إيران والقضية الفلسطينية.. مصالح لا تحكمها العاطفة

الأحد، 11 أغسطس 2024 09:54 ص
إيران والقضية الفلسطينية.. مصالح لا تحكمها العاطفة
عصام الشريف

مع ترقب العالم- قبل نحو أسبوع- الرد الإيراني على اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يبدو أن الموقف الإيراني من القضية الفلسطينية انكشف تقريبا وبات واضحا أكثر من أي مرة سابقة، فطهران التي اعتادت مرارا وتكرارا إطلاق التصريحات «العنترية» ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، تتجه الآن إلى عدم الرد رغم صدور العديد من التصريحات القوية التي زعمت أنها ستستهدف الكيان الصهيوني وتخلق حالة رعب غير مسبوقة في تل أبيب، لكن بعد أسبوع تقريبا لا نجد أثرا لهذه التهديدات التي استبدلتها طهران بتصريحات أهدأ كثيرا وسوقت لها أذرعتها الخارجية النشطة، وفي المقدمة حسن نصر الله الذي أكد أن إيران غير مجبرة على الرد على إسرائيل.. فما هو حقيقة موقف إيران من القضية الفلسطينية؟
يذهب البعض بعيدا لدى تحليله العلاقات بين تل أبيب وطهران، فتارة يصفون الدولتين بأنهما «أصدقاء من تحت الطاولة» وأن إيران في الخفاء حليفة لإسرائيل، ويبررون ذلك بعدم وجود أي تهديد من جانب طهران لتل أبيب، طوال أكثر من 40 سنة هي عمر دولة ولاية الفقيه. كما يرون في حزب الله والحوثيين مجرد أدوات إقليمية ليس بالضرورة أنها في يد إيران، بل ربما ستخدمتها قوى إقليمية أو دولية أخرى لتوجيه المنطقة لمسار معين كالذي تشهده الآن، وهي بالطبع مجرد اداعاءات لا يمكن إثباتها أو نفيها لكن تخضع للدراسة والبحث والتحليل في ظل ضبابية المواقف السياسية للدولة الفارسية. 
وفي محاولة فهم طبيعة إيران لا يمكن إغفال 3 أمور.. أولها البرنامج النووي الإيراني، والثاني القومية الفارسية في مجابهة القومية العربية، والثالث القضية الفلسطينية، فهذه الأمور الثلاث هي التي تشكل الصورة حول دولة «الفقيه» التي تأسست في عام 1979.
هنا ستكون أوراق اللعب مختلفة، والكارت الأقوى الذي تملكه إيران أو تسعى لامتلاكه هو برنامجها النووي الذي يكفل لها ليس فقط التواجد بشكل أقوى على الساحة الدولية ولكن يكفل لها الأهم وهو تعزيز مكانتها الإقليمية في محيطها العربي، وبعد هذا تأت القضية الفلسطينية، وهذا ما يفسر تأخر أو غياب الرد الإيراني على اغتيال هنية.
إيران – حتى وإن كانت إسرائيل وجهت لها إهانة كبرى بعد التوغل في أراضيها واغتيال ضيفها- لكنها دولة لا تحكمها الشعارات من الداخل، فبحسبة بسيطة لو ردت إيران ردا قويا على إسرائيل، هي تعلم أن الأخيرة لن تقف مكتوفة الأيدي وسترد لتبدأ معارك بين الجانبين ربما لا تتوقف، وهو ما قد يقوض في النهاية البرنامج النووي الإيراني الذي تسعى طهران لإتمامه بأي ثمن حتى ولو كان على حساب قيام الدولة الفلسطينية نفسها، فهنا الحديث يتعلق بمصالح الدول وليس بالشعارات العاطفية والرومانسية السياسية، وهذا ما تفعله إيران اليوم، فهي تدرس خطواتها جيدا قبل توجيه ضربة انتقامية لإسرائيل، ربما تنفذ انتقامها من خلال حزب الله أو الحوثيين لكنها لن تدخل في مواجهة مباشرة مع الكيان الصهيوني إلا بعد امتلاك القنبلة النووية التي تسعى إلها رغم نفي المسؤولين الإيرانيين ذلك.
وبوضوح، قد تكون إيران مهمومة بالقضية الفلسطينية لكنها مهمومة أكثر ببرنامجها النووي وتحقيق مصالحها الإقليمية والإعلاء من القومية الفارسية، ومن هنا يمكن فهم الموقف الإيراني ولماذا لم ترد حتى الآن على إسرائيل؟

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق