الطيران الأسترالية وبعض شركات الطيران الآسيوية مسارات ملتوية كإجراء احترازي. وقد أدت الأميال الإضافية إلى توليد ما لا يقل عن 24 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، مؤكدة أن التكلفة الاقتصادية للغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي، سيكون لها عواقب عالمية.

 

ووفقا لدراسة بعنوان "الحرب الروسية الأوكرانية والأمن الطاقي: السياق والتداعيات"، نشرها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، في 8 يناير الماضي، فإن الأزمة بين روسيا والدول الأوروبية أثّرت في تقلب أسعار النفط والغاز الطبيعي، كما أسهمت أيضا في زيادة معاناة الدول الأوروبية، ومن بينها فرنسا وألمانيا، في تحقيق أمنهما الطاقي في التدفئة والمجال الصناعي، مثل تقييد استخدام المكيفات في مختلف المرافق العامة مع الإلزام بإطفاء أضواء المحلات خلال الفترة الليلية، مما يفرض على هذه الدول تنويع إمداداتها من دول أخرى من أجل تقليل التبعية لروسيا.

 

دراسة لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار حول الحرب الروسية الأوكرانية والطاقةدراسة لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار حول الحرب الروسية الأوكرانية والطاقة

 

وتؤكد الدراسة، أنه خلال الحرب الروسية الأوكرانية وقع 41 حادثا أمنيا استهدف البنيات التحتية المتصلة بالطاقة من خطوط الأنابيب ومحطات الطاقة في مناطق الصراع، وخلال 6 الأشهر الأولى من عام 2022 وَقَع 63 حادثا استهدف البنيات التحتية الطاقية، وقد زادت هذه الوقائع بنسبة 250% عن السنة السابقة، فضلا عن الهجمات الإلكترونية التي تعرضت لها أيضا هذه المحطات . 

 

 

وتشير الدراسة إلى أنه ترتب على الحرب الروسية الأوكرانية اضطراب في أسواق الطاقة الأوروبية والعالمية بعدما ارتفعت إلى أعلى مستوياتها في بداية التدخل العسكري الروسي وقبلها جائحة كورونا من جهة، ومن جهة أخرى ستشهد شركة غازبروم تداعيات على المدى البعيد لتأمين عقود طويلة الأجل، وبخاصة في أوروبا.

 

نقص المعروض من الحبوب أحد أثار الحرب الروسية الأوكرانية

 

في ذات السياق يؤكد الدكتور هاني النقراشي عضو المجلس الاستشاري العلمي لرئيس الجمهورية لشؤون الطاقة، أن الحرب الروسية الأوكرانية أثرت على العالم كله اقتصاديا بسبب نقص المعروض من الحبوب وأهمها القمح في الأسواق العالمية ، مؤكدا في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن نقص المعروض من الحبوب تسبب في غلائه وتوجيه المتاح من الدولار في الدول النامية إلى شراء الغذاء، وأن الولايات المتحدة الأمريكية حققت بهذا أحد أهدافها وهو إثبات أنها المهيمن الوحيد على الأسواق العالمية.

تأثير الحرب في غزة على الممرات البرية والبحرية والجوية في الشرق الأوسط

 فيما يتعلق بتأثير الحرب في غزة على خطوط الطيران والممرات البرية والبحرية والجوية في الشرق الأوسط، فخلال دراسة أعدها مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة في 23 أكتوبر 2023، أي مع بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، عدد التداعيات التي تتسبب فيها تلك الحرب اقتصاديا على العالم، وكان على رأس تلك التداعيات أسواق الغاز الطبيعي، والتي أكد أن أسواق النفط العالمية لا تعتبر بعيدة عن تداعيات الأحداث في غزة، حيث إن اندلاع الحرب نشر حالة من الخوف من إمكانية حدوث ضرر مباشر لمرافق إنتاج النفط الخام في الشرق الأوسط، البالغ نحو 33.3 مليون برميل يومياً، والتي تمثل نحو 32.8% من إجمالي الإنتاج العالمي، البالغ 101 مليون برميل يومياً.

 

تقرير مركز المستقبل للأبحاث والدراسات بشأن تأثيرات الاقتصادية لحرب غزةتقرير مركز المستقبل للأبحاث والدراسات بشأن تأثيرات الاقتصادية لحرب غزة

 

الدراسة تؤكد وقوع تلك الحرب في نطاق خطوط الملاحة الجوية عبر المنطقة، والتي تمثل بؤرة مهمة لحركة الطيران الدولية، سواء انطلاقاً من المنطقة إلى دول أوروبا والأمريكتين، أو بالنسبة لخطوط الطيران القادمة من أقصى شرق العالم إلى أقصى غربه، أو من شماله إلى جنوبه أيضا، حيث إن منطقة الشرق الأوسط تمثل إما محطات بداية أو توقف أو نهاية لخطوط الملاحة والشحن الجوي، بقيمة تبلغ نحو 1.74 تريليون دولار سنوياً، وبنسبة 29% من إجمالي تجارة السلع المنقولة جواً حول العالم.

 

وتشير الدراسة، إلى أن الحرب تعرقل حركة التجارة الدولية، عبر الممرات البرية والبحرية والجوية في منطقة الشرق الأوسط، كثاني أكبر التهديدات الناتجة عن التصعيد الحالي في قطاع غزة، والتي يُرجح أن تزداد كثيراً إذا اتسعت الحرب في الفترة المقبلة، في ظل قرب موقع الحرب جغرافياً من الممرات الملاحية المهمة في المنطقة، والتي يعبرها ما يناهز نحو 30% من تجارة الحاويات الدولية، وبقيمة سلع تبلغ نحو تريليون دولار سنوياً.

 

كما توضح الدراسة، أن التصعيد في قطاع غزة، وفي حالة اتساعه وامتداده، من شأنه أن يعرقل حركة ما قيمته نحو 2.74 تريليون دولار من التجارة السلعية العالمية، أو نحو 10.8% من الإجمالي العالمي، البالغ نحو 25.3 تريليون دولار في عام 2022، مما يتسبب في اختناقات كبيرة في سلاسل التوريد، ويزعزع استقرار أسواق السلع الأساسية، وخاصة في المنطقة، وكذلك الأسواق المرتبطة بعلاقات تجارية معها، سواءً استيراداً أم تصديراً أم عبوراً.

 

حجم التجارة المهددة في العالم بسبب الحرب على غزةحجم التجارة المهددة في العالم بسبب الحرب على غزة

 

 

تعطيل جهود التخفيف من تغير المناخ بسبب الحروب
 

وعلى صعيد التأثير البيئي، يؤكد الدكتور علاء سرحان، أستاذ التغيرات المناخية واقتصاديات البيئة، أن الحروب والنزاعات المسلحة تؤثر بشكل كبير على تغير المناخ بطرق مباشرة وغير مباشرة، حيث يؤدي التفاعل بين النزاع وتغير المناخ إلى خلق حلقة مفرغة، ويمكن لكل منهما أن يزيد من تفاقم الآخر.

ويقول أستاذ التغيرات المناخية واقتصاديات البيئة، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إن الحروب والنزاعات بالحرب على غزة والحرب الروسية الأوكرانية، تتسبب في زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة، خاصة أن العمليات العسكرية تتسبب في استهلاك الآليات الحربية مثل الدبابات والطائرات والسفن كميات هائلة من الوقود الأحفوري، مما يؤدي إلى انبعاثات كبيرة من الغازات الدفيئة، موضحا أن القطاع العسكري العالمي مساهماً كبيراً في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، مما يزيد من تفاقم تغير المناخ.

"الحروب تتسبب في  تدمير مصارف الكربون، لأنه في الغالب ما تؤدي النزاعات المسلحة إلى تدمير الغابات والأراضي الرطبة وغيرها من النظم البيئية التي تعمل كمصارف للكربون"، هنا يشرح علاء سرحان تأثير النزاعات والحروب على تدمير الغابات والطبيعة، مشيرا إلى أن إزالة الغابات وتدمير المواطن الطبيعية يؤدى إلى إطلاق الكربون المخزن في الغلاف الجوي، مما يساهم في زيادة الاحتباس الحراري.

ويوضح أن الحروب تؤدي لتعطيل جهود التخفيف من تغير المناخ والتكيف معه، حيث تؤدى تلك النزاعات المسلحة إلى توقف المبادرات المناخية لأنه في مناطق النزاع، غالبًا ما تصبح إجراءات المناخ أولوية ثانوية وتركز الحكومات على القضايا الأمنية الفورية، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى وقف أو تقليص برامج التخفيف من تغير المناخ والتكيف معه، مثل مشاريع الطاقة المتجددة أو جهود إعادة التحريج، بجانب  إضعاف الحوكمة المناخية لأنه يمكن أن تؤدي النزاعات المسلحة إلى إضعاف المؤسسات الوطنية والمحلية المسؤولة عن العمل المناخي، مما يؤدي إلى ضعف تنفيذ القوانين البيئية وانخفاض القدرة على تنفيذ الاستراتيجيات المناخية.

ويؤكد أستاذ التغيرات المناخية واقتصاديات البيئة، أن الحروب تتسبب في تدهور البيئة وندرة الموارد، لأن  تدمير البنية التحتية مثل محطات الطاقة وأنظمة المياه والمرافق الزراعية، يؤدى إلى زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة الأقل كفاءة والأكثر تلوثًا، وممارسات استخدام الأراضي غير المستدامة، بجانب تتسبب الحروب في  الإفراط في استغلال الموارد لأنه غالبًا ما تدفع النزاعات إلى الإفراط في استغلال الموارد الطبيعية مثل المياه والأراضي والمعادن، ويتم تحويل هذه الموارد لدعم جهود الحرب، ويمكن أن يؤدي هذا الاستخدام المفرط إلى تفاقم المشكلات المتعلقة بتغير المناخ مثل التصحر وتآكل التربة وندرة المياه.

ويشير إلى أن الحروب تؤدى لتزايد ظاهرة الهجرة القسرية والتوسع العمراني، من خلال ظاهرة  اللاجئون بسبب المناخ، حيث يمكن أن تؤدي النزاعات المسلحة إلى نزوح أعداد كبيرة من السكان، وغالبًا ما ينتقلون إلى مناطق تتأثر بالفعل بتغير المناخ، ويمكن أن تؤدي هذه التحركات الجماعية إلى زيادة الضغط على الموارد والبنية التحتية المحلية، مما يؤدي إلى تدهور البيئة وزيادة الانبعاثات من المناطق الحضرية المكتظة، بجانب التوسع العمراني، لأن تدفق السكان النازحين إلى المناطق الحضرية يؤدي إلى توسع حضري سريع وغير مخطط له، مما يؤدي إلى زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة بسبب زيادة الطلب على الطاقة، وتوليد النفايات، وإزالة الغابات لتوفير الأراضي السكنية.

 

كما يؤكد علاء سرحان،  أن الحروب تتسبب في زيادة التعرض لآثار المناخ، نتيجة  تفاقم نقاط الضعف، لأنه غالبًا ما تواجه المناطق المتأثرة بالنزاعات نقاط ضعف متعددة حيث تؤدي آثار تغير المناخ مثل الظواهر الجوية المتطرفة والجفاف والفيضانات إلى تفاقم تحديات النزاع، وقد تفتقر هذه المناطق إلى الموارد والبنية التحتية اللازمة للاستجابة بشكل فعال للكوارث المتعلقة بالمناخ، مما يؤدي إلى زيادة معاناة الإنسان وتضرر البيئة، موضحا أن النزاعات المسلحة تؤدى لتعطيل الأنظمة الزراعية، حيث يمكن أن تدمر النزاعات المسلحة الأنظمة الزراعية، مما يجعل من الصعب على المجتمعات التكيف مع الظروف المناخية المتغيرة، ويؤدي فقدان المحاصيل والماشية والمعرفة الزراعية إلى تقليل القدرة على الصمود أمام تغير المناخ وزيادة انعدام الأمن الغذائي.

ويتابع أن هناك أضرار بيئية طويلة الأمد تتسبب فيها الحروب مثل التدهور البيئي المستمر، ويمكن أن تكون الأضرار البيئية الناجمة عن النزاعات طويلة الأمد، مما يؤثر على النظم البيئية والمناخ على المدى البعيد، متابعا :"على سبيل المثال، يمكن أن يقلل تدهور الأراضي والتلوث وفقدان التنوع البيولوجي من قدرة الأرض على امتصاص الكربون ويزيد من حدة القضايا المتعلقة بتغير المناخ مع مرور الوقت".

كما يؤكد أن الحروب تؤدى لتأخر الانتعاش والتكيف لأنه غالبًا ما يتم إغفال استعادة البيئة في عمليات ما بعد النزاع، وهي عنصر حاسم في بناء القدرة على الصمود أمام تغير المناخ، ويمكن أن يؤدي التأخر في معالجة الأضرار البيئية إلى عرقلة جهود التكيف مع المناخ المتغير، مما يترك المجتمعات أكثر عرضة للآثار المستقبلية، بالإضافة إلى تعطيل التعاون العالمي بشأن المناخ، لأن النزاعات المسلحة تؤدى إلى توتر العلاقات الدولية وإعاقة التعاون العالمي بشأن تغير المناخ، وقد تكون الدول المشاركة في النزاعات أقل استعدادًا أو قدرة على المشاركة في الاتفاقيات المناخية الدولية أو المساهمة في مبادرات تمويل المناخ العالمي، بجانب أنه غالبًا ما يتم تحويل الموارد التي يمكن تخصيصها للتخفيف من تغير المناخ والتكيف معه إلى الإنفاق العسكري خلال النزاعات، ويمكن أن يؤدي هذا التحول في الأولويات إلى إبطاء الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ.

ويشير علاء سرحان، إلى أن من بين الظاهر التي تتسبب فيها الحروب مثل الحرب الروسية الأوكرانية والحرب على غزة، هو تغير المناخ كمحفز للنزاعات، حيث يمكن أن يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم ندرة الموارد، مما يؤدي إلى نزاعات على المياه والأراضي والغذاء، ويمكن أن تؤدي هذه النزاعات بدورها إلى تدهور البيئة بشكل أكبر والمساهمة في تغير المناخ، مما يخلق حلقة من عدم الاستقرار والتدهور البيئي، كما يمكن أن تؤدي الهجرة الناجمة عن تغير المناخ إلى توترات ونزاعات في المناطق المستقبلة، حيث تتنافس المجتمعات على الموارد المحدودة. ويمكن أن تؤدي هذه النزاعات إلى مزيد من الأضرار البيئية وتعيق الجهود المبذولة لمعالجة تغير المناخ.

ويؤكد أن الحروب والنزاعات المسلحة تؤثر بشكل كبير على تغير المناخ من خلال زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة، وتعطيل العمل المناخي، وتفاقم تدهور البيئة، وزيادة نقاط الضعف في المناطق المتأثرة. ويتطلب التعامل مع التقاطع بين النزاع وتغير المناخ اتباع نهج متكامل يأخذ في الاعتبار بناء السلام والقدرة على الصمود أمام تغير المناخ لكسر حلقة النزاع والتدهور البيئي.

الشهر الأول للحرب على غزة أنتج انبعاثات كربونية تفوق الإنتاج السنوي لـ20 دولة مجتمعة

 

تواصل الدكتورة إسلام الهبيل باحثة دكتوراه الفلسطينية في الهندسة البيئية والكيمائية، نفس المسار إلا أنها تركز بشكل كبير على آثار الحرب في غزة مناخيا واقتصاديا، مؤكدة أن الدول العظمى تعمل على مدار السنوات السابقة على التخفيف من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون خاصة من قبل الدول الصناعية الكبيرة مثل الصين، ذلك يحدث من خلال أدوات تحكم ورقابة متنوعة تجبر هذه الدول على إصدار كمية معينة كحد أقصى من الانبعاثات الحرارية سنوياً، للحد من هذه الانبعاثات، كما عمدت هذه الدول على إبرام العديد من الاتفاقيات التي تساعد على تقليل الانبعاثات الكربونية والملوثات وتُلزم الدول بتطبيقها.

وتضيف الباحثة الفلسطينية، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن الحروب الأخيرة التي يشهدها العالم ضربت بعرض الحائط كل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، خاصة أن الحرب بين اوكرانيا وروسيا لم تحمل النتائج الخفيفة على المناخ، إلا أن نتائجها تكاد لا تذكر مقارنة بما يحدث في المخاطر البيئية على قطاع غزة منذ 12 شهراً حتى هذا اليوم.

وتشير "الهبيل"، إلى أن التقارير رصدت أن الشهر الأول للحرب على غزة أنتج انبعاثات كربونية تفوق الإنتاج السنوي لـ20 دولة مجتمعة، لذلك فإنه 12 شهراً من الحرب على غزة تنتج أرقاماً مخيفة من الانبعاثات الكربونية السامة التي ستؤدي إلى إحداث اختراق كبير في التغير المناخي خلال السنوات القليلة القادمة، متابعة :"كل ذلك لن يستطيع المختصون مراعاته أو العمل على علاجه في فترة قصيرة.

وتؤكد أن ما تسعى الدول العظمى إلي تحقيقه من توازن مناخي خلال العقود القادمة، هدمته اسرائيل في جبروتها وإبادتها البيئية على غزة خلال الشهور السابقة والحالية، ولن يؤثر ذلك على إحداث ضرر مناخي لمنطقة فلسطين فقط، بل سيطال كل المنطقة العربية على مدار عقود طويلة.

وتوضح الباحثة الفلسطينية، أن الحروب الكبرى تركت آثاراً عميقة على اقتصاد وبيئة ومناخ الدول المختلفة، خاصة أن بعض التقارير تذكر أن فرنسا لازالت تعاني من بعض مخلفات الحرب العالمية الثانية، وهذا مؤشر خطير جداً، إذ أن الحديث بعد عقود طويلة عن استمرار الأثر ينذر بالكوارث البيئة طويلة الأمد التي ستؤثر على المنطقة ما بعد حرب وإبادة إسرائيل في غزة.

وتقول إن بعض التقارير ذكرت أن الحرب الحالية على غزة هي الأبشع والأكثر دماراً ضمن الـ100 سنة السابقة مقارنة بالخسائر والمتفجرات والقنابل التي ألقاها الاحتلال على هذه المساحة الصغير، المكتظة سكانياً والضعيفة بالإمكانات، ولازالت الكثير من الدراسات قاصرة على معرفة الأثر الحقيقي لهذه الإبادة، نظرا لعدم توفر معلومات كافية من بعض الأماكن التي تحولت إلى ثكنات عسكرية مغلقة حتى الآن، مثل مدينة رفح، وما يحدث الآن ذو أثر سلبي طويل على غزة خاصة، والمنطقة كلها عامة.



 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق