من جوانتانامو إلى سديه تيمان.. يا قلبي احزن

السبت، 17 أغسطس 2024 01:21 م
من جوانتانامو إلى سديه تيمان.. يا قلبي احزن
حمدى عبدالرحيم

 على درب أمريكا تمضى دولة الاحتلال فإذا كانت الأم تعذب وتنتهك أبسط حقوق الإنسان فما الذى سيحول بين الابنة وبين تقليد أمها؟!
 
بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر، قررت الولايات المتحدة الأمريكية تدمير دولتين، الأولى هى العراق، والثانية هى أفغانستان، مبررها مع الثانية كان موجودًا وهو احتضان أفغانستان لقيادات وقواعد من تنظيم القاعدة، ذلك التنظيم الذى طالما حظى برعاية أمريكية فى أيام العداء الأمريكى للاتحاد السوفيتى!
 
الموقف مع العراق كان مختلفًا ولذا تضاربت الحجج والمبررات، فقد زعم الأمريكان أن العراق مسئول عن الهجمات التى دمرت البرجين الشهيرين وكادت تدمر وزارة الدفاع الأمريكية التى هى قدس الأقداس، ولكن تلك الحجة لم تجد قبولًا كبيرًا، ولذا بحثوا عن الثانية فقالوا: العراق لديه أسلحة محرمة دوليًا ويمتلك قدرات نووية، وعندما ثبت كذب تلك الشائعة قالوا: سنذهب إلى العراق لنشر الديمقراطية!
 
وقد نشروا الديمقراطية حقًا بعد أن قتلوا أكثر من مليون عراقى ودمروا البنى التحتية لبلد كان واعدًا، وأغرقوه فى الفوضى وفتحوا كل الأبواب أمام الصراعات والنزاعات الطائفية، وعندما تم لهم ما أدروا من تدمير خرج تونى بلير حليفهم البريطانى معتذرًا!
 
فى تلك الأيام الكئيبة عرفنا سِجنين مرعبين، الأول كان سجن أبوغريب والثانى كان اسم معتقل جوانتاناموا.
 
الأهوال التى ارتكبها الأمريكان بحق سجناء السجنين ترعب الخيال ذاته، كل ما يمكن تخيله من تعذيب وانتهاك واغتصاب قام به الأمريكان، وأيامها هاج الإعلام وماج ولكن لم ينج مسجون من المصير الأسود المحتوم.
 
على درب الولايات المتحدة الأمريكية تمضى دولة الاحتلال فإذا كانت الأم تعذب وتغتصب وتنتهك أبسط حقوق الإنسان فما الذى سيحول بين الابنة وبين تقليد أمها؟!
 
دولة الاحتلال تعتقل الفلسطينيين أو بالأحرى تختطفهم لسبب ولغير سبب، وتلقى بهم فى السجون وتصدر عليهم أحكامًا خرافية تصل أحيانًا إلى أربعمئة سنة!
ولا يوجد اسم فلسطينى بارز لم تسجنه دولة الاحتلال لسنوات قد تصل إلى العشرين سنة، كما فى حالة قائد المقاومة يحيى السنوار الذى أمضى فى سجون الاحتلال ما يزيد على العشرين سنة ولم يفرج عنه إلا فى صفقة المحارب جلعاد شاليط.
 
وكل سجون الاحتلال هى شىء، وسجن « سدية تيمان» شىء آخر، فذلك السجن أقامته دولة الاحتلال فى صحراء النقب قرب قطاع غزة بعد بدء عدوان الاحتلال على غزة فى الثامن من أكتوبر وتحتجز فيه مئات الفلسطينيين فى ظروف بالغة السوء.
 
فى ذلك السجن، يعد التعذيب أمرًا عاديًا ومفروغًا، وكذا التجويع حتى أن فلسطينيًا فقد ثلاثين كليوجراما من وزنه خلال أقل من شهرين أمضاهما فى ذلك السجن، ولأن الاحتلال يؤمن إيمانًا مطلقًا بأنه لن يعاقب، فقد تجرأ حراس سجنه المرعب على اغتصاب السجناء الفلسطينيين، وحادثة من حوادث الاغتصاب جرى توثيقها رغم تخفى المجرمين خلف الدروع لكيلا تلتقط الكاميرات وجوههم.
 
عندما وصلت كل هذه الانتهاكات إلى الإعلام - الأمريكى تحديدًا - رأى الاحتلال أن يتجمل لكى يوهم الغافلين بأنه يتمتع بقضاء مستقل حر ونزيه!
 
أمر مكتب المدعى العسكرى بشن حملة على السجن للقبض على عشرة جنود من المتهمين بتعذيب واغتصاب السجناء الفلسطينيين، عندما وصلت الشرطة العسكرية إلى المعتقل اندلعت مواجهات بينهم وبين الجنود الذين رفضوا الاستجابة لأمر القبض عليهم، وظلت الاشتباكات مستمرة لساعات طويلة!
 
‎طبعًا سارع المتطرف بن غفير وزير الأمن القومى، بالوقف بجوار المغتصبين، وقال: إن مشهد دخول الشرطة العسكرية لاعتقال جنود ‎المعتقل أمر مخزٍ، وأن الأولى أن يقوم وزير الدفاع ورئيس الأركان بدعم الجنود بدلا من اعتقالهم!
 
بن غفير لم يكن وحده فى مساندة المغتصبين وفى الدفاع عنهم فقد كان معه كبار قادة اليمين المتطرف، أما الأم الحنون فقد كان موقفها يتناسب مع سجلات جرائمها، فقد قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير إن التقارير الواردة من السجن تبعث على القلق الشديد!
 
شكرًا سيدتى المتحضرة، ويكفى المغتصب أن تشعرى بالقلق!
 
أما دولة الاحتلال فهى فى طريقها لإسدال الستار على القضية كلها، ففى يوم الثلاثاء الماضى نشر إعلام الاحتلال خبرًا جاء فيه: «محكمة عسكرية قررت إنهاء توقيف 5 جنود وإحالتهم للحبس المنزلى لمدة 10 أيام لاستكمال التحقيق معهم، دون أن يتضح ما إذا كان سيتم تقديم لوائح اتهام ضدهم أم لا».
هذه هى أخلاق العالم الذى يصف المقاومين بالهمجية ويصف نفسه بالتحضر!
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق