لا يوجد أماكن آمنة لحماية أهل غزة من القصف والإبادة والصواريخ، أصبح محاصرتهم لا بديل له من الاحتلال الاسرائيلي، وسلط برنامج الطبعة الأولى، المذاع على قناة الحياة، الضوء على مقولة "لقد حاصروا الشعب في 24 كم2"، حيث قال الإعلامي أحمد المسلماني، مقدم البرنامج، أنه منذ بدء الحرب العدوانية الإجرامية الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في غزة، ويشهد القطاع شهوراً من المعاناة، 40 ألف شهيد وتدمير كل شئ في القطاع.
وتابع أحمد المسلماني، أن عدد سكان قطاع غزة قبل هذه الحرب كان كبيراً على مساحته، وكانت غزة من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في العالم، لكن بعد الحرب بدأت المساحة تضيق حتى وصلت لـ 24 كم2، لأن القصف الإسرائيلي مستمر على مدن ومخيمات ومناطق، فالأهالي يذهبوا لمناطق أخرى.
ولفت أحمد المسلماني إلى أنه عندما يتم ضرب المواطنين في غزة يذهبون لمناطق أخرى، يقول عليها جيش الاحتلال أنها آمنة، ممكن السكان يلجأوا إليها وقت القصف، فيذهبون إليها فيقوم الاحتلال بضربهم.
وأوضح أحمد المسلماني أنه في شهر أغسطس 2024 وقبل أن ينتهي قال جيش الاحتلال إن هناك 10 مناطق آمنة وبعد ذلك أعطى أوامر بأن يتم إخلاء هذه المناطق، لافتاً إلى أنه بعد هذه الحرب الإجرامية يقوم جيش الاحتلال بحصر المواطنين في مكان ضيق ثم يحصرهم في مكان أضيق وهذا الحصر يعتبر قتل وتدمير، وبهذه الطريقة يجعلهم في مكان ضيق جغرافيا، وتم حصرهم في مكان مساحته 24 كم2 فقط، وهى مساحة غير إنسانية لأكثر من 2 مليون إنسان في غزة، مما أدى لانهيار المرافق.
ورداً على إصرار نتنياهو على بقاء قوات في محور صلاح الدين - فيلادلفيا وهي الخطوة التي رفضتها مصر في أكثر من مناسبة، قال اللواء محمد ابراهيم الدويري نائب المدير العام للمركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية، لا يمكن أن نفصل الموقف المصري الرافض تمامًا لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي لكل من محور فيلادلفيا ومعبر رفح عن موقف مصر تجاه أزمة غزة ككل، ومعارضة احتلال القوات الإسرائيلية أجزاء كبيرة من القطاع، بل وما يثار بشأن اعتزامها البقاء في القطاع حتى بعد انتهاء الحرب لفترة غير محدودة.
وأكد أن "رغم أن كلاً من محور فيلادلفيا ومعبر رفح الفلسطيني يقعان على أراض فلسطينية وليس لهما علاقة مباشرة ببنود معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية الموقعة في مارس 1979، فإن موقف مصر لم يتغير منذ بداية الحرب، وكانت الرسالة والرؤية المصرية حاسمة لا تقبل الجدل ومفادها أنه لا بد من التوصل إلى هدنة تتيح المجال أمام وقف إطلاق النار، وإنجاز صفقة تبادل أسرى، ثم إنهاء الحرب تمامًا والتمهيد أمام إعادة إعمار غزة على أن نصل بجميع هذه الخطوات إلى الهدف الأسمى وهي مفاوضات تقود إلى إقامة الدولة الفلسطينية".
وأوضح الموقف المصري الذي يتمسك بضرورة انسحاب إسرائيل من محور فيلادلفيا ومعبر رفح يستند إلى ما يلي: عدم وجود أي مبررات للوجود العسكري الإسرائيلي في المحور، وأن الادعاءات بوجود أنفاق على الحدود المصرية مع غزة تعد ادعاءات كاذبة من أجل دعم البقاء غير الشرعي في المحور. إن معبر رفح الفلسطيني يعد المعبر البري الوحيد بين غزة ومصر وأن السكان ينطلقون منه إلى مصر والعالم الخارجي، خاصة أن المعبر البري الآخر وهو معبر إيريز يعد معبراً إسرائيلياً ومن غير المسموح للفلسطينيين بالعبور منه إلا بتنسيق أمني مسبق لا يتوافر للجميع، ومن المهم أن نعيد التذكير بأن مصر لم تكن طرفاً في اتفاق المعابر الذي نظم العمل في المعبر الفلسطيني والموقع في 15 نوفمبر 2005 بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، ونص على وجود قوات شرطة ومراقبة أوروبية بالمعبر. وبالتالي فإن أي حديث منصف عن الموقف المصري تجاه أزمة غزة يجب أن يأتي أولاً في سياق الدور التاريخي لمصر تجاه القضية الفلسطينية في جميع مراحلها، أما بالنسبة للحرب على غزة فإن مصر لم تتوان عن التحرك المكثف منذ بدايتها، وطرحت أول مقترحات للحل بمراحله الثلاث في ديسمبر الماضي وأصبحت تلك المقترحات أساس جميع المفاوضات التي تتم مناقشتها منذ هذا الحين وحتى الآن.
وأضاف على المستوى الإسرائيلي فإن مصر لم تقف مطلقًا موقف المراقب بل استخدمت جميع الأدوات المتاحة من أجل إدخال المساعدات إلى القطاع ووقف الكارثة الإنسانية وإنهاء الحرب، واستثمرت قدرتها في التواصل الدائم مع جميع الأطراف المعنية، ولا سيما إسرائيل وحماس وقطر والولايات المتحدة، كما كانت حريصة على عدم المساس بجوهر معاهدة السلام ما دام الطرف الآخر لم ينتهكها حتى لا تفقد إحدى أهم الأدوات التي تمتلكها، وهي ممارسة دور الوساطة الفاعلة في ظل أصعب الظروف التي تواجهها هذه الوساطة.
وقال من المؤكد أن مصر لم تفاجأ بالسياسات المتشددة التي ينتهجها نتنياهو ومدى ما يمثله الائتلاف الحاكم من قيود إضافية عليه، ولكنها كانت واضحة تمامًا عندما تحركت على الفور لوقف هذه الحرب الظالمة على غزة، وانخرطت في مفاوضات مكثفة من أجل حلها على مدى عشرة شهور وحتى الأسبوع الحالي، وفي رأيي فإن التمسك المصري بالانسحاب الإسرائيلي من محور فيلادلفيا ومعبر رفح سوف يكون نقطة تحول في الحرب وسيقود إلى تحقيق الهدنة، مع الأخذ في الاعتبار أنه لا يوجد ما يمنع من مناقشة أي مقترحات أمريكية أو إسرائيلية في هذا الشأن بشرط أن تكون نتيجتها النهائية انسحاب إسرائيل من المحور والمعبر كمقدمة لانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع.