كيف نحمي أطفالنا من التطرف؟

الإثنين، 23 سبتمبر 2024 06:30 م
كيف نحمي أطفالنا من التطرف؟
محمد فزاع

في عصر العولمة والانفتاح على وسائل الإعلام والتكنولوجيا، أصبح الأطفال والشباب أكثر عرضة للأفكار المتطرفة والمفاهيم المغلوطة التي قد تقودهم إلى طرق الظلام والتطرف.. ومع سهولة الوصول إلى المعلومات عبر الإنترنت، يمكن لأفكار التطرف أن تنتشر بسرعة بين الأطفال من خلال الألعاب الإلكترونية، وسائل التواصل الاجتماعي، أو حتى عبر بعض المناهج غير المدروسة، لذا، أصبحت حماية الأجيال الجديدة من الوقوع في براثن هذه الأفكار المدمرة ضرورة ملحة.
 
تنشئة الأطفال على القيم الأخلاقية، مثل التسامح، الحوار، والاحترام المتبادل، تُعد الأساس لحمايتهم من الفكر الظلامي، فأطفالنا يحتاجون أن يتعلموا منذ الصغر أن الاختلاف في الرأي أو المعتقد ليس مبرراً للعداء، بل هو فرصة للنقاش وتبادل الأفكار، وعلينا نحن كأسرة تعزيز قيم العدل والإنصاف، وتنمية الفضول لديهم لفهم الآخرين بدلاً من معاداتهم.
 
يتعين على الآباء والمربين أيضا أن يكونوا دائمًا على تواصل مفتوح مع أبنائهم، ومن المهم أن يشعر الطفل بالراحة عند الحديث عن أفكاره، مخاوفه، أو حتى ما يراه ويسمعه في وسائل الإعلام.. فهذا الحوار يساعد على التعرف المبكر على أي تغير في سلوكياته أو أفكاره، وبالتالي تقديم النصح والمساعدة في الوقت المناسب، وهنا يجب تجنب القسوة أو العقاب عند مناقشة القضايا الحساسة، حتى لا يشعر الطفل بالخوف من الإفصاح عن مشاعره.
 
من الضروري أن يعرف الأطفال كيفية استخدام الإنترنت بشكل آمن، فالكثير من الجماعات المتطرفة تستغل الفضاء الإلكتروني لاستدراج الأطفال والشباب، زيمكن للمربيين توجيه الأطفال حول أهمية التحقق من المعلومات التي يتعرضون لها وتجنب التفاعل مع المحتويات المشبوهة، كما يجب مراقبة استخدامهم للتطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي دون أن يشعروا بالضغط أو المراقبة الصارمة.
 
يحتاج الأطفال إلى تنمية مهارات التفكير النقدي، بحيث يستطيعون تقييم المعلومات التي يتلقونها وتحليلها بدقة، من خلال تشجيعهم على طرح الأسئلة والبحث عن الأجوبة بطرق منطقية ومدروسة، يتمكنون من اكتشاف التناقضات في الأفكار المتطرفة، فالتعليم المبني على الاستقصاء والنقد يخلق جيلاً من الشباب الواعي، الذي لا يمكن استدراجه بسهولة نحو مسارات التطرف.
 
أما المدرسة من البيئات الرئيسية التي يتعلم فيها الأطفال المبادئ والقيم، لذا يجب على المؤسسات التعليمية أن تقدم منهجًا يعزز التسامح والتعايش المشترك، ويجب أن تشمل المناهج مواد تُعنى بالتوعية ضد التطرف وتحث على الحوار البناء، بالإضافة إلى تقديم برامج خاصة بالتنمية النفسية والاجتماعية للأطفال، أما المؤسسات الدينية، فيجب أن تؤدي دورًا إيجابيًا من خلال نشر رسائل الدين السليمة التي تدعو إلى الاعتدال والتسامح، بعيدًا عن التفسيرات المتشددة.
 
مشاركة الأطفال في الأنشطة الرياضية، الفنية، والثقافية، تتيح لهم التعرف على مختلف أنواع الناس والخلفيات الثقافية، وهذه الأنشطة تعزز شعورهم بالانتماء للمجتمع وتبعدهم عن العزلة التي قد تجعلهم فريسة سهلة للأفكار المتطرفة. كما تساعدهم على اكتساب مهارات التواصل والعمل الجماعي.
 
قد ينشأ الفكر المتطرف أحيانًا نتيجة لمشكلات نفسية أو اجتماعية يعاني منها الأطفال، ومن المهم أن نكون على دراية بالحالة النفسية لأبنائنا، ومراقبة أي إشارات قد تدل على الاكتئاب أو العزلة، وتوفير بيئة داعمة للأطفال وتشجيعهم على التعبير عن مشاعرهم يساهم في بناء جدار حماية نفسي يمنعهم من الانجراف نحو التطرف.
 
على الآباء أن يكونوا على دراية بالمصادر المتاحة لهم لحماية أطفالهم، سواء من خلال طلب الاستشارة النفسية أو التوجه إلى المؤسسات التي تقدم برامج توعية ضد التطرف، ويمكن أن يكون التعاون مع المؤسسات الوطنية، مثل المؤسسات التعليمية، الجمعيات الأهلية، أو المراكز الشبابية، جزءًا من الحل لتوفير بيئة صحية وآمنة للأطفال.
 
حماية الأطفال من الفكر المتطرف دائما تبدأ من المنزل، بالتعاون مع المدرسة والمجتمع ككل، وعلينا أن نعمل جميعًا على بناء جيل واعٍ، متسامح، ومحصن ضد أي محاولة للتلاعب بأفكاره، وعبر الحوار المفتوح والتربية على القيم الصحيحة، يمكننا أن نبني حصناً متيناً يحمي أطفالنا من السقوط في فخ التطرف والفكر الظلامي.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة