جدل قانون الإجراءات الجنائية.. مساحة للحرية وفرصة للجميع

الخميس، 12 سبتمبر 2024 05:14 م
جدل قانون الإجراءات الجنائية.. مساحة للحرية وفرصة للجميع
طلال رسلان يكتب:

أكثر ما أراه مكسبا للجميع لا يُعوض في مناقشات الشد والجذب بشأن مواد قانون الإجراءات الجنائية، مساحة الحرية الناتجة عن النقاشات بين كافة الأطراف، وحتى في ردود الجهات الرسمية سواء نواب ومحامين من جهة أو نواب وصحفيين من جهة أخرى.

تلك المساحة نتيجة طبيعية لمنهج القيادة السياسية المصرية في التعاطي مع ملف الحريات وحقوق الإنسان. بما انطلقت به مبادئ أقرتها أسس الجمهورية الجديدة من حياة كريمة وجهود بناء الإنسان على المستوى المجتمعي والمعرفي، والخروج من دائرة حصر حقوق الإنسان على الجانب السياسي فقط.

الحق يُقال ولا ينكره أحد، محسوبون على المعارضة أو محسوبون على النظام، أن القيادة السياسية نيتها في ملف الحريات واضحة للجميع دون مواربة، سواء بالتوجيهات الرئاسية المباشرة للحوار الوطني في مناقشة وفتح وتقديم توصيات للحبس الاحتياطي، وبناء عليه الإفراج عن محبوسين احتياطيا لترجمة هذه التوصيات، أو مناقشة قانون الإجراءات الجنائية بوجه عام.

في مشهد رأسي لما يدور عبر السوشيال ميديا بخصوص قانون الإجراءات الجنائية، تقرأ بوضوح تلك المساحة الغائبة بسنوات سابقة كنا فيها أكثر انشغالا بملفات الحرب على الإرهاب وتجفيف منابعه وصولا إلى إرساء دعائم الأمن والاستقرار ثم مسار التنمية وجهود تحقيق إنجازات على كافة المستويات والملفات المختلفة، وكان شعار التناحر والأجندات سائدا بين الأحزاب، حتى إن المواطن ملّ من الحديث عن نخبة سياسية هي نفسها غائبة على أرض الواقع غير متداخلة مع ما يشغله وبالتالي فهي مثلت باقتدار المرحلة الكرتونية، وصولا إلى توجيهات إنشاء غرف الحوار الوطني بما تضمنته من مشاركة معارضين قبل المؤيدين، ثم شعار توافق من أجل الوطن لا اختلاف من أجل المصلحة الشخصية.

بالعودة إلى القانون نفسه، وصلنا إلى أرضية ثابتة بين الأطراف، وهي ما تقدم به نقابة المحامين من شكر إلى المستشار حنفي الجبالي رئيس مجلس النواب، والمستشار محمود فوزي وزير الشئون النيابية، والمستشار إبراهيم الهنيدي رئيس اللجنة التشريعية والمستشار محمد عبد العليم كفافي مستشار رئيس مجلس النواب، والنائب إيهاب الطماوي رئيس اللجنة الفرعية، مثمنة موقف اللجنة التشريعية والنواب أعضاء اللجنة، بعد إعادة المناقشات لمواد بعينها استعملت فيها نقابة المحامين حقها القانوني والدستوري في الاعتراض والتوصية.

بالتالي وصلنا، بعد حالة الشد والجذب إلى التوافق وبيان نقابة المحامين الذي ذكر، أن التاريخ سوف يسجل هذه الوقفة الحضارية والدور العظيم للجمعية العمومية للمحامين في وقفتها غير المسبوقة أمام وخلف مجلس النقابة العامة ومجالس النقابات الفرعية والسادة النقباء، والجهود التي بذلها كافة الزميلات والزملاء من المحامين وأساتذة القانون بالجامعات المصرية من كافة الأجيال، وما شاركوا به من رؤى و آراء أسهمت في الرؤية التي قدمتها النقابة، إلى مجلس النواب بشأن قانون الإجراءات الجنائية.

ولحسم الأمر في القضية برمتها، أصدرت نقابة المحامين بيانًا بشأن انتهاء لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، من مناقشة وصياغة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، بحضور عبد الحليم علام،  نقيب المحامين رئيس اتحاد المحامين العرب.
 
وقال مجلس النقابة العامة للمحامين، إنه استمرارًا للجهود المبذولة من مجلس النقابة العامة للمحامين فى طرح رؤيته حول مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد ، وفق الأسس والضمانات التي كفلها الدستور والقانون، وحيث وافقت اللجنة التشريعية على الطلب المقدم من نقابة المحامين بإعادة مناقشة عدد من المواد التي أبدت النقابة ملاحظاتها حولها، وفق الدراسة المقدمة منها، شارك نقيب المحامين جلسات اللجنة التشريعية على مدار أيام الأول والثاني والثالث من سبتمبر، والتى استمعت فيها اللجنة إلى رؤية نقابة المحامين والتي قدمها نقيب المحامين، و استجابت اللجنة فى اجتماعاتها خلال الأيام المذكورة إلى تعديل عدد من النصوص في ضوء رؤية النقابة مع إرجاء مناقشة بعض النصوص – التي لم تكن محل اتفاق إلى جلسة اليوم الأربعاء 11/9/2024.
 
وتابع: "وبجلسة اليوم وافقت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب على مقترح نقابة المحامين بتعديل المادة  242 من مشروع القانون – والتي كانت محل خلاف – في ضوء المقترح الذي قدمته النقابة، والذي يؤكد على الضمانات المقررة بنصوص الدستور وقانون المحاماة بعد نقاش مستفيض بين جميع المشاركين في أعمال اللجنة، هذا وقد أيد أعضاء اللجنة مقترح نقابة المحامين وتمت الموافقة على مقترح المادة 242 بعد النص فيها على عبارة (مع عدم الإخلال بالضمانات المقررة فى قانون المحاماة وتعديلاته) وحذف كلمة (التشويش)، وإحالة (مذكرة رئيس الجلسة) إلى النيابة بدلاً من (إحالة المحامي) حال ارتكابه جريمة من جرائم الجلسات، مؤكدين أن ذلك ضمانة حقيقية لحماية حق الدفاع، كما رفضت اللجنة مقترح الحكومة والنيابة العامة بتعديل المادة 104 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية بما يسمح بإجراء التحقيق مع المتهم دون حضور محام في حالة تعذر حضوره لمخالفة ذلك للدستور".
 
أما من جانب نقابة الصحفيين، فحتى حالة الجدل التي تحدث حاليا حول بعض مواد القانون، والتي تخص الصحفيين على وجه التحديد، وتوصيات مجلس النقابة، طبيعية ولا تخرج عن مسار الاستفادة التي تعود على الجميع من إقرار قانون عليه توافق تام من كافة الأطراف المعنية، بالعكس أراها تدعم الفكرة الأكبر من وجود الجدل، وهي المرحلة التي أُطلق عليها فرصة الحرية للجميع، وتجربة مثالية للتوافق، وتخلصنا من مراحل تعطل المراكب السائرة، المهم أن يعي كل طرف أهمية إظهار النيات بشكل واضح وبخطوات غير ملتوية، بما يضمن الاستفادة من التوصيات، وترك سياسة العقدة في المنشار أو التربص بالخناجر وراء الظهور.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق