تداعيات اغتيال إسماعيل هنية.. المنطقة على فوهة بركان

الأربعاء، 31 يوليو 2024 12:30 م
تداعيات اغتيال إسماعيل هنية.. المنطقة على فوهة بركان
إسماعيل هنية
محمد الشرقاوي

في تصعيد خطير للأوضاع في الشرق الأوسط، استهدف الكيان الصهيوني إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في طهران. يأتي هذا العمل العدواني في إطار سعي الكيان للتغطية على هزيمته على مدى تسعة أشهر وجرائمه ومجازره بحق عشرات الآلاف من النساء والأطفال الفلسطينيين، حيث لم يتوان عن أي جريمة دون التقيد بالقواعد والقوانين الدولية.
 
بمقتل هنية، يتوقع أن يتلقى الكيان الصهيوني ردًا شديدًا ومؤلمًا من جبهة المقاومة، وخاصة الجمهورية الإسلامية. ستكون بركات جهاد شهيد القدس الدكتور إسماعيل هنية حافزًا للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني. وفي هذا السياق، أدانت القيادة الإيرانية بشدة هذه الجريمة الوقحة، وتقدمت بالعزاء والتهنئة باستشهاد القائد عالي المقام في حركة حماس والمقاومة الفلسطينية، مع الإعلان عن تفاصيل تشييع جثمانه من قبل لجنة التنسيق الإعلامية الإسلامية.
 
شهد الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة تصعيدًا خطيرًا للصراعات المسلحة، حيث اتسع نطاق العدوان الإسرائيلي ليشمل اليمن بعد استهداف ميناء الحديدة، مما يعكس تعقيدات الأوضاع الإقليمية والدولية. يأتي هذا التطور في سياق الحرب المستمرة على غزة، مما يزيد من تعقيد المشهد ويبرز التحذيرات المصرية المستمرة من مخاطر توسع الصراع وانتقاله إلى مناطق أخرى.
 
يشكل العدوان الإسرائيلي على اليمن منعطفًا خطيرًا في رقعة الصراع التي تزداد اتساعًا يومًا بعد يوم. شنت إسرائيل هجمات جوية على ميناء الحديدة اليمني، مما أسفر عن مقتل وإصابة العديد من المدنيين. جاء هذا الهجوم كرد فعل على ضربات حوثية استهدفت تل أبيب وميناء إيلات، في رد واضح على المجازر الإسرائيلية في غزة، وهذا التصعيد يعكس اتساع نطاق الصراع الذي حذرت منه مصر مرارًا وتكرارًا.
 
منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، حذرت مصر من مخاطر إطالة أمد العدوان واتساع رقعة الصراع في المنطقة. جاءت التحذيرات المصرية على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكثر من مناسبة، مشددًا على ضرورة اتخاذ خطوات جادة ومؤثرة لمنع اتساع رقعة الصراع. اتساع رقعة الصراع ليشمل اليمن يعكس رفض إسرائيل للسلام وتعنتها في التوصل إلى هدنة في غزة، وهذا الموقف الإسرائيلي يشير إلى مخاطر جر المنطقة بأكملها إلى تهديدات غير مسبوقة، وهو ما تحذر منه مصر وتدرك خطورته منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
 
الهجمات الإسرائيلية على اليمن شملت استهداف منشآت حيوية في ميناء الحديدة، مما أثار ردود فعل عنيفة من الحوثيين الذين توعدوا بتصعيد الهجمات على إسرائيل. الحوثيون أكدوا أن ضرب إيلات هو تمهيد لرد أوسع وأشمل، مما يعكس تصعيدًا عسكريًا خطيرًا في المنطقة. توسيع نطاق الصراع ليشمل البحر الأحمر يعكس تعقيد الأوضاع الأمنية والجيوسياسية في المنطقة. التحذيرات المصرية من توسع الصراع تأتي في إطار قلق مشروع من تأثير هذه التوترات على الاستقرار الإقليمي. دعت مصر كل الأطراف إلى ضبط النفس والتهدئة، محذرة من الانزلاق نحو فوضى إقليمية.
 
في ظل تصاعد التوترات، شددت مصر على أهمية تكاتف الجهود الدولية لصون أمن واستقرار المنطقة. تابعت وزارة الخارجية المصرية بقلق بالغ العمليات العسكرية الإسرائيلية في الأراضي اليمنية، داعية إلى ضبط النفس والتهدئة وإنهاء الحرب على قطاع غزة، مؤكدة ضرورة السماح بنفاذ المساعدات الإنسانية إلى غزة كخطوة أساسية لإقرار التهدئة الشاملة في المنطقة. الهجمات الإسرائيلية على اليمن تتعدى كونها رد فعل على استهداف تل أبيب، فهي جزء من سياق أوسع يشمل العديد من الأبعاد الجيوسياسية والأمنية والاقتصادية، وهذه الأبعاد تعكس تعقيد الصراع في المنطقة وتشير إلى احتمالات تصعيد أكبر في المستقبل.
 
وامتدت تداعيات الحرب في قطاع غزة لتطال البحر الأحمر ومضيق باب المندب، الذي يشهد حضورًا عسكريًا أمريكيًا ودوليًا مكثفًا بدافع الاستجابة للهجمات الحوثية ضد السفن الإسرائيلية أو المرتبطة بها. توسيع الولايات المتحدة قائمة الفاعلين في البحر الأحمر بعد إعلانها تشكيل قوة بحرية دولية أطلقت عليها اسم "حارس الازدهار" في 19 ديسمبر 2023، بمشاركة أكثر من 20 دولة، وتنفيذها إلى جانب بريطانيا سلسلة من الضربات العسكرية ضد أهداف تابعة للحوثيين منذ 18 يناير 2024. يطرح هذا الحشد العسكري غير المسبوق في البحر الأحمر تساؤلات حول دلالات ودوافع الحشد، وهل يتناسب ذلك مع حجم التهديدات الحوثية على التجارة الدولية؟
 
وفقًا لتقرير نشره مركز ستراتيجيكس ثنك ثانك، فإن الحضور العسكري الأمريكي والدولي في البحر الأحمر سابق بعقود للحرب في غزة. في العام 2001، أسست الولايات المتحدة القوة البحرية المشتركة (CMF) بمشاركة مجموعة من الدول المتحالفة، من ضمنها حلف شمال الأطلسي، وقد شكلت القوة البحرية المشتركة الأكبر في العالم، والتي يقودها قائد الأسطول الخامس ومسؤول القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية براد كوبر. تضم تلك القوة البحرية المشتركة مجموعة من خمسة أساطيل وهي: "قوة المهام المشتركة 150"، و"قوة المهام المشتركة 151"، و"قوة المهام المشتركة 152"، و"قوة المهام المشتركة 153"، و"قوة المهام المشتركة 154".
 
في مرحلة سابقة للحرب في غزة، عززت الولايات المتحدة من حضورها العسكري البحري في المنطقة. في أغسطس 2023، انضم أكثر من 3 آلاف جندي مارينز، وسفينة الهجوم البرمائي باتان (USS Bataan)، التي تحمل على متنها أكثر من 24 طائرة، وسفينة الإنزال البحري كارتر هول (USS Carter Hall)، إلى الأسطول الخامس الأمريكي، للرد على المضايقات الإيرانية حينذاك للسفن التجارية.
 
بعد الحرب في غزة، حركت الولايات المتحدة عددًا ضخمًا من قطعها البحرية تجاه شرق البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر. في 10 أكتوبر، انضمت الغواصة النووية من طراز "أوهايو" (USS Ohio) إلى منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأمريكية. في 5 نوفمبر، وصلت مجموعة القوة الضاربة بقيادة حاملة الطائرات أيزنهاور (USS Dwight D. Eisenhower) إلى الشرق الأوسط، إلى جانب طراد الصواريخ الموجهة فلبين سي (USS Philippine Sea)، ومدمرة الصواريخ الموجهة غرافلي (USS Gravely) والمدمرة ميسون (USS Mason) والجناح الجوي الناقل الثالث، مع تسعة أسراب من الطائرات.
 
مع إطلاق العملية متعددة الجنسيات المعروفة باسم "حارس الازدهار" لمواجهة الهجمات الحوثية في البحر الأحمر، عززت الدول المشاركة من قطعها البحرية في البحر الأحمر. أرسلت بريطانيا المدمرة ريتشموند (HMS Richmond) لتنضم إلى المدمرة دياموند (HMS Diamond) والفرقاطة لانكستر (HMS Lancaster) المتواجدتين ضمن مهام فرقة العمل المشتركة 150، إلى جانب ثلاث سفن لإزالة الألغام وسفينة دعم تتبع الأسطول الملكي البريطاني. توجد لفرنسا سفينتان هما الفرقاطة لانغودك (Languedoc) متعددة الأغراض، وسفينة الإمداد جاك شيفولييه (Jacques Chevalier)، وقد أعلنت هيئة الأركان الفرنسية في 25 يناير إرسال سفينة ثالثة إلى المنطقة وهي الفرقاطة ألزاس (Alsace). لدى إسبانيا وإيطاليا سفينة واحدة في المنطقة، وأعلنت سريلانكا عن نيتها إرسال سفينة بحرية، إضافة إلى ثلاث سفن تحمل أعلام الاتحاد الأوروبي لدعم التحالف.
 
تدرس دول الاتحاد الأوروبي مقترحًا رسميًا للتحرك من خلال قوة عسكرية في البحر الأحمر، تتضمن المدمرات والفرقاطات وطائرات الإنذار المبكر. وفقًا لمنسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، "لم تعارض أي دولة الاقتراح".
 
توسع الصراع في الشرق الأوسط ليشمل اليمن يشكل تهديدًا خطيرًا للاستقرار الإقليمي، وهو ما تحذر منه الرؤية المصرية. تعكس هذه التحذيرات قلقًا مشروعًا من تداعيات هذا الصراع على المنطقة بأكملها. لذلك، من الواجب تكاتف الجهود الدولية والدبلوماسية لمنع تفاقم الأوضاع والعمل على تحقيق حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية كخطوة أساسية لتحقيق الاستقرار في المنطقة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق