محمد الشرقاوي يكتب: عنف جماعة الإخوان الإرهابية بين فقه الأدبيات و«إجازة» الاشتباك

الإثنين، 15 يوليو 2024 01:08 م
محمد الشرقاوي يكتب: عنف جماعة الإخوان الإرهابية بين فقه الأدبيات و«إجازة» الاشتباك

في أبريل 2024 اعترف المتحدث السابق باسم جماعة الإخوان الإرهابية محمد منتصر، باتخاذ التنظيم لقرار في أثناء وجودهم في الحكم بإجازة الاشتباك مع الشرطة وكل معارض لهم، ليؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن جرائم التنظيم لا تسقط بالتقادم.
 
وفي مقطع فيديو متداول من لقاء إعلامي له على إحدى منصات الجماعة الإرهابية، قال منتصر إنّه في يناير 2013 أي قبل 6 أشهر من ثورة 30 يونيو، اتُخذ قرار داخل تنظيم الإخوان وهم لا يزالون في الحكم بإجازة الاشتباك مع الشرطة وكل معارض لهم، مشيرًا إلى أنّه قرارا اتخذ على مستوى التنظيم في الداخل والخارج، تحت مسمى «حق حماية المقرات»، واعتمادا على فتوى دفع «الصائل» وهي إجازة القتل ولا إثم على القاتل ولا ضمان.
 
وبالفعل رحبت قواعد التنظيم بتلك القرارات الدامية وفقاً لاعترافات منتصر، حيث استعانوا بأفراد التنظيم، وهو قرار لم يكن لقائد الجناح المسلح محمد كمال وحده، بل  كان على مستوى مجلس شورى التنظيم، غير أن كمال عمل على تنظيم وترتيب تلك الفتوى بعد ثورة 30 يونيو.
 
واستعان التنظيم لتمرير فتواه بمجلس المشورة، بعدما لم يتمكن من اكتمال نصاب مجلس الشورى، على أن يكون الأصل في أعضاء المجلس المُشكل أن ينتمي إلى شورى التنظيم، وبالفعل اعتمد القرار الإداري بهذا الشكل، بعد اعتماد الرأي الشرعي عبر الهيئة الشرعية لتنظيم لإخوان، واعتمد القرار من الإدارة العُليا للتنظيم الإرهابي، واستعان التنظيم بهذا القرارات في كل الأحداث التي تلت يناير 2013.
 
المتتبع لأدبيات جماعة الإخوان الإرهابية، يرى أن فكرها يدور حول 3 مراحل تبدأ بالتدرّج من الكمون إلى التمكين، كما صنّفه المؤسس في ثلاث مراحل: التعريف، التكوين، والتنفيذ، واستغرقت المرحلة الأولى عدة سنوات، ثم بدأت الجماعة في تأسيس حركتها العنيفة منذ الثلاثينيات بإعداد عناصرها بدنيًا وعسكريًا تحت لافتة قسم الكشافة. تلا ذلك بناء النظام الخاص، الجناح المسلح للجماعة، على صيغة ميليشياتية شبه عسكرية تنتظم في كتائب وفصائل. خلال المرحلة الثالثة، تحت إشراف المرشد الأول، شهدت الجماعة عشرات العمليات من القتل والتفجير والإحراق، مثل عمليات سينما مترو وحارة اليهود، والخازندار والنقراشي.
 
لقد أدت الجولة الأولى من العنف إلى صدام عنيف مع الدولة، مما دفع المرشد الثاني حسن الهضيبي إلى العمل على تفكيك التنظيم السري، في مناورة جديدة من الصعب الجزم بجدية هذه الخطوة أو التحقق من إنجازها، وعادت الجماعة إلى سيرتها الأولى مع أول شقاق. 
 
كما حاولت سابقًا اغتيال النحاس لمخاصمة الوفد أو خدمة القصر، خططت لاغتيال عبد الناصر عدة مرات أشهرها حادثة المنشية، ثم تنظيم 1965 وبرنامجه الضخم لإرباك الدولة ومؤسساتها. بدت تلك المرحلة وكأن المرشد الثاني يمارس ألاعيب الحواة، يخفي الأرنب في جيب ثم يخرجه خلسة من مكان آخر.
 
لم يكن غريبًا أن تتفجر قضية تنظيم الفنية العسكرية ومحاولة الانقلاب على السادات بعد محالفته، وتمادوا لاحقًا إلى قتله في ذكرى انتصاره، ولا ينفصل هذا المشهد عن الاحتفال مع قتلته بعدها بإحدى وثلاثين سنة. امتدادًا لفلسفة العنف التي تضع «الشطب والإلغاء» كغاية نهائية في مواجهة الخصوم، سواء بالمكر والخديعة أو بالإرهاب كبديل دائم.
 
وبالتوازي مع ترسيخ فقه الدم في البيئة الأولى، كانت أجنحة الجماعة في الخارج تستكمل ثلاثية المؤسس: قوة العقيدة، الوحدة، وقوة السلاح، فاغتال إخوان ليبيا إبراهيم الشلحي المقرب من العائلة المالكة في 1954، وأسس نظراؤهم السوريون «الطليعة المقاتلة» في حماة 1964، التي تمدد نشاطها وصولاً لاختراق وحدات الكوماندوز وقتل عشرات الضباط العلويين، مما تسبب في صدام عنيف مع نظام حافظ الأسد. 
 
وفي ظل فوضى الربيع العربي، كانت جماعة الإخوان حاضرة بالعمل المسلح وأنشطة القتل والترويع، وفتحوا مسارات لتمرير المقاتلين والأسلحة، وسوريا خير دليل على ذلك، وبنغازي في ليبيا واسألوا عن «مجزرة السبت الأسود» التي راح ضحيتها 40 قتيلًا.
 
إن كل ما تريده الجماعة هو فرصة لفتح وابل الرصاص، لكل معارض، ولا تغرنكم هدأتهم فما شهدته مصر بعد عام 2013 خير دليل، وهو ما يرجع لقدرتها على المراوغة، وهو ما حكاه التاريخ من خلال الجماعة الإسلامية وغيرها من حركات العنف ومن ينكر ذلك فليراجع اعترافات القرضاوي بخروج كوادر تلك التنظيمات من عباءة الإخوان. 
 
لقد كشفت إحدى الوثائق السرية المسربة في 1982 عن مبدأ تنتهجه الجماعة يدعى "حماية الدعوة بالقوة"، وتوجه بالاتصال بأي «حركة مسلحة» في أي مكان، والتقرب للأقليات الإسلامية حول العالم وإحياء "فريضة الجهاد"، واستغلال التقارب مع الحركات المتطرفة لتنفيذ المخططات، وما حركة «حازمون» منا ببعيد.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق