رفقا بنا يا ملائكة السوشيال ميديا!

الإثنين، 15 يوليو 2024 11:04 ص
رفقا بنا يا ملائكة السوشيال ميديا!
هانم التمساح تكتب

متى ترعرعت في وادينا الطيب كل هذه القسوة؟ متى تغيرت  أخلاقنا كمصريين حتى صرنا نسترق السمع لكل ما يدور حولنا ننتقد هذا بقسوة، ونجلد ذاك، ونحاسب هذا على إيمانه وذاك على فسقه، هذا اللاعب أخطأ يجب أن نرجمه حتى يكره الرياضة ويكره اليوم الذى لعب فيه وصار مشهوراً، وهذه الممثلة تزوجت أوانفصلت يجب أن نوسعها ونوسع الطرف الآخر رجمًا بالغيب حتى نؤجج الخلافات بينهم ونشعلها نارا لا تخمد.

كم من نفوس جميلة شُوهت، وعقول ذكية حطمت، ومواهب شابة اغتيلت في مهدها باسم (المثالية والكمال المطلق) أو أخلاق المدينة الفاضلة، رغم أن الخطأ من طبع النفس الإنسانية الضعيفة.

وفي مجتمع يعرف كيف يركز على الأخطاء ويضخمها ويترك الجوانب الحسنة والخيرة التي تغلب ما دونها من أخطاء عفوية لم تتكرر، فيعرف كيف يعين الشيطان على أخيه، فتيات في عمر الزهور، وجمال الورد، فقدن صوابهن وثقتهن بأنفسهن بسبب قريب عيّرهن، أو مجتمع همزهن أو لمزهن، لخطأ وقع في ساعة غفلة شيطانية، فمحا ذنب تلك الساعة نقاء وطهر ألف ساعة قبلها.

ما أن يخطئ أحد البشر المشهورين أو حتى المغمورين، حتى ينبري ملائكة السوشيال ميديا ليوسعوه ضربًا بسياط الكلمات، وكأنهم لا يخطئون أبدًا، يتداولون الفضائح التي لا يجوز لهم مشاهدتها ويتحدثون في الأعراض (وهى من الكبائر) ثم يجرمون فعلة أصحابها أليس الأولى بكم ان تعظو أنفسكم؟!

ليت العقاب على قدر الجرم، لا بل نحن قوم إذا سلطنا الله على أحد لن نتركه حتى خراب بيته ودمار سمعته، كيف يصلى هذا وهو يشرب الخمر، أليس من الجائز أنه يتأرجح بين الذنوب والطاعات؟!، أليس من حقه أن يهرع إلى خالقه مهما عظمت ذلاته؟!، من ذا الذي أعطاكم مفاتيح الجنان، لتحكموا من يدخلها ومن يخلد في النيران؟

أصبحنا معرضون لان يلتقط لنا أي شخص صورا أو مقاطع فيديو ترصدنا ونحن نأكل أو نشرب في فرحنا، في حزننا لنجدها تذاع على الملأ.

ظاهرة التنمر أيضًا من بين ابتداعات السوشيال ميديا، أصبحنا نتنمر على الشكل، صنع الله وعلى الكلام حتى أنهم قد يفسدون فرحة عروسين ويتدخلون في أمور حياتهم، كيف قبلت بها؟ وكيف قبلت بك؟ لا يهدأ بال كاملي الأوصاف حتى يفرقون بين المرء وزوجه، ويفسدون العلاقات ويسيئون لسمعة الشخص وأهله حتى يكره حياته وقد يصل البعض إلى درجة الانتحار.

نعم لقد أصبحت الكلمات تقتل، وتقطع الأرزاق وتخرب البيوت، لقد كشفت السوشيال ميديا عن سوءاتنا، وأخرجت أسوأ ما فينا في الوقت الذي تعمل فيه أيضًا كسلاح خير لنجدة الملهوف، والتعاون في الخير، والتثقيف والتنوير.

فالعيب إذا ليس في السوشيال ميديا في حد ذاتها، بل العيب فينا، وفي أخلاقنا التي تغيرت وتبدلت وهى دخيلة على شعب مصر الطيب المتدين، ربما لانفتاحنا على كافة الثقافات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ربما لتغير ديموغرافيا الإنسان المصري، ربما وربما.. إلخ، لكننا نعود لنقول أنها ليست أخلاق ديننا ولا أي دين سماوي، وليست أخلاق مجتمعنا المصري الأصيل الضاربة أصالته وتاريخه في عمق التاريخ.

خلاصة القول، كلنا بشر وكلنا خاطئون ومستورو ن بستر الله وكرمه، ليس من بيننا ملاكًا لا يخطئ، ولا شيطان يرحم نحن متأرجحون كما قولت بين الطاعة والمعصية فارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، وينقل في الأثر عن المسيح عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، أنه قد جاءت إليه امرأة قد وقعت في الزنى، فالتفت إليها الناس ينظرون إليها بنظرة حانقة واشمئزاز، فلما رأى عيسى هذه النظرة العلوية منهم، قال لهم منتقدًا فعلتهم: "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر"، فلم يتحرك  أحد من مكانه.

فقط عش ببساطة وطهر قلبك من الكراهية وسوء الخلق.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق