عقيدة الإخواني «خراب مصر».. لا تسقط بالتقادم
الإثنين، 15 يوليو 2024 01:03 م
في 2014 كانت مصر بالكاد خارجة من قصمة ظهر لا يقدر أي بلد في العالم على تحملها مهما كانت قوته، فالمد الإخواني الإرهابي تغلغل في المؤسسات قبل شروع التنظيم المسلح في رفع السلاح والبارود في وجه إرادة شعب نادى على جيشه بثورة شريفة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، بعد خراب الإخوان.
لبى المشير عبد الفتاح السيسي وقتها نداء إرادة الشعب وقَبِل تحمل التركة الثقيلة، معلنا الحرب على كل من تسول له نفسه تخريب البلاد أو رفع سلاح في وجه مصري، وبعدها أعلنت مصر الحرب على جماعات الإرهاب في كل شبر من العاصمة إلى سيناء.
وقتها كنت جالسا مع صديق له ميول إخوانية وأعرف أنه يخفيها، لكني كنت أعرف أيضا عنه السلم وعدم ميوله إلى العنف، وعرفته مستمعا جيدا لوجهات نظري، كل ذلك كنت على يقين به قبل أن أسأله مباشرة «ترى لو نجحت دولة 30 يونيو في رفع البلاد من الحضيض إلى نجاح في كل القطاعت.. نفرض يعني هل تغير وجهة نظرك في النظام؟». كان رده نابعا من يقينه بعد أن أشاح بنظره إلي قائلا «أقسم بالله لو كانت أوروبا. هستنى اليوم اللي أشوفها بتولع».
صُدمت من رده، وقد كان مغلفا قبل ذلك بالسلمية، لم أتوقع يوما رده الحقيقة، كان أقصى رده هو رفض النظام مثلا رفضا سياسيا بما أن هذا النظام هو الذي قضى على المد السياسي للجماعة ونسف مشروع السيطرة على البلاد، لكن أن يكون يقينه هو «إحراق مصر بغض النظر عن النظام القائم، المهم عنده أنه أي نظام غير الإخوان يجب إحراقه».
منذ حينها وقد عرفت أن الإخواني عقيدته هكذا، مهما تغير الزمن، ومهما كانت تعليقاته أو ما يظهره، الإخواني عقيدته إحراق هذه البلاد طالما أنها ليست تحت حكم الجماعة، حرفيا إحراقها بأي طريقة وتحت أي أجندة أو هدف.
بعدها لم تكن تصدمني تصريحات قيادات الجماعة تهديدا بالدم والنار في وجه المصريين ومن على المنصات أمام العالم، كنت موقنا أن أصغر فتى منهم تربى على عقيدتهم الراسخة والمؤصلة في كتب سيد قطب وحسن البنا وهي «إحراق البلد طالما لست أحكمها.. على طريقة أنا والطوفان من بعدي». حتى لو كان ذلك ضد إرادة الشعب أو حتى الخلاص من الشعب كله.
فلا تتعجب أن تمر مصر طوال سنوات بحرب ضروس للخلاص من الإرهاب وتجفيف منابعه، وعندما وصلنا إلى بر الأمان ودحرنا الإرهاب، تحولت الجماعة إلى المرحلة الثانية من تنفيذ أجندة الشر، إذا فشلوا في ضرب مصر بقوة الإرهاب المسلح والدماء، فسينفذون أجندات ومخططات وشائعات هدفها تأليب الشعب ضد قياداته والوقيعة بين أطيافه، واستهداف فكره بمخطط الفوضى.
كل يوم يمر على مصر لن تتراجع الإخوان الإرهابية عن البحث عن مستقبل لها وجحور تضمن أمن عناصرها وضمان استمرار ممارسة أنشطتها وسط رفض وكره شعبي بعد كشف مؤامراتها.
جماعة الإخوان في أضعف حالاتها داخل مصر، لكن ما يضمن تنفيذ مخططها التخريبي، هو وجودها في الخارج وقدرتها على ضخ رؤوس الأموال لكتائب السوشيال ميديا، وحشد وضم عناصر جديدة، واستمرار بث الشائعات.
تستمر الجماعة الإرهابية، مادامت تضمن أمن قياداتها خارج مصر، في الخروج بمخططات جديدة لمحاولة دفع المغرر بهم في الداخل إلى الانتحار ومحاولة إحراق البلاد بدعوات تخريبية أول النزول في الشوارع.
تذكرت وأنا أكتب المقال شهادة واعتراف الإرهابي محمد منتصر، المتحدث السابق لتنظيم الإخوان الإرهابي، باتخاذ التنظيم لقرار في أثناء وجودهم في الحكم بإجازة الاشتباك وقتل الشرطة وكل معارض لهم، لتؤكد اليقين بأن الجماعة الإرهابية لن تترك مصر في حالها، وستظل حرب مصر معهم أبدية دون مواربة أو فتح أبواب التوبة والرجوع، فهذا ما هو إلا محاولة أيضا في العودة إلى الداخل.
لكن الشعب لن ينسى بلوغ الإخوان أقصى درجات الخيانة والإرهاب عندما وقفوا أمام رغبة الشعب، الذي نزل بالملايين في ثورة 30 يونيو، حيث أشعلت الجماعة الإرهابية النار في البلاد ما بين اشتباكات وإثارة عنف وفوضى وحرق مساجد وكنائس، فبدأت الاشتباكات مع الشعب المطالب برحيل الرئيس الإخواني محمد مرسي، أمام مكتب الإرشاد في منطقة المقطم بمحافظة القاهرة، ما أسفر عن مقتل 9 أشخاص وإصابة 91 آخرين.
ولم تسلم دور العبادة، سواء المساجد أو الكنائس، والمنشآت العامة، وأبرزها أقسام الشرطة، من العمليات التخريبية للجماعة، بعد فض اعتصام رابعة في عام 2013، فامتدت يد العنف والتدمير لأكثر من 82 كنيسة ودار عبادة في المنيا وأسيوط والفيوم، ووقفت وراء التفجير الانتحاري للكنيسة البطرسية في العباسية، إضافة إلى نهب وتدمير متحف ملوي.
وأسفرت جرائم الإخوان الإرهابية، عن مقتل 61 شخصا وإصابة 435 آخرين، في أحداث الحرس الجمهوري فجر يوم 8 يوليو 2013 بين الإخوان، وقوات الجيش المكلفة بتأمين دار الحرس والمنشآت العسكرية، بعد محاولة عناصر مسلحة اقتحام المبنى بتحريض من قيادات جماعة الإخوان.
ولن ينسى الشعب العمليات الإرهابية التي استمرت بشكل مكثّف في الأعوام الثلاثة المتتالية قبل أن تتراجع تدريجيا مع عودة الاستقرار والضربات الأمنية المتلاحقة، حيث تراجعت العمليات الإرهابية بشكل واضح وملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية، وهو ما استدعى لجوء تنظيم الإخوان الإرهابي إلى نشر وترويج الشائعات والأكاذيب.
ولن ينسى الشعب محاولاتهم الفاشلة سواء بدفع قنواتها وعناصرها على الشاشات من الخارج في تأليب الشعب ضد قيادتها والوقيعة بين أطياف الشعب، ومن ناحية أخرى الدفع بشخصية تلو الأخرى ليحاول أن يكون قائدا للفوضى من الخارج، لكن كلما ظهر واحد كشفه الشعب وكشف ألاعيبهم وصارت الجماعة قائمة على العجلة الدوارة.
كيف ننسى وقد رأينا على جروبات تخفي انتماءها للجماعة وتعمل من وراء حجاب، ترويجهم إلى سحب الدولار من البلاد، وكيف روجوا للمصريين بالخارج إيقاف التحويلات، وكيف كانت دعواتهم لعناصرهم بالداخل في سحب العملة الخضراء من البلاد، حتى تغرق في أزمة اقتصادية، لولا تحركات الدولة المصرية بضربة توفير الاحتياطي النقدي للشركات، ومن ثم ضربة قاصمة للسوق السوداء في مصر.
حرفيا سنحتاج إلى كتب وعشرات الآلاف من الأوراق حتى ندون عليها جرائم الإخوان الإرهابية ضد الشعب المصري، والتي لن تسقط بالتقادم، ولن يكفيها مقالا، لكنها تذكرة لقوم يعقلون بأهداف الجماعة ويقينها، وليكن الرد عليها يقينا مثله بأن مصر المحروسة ستظل دون انكسار بإرادة وصدق قيادتها.