يوسف أيوب يكتب: التوازن الإستراتيجي.. الخط الرئاسي للسياسة الخارجية
السبت، 07 سبتمبر 2024 12:33 م
وزير الخارجية يرسم ملامح التحركات الدبلوماسية: مصر ضد سياسة الاحلاف والاستقطاب.. ويحكمها المصلحة الوطنية
الدكتور بدر عبد العاطي: لا أجندات خفية.. وعلاقات إستراتيجية مع الأطراف الدولية الرئيسية
متمسكون بإنهاء الحرب في غزة ونيل الشعب الفلسطيني حقه المشروع فى بناء دولته.. ورفض أى واقع جديد
نحترم تماسك مؤسسات الدولة السودانية وننخرط بإيجابية في أية مسارات تفاوضية لوقف الحرب وإنهاء المعاناة الإنسانية
وحدة الصومال يجب حمايتها من أي انتهاك.. ومشاركتنا في مهمة حفظ السلام ما بعد «أتميس» بدعوة من الحكومة وترحيب أفريقي
مياه النيل مسألة وجود.. ولن نتنازل عن حقوقنا الثابتة والراسخة تاريخيا وفق المواثيق الدولية
أمننا القومي الحيوي داخل إفريقيا.. ومدخلنا لدول حوض النيل تنموي شامل لتحقيق الاستفادة المتبادلة
الترويج الاستثماري دور أصيل للخارجية.. وبدأنا إجراءات ميكنة الخدمات القنصلية بالتعاون مع الداخلية والاتصالات
متمسكون بإنهاء الحرب في غزة ونيل الشعب الفلسطيني حقه المشروع فى بناء دولته.. ورفض أى واقع جديد
نحترم تماسك مؤسسات الدولة السودانية وننخرط بإيجابية في أية مسارات تفاوضية لوقف الحرب وإنهاء المعاناة الإنسانية
وحدة الصومال يجب حمايتها من أي انتهاك.. ومشاركتنا في مهمة حفظ السلام ما بعد «أتميس» بدعوة من الحكومة وترحيب أفريقي
مياه النيل مسألة وجود.. ولن نتنازل عن حقوقنا الثابتة والراسخة تاريخيا وفق المواثيق الدولية
أمننا القومي الحيوي داخل إفريقيا.. ومدخلنا لدول حوض النيل تنموي شامل لتحقيق الاستفادة المتبادلة
الترويج الاستثماري دور أصيل للخارجية.. وبدأنا إجراءات ميكنة الخدمات القنصلية بالتعاون مع الداخلية والاتصالات
في السادس من إبريل الماضى، وخلال حفل إفطار الأسرة المصرية، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى، على الاستمرار فى سياسات الاتزان الاستراتيجى، التى تنتهجها الدولة، تجاه القضايا الدولية والإقليمية وتحددها محددات وطنية تضع فى الاعتبار أبعاد الأمن القومى، والسعى لإقرار السلام الشامل القائم على العدل، ودعم مؤسسات الدول الوطنية، واحترام إرادة الشعوب.
ومن قبلها في 25 نوفمبر 2020، أكد الرئيس السيسي، على دور القوات المسلحة المصرية في فرض التوازن الاستراتيجي ب المنطقة.
ما قاله الرئيس بشأن التوازن أو الاتزان الإستراتيجى، تعتبره الخارجية المصرية الخط الذى تسير عليه، وهو ما أكده الدكتور بدر عبد العاطى، وزير الخارجية بقوله إن السياسة الخارجية قوامها الاساسى المبدأ الذى أعلنه الرئيس السيسى في إفطار الأسرة المصرية، وهو مبدأ الاتزان الأستراتيجى، الذى يلخص الإطار الفكرى والإستراتيجى للسياسة الخارجية المصرية، وتحته مجموعة من الخطوط العريضة منها أن مصر ضد سياسة الاحلاف والأستقطاب، وإنها غير معنية على الإطلاق بظاهرة الاستقطاب الدولى، وما يحكم تحركاتنا الخارجية هو فقط ما يخدم المصلحة الوطنية المصرية ضمن ميثاق الأمم المتحدة، لذلك فإن علاقات مصر متميزة وذات طابع إستراتيجى مع الأطراف الدولية الفاعلة والرئيسية، فهناك علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال إطلاق الحوار الإستراتيجى بين القاهرة وواشنطن، وهذا لم يمنع القاهرة من إقامة علاقات استراتيجية مع روسيا والصن والبرازيل والاتحاد الأوربي التي تم رفع العلاقة معه إلى العلاقة الاستراتيجية الشاملة، ودول أخرى كثيرة.
ما قاله الوزير في لقاء "الإثنين الماضى" مع رؤساء تحرير الصحف وقيادات إعلامية، بمقر وزارة الخارجية في العاصمة الإدارية الجديدة، جاء في وقت يعيش فيه الأقليم في الوقت الراهن أوضاعاً شديدة التعقيد، لم يسبق أن مرت به في التاريخ المعاصر، فالأوضاع ملتهبة في كل مكان، السودان وليبيا وفلسطين وسوريا واليمن، والبحر الأحمر، وصولاً إلى القرن الأفريقي، ومن ينظر إلى خريطة الأقليم سيرى اللون الأحمر في كل بؤرة، تحديداً البؤر المحيطة بمصر، وهو ما يضيف مزيداً من التهديدات المرتبطة بالأمن القومى المصرى، الذى يمر اليوم بمرحلة عصيبة، اذا جاز التعبير.
استهداف خارجى للمنطقة
بالتأكيد فإن هذه الأوضاع الملتهبة والساخنة لم تحدث من قبيل الصدفة، وإنما هناك استهداف من قوى وأطراف إقليمية وأخرى دولية تساعد على عملية الاشتعال، باللعب على المتناقضات الموجودة في الإقليم، لتحقق أهدافاً خاصة بها، ولنا فيما يحدث في السودان على سبيل المثال خير شاهد على ما أقوله.
ومن يتابع ما يحدث، وتطورات الأحداث المتلاحقة، والتجاذبات في الملفات الإقليمية المشتعلة، سيصل إلى نتيجة قد تبدو منطقية، وهى أننا أمام أزمات ستكون ممتدة معنا لفترة قد تطول، فهى ليست أزمات أو توترات وقتية أو طارئة، وإنما متعمقة في الخلاف، مما يزيد من أمدها، وهو ما يضيف مزيد من الأعباء على الدولة المصرية، التي سبق وقلت أن أمنها القومى، مهدد بسبب الأحداث الإقليمية، خاصة إن غالبيتها إن لم يكن كلها على حدودنا أو مرتبطة ارتباط وثيق بأمننا القومى، لذلك فإن الدولة وهى تدير سياساتها الخارجية، وأيضاً أوضاعها الداخلية، علليها أن تضع آليات للتعامل متوسطة المدى وأخرى طويلة المدى، وهو ما تقوم به الدولة بالفعل في الوقت الراهن.
لذلك يبرز هنا مبدأ "الاتزان الإستراتيجي" الذي جنب مصر الكثير من المشاكل والعقبات، وفى نفس الوقت جعلها حاضرة في كل الحلول، خاصة إنها لا تملك أجندة خفية، بل تحركاتها واضحة، تستهدف تحقيق المصالح المصرية، التي هي قوامها الإساس استقرار المنطقة.
تحديات الاتجاهات الاستراتيجية الأربعة
عبدالعاطى، في شرحه لما يحدث قال إن الظروف المحيطة بمصر شديدة التعقيد، ولم تمر بها من قبل، فهى تواجه تحديات على جميع الاتجاهات الاستراتيجية الأربعة، وتحتم على الجميع التكاتف وفق مفهوم "الكل فى واحد" لمواجهة هذه التحديات، مشدداً على أن مصر ملتزمة بمواثيق الأمم المتحدة والشرعية الدولية، ولا يمكن أن تنتهكها لكن عندما تغضب مصر على الطرف الآخر أن يخشى، مشيراً إلى أن هناك أزمات ممتدة فى المنطقة، وتتحمل مصر تبعات ما يحدث حولها.
كما أشار وزير الخارجية إلى أن استقرار المنطقة لا يمكن أن يكون رهينة لمواقف سياسية تهدف لإطالة أمد المفاوضات دون حل، وتستدرج المنطقة لصراع إقليمى.
حينما تحدث الدكتور بدر عبد العاطى عن الاستدراج إلى صراع إقليمى، يقصد به وإن لم يصرح، الوضع في غزة، والحرب الإسرائيلية المستمرة لأكثر من 11 شهراً، وما تقوم به الحكومة الإسرائيلية المتطرفة من أفعال وتصرفات تستهدف من ورائها توسيع رقعة الصراع، وهو ما حذر منه الرئيس السيسى مرات، لأنه كان يرى منذ البداية أن ما يحدث في غزة، هو بداية لصراع سيكون طويل وممتد اذا لم يسيطر عليه.
الوزير تحدث عن الوضع في غزة من زاويتين، الأولى الموقف الدولى تجاه ما يحدث، حيث انتقد التخاذل الدولى والمعايير المزدوجة فى التعامل مع الوضع فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وأكد على تمسك مصر ببذل كل الجهود لإنهاء الحرب ونيل الشعب الفلسطينى حقه المشروع فى بناء دولته، وأعرب عن تمسك الدولة المصرية باستعادة الهدوء والاستقرار فى المنطقة وفق الضوابط والثوابت السابقة على السابع من أكتوبر الماضي، ورفض استحداث أى واقع جديد على الأرض يخالف الاتفاقيات الدولية الراسخة فى هذا الصدد.
الزاوية الثانية، مرتبطة بتأكيده أن أى وجود إسرائيلى فى محور صلاح الدين «فيلادلفيا» غير مقبول على الإطلاق، وأن مصر ليس لديها سوى وضع واحد مقبول هو السيطرة الفلسطينية على الجانب الآخر من معبر رفح، والعودة لأوضاع ما قبل ٧ أكتوبر.
وحدة السودان
من غزة إلى السودان، التي قال عنها وزير الخارجية أنها شديدة الأهمية بالنسبة لمصر، والوضع هناك شديد الصعوبة، خاصة الوضع الإنسانى، ونحن في مصر نؤكد دوماً على وحدة السودان والرفض الكامل على محاولات البعض وضع الجيش السودانى على قدم المساواة مع ميليشيا.
الحديث عن الوضع في السودان يأتي وسط تجاذبات إقليمية ودولية تسببت في تأخر أي خطوة نحو الحل، فمن ينظر للوضع الحالي سيجد أن هناك تشابكات أقليمية ودولية ساهمت في تعقيد المشهد السودانى، ورغم ذلك تواصل مصر تقديم دور إنسانى وسياسى داعم للسودان، وهذا واجب ومسئولية تقع على عاتقنا في ظل تخاذل دولى واضح.
وكان الجميع يأمل أن تخرج اجتماعات جنييف بحلول سياسية، لكن الوضع بقى كما هو، وإن كان النتيجة المهمة في هذه الاجتماعات التي غابت عنها الحكومة السودانية إنها خرجت باجماع دولى على أنه لا حل للوضع في السودان بدون مصر، خاصة اننا لا نملك أجندة خفية، ووفق تأكيدات مسئولين شاركوا في هذه الاجتماعات، فإنه كانت مهمة جدا وكاشفة لأهمية الدور المصرى، فالقاهرة لديها تواصل قوى مع الحكومة السودانية، والعديد من القوى السياسية والمدنية الفاعلة، لذلك حينما شاركت مصر في جنيف وكانت صوت للسودان في هذه الأجتماعات، وسمعت من أشقاء سودانيين أنه كانت هناك توجهات في جنيف لفرض إجراءات على السودان لعدم مشاركة الحكومة في المفاوضات، لكن مصر تصدت لذلك بقوة وتم العدول عن هذا التوجه.
الدكتور بدر عبد العاطى، في شرحه لما يحدث في الشودان، قال إن الموقف يمثل واحدا من أخطر التحديات التى تواجهها الدولة المصرية حاليا، لأنها فى صدارة دول جوار السودان المتضررة من الحرب الراهنة، والدولة تعمل وفق أطر راسخة تعتمد على احترام وحدة وسيادة السودان، والتأكيد على احترام تماسك مؤسسات الدولة السودانية، مجدداً التأكيد على أن القاهرة لا تتوانى عن استمرار دعمها للشعب السودانى الشقيق ومؤسساته الرسمية، وأنها حريصة على الانخراط بإيجابية فى أية مسارات تفاوضية تقود إلى وقف الحرب وإنهاء المعاناة الإنسانية فى السودان، وأشار إلى أن جميع الأطراف الإقليمية والدولية باتت تدرك الدور المحورى لمصر فى حل الأزمة فى السودان، خاصة أن مصر تتعامل بانفتاح مع جميع الأطراف ولا تستهدف إلا المصلحة السودانية.
تصدي مصر لتفتيت الصومال
ومن السودان إلى الصومال، التي تشهد اليوم تفاعل كبير بين القاهرة ومقديشيو، ضمن الأهتمام المصرى الاستراتيجي بمنقطة القرن الأفريقي، التي هي مرتبط أساساً بمسألتين، الأولى هي أمن البحر الأحمر، اتصالاً بأن منطقة القرن استراتيجية في تأمين الملاحة البحرية عبر البحر الأحمر، ولها تأثيرات مباشرة على قناة السويس، والمسألة الثانية مرتبطة بالصومال، التي تواجه اليوم تحدى من نوع جديد، اتصالاً برغبة إثيوبيا في تفتيت الداخل الصومالى، وهو ما ظهر من خلال الاتفاقية غير القانونية التي وقعتها أديس أبابا مع "صومالى لاند"، لتحصل بموجه إثيوبيا على منفذ على البحر الأحمر مقابل أعترافها الرسمي بهذا الإقليم الذى هو جزء من الاراضى الصومالية، ومن هنا ظهر التهديد، فالخطوة الإثيوبية بجانب أنها محاولة لفرض واقع ليس قانونياً، فإنها تعبر عن النوايا الإثيوبية في تفتيت الصومال إلى دويلات.
من هنا تصدت مصر ومعها الدول العربية والأفريقية للتحرك الإثيوبى غير القانوني، وأكدت مصر إنها لن تسمح بالتدخل في الصومال باعتبارها دولة عربية شقيقة، وعضو في جامعة الدول العربية، وتستفيد من اتفاقية الدفاع العربى المشترك، فضلاً عن كونها دولة أفريقية، وأكدت القيادة المصرية أن القاهرة لن تقف صامته أمام الانتهاكات التي تتعرض لها الشقيقة الصومال، وأننا نقف مع مقديشيو في إطار القانون الدولى، والانتماء العربى الأفريقي، حيث أكد الرئيس السيسى في يناير الماضى، في مؤتمر صحفى مشترك مع رئيس جمهورية الصومال حسن شيخ محمود، ان مصر تدعم الصومال وترفض التدخل في شؤونه والمساس بسيادته، وأن الاتفاق بين أرض الصومال وإثيوبيا غير مقبول لأحد، مشدداً على دعم مصر للصومال في محاربتها للإرهاب والعمل على تطوير العلاقات، وقال الرئيس السيسى: "إن الصومال دولة عربية ولها حقوق طبقا لميثاق الجامعة العربية في الدفاع المشترك لأي تهديد له".
وفى نفس المؤتمر الصحفى أكد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، أن مصر تعتبر حليفا تاريخيا ودولة شقيقة وصديقة للصومال، مثمنا في الوقت نفسه الدعم الفوري من الرئيس السيسي للصومال عبر إدانة والتصدى لمحاولة إثيوبيا غير القانونية تقويض السيادة وسلامة الأراضي الصومالية، مؤكداً أنه "لدى الصومال رغبة قوية للعمل مع مصر لتعزيز الروابط الاقتصادية والأمنية والسياسية، خاصة في هذا الوقت من حالة عدم اليقين الجيوسياسية والفوضى في النظام العالمي".
وفى 14 أغسطس الماضى، أستقبل الرئيس السيسي، بقصر الاتحادية، رئيس الصومال مجددا، ورحب الرئيسان بإطلاق خط طيران مباشر بين القاهرة ومقديشيو، وافتتاح السفارة المصرية في مقرها الجديد بالعاصمة مقديشيو، فضلاً عن التوقيع - خلال زيارة الرئيس الصومالي لمصر - على بروتوكول التعاون العسكري بين الدولتين .
وأكد الرئيس السيسى، على ضرورة قيام دول الجوار والإقليم ودول القرن الإفريقي، باحترام سيادة الدول، والحفاظ على استقلالها، وقال: "ما يحكمنا هو التعاون فيما بيننا وليس أكثر من ذلك"، وأضاف: رأينا اليوم التعاون العسكري، والاتفاق الذي جرى بين وزيري الدفاع في مصر والصومال.. تعاوننا - دائما - يهدف الى البناء والتنمية والتعمير، ولا نتدخل أبدا في شئون الدول. ودائما ما يحكم مسارات سياستنا هي احترام القانون الدولي والأعراف الدولية وسيادة الدول.
واكمل الرئيس السيسى حديثه بقوله: بما أننا أعضاء في الاتحاد الإفريقي، وخلال هذا العام سيتم تجديد بعثة حفظ السلام في الصومال، وسنتقدم للمشاركة في هذه البعثة، والأمر متروك للدولة المضيفة - الدولة التي ستكون بها القوات - وإن كانت ترغب أن نكون موجودين؛ فسنكون، وإن لم تكن ترغب فسنظل أشقاء ومتعاونين".
اذن المشاركة المصرية في الصومال جاءت بناء على اتفاقية موقعة بين الجانبين، وبطلب من الحكومة الصومالية الشرعية، وجاءت ضمن الأطر القانونية الدولية الملتزمة بها دوماً الدولة المصرية، ويكفى الترحيب الأفريقي بالخطوة المصرية، والتي جاءت من مجلس السلم والأمن الأفريقي.
ولا يمكن ربط هذه الخطوة بالحديث عن قضية مياه النيل او سد النهضة، فالمياه بطبيعة الحال مسألة وجودية بالنسبة لنا في مصر، فهى ليست فقط أمن قومى، لكنها مرتبطة بحياة المصريين، وما نراه اليوم اننا أمام طرف إثيوبى، مأزوم داخلياً ويحاول الهروب من أزماته الداخلية بالأشتباك مع أوضاع إقليمية وتحديداً في القرن الأفريقي ومع مصر، للفت الأنظار بعيداً عن حالة الاشتعال الداخلية.
الأمر الأخر المهم ان هناك 17 دولة أفريقية حبيسة، وما قامت به إثيوبيا يعطى سوابق غير قانونية لأخرين.
الدكتور بدر عبد العاطى، في حديثه عن الصومال، قال إن مصر لن تسمح بالمساس بوحدته، وستقف إلى جانب الشعب الصومالى الشقيق، الذى لبت طلبه بالمساعدة فى حربه على الإرهاب، فضلا عن ترحيب الاتحاد الإفريقى بهذه الخطوة لدعم الأشقاء الصوماليين، والمشاركة فى بعثة الاتحاد الإفريقى لحفظ السلام هناك، مشدداً على أن أى خطوة اتخذتها مصر فى القرن الإفريقى لن تتراجع عنها، لأن خطواتها تجرى فى إطار مواثيق الأمم المتحدة والقانون الدولى الإنسانى، ونحن ندعم الصومال بناء على طلبها وبترحيب من الاتحاد الإفريقى، لا يمكن أن نخرج على القانون الدولى الإنسانى.
وقال عبد العاطى بلهجة حاسمة: وحدة الصومال يجب الحفاظ عليها، وحمايتها من أى انتهاك سافر، ومصر تشارك فى مهمة حفظ السلام ما بعد «أتميس» بعد قرار مجلس الأمن والسلم الإفريقى.
وفى الحديث عن مياه النيل، ومحاولة البعض ربطها بتنامى العلاقات المصرية الصومالية، أكد عبد العاطى على تمسك مصر بحقوقها المائية، وأشار إلى أن الخطاب الذى تم توجيهه لمجلس الأمن يأتى فى إطار تأكيد هذا التمسك، وحرصنا على تنفيذ الالتزامات الدولية الخاصة بحقوق دول المصب فى الأنهار الدولية، وعدم مشروعية الإضرار بتلك المصالح من جانب دول المنبع، وأضاف أن مصر لا تتنازل عن حقوقها الثابتة والراسخة تاريخيا ووفق المواثيق الدولية.
مجالنا الحيوى داخل إفريقيا
تنامى العلاقات المصرية الصومالية، تأتى في إطار اهتمام مصري واضح بدوائرها الاستراتيجية، وهو ما أكده عبد العاطى بقوله أن هناك أولوية مطلقة للسياسة الخارجية المصرية للدائرة العربية والافريقية.
وعن التوجه المصرى نحو إفريقيا، قال وزير الخارجية إن أمننا القومى فى مجالنا الحيوى داخل إفريقيا، ونبحث عن أطر الشراكة والتعاون وتقاسم المنافع مع دول القارة وتشجيع الاستثمار البينى معها، فى ظل الفرص الاقتصادية الكبيرة المتنامية، معربًا عن سعادته بافتتاح مركز مجدى يعقوب في العاصمة الرواندية كيجالى بوصفه تعبيرًا حقيقيًا عن الشراكة مع دول القارة، بجانب ما تفعله الشركات المصرية هناك من مشروعات لخدمة الشعوب الإفريقية وبخاصة فى الجانب الصحى، لافتاً إلى أن هناك دعمًا كبيرًا للوكالة المصرية للشراكة لكى تقوم بأدوار مهمة لصالح شعوب القارة.
وقال عبد العاطى إن الدواء هو المنتتج الإستراتيجى المصرى القوى في أفريقيا، ونحاول التوسع فيه، مشيراً إلى وجود تفكير في إطلاق الوكالة المصرية لضمانات الاستثمار، لدعم المستثمرين الصغار وتشجيعهم على التوسع في القارة الأفريقية، خاصة أن هدفنا الرئيسيى هو توسيع الشراكة مع أفريقيا تحديداً مع دول حوض النيل، مؤكداً أن الشركات المصرية تحظى بتقدير كبير في أفريقيا، تحديداً في مجالات البنية التحتية والإسكان الإجتماعى والطرق، ونحن نحاول الأن ترسيخ نموذج جديد للشراكة مع الدول الأفريقية قائم على التنمية، وأكبر مثال على ذلك جوليوس نيريري الكهرومائية على نهر روفيجي بتنزانيا، الذى يقوم بتنفيذه تحالف مصري وفق نموذج تمويل وتدريب مهنى يفيد الأشقاء في تنزانيا.
وشدد عبد العاطى على أن مدخلنا لدول حوض النيل هو تنموى شامل لتحقيق الاستفادة المبتادلة.
بالتأكيد هناك دوائر استراتيجية مهمة لسياسة مصر الخارجية، مرتبطة بما يحدث في ليبيا وسوريا واليمن وشرق المتوسط، وهى كلها تحظى باهتمام ومتابعة مصرية دقيقة، وفق المبدأ المصرى الواضح أن أولويات الخارجية المصرية، فى التأكيد على قضايا أمننا القومى.
وجه تنموى واقتصادي للخارجية
وخلال اللقاء مع وزير الخارجية، جرى الحديث عن موضوعين مهمين، الأول مرتبط بالجانب التنموى والاقتصادي للوزارة، فقد تحدث عبد العاطى عما اسماه دور اصيل للخارجية في الترويج لمصر استثمارياً، كما أشار إلى وجود وحدة في الوزارة تسمى وحدة الاقتصاد المصرى والاستثمار، تعمل على الفرص الاستثمارية بالتعاون مع وزارة الاستثمار ومجلس الوزراء.
وأكد عبد العاطى أن التكليف المباشر لسفاراتنا بالخارج أنها خط الدفاع الأول عن المصالح المصرية، وكل ما يرتبط بمصالح المواطن، خاصة جذب الاستثمارات، فكل التوجيهات للسفارات هو تقوية الدور التنموى والاقتصادي والاستثمارى للوزارة، بالمساهمة مع وزارة الإستثمار والتجارة الخارجية، ومجلس الوزراء، فتم التأكيد لهم أن جذب الاستثمارات هو أولوية مطلقة للحكومة بالكامل، وهناك مجموعة من الإجراءات المهمة التي اتخذتها الحكومة في هذا الصدد يتم الترويج لها خارجيا مثل وثيقة سياسة ملكية الدولة، وتمكين القطاع الخاص، مع العمل على فتح أسواق جديدة امام المنتج المصرى، وهو اختصاص أصيل للخارجية المصرية، من خلال الحرص على دعم الاقتصاد المصرى.
وأشار عبد العاطى إلى أن مصر تسارع الخطى للتوافق مع أهداف التحول الأخضر العالمية، فيما يتعلق بشهادات الكربون فى صادراتها، وهى الاشتراطات التى ستطبق في الأول من يناير 2026، مؤكدًا أن مصر ستكون مصدرًا مهما للهيدروجين الأخضر مشيرًا إلى التعاون مع بلجيكا لتصديره إلى أوروبا عبر ميناء جرجوب وصولا إلى بروج فى بلجيكا، للانتفاع به فى القارة الأوروبية.
الموضوع الثانى الذى تحدث عنه عبد العاطى، متعلق بالمصريين في الخارج، الذى قال أن أوضاعهم تحظى بدعم القيادة السياسية، لافتاً إلى البدء في ميكنة الخدمات القنصلية، والفترة الماضية شهدت اجتماعات بين الخارجية والداخلية والاتصالات للدفع في اتجاه الميكنة، بالإضافة إلى حل موضوع شحن جثامين المصريين، مع الأخذ في الاعتبار أن الدولة لا تبخل على أي أسرة مصرية فقد عضو بها، لذلك فإن التعليمات المباشرة للسفارات هو شحن الجثامين على نفقة الدولة في حال وجد ان الأسرة لا تملك دفع هذه النفقات.