منطقة على فوهة بركان.. كيف قرأت مصر مبكرا خطورة غياب الحلول لحرب غزة؟
الخميس، 29 أغسطس 2024 11:28 م
تواجه القضية الفلسطينية منعطفًا خطيرًا وغير مسبوق منذ اندلاع عملية “طوفان الأقصى” التى قامت بها حركة حماس فى السابع من أكتوبر 2023، والتى ردت عليها إسرائيل بإعلان الحرب على قطاع غزة بهدف القضاء على حماس عسكريًا وسياسيًا، لم تمثل هذه الأحداث تحديًا للقضية الفلسطينية فحسب؛ بل للدور المصرى، ولا سيما مع ارتباط غزة بالأمن القومى المصرى المباشروعليه، فقد تطلب الوضع من مصر رسم سياسات تجاه إسرائيل والقضية الفلسطينية فى إطار مبدأ حل الدولتين الذى يمثل محدِّدًا ثابتًا فى السياسة الخارجية المصرية ومحددات أمنها القومى.
وتبذل مصر جهود حثيثة تبذلها لوقف العدوان الإسرائيلى على الأراضى الفلسطينية، إلا أن تعنت الجانب الإسرائيلى وإصراره على مواصلة العدوان على قطاع غزة والذى امتد الأن إلى الضفة الغربية سيكون من العوامل الكبيرة التى تساعد على اتساع رقعة الصراع فى منطقة الشرق الأوسط وهو ما حذرت منه القاهرة مرارا وتكرارا.
ويعد التعنت الإسرائيلى الذى يحمل فى طياته أهدافا شخصية لنتنياهو، والذى يدرك أن انتهاء الحرب يعنى نهاية بقاءه فى السلطة، هو أحد أهم أسباب إطالة أمد الحرب وسقوط مئات الشهداء يوميا من الفلسطينيين، وهو الأمر الذى قد يؤدى إلى تأجيج التوترات فى الشرق الأوسط.
خروج الصراع الإسرائيلى الفلسطينى عن الإطار الجغرافى وتوسعة ليشمل اليمن وسوريا ولبنان هو ما حذرت منه القاهرة منذ اندلاع الأزمة، حيث ساهم خروج الصراع من قطاع غزة، فى الكثير من الأزمات التى لم تقتصر بدورها على الإقليم، وإنما فى واقع الأمر امتدت إلى العديد من الدول الأخرى، فى ضوء تأثر حركة التجارة الدولية خاصة فى البحر الأحمر.
رسائل قوية للرئيس السيسى خلال لقائه وفد الكونجرس الأمريكى برئاسة السيناتور جونى ارنست اليوم والتى حذر فيها من تصاعد التوترات فى الشرق الأوسط واتساع رقعة الصراع بسبب استمرار الحرب على قطاع غزة والتصعيد الإسرائيلى فى الضفة الغربية.
ودعا الرئيس السيسى لبذل المزيد من الجهود الدولية لوقف التصعيد بالأراضى الفلسطينية، والعمل بشأن حل الدولتين، وقيام دولة فلسطينية مستقلة لضمان الأمن والاستقرار للشرق الأوسط.
فقد استقرأت مصر منذ اللحظات الأولى على إعلان إسرائيل الحرب على غزة والقضاء على حماس، أنها محاولة من حكومة نتنياهو الأكثر تطرفًا فى تاريخ إسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية. لذلك، سعت مصر إلى رفض سياسة العقاب الجماعى، ومنع التهجير القسرى للفلسطينيين إلى أراضى سيناء للحيلولة دون خلق نكبة ثانية تقوم على تصفية الشعب الفلسطينى باعتباره الذخر الاستراتيجى للقضية، كما عملت مصر على المبادأة بتقديم وساطة عبر القنوات السياسية والأمنية لوقف الحرب فى غزة، واعتبارها جريمة ضد الشعب الفلسطينى فى القطاع. دفعت مصر وساطتها إلى إسرائيل وحركة حماس لعقد صفقة إفراج عن المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس مقابل وقف إطلاق النار، ونجحت بذلك فى عقد هدنة إنسانية مؤقتة.
حرصت مصر على توحيد الموقف العربى، خاصة بين دول السعودية والإمارات والأردن وقطر، بالإضافة إلى السلطة الفلسطينية؛ بهدف تفويت الفرصة على إسرائيل بالذهاب فى خطط تقضى بتصفية القضية الفلسطينية، مثل وضع قوات دولية أو قوات إسرائيلية فى قطاع غزة، أو تحييد دور السلطة الفلسطينية فى قطاع غزة. بالإضافة إلى تفويت الفرصة على إسرائيل لخلق موقف متعارض بين مصر وقطر فى جهود الوساطة فى مفاوضات الإفراج عن المحتجزين وعقد الهدن الإنسانية فى غزة، كما تستهدف مصر من خلال توحيد الموقف العربى الذهاب إلى خلق مناخ سياسى مستقر بهدف إقامة دولة فلسطينية مستقلة فى إطار مبدأ حل الدولتين.
وتسعى مصر جاهدة لخلق مناخ وأفق سياسى مستقر للشعب الفلسطينى فى إطار المصالحة بين فتح وحماس، بهدف تطوير عمل منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية فى الأراضى الفلسطينية سواء فى الضفة أو غزة.
وتحاول مصر منع وقوع كارثة إنسانية فى قطاع غزة بسبب احتلال إسرائيل للجزء الفلسطينى من معبر رفح. فبالاضافة إلى اعتبار مطار العريش شمالى سيناء نقطة استقبال مركزية للمساعدات التى يتم إرسالها إلى مصر من جميع دول العالم تقريبًا، عملت مصر على فتح مسار جديد يربط مصر بقطاع غزة من خلال معبرى العوجة وكرم أبو سالم لزيادة كميات القوافل النافذة إلى القطاع. ووحدت مصر أيضًا جهودها بالتعاون مع الأردن والإمارات والولايات المتحدة فى تنفيذ عمليات إنزال جوى للمساعدات على قطاع غزة، وبالتحديد فى منطقة شمال غزة التى يقبع بها أكثر من 300 ألف فلسطينى يواجهون خطر المجاعة.