300 يوم والحرب تلتهم غزة
الخميس، 01 أغسطس 2024 04:35 م
300 يوم والدماء تنزف والجراح تأن والشهداء يُزفُّون إلى الجنة. ففي كل دقيقة تمر على سكان قطاع غزة يرتفع عدد الشهداء والجرحى، 300 يوماً وعاصفة الحرب تدور بكل شراسة، تهدم المنازل على رؤوس قاطنيها، وتتفنن قوى الاحتلال الغاشم في إهانة وإذلال الشعب الفلسطيني الباسل، الذي يقف بكل صمود وشموخ أمام رؤساء كبرى دول العالم، الذين طالما أصدعونا بحديثهم عن حقوق الإنسان وضرورة الحفاظ على حياة المدنيين، لتصبح الحقوق مستباحة ومنتهكة طالما يفعلها الكيان الصهيوني، فلا نسمع للغرب صوتاً عن حقوق أو حريات، ويقف بكل دناءة يساند الاحتلال في حرب الإبادة الجماعية التي تمارس ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، ويقمع كل صوت لمظاهرات تندد بالاحتلال وأفعاله الغاشمة تجاه الفلسطينيين، ويعتقل كل من يكشف جرائم الاحتلال ويعلن عنها.
على مدار 300 ليلة، يمارس الاحتلال الصهيوني حقارته، يهدم المساجد والكنائس والمستشفيات، فلا أمن يُحترم، ولا قوات أممية تردع أو توقف آلة الحرب الوحشية عن ممارسة عمليات القتل الممنهج للأطفال والشيوخ والنساء، حرب إبادة لا تعرف أخلاقاً أو ضميراً، لا تعترف بقانون دولي ولا تردعها التنديدات والمظاهرات، حرب تنهش كالكلب المسعور في قلوب الأمهات، وهي تأخذ فلذات أكبادهم، يقفون أمام أكفانهم صرعى لا يستطيعون الموت أو الحياة، يفقدون عقولهم من هول المشاهد والدماء المتناثرة في كل مكان، والأشلاء تبحث عن أجساد أصحابها.
300 يوماً وآلة الحرب تدور، تحصد الأرواح، قدمت أكثر من 40 ألف شهيد، أغلبهم من الأطفال والسيدات، أمام صمت دولي جبان، قدم الشعب الفلسطيني بصموده وقدرته على الصبر وتحمل استشهاد الأحباب والأقارب والأبناء صورة يخجل لها من خذلوهم وتركوهم فريسة سهلة أمام جنود أقل وصف لهم بأنهم مرضى نفسيون، فلا يمكن لأحد أن ينسى صورة الجد أبو ضياء وهو يحمل جثمان حفيدته الطاهرة "ريم"، مردداً "روح الروح"، ويُبكي العالم أجمع بكلماته.
يعيش أبناء غزة على مدار 300 يوماً حياة من التشرد والنزوح، تارة من الجنوب إلى الشمال، وتارة أخرى من الشمال إلى الجنوب. تهدم بيوتهم وينتقلون إلى بيوت الأقارب، فتُهدم هي الأخرى فوق رؤوسهم لينتقلوا للعيش بالخيام في العراء، يتحملون المطر وبرودة الجو، والآن يقفون في الشمس التي تحرق جلودهم في حياة تفتقر لمقومات الحياة والعيش، ويمنعهم العدوان الغاشم من الحصول على أبسط حقوقهم.
خلال 300 يوماً، أثبت الاحتلال الإسرائيلي حقارته وأكدت أمريكا أنها تعامل إسرائيل كابن مدلل، تساعده على التخريب والتدمير في كل دول العالم دون أن توقفه مفاوضات أو ترجعها أصوات المتظاهرين في كل أنحاء العالم، تستخدم إسرائيل أسلحة محرمة دولياً ومواد كيميائية تذيب الجلود، دون النظر للقانون الدولي واحترامه، وهي التي تنادي وتتباهى بأنها بلد السلام والحرية.
وعلى مدار 300 يوماً، أثبتت مصر أنها الدولة الوحيدة التي تحمل هم القضية الفلسطينية، تعقد المؤتمرات والتحالفات والاتفاقيات واللقاءات الثنائية والقمم العربية من أجل مناقشة الحلول السلمية والتوصل إلى حل لوقف إطلاق النار، فتحت أبواب المعابر لدخول المساعدات المصرية والقادمة من الدول الأخرى لمساعدة أهل غزة.
استطاعت مصر الوقوف بقوة في وجه الدبابات الإسرائيلية وأصرت على استمرار فتح المعبر حتى استطاعت دخول أكثر من 19 ألف شاحنة، حملت 19,952 طناً من المواد الطبية، و10,435 طناً من الوقود، و123,453 طناً من المواد الغذائية، و26,692 طناً من المياه، و44,103 مواد إغاثية أخرى، و2,023 طناً من الخيام والمشمعات، و123 سيارة إسعاف مجهزة.
عقد الرئيس السيسي العديد من المؤتمرات مع قادة دول العالم للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، لكن آلة الحرب الغاشمة ما زالت تدوس على الأخضر واليابس، وتعمل على توسيع رقعة الصراع الذي خرج من إطار الحرب على قطاع غزة ليصل إلى اليمن ولبنان واغتيال القادة الفلسطينيين في الدول الأخرى، كما فعلت مع القيادي إسماعيل هنية باستهدافه وقتله في إيران، لتثبت بذلك ما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ بدأ الحرب في 7 أكتوبر، بأن الصراع سيمتد ويتحول إلى أكثر من بقعة، ويتحول إلى حرب إقليمية.