دعم البترول مستمر.. تخصيص 499 مليار جنيه لدعم المواد البترولية بموازنة 2024/2025 بزيادة 36 مليار جنيه عن العام الماضى

السبت، 03 أغسطس 2024 07:00 م
دعم البترول مستمر.. تخصيص 499 مليار جنيه لدعم المواد البترولية بموازنة 2024/2025 بزيادة 36 مليار جنيه عن العام الماضى
هبة جعفر

- نقلا عن العدد االجديد النسخة الورقية:
 
- نائب رئيس هيئة البترول سابقا لـ«صوت الأمة»: رفع أسعار المنتجات البترولية ضرورى.. ونستهلك كميات كبيرة من البترول و40% من السولار المستهلك نستورده
 
دعم المنتجات البترولية، من البنود المهمة الموازنة العامة للدولة، فرغم تحريك أسعار المنتجات البترولية قبل أيام، نظرا لتأثر مصر بالتغيرات التى تحدث فى العالم من حروب وانتشار أوبئة، إلا أن الدولة ما زالت تحرص على تقديم الدعم للبترول من أجل تخفيف الأعباء عن المواطن البسيط، ومساندته فى ظل الأزمة الاقتصادية العالمية وارتفاع التضخم، وتحملت الموازنة العامة للدولة 18.7 مليار جنيه لدعم السلع البترولية خلال عام 2019/2020، وزاد البند بقيم بسيطة إلى 18.9 مليار جنيه فى العام المالى التالى 2020/2021 بسبب انخفاض أسعار النفط وقتها متأثرة بجائحة فيروس كورونا، وبعدها تضاعفت قيمة الدعم إلى 59.8 مليار جنيه فى العام المالى 2021/2022.
 
وواصل بند دعم السلع البترولية زيادته ليصل إلى 119.4 مليار جنيه فى العام المالى 2023/2024 وفقا لبيانات وزارة المالية، ثم زيادة بند دعم البترول حيث خصصت الحكومة نحو 154.499 مليار جنيه لدعم المواد البترولية بموازنة العام المالى الجديد 2024/2025 المزمع، مقابل 119.19 مليار جنيه بموازنة العام السابق، بزيادة قدرها نحو 35.80 مليار جنيه بنسبة زيادة قدرها 29.4%، ويتوقع أن تتحمل الموازنة العامة للسنة المالية الحالية أعباء إضافية عن المبالغ المخصصة لبند دعم السلع البترولية، بسبب ارتفاع متوسط سعر برميل البرنت إلى نحو 85 دولارا للبرميل، نتيجة التذبذب الكبير فى الأسواق العالمية نتيجة للحرب الروسية الأوكرانية، وما تبعها من توقف وقلة سلاسل الإمداد، فى حين قدرت الموازنة وقت إعدادها سعر برميل البرنت بـ80 دولار، بخلاف تطبيق نظام سعر صرف مرن للجنيه المصرى أمام العملات الأجنبية.
 
ورغم أن التوترات الجيوسياسية بالمنطقة أثرت بشكل كبير على أسواق النفط خلال الفترة الماضية، حيث شهدت حالة من ارتفاع الأسعار نتيجة ارتفاع تكاليف النقل والشحن البحرى للنفط الخام والمنتجات البترولية، لتأثرها بما يحدث من اضطرابات فى البحر الأحمر، وبالتالى كل ذلك أدى إلى ارتفاع أسعار النفط الخام والمنتجات البترولية، وقد تأثرت مصر بكل الظروف المحيطة بها، وساهم ذلك فى رفع الأسعار للمنتجات البترولية، حيث أعلنت لجنة التسعير التلقائى للمنتجات البترولية الأسعار الجديدة للمنتجات البترولية، وجاء هذا القرار فى إطار خطة الوصول إلى نقطة توازن ما بين أسعار البيع فى السوق المحلى وأسعار التكلفة، ولتأثر الدولة - كبقية دول العالم - بالارتفاعات السعرية التى شهدتها أغلب الأسواق النفطية على مستوى العالم خلال السنوات القليلة الماضية.
 
وبذلت الدولة المصرية جهودا كبيرا للسيطرة على أسعار البنزين والمشتقات البترولية، حيث تحملت عبئا ماليا كبيرا، لدعم المواد البترولية، بالإضافة إلى القدرة المصرية على توفير المنتجات البترولية محليا، وهو الأمر الذى قلص الاعتماد على الاستيراد بشكل كبير خلال العام الماضى، لوجود خطة إستراتيجية لتحقيق الإكتفاء الذاتى من المشتقات البترولية خلال العام الجارى، عن طريق التوسع فى إنشاء معامل التكرير، وهو الأمر الذى سيساعد الدولة فى إطالة حالة الاستقرار والاستدامة فى ملف المنتجات والمواد البترولية، وبالإضافة إلى زيادة معدلات الحفر الاستكشافى، وتعزيز التعاون الإقليمى فى صناعة النفط الخام والغاز الطبيعى.
 
ومنذ يوليو 2016 طبقت الحكومة المصرية آلية التسعير التلقائى للمنتجات البترولية، لخفض فاتورة تكلفة الدعم فى الموازنة العامة للدولة، لكن بيانات وزارة المالية تكشف عن استمرار تضخم بند دعم السلع البترولية بسبب الزيادة المستمرة فى أسعار النفط عالميا بسبب الاضطرابات السياسية دوليا، وقلة سلاسل الإمداد والحرب الروسية الأوكرانية والحرب فى غزة.
 
وتقوم آلية التسعير التلقائى للمنتجات البترولية، على وضع معادلة سعرية للمنتجات البترولية مرتبطة بعاملين سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وأسعار النفط عالميا، إضافة إلى أعباء التشغيل، وتطبق الكثير من البلدان هذه الآلية فى تسعير المنتجات البترولية وتنخفض أو تزيد الأسعار وفقا للسعر العالمى.
وجاء إصلاح دعم الطاقة وتصحيح أسعارها، لا سيما الوقود، فى مقدمة أهداف برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى، والذى انطلق عام 2016، من خلال برنامج زمنى تدريجى، لكنه تأثّر بأزمة كورونا، ومن بعدها الحرب الروسية الأوكرانية، ومؤخرا حرب غزة، حيث تستهلك مصر سنويا 18 مليار لتر سولار، وحاليا كل لتر سولار يستهلكه المواطن تدعمه الدولة بحوالى 10 جنيهات، وهو ما يعنى أن قيمة دعم السولار مرتفعة بشكل كبير.
 
ورغم الارتفاع فى الأسعار إلا إن الدولة تسير فى تنفيذ خطتها بمضاعفة توصيل الغاز للمنازل لتصل إلى أكثر من 6 ملايين وحدة لـ 14.2 مليون وحدة، فيما دخل الغاز الطبيعى لـ81 منطقة جديدة لأول مرة منها 33 بالصعيد، ويتضمن مشروع «حياة كريمة» توصيل الغاز الطبيعى إلى 374 قرية كمرحلة أولى، تم الانتهاء من التوصيل إلى 196 قرية شبكات خارجية، 119 قرية شبكات داخلية، وتم إطلاق الغاز لخدمة 115 قرية شبكات داخلية وخارجية، وجار العمل فى بقية القرى طبقا والبرامج الزمنية.
 
وتضمنت خطة الدولة خلال الثلاث سنوات المقبلة 2024-2027 العمل على زيادة الاستشكافات للبترول وزيادة الإنتاج المحلى من الثروة البترولية، خاصة الزيت الخام والغاز الطبيعى، من خلال الإسراع بعمليات تنمية الآبار الجديدة المكتشفة، ووضعها على خريطة الإنتاج، وكذا تكثيف أعمال البحث والاستكشاف فى مناطق مصر البرية والبحرية، وجذب المزيد من الاستثمارات الجديدة فى مجال البحث والاستكشاف والطاقات الجديدة كالهيدروجين من أجل المزيد من تأمين واستدامة إمدادات الوقود للسوق المحلية من خلال تنويع مصادر الطاقة المستخدمة فى مصر واستكمال المشروعات الكبرى فى مجال التكرير مثل مشروع تعظيم إنتاج السولار بأسيوط «أنوبك» وميدور والتسويق للمزيد من الفرص الاستثمارية للبحث عن البترول والغاز وإنتاجه باستخدام التقنيات الرقمية وتوفير وتيسير الإجراءات المحفزة لزيادة الاستثمارات فى هذا المجال، والاستثمار فى مشروعات تعظيم القيمة المضافة من الموارد البترولية والغاز ممثلة فى صناعة البتروكيماويات، والتوسع فى إضافة حلقات جديدة من المنتجات البتروكيماوية عالية القيمة التى تعد أساسا لقيام صناعات أخرى.
 
من جانبه، قال مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول سابقا، إن قرار رفع أسعار المنتجات البترولية كان ضرورى فى تلك الأوقات، نظرا لارتفاع أسعار التكلفة فمصر تستهلك كميات كبيرة وتستورد باقى احتياجاتها من الخارج 40% من احتياجاتها من السولار و20% من احتياجاتها من البنزين واستيراد النفط بكميات كبيرة وتكريره فى المعامل، فضلا عن شراء حصة الشركاء الأجانب من النفط بالأسعار العالمية وتكريرها، كل هذه العوامل تساهم فى رفع سعر المنتجات البترولية مع تعويم العملة ووصول الدولار إلى 48 جنيها.
 
 كما أن تكلفة دعم السولار والبنزين اليومية بلغت نحو نصف مليار جنيه، موضحا أن قرار التسعير جاء لتقليل الفجوة بين سعر البيع وارتفاع أسعار التكلفة بشكل كبير الفترة الماضية تأثرا بالأحداث العالمية والإقليمية.
 
وتابع «يوسف»، فى تصريحات خاصة لـ«صوت الأمة»، أن الدولة بعد قرارات التعويم لم تتخذ قرارات برفع أسعار المنتجات البترولية نظرا للظروف المعيشية وآثار تحرير سعر الصرف، لكن الأمر وصل إلى ارتفاعات قياسية والموازنة العامة 154 مليار جنيه دعم للمنتجات البترولية وفى حالة الاستمرار فى تحمل الدولة للفارق يضغط بشكل كبير على الموازنة العامة بشكل كبير وبالتالى كان على الدولة أن تتخذ قرارها برفع أسعار المنتجات البترولية بما يتناسب مع أسعار التكلفة.
 
وأوضح نائب رئيس هيئة البترول سابقا، أن الدولة تقوم بدور كبير فى ضبط الأسعار فى المواصلات، بما يتناسب مع الزيادة والعمل على السيطرة على الأسواق ومنع التجار من رفع سعر السلع والخدمات بشكل لا يتناسب مع الزيادة فى المنتجات البترولية، فدور الدولة هنا كبح جماح التجار ومنعهم من تحديد الأسعار وفقا لأهوائهم، مطالبا المواطنين بالتحول نحو الغاز الطبيعى فهو أفضل بديل، خاصة أنه متوافر وأرخص، ووسائل التحويل متوافرة، والدولة تساعد على تحمل تكاليف التحويل للغاز الطبيعى.
 
وأضاف أن مصر لا تتخذ قراراتها بمعزل عن الأحداث العالمية، فارتفاع أسعار المنتجات البترولية عالميا أثر على مصر، وأنه نتيجة للأحداث العالمية والإقليمة التى يمر بها العالم وتأثيرها على أسعار النفط وكذلك أسعار الصرف والتى أدت إلى مضاعفة أسعار التكلفة للمنتجات البترولية من البنزين والسولار، وبالتالى ارتفاع فاتورة دعم المنتجات البترولية بشكل كبير للغاية ووصل سعر تكلفة دعم السولار لأكثر من 400 مليون جنيه يوميا.
 
وأوضح الخبير الاقتصادى الدكتور وليد جاب الله أن قرار تحريك أسعار الوقود كان ضروريا لسد الفجوة التمويلية الناتجة عن ارتفاع أسعار الطاقة عالميا وزيادة حجم الطلب، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات تأتى فى ظل ضغوط كبيرة على الموازنة العامة للدولة نتيجة الزيادة غير المسبوقة فى تكلفة دعم المواد البترولية، وقال إن دعم المواد البترولية ارتفع بشكل كبير ليصل إلى 147 مليار جنيه خلال العام المالى 2024-2025، مقارنة بـ18 مليار جنيه فقط خلال العام المالى 2018-2019، ما يمثل زيادة غير مسبوقة بواقع 8 أضعاف، وهذه الزيادة تعكس الضغوط الكبيرة التى تواجهها الموازنة العامة نتيجة لارتفاع أسعار الطاقة عالميا وزيادة الطلب المحلى على الوقود.
 
أوضح الدكتور جاب الله أن الارتفاع العالمى فى أسعار الطاقة وزيادة حجم الطلب أدى إلى ضغوط كبيرة على الموازنة العامة للدولة، حيث تم تخصيص نحو 147 مليار جنيه لدعم المواد البترولية فى الموازنة الحالية، إلى جانب مخصصات برامج الحماية الاجتماعية وزيادة المرتبات والدعم، التى تخطت 635 مليار جنيه، هذه الأرقام تشير إلى أكبر حوافز ومنح لدعم الفقراء والأسر المصرية، ما يعكس التزام الحكومة بتحقيق التوازن بين الدعم الاجتماعى وضبط الإنفاق العام.
 
وتابع الخبير الاقتصادى، أن رفع أسعار الوقود كان خطوة متوقعة فى ظل الأحداث العالمية والإقليمية التى أثرت على أسعار النفط وأسعار الصرف، هذه العوامل ضاعفت تكلفة المنتجات البترولية مثل البنزين والسولار، ما جعل الموازنة العامة للدولة أمام خيارين صعبين: إما رفع أسعار المواد البترولية أو مواجهة أزمة فى توافر هذه المنتجات، مشيرا إلى أن الدولة كانت أمام خيارين أساسيين: رفع أسعار المواد البترولية أو حدوث أزمة فى توافر المنتجات وقد اختارت الحكومة الخيار الأول لضمان استمرار توافر المنتجات البترولية فى السوق المحلى، ما يعكس رؤية استراتيجية تهدف إلى تحقيق الاستدامة الاقتصادية وتوفير احتياجات المواطنين بشكل مستمر.
 
وقال جاب الله: تتحمل الدولة مخصصات دعم الوقود فى مصر للعام المالى الجارى 2023-2024 نحو 119.4 مليار جنيه، التى يتم فيها تقدير سعر النفط عند 80 دولارا للبرميل، بينما وصل دعم الوقود إلى 58 مليار جنيه خلال العام المالى 2022-2023، فى حساب الموازنة الختامى المبدئى، بزيادة بلغت نحو 28 مليار جنيه عن المستهدف، وبالطبع هذا الرقم الضخم يؤثر على باقى نواحى دعم الخدمات المقدمة للمواطن، ومن ثم لا يشعر بالرضا، ولذلك جاء فى مقدمة أهداف برنامج الإصلاح الاقتصادى إصلاح دعم الطاقة وتصحيح أسعارها، منذ عام 2016، من خلال برنامج زمنى تدريجى، تأثرت بالأحداث الإقليمية والعالمية مؤكدا أنه وفقا للأرقام الرسمية فقد وصلت مخصصات دعم أسعار البنزين والسولار وبقية المواد البترولية الأخرى إلى نحو 119 مليارا و419 مليون جنيه، بالموازنة العامة الحالية التى بدأ تطبيقها، بزيادة وصلت إلى نحو 61 مليارا و325 مليون جنيه، مشيرا إلى أن مصر تستهلك سنويا 18 مليار لتر سولار، وحاليا كل لتر سولار يستهلكه المواطن تدعمه الدولة بـ5 جنيهات، وهو ما يعنى أن قيمة دعم السولار تساوى 90 مليار جنيه.
 
وأضاف جاب الله: كل تلك المعطيات تفرض على الحكومة تعديل مسار دعم الطاقة، بعدما تحمل الملف نصيب الأسد من التأثير على ميزانية الدولة بوجه عام، ويؤثر بالطبع على مسار دعم الاستثمار وجهد الثورة الصناعية التى تحمله حكومة مدبولى الثانية على عاتقها.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق