لماذا صربيا؟
الإثنين، 15 يوليو 2024 06:00 ص
اليومان الماضيان، كان ألكسندر فوتشيتش رئيس صربيا ضيفاً على مصر، وعقد مجموعة من اللقاءات المهمة، بدايتها كانت مع الرئيس عبد الفتاح السيسى، وشهد الرئيسان توقيع عدد من مذكرات التفاهم واتفاقيات التعاون بين البلدين، من بينها اتفاقية التجارة الحرة، واتفاق تعاون بين القاهرة وبلجراد، ثم تلاها حضور الرئيس الصريى أعمال منتدى الأعمال المصرى الصربى، وزيارته للعاصمة الإدارية الجديدة.
المواطن العادى قد يسأل نفسه، ولماذا صربيا؟.. وما فائدة التعاون المصرى الصربى؟.
بداية، فإن العلاقات الدبلوماسية بين مصر وصربيا بدأت منذ 1908، ومن وقتها التعاون ممتد بين البلدين في الأطر متعددة الأطراف من خلال دورهما البارز في تأسيس حركة عدم الانحياز، واليوم لدى صربيا تجربة مهمة في التنمية الاقتصادية، أثمرت عن نتائج مُبهرة، منها على سبيل المثال تحقيق أحد أعلى معدلات النمو في أوروبا خلال جائحة كورونا، على الرغم من التحديات الاقتصادية الكبيرة المرتبطة بها، حيث تسارَع معدل نمو الاقتصاد الصربي في النصف الثاني من عام 2023، محققًا نسبة نمو 2.5%، مع توقع البنك الدولي نموًا بنسبة 3.5% في عام 2024، وهو وضع أقرب في الشبه للوضع المصرى، فوفقاً لارقام المؤسسات الدولية، فقد أظهر الاقتصاد المصري مرونة كبيرة؛ حيث شهد تحسُّنًا إيجابيًا في مؤشرات الاقتصاد الكلي، بما في ذلك زيادة احتياطيات النقد الأجنبية، واستقرار سعر الصرف، وتدفقات الاستثمار الأجنبي، ومتوقَّع أن نحقق معدلات نمو سنوية تبلغ 4%، لذلك فإن هذا التشابه يمنح الفرصة لتعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية؛ وأقرب دليل على ذلك، أنه رغم التحديات العالمية، فقد شهدت التجارة المشتركة بين مصر وصربيا نموًا من 108 ملايين دولار في 2022 إلى ما يقرُب من 125 مليون دولار في 2023، وهو رقم مرشح للزيادة، تبعاً لنتائج الزيارة الأخيرة للرئيس الصربى إلى القاهرة.
في أهمية صربيا لمصر، نعود لما قاله الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، خلال افتتاح منتدى الأعمال المصري الصربي، أمس الأحد، بأن صربيا تعد واحدة من أكبر دول غرب البلقان، وتعتبر بوابة لعبور البضائع والمنتجات المصرية إلى المنطقة، فضلًا عن أن بلجراد يُمكنها أن توفر لمصر العديد من المكاسب الأخرى من خلال "مبادرة البلقان المفتوحة" التي ستسمح بعبور المنتجات المصرية بدون قيود جمركية، وفي المقابل، تمثل مصر بالنسبة لصربيا بوابة لدخول منتجات البلد الواقع جنوب شرق أوروبا إلى أسواق القارة الأفريقية من خلال اتفاقية "منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية".
وبمناسبة منتدى الأعمال المصرى الصربى، فأهميته تكمن في تطوير وتعزيز العلاقات بين مجتمع الأعمال من الجانبين في مختلف المجالات، كما أنه، من واقع النقاش بداخله، سيعمل على تقوية التواصل المستقبلي عبر تقنيات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتشجيع الزيارات المتبادلة، وزيادة مستويات التشاور حول العديد من المجالات، كل ذلك اعتماداً على توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، والتي ستضاعف معدلات التجارة، أخذاً في الاعتبار أن الفترة الماضية شهدت زيارات متبادلة بين غرفة التجارة في الإسكندرية وغرفة تجارة منطقة فويفودينا في صربيا، وهو ما يبشر بأمكانية التوسّع في مثل هذه الزيارات لتشمل المزيد من الزيارات المتبادلة بين الغرف التجارية في البلدين، بما يُسهم في نقل الخبرات والتكنولوجيا، وأيضاً الاستفادة من الميزة النسبية لكل من البلدين، حيث تشمل هذه المجالات الزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والبنية التحتية والإسكان.
ومن الواضح أن الجانب الصربى لديه رغبة قوية في مشاركة مجتمع الأعمال المصرى، وهو ما وضح من دعوة ألكسندر فوتشيتش، للشركات المصرية، للمشاركة في معرض "أكسبو 2027" في بلجراد، وتأكيده من ناحية أخرى أن إبرام اتفاقية التجارة الحرة يُمثل خطوة مهمة نحو تحقيق معدلات نمو اقتصادي أعلى، من خلال إزالة الحواجز الجمركية، وتعزيز النمو الصناعي والتطور التكنولوجي.
هذا بعض مما يمكن ان نجنيه من ثمار اقتصادية وتجارية بالتعاون مع صربيا، شريطة أن يتواصل التعاون بنفس الوتيرة، وهو ما اكد عليه الرئيس السيسى في مؤتمره الصحفى مع فوتشيتش، حينما شدد على أهمية الانعقاد الدوري لآليات التعاون الثنائي مع صربيا، وعلى رأسها لجنة المشاورات السياسية واللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي والعلمي والفني، بما يسفر عن دفع وتعزيز علاقات التعاون بين البلدين خاصة في قطاعات الاستثمار، والزراعة، والسياحة، والاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات.