أسبوع الحسم المصرى لتجنيب المنطقة حربا إقليمية.. رسالة الرئيس السيسى للعالم: الوقت حان لإنهاء الحرب والاحتكام لصوت العقل والحكمة
السبت، 24 أغسطس 2024 02:25 ممحمود على
تحذيرات مصرية من خطورة توسيع الصراع إقليميا.. والقاهرة تؤكد للأطراف الدولية والأقليمية: وقف إطلاق النار فى غزة هو الضامن الأساسى للاستقرار
جهود دبلوماسية كبيرة بذلتها مصر خلال الأسبوع الماضى، استمرارا لجهود سابقة، تستهدف تجنيب منطقة الشرق الأوسط حرب إقليمية شاملة، تهدد ما تبقى من الاستقرار بها، فمن اتصالات عديدة تجريها الإدارة المصرية مع زعماء الدول الكبرى لإقرار الهدنة فى قطاع غزة ووقف العدوان المستمر منذ أكتوبر الماضى، وصولا إلى تحركات للقاهرة على أكثر من جبهة للحد من تفاقم الأوضاع ووقف أى تداعيات قد تؤدى بالإقليم إلى الوقوع فى ما لا يحمد عقباه واشتعال جبهاته أكثر وأكثر.
وألقت التحركات المصرية المكثفة بظلالها على تطورات الأوضاع فى المنطقة، إذ أدت إلى دفع مسار مفاوضات التهدئة ووقف إطلاق النار فى غزة إلى الأمام، فضلا عن وقف التصعيد المحتمل فى جبهات القتال الأخرى خاصة فى لبنان واليمن من جهة، وتهدئة حالة التوتر المؤشرة بالاتساع بين إيران وإسرائيل من جهة أخرى.
والبداية جاءت من تكثيف الجهود المصرية لوضع حد للمأساة التى تشهدها غزة طيلة الـ10 شهور الماضية، وهو ما كشفه البيان الثلاثى المشترك بين مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدا أن المسؤولين المصريين انخرطوا مع كبار المسؤولين القطريين والأمريكيين فى محادثات مكثفة كوسطاء بهدف إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار فى غزة والإفراج عن الرهائن والمحتجزين، مشيرا إلى أن هذه المحادثات جادة وبناءة وأُجريت فى أجواء إيجابية.
كما واصل الرئيس عبدالفتاح السيسى اتصالاته ولقاءاته من أجل اضطلاع العالم بمسئولياته وشرح حجم خطورة استمرار الحرب على غزة وتداعياتها على المنطقة، فخلال الأسبوع الماضى، تلقى الرئيس اتصالا هاتفيا من الرئيس الأمريكى جو بايدن، تناول الأوضاع بالمنطقة وجهود استعادة الاستقرار الإقليمى، مستعرضا مع نظيره الأمريكى نتائج جولة المفاوضات التى عقدت بالدوحة، فى إطار تنفيذ البيان المشترك «المصرى - الأمريكى -القطرى»، بشأن التوصل لوقف فورى لإطلاق النار بقطاع غزة، وتبادل الرهائن والمحتجزين، وإنهاء المعاناة الإنسانية لأبناء الشعب الفلسطينى فى غزة، واتفقا على مواصلة وتكثيف الجهود المشتركة خلال الأيام المقبلة للتوصل لاتفاق فى هذا الصدد.
ولم يفوت الرئيس السيسى خلال اتصالاته الأخيرة الفرصة بالتأكيد على استمرار التواصل مع مختلف الأطراف فى المنطقة، للحث على عدم التصعيد وضبط النفس فى ضوء خطورة الوضع بالشرق الأوسط، مشددا على ضرورة احترام سيادة الدول وتجنيب المنطقة الانزلاق إلى حلقة مفرغة من المواجهات والعنف.
وفى إطار مواصلة التحركات الساعية لتهدئة الأوضاع فى غزة، التقى الرئيس السيسى وزير الخارجية الفرنسى خلال الأسبوع الماضى، وقد شدد الرئيس على ضرورة تضافر جميع الجهود لاغتنام فرصة المفاوضات الجارية، والوصول إلى اتفاق يحقن الدماء ويجنب المنطقة عواقب التصعيد، مؤكدا أن استمرار الحرب بالقطاع يجر المنطقة إلى دائرة مفرغة وخطيرة من عدم الاستقرار، منوها إلى مسئولية المجتمع الدولى فى ما يتعلق بالضغط لخفض التصعيد، ومُعالجة جذور هذا النزاع بإقامة الدولة الفلسطينية وإنفاذ حل الدولتين، وهو ما اتفق معه وزير خارجية فرنسا، مؤكدا دعم بلاده الكامل لتلك الجهود، واستمرار نشاطها المكثف بهدف إنهاء حالة التوتر الإقليمى الراهنة.
ولم تقف الاتصالات واللقاءات هنا، حيث استمر الرئيس السيسى فى دفع جهود استعادة الأمن والاستقرار بالمنطقة، باستقباله - الثلاثاء الماضى - وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن، مستعرضا معه جهود الوساطة المشتركة «المصرية - الأمريكية - القطرية» لوقف إطلاق النار فى غزة وتبادل المحتجزين، حيث تم تبادل الآراء بشأن سبل تحريك الموقف وإحراز تقدم فى المفاوضات الجارية بالقاهرة.
وأطلع «بلينكن» الرئيس السيسى على نتائج زيارته لإسرائيل، مؤكدا التزام الولايات المتحدة بجهود التهدئة والتوصل لاتفاق، وقد حرص الرئيس على التأكيد أن الوقت قد حان لإنهاء الحرب الجارية، والاحتكام لصوت العقل والحكمة وإعلاء لغة السلام والدبلوماسية، مشددا على خطورة توسع نطاق الصراع إقليميا على نحو يصعب تصور تبعاته، مشيرا إلى أن حقن دماء الشعوب يجب أن يكون المحرك الرئيسى لكل الأطراف، وأن وقف إطلاق النار فى غزة يجب أن يكون بداية لاعتراف دولى أوسع بالدولة الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، باعتبار ذلك الضامن الأساسى لاستقرار المنطقة.
وخلال الأسبوع الماضى، استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى أمينة محمد، نائبة سكرتير عام الأمم المتحدة، متطرقا أيضا خلال اجتماعه إلى الأوضاع الإقليمية وسبل التهدئة واستعادة الاستقرار فى المنطقة، متناولا الجهود الجارية لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل المحتجزين، والجهود المصرية المكثفة لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وما تلاقيه من عراقيل، وقد شدد الجانبان على أهمية الدور المحورى الذى تقوم به وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، وما يكتسبه ذلك الدور من أهمية مضاعفة فى الوقت الحالى، فى ضوء الأزمة الإنسانية الكارثية بالقطاع، التى تستوجب وقفة حاسمة من المجتمع الدولى فى هذا الصدد.
نشاط دبلوماسى واسع لوقف التصعيد بالمنطقة
وركز النشاط الدبلوماسى المصرى أيضا على وقف التصعيد الخطير والمؤشر بالاتساع بين إسرائيل من جهة، وحزب الله اللبنانى وإيران من جهة أخرى، فبعد أن شعرت القاهرة بحساسية الموقف وضرورة التحرك سريعا لوضع حد لتفاقم التوترات بالمنطقة، توجه وزير الخارجية الدكتور بدر عبدالعاطى إلى لبنان ليجرى عدد كبير من اللقاءات مع المسؤولين اللبنانيين، للتشاور حول جهود وقف التصعيد ومساعى إقرار التهدئة وتغليب مصلحة لبنان وشعبه الشقيق.
وخلال اجتماعه مع رئيس مجلس النواب اللبنانى نبيه برى، ورئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتى، أكد وزير الخارجية والهجرة على أن الزيارة الحالية التى يقوم بها إلى لبنان تأتى فى إطار توجيهات القيادة السياسية بتأكيد دعم مصر الكامل والثابت لسيادة واستقرار لبنان، مستعرضا الجهود والاتصالات التى قامت بها مصر لرفض أية انتهاكات للسيادة اللبنانية، متطرقا إلى جهود مصر المستمرة لمحاولة التوصل لوقف إطلاق النار فى غزة كمفتاح للتهدئة وإنهاء التصعيد الإقليمى الحالى، معيدا التأكيد على الموقف المصرى الرامى لمنع اتساع رقعة الصراع والحيلولة دون اندلاع حرب إقليمية ستدفع المنطقة بأسرها إلى حالة غير مسبوقة من التوتر وعدم الاستقرار، مشددا على أن إنهاء الحرب فى غزة ومنع امتدادها للبنان هو الأولوية المصرية الملحة فى الوقت الراهن.
ومن الحرص على تهدئة الأوضاع فى لبنان، إلى التحرك لمنع انزلاق المنطقة لمزيد من الفوضى باحتواء التصعيد والتوتر القائم بين إيران وإسرائيل فى أعقاب اغتيال رئيس المكتب السياسى لحركة حماس إسماعيل هنية بطهران، وهنا كان لوزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطى اتصالا هاتفيا مع وزير خارجية إيران بالوكالة «على باقرى كنى»، وقالت وزارة الخارجية إن الاتصال جاء فى إطار المساعى المصرية المُكثفة التى تستهدف احتواء التصعيد الذى تشهده المنطقة، والحرص على التواصل المُستمر مع كافة الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة لتخفيف حدة التوتر التى يشهدها الإقليم.
وجرى خلال الاتصال مناقشة الجهود المصرية لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة، حيث أكد د. عبدالعاطى، أن مصر لن تألو جهدا لإنهاء المعاناة الإنسانية غير المسبوقة للشعب الفلسطينى، وأن المجتمع الدولى أصبح مدركا أكثر من أى وقت مضى لضرورة وقف الحرب وإنجاز صفقة تبادل الرهائن والأسرى، وقد أكد وزير الخارجية على أهمية العمل على احتواء أى تصعيد فى المنطقة بسبب الحرب فى غزة، وشدد على ضرورة تفادى مخاطر توسيع رقعة الصراع الحالى، والتى لن تؤدى إلا لمزيد من عدم الاستقرار وتهديد السلم والأمن الإقليميين والدوليين، كما استعرض د. عبدالعاطى الاتصالات الإقليمية والدولية التى تجريها مصر لتحقيق هذا الهدف، وبما يخدم جميع شعوب المنطقة، مؤكدا على أن هناك مصلحة مصرية فى وقف التصعيد.
والثلاثاء الماضى، خلال استقباله نظيره الأمريكى، أنتونى بلينكن، اكد الدكتور بدر عبدالعاطى، وزير الخارجية، أن التوصل إلى وقف إطلاق النار ييسر إجراءات تبادل الأسرى والمحتجزين، ويحقن دماء الفلسطينيين فى القطاع، ويسمح بدخول المساعدات الإنسانية بالكم الكافى لاحتواء الكارثة الإنسانية القائمة، هو السبيل الوحيد ليس فقط لوضع حد للمعاناة الإنسانية التى يشهدها قطاع غزة، ولكن أيضا للحيلولة دون خروج الوضع الإقليمى عن السيطرة وارتفاع حدة التصعيد بشكل يهدد استقرار الإقليم بأكمله وسلامه شعوب المنطقة.
كما أكد «عبدالعاطى» للوزير الأمريكى على رؤية مصر وجميع دول الإقليم تجاه مستقبل استقرار الشرق الأوسط، تتأسس على إيجاد حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية، وضمان إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.
إشادات دولية واسعة بجهود مصر فى وقف التصعيد بالمنطقة
لاقت التحركات المصرية والجهود المبذولة فى إطار وقف الحرب بغزة، وتفادى مخاطر توسيع رقعة الصراع بالمنطقة، الكثير من الإشادات الدولية، والبداية جاءت من وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن الذى جدد الأسبوع الماضى التأكيد على تقديره للدور المصرى فى تحقيق الأمن والاستقرار فى المنطقة.
فى الوقت نفسه أعرب وزير الخارجية الإيرانى بالوكالة على باقرى كنى» خلال اتصال بوزيره الخارجية المصرى، عن تقديره للجهود المصرية الحالية والمسئولية التى تتحملها مصر لوقف الحرب فى غزة والتهدئة، مؤكدا اهتمامه باستمرار التواصل بين البلدين بهدف العمل على تحقيق الاستقرار فى المنطقة.
ولم تقف الإشادات بحجم الجهود المقدمة من مصر هنا، فخلال زيارة وزير الخارجية الدكتور بدر عبدالعاطى إلى لبنان لمس حجم التقدير البالغ للدعم المصرى للبنان فى تلك الظروف الدقيقة، حيث أشاد رئيس مجلس النواب اللبنانى بما تقوم به مصر من دور محورى على كل المستويات من أجل إيجاد السبل الناجعة لمساعدة الجانب اللبنانى حيال كل ما يواجهه من تحديات، والعمل على وقف التداعيات الخاصة باتساع دائرة الحرب، بما يعرض أمن وسلامة لبنان والمنطقة للدخول فى مرحلة من عدم الاستقرار، من جانبه أكد رئيس الحكومة اللبنانية على أنهم يعولون على الدور المصرى المساند للبنان، مشيدا بالجهود المصرية الحثيثة لإقرار التهدئة فى المنطقة وخفض التصعيد، وما تتحمله القاهرة من مسئوليات كبيرة للتوصل لوقف إطلاق النار فى غزة، بالتوازى مع مساعيها لمنع الانجرار إلى فتح جبهة حرب جديدة فى لبنان، وذلك بهدف ضمان الصالح الوطنى اللبنانى، وبما يحفظ أمنه وحقوقه ومقدراته وسلامة شعبه.
فى سياق متصل، أعرب وزير الخارجية الفرنسى عن إشادته بالدور الحيوى الذى تقوم به مصر فى الوساطة المشتركة مع قطر والولايات المتحدة، بهدف التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل الرهائن، وأشادت نائبة السكرتير العام بالدور المصرى النشيط فى المحافل الدولية وخاصة الأمم المتحدة، وبدفع مصر الدؤوب تجاه السلام والاستقرار بالمنطقة، بهدف تجنيبها مواجهة إقليمية قد تكون لها تبعات شديدة السلبية إقليميا ودوليا، كما شددت على تقدير الأمم المتحدة للدور الإنسانى المحورى الذى تضطلع به مصر فى ملف اللاجئين بالمنطقة.
جولة جديدة للمفاوضات فى القاهرة لبحث التهدئة فى غزة
وفى أعقاب انتهاء جولة المفاوضات فى الدوحة، أكدت مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية، على الاجتماع مجددا فى القاهرة لاستكمال مفاوضات الهدنة، على أمل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فى غزة، وأكدت الدول الثلاث فى بيانها المشترك أن «الطريق أصبح ممهدا لتحقيق وقف إطلاق النار وإنقاذ الأرواح، وتقديم الإغاثة لشعب غزة، وتهدئة التوترات الإقليمية».
وتعكس التحركات المصرية الأخيرة الساعية إلى وقف إطلاق النار فى غزة، الدور المصرى القيادى فى تحقيق السلام الإقليمى واستعادة الاستقرار فى المنطقة من خلال استمرار نشاطها الفعال فى رعاية المفاوضات ومساهمتها بشكل كبير فى تقديم الحلول الدبلوماسية التى تتسم بالمرونة والجدية، حيث تواصل القاهرة إثبات قدرتها على لعب دور الوسيط الفاعل فى النزاعات الإقليمية، مستندة إلى تاريخ طويل من الجهود الدبلوماسية الناجحة للوصول إلى التهدئة وتحقيق نتائج إيجابية ملموسة، خاصة فى ظل الوضع الإنسانى المتأزم فى غزة».