دينا الحسيني تكتب: «في ذكرى إعدامه» سيد قطب ترك إرثاً أسود لجماعة لا تتعظ
السبت، 31 أغسطس 2024 06:04 م
58 عاما مرت على إعدام سيد قطب، على خلفية تورطه في قضية تنظيم الإخوان التي خططت لتفجير القناطر الخيرية ومهاجمة عدد من المنشآت السيادية في وقت واحد، عام 1964، بهدف إغراق الدلتا وشل حركة الدولة، وهي القضية التي تورطت فيها زينب الغزالي، وحُوكم فيها محمد مهدي عاكف، المرشد السابق لجماعة الإخوان الإرهابية، وسجن ما يقرب من ربع قرن.
قطب «مواليد 1906، وهي سنة ميلاد حسن البنا»، زرع بذور الإرهاب، لن يبدد إرثه الأسود، ولا يزال خطابه حاضرا في ممارسات الإخوان وحلفائهم في مصر واليمن وليبيا وسوريا والعراق، وفي ممارسات داعش والجماعات المتطرفة والميليشيات المسلحة في كل ساحات وبؤر الصراع المشتعلة في المنطقة، فالجماعة الإرهابية التي تلطخت أيديها بدماء الأبرياء، حريصة طوال الوقت على عدم الاعتراف بجرائمها، وما زالت تتهرب من جرائمها الدنيئة ضد المصريين بعد 30 يونيو ، تماما كما فعل قطب الذي اعترف لنفسه في كتاب «لماذا أعدموني» أنه رصد نشأة التنظيم وفكرة مهاجمة القناطر الخير وإغراق القاهرة وغيرها من الجرائم، لكن منذ هذا التاريخ يصر الإخوان على أن سيد قطب بريء، وكأن أفعال الإخوان، حتى لو كانت إجرامية، هي أعمال بطولية من وجهة نظرهم ولا تستحق الاعتذار.
عدم اعتراف الجماعة الإرهابية بخطئها، مبدأ عام واعتقاد ثابت لها، والدليل على ذلك أنها لا تعترف بأن كل من تنفذ فيه الأحكام القضائية من الإخوان قاتل، بل تناديه في كل مناسبة بـ«الشهيد»، وتدعي إعدامه ظلما، كما ادعت على النظام بعد إعدام قطب أنهم قتلوه، وفي التخطيط لاغتيال جمال عبد الناصر، واغتيال النقراشي، واغتيال الخزندار، و اغتيال الشهيد هشام بركات النائب العام الأسبق، رأى الإخوان أنهم يقومون بعمل بطولي، وليس جريمة.
الجماعة التي تحيي ذكرى إعدام قطب، وتصر على وصفه بـ«الشهيد»، لا تزال تستجمع أفكاره الدموية من تاريخهم المزور لتعيد توظيفها في الوقت الحاضر، من خلال تقديمها في شكل مبادئ وتوجيهات، وتجاهلت الجماعة الإرهابية أن قطب هو رأس الفتنة والإرهاب وأول من أصَّل للعمليات الإرهابية والعنف الممنهج بأفكاره السامة التي قدمها في كتابه المزعم بأنه دعوي «معالم في الطريق»، وهو كتاب يتخذه التنظيم الإرهابي مرجعاً لتبرير عملياته، ويُعد دستوراً للتكفيريين.
لم يتعلم الإخوان الإرهابيون من دروس الماضي، ولم يحاولوا الاستفادة من التجارب التي مروا بها، والتي مرت بها الأمة بأكملها منذ إعدام مرشدهم ، ما يعكس إصراراً معلناً وليس خفيا على اتباع أفكاره الدموية، استناداً لكتاب «في ظلال القرآن» الذي قال فيه صراحة: «إن المسلمين الآن لا يجاهدون وذلك لأن المسلمين اليوم لا يوجدون».
يرى قطب من وجهة نظره أن بيوت مصر غير مسلمة حتى ولو نطقوا «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، وبالتبعية مساجد مصر مساجد جاهلية، وهذا يفسر لماذا نفذت الجماعة الإرهابية بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة عملياتهم الخسيسة التي طالت المصلين في المساجد وكان الحادث الأشهر تفجير «مسجد الروضة »، وبالتالي المواطن العادي في الشارع والضباط والحكام كفار من وجهة نظر أبناء سيد قطب إلا من انضم إليهم بخلاف ذلك الدماء المباحة.
تناست الجماعة الإرهابية عمداً أنه خرج من تحت عباءتها فكر قطبي خالصاً ، تحت اسم حركة «حسم» لتكمل لبنة أفكار قطب، ولعبت الحركة الدور الأخطر كجناح عسكري مسلح ويدها التي تقمع كل من يخالف رأي الجماعة، التي لا تزال تحلم بالعودة إلى الساحة السياسية في مصر من جديد، وظهرت بعملياتها الإرهابية بعد ثورة 30 يونيو 2013، عندما قرر المصريون عزل الإخوان عن الحياة السياسية ورفضوا إبقائهم في السلطة، فاتخذ قيادات جماعة حركة حسم المسلحة عدة مسارات منذ تأسيسها لاختراق الأجهزة الأمنية لتسهيل تحركات العناصر الإرهابية وأنشطتها العدائية، إلا أن الأجهزة الأمنية سرعان ما علمت بهذا المخطط.
لاتزال الإرهابية تنفذ خطة معلنة أقرها قطب وهي خطة: «رد الاعتداء على الحركة الإسلامية»، والتي تقوم على شل حركة الدولة المصرية، وتدمير منشآتها وبنيتها التحتية واغتيال قادتها ونسف محطات الكهرباء، وبمراجعة ما حدث من 30 يونيو، وحتى الأن نجد أن الجماعة الإرهابية طبقت أفكار قطب، وكان هدفهم الأول والأخير خلال الاعتصامين المسلحين برابعة والنهضة هو إثبات فشل النظام وعدم قدرته على الإدارة ، ومن هنا خرجوا بمظاهرات وأطلقوا الشائعات خاصة فيما يخص عمليتي فض اعتصام رابعة والنهضة من قبل الأجهزة الأمنية وخاصة أنها تمت تحت مراقبة دولية إلا أنهم روجوا شائعات عن سقوط شهداء من صفوفهم برصاص الأمن على خلاف الحقيقة، وهكذا احتكمت الجماعة الإرهابية لخطة رد الاعتداء على الحركة الإسلامية التي أقرها قطب خلال تعاملهم مع الدولة المصرية إبان الثورة الشعبية التي أطاحت بحكم محمد مرسي العياط وجماعته الإرهابية.