المساواة في الظلم.. ظلمات
الأحد، 14 يوليو 2024 05:30 ص
لم يلتفت المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى نفي المقاومة القاطع بأنها استهدفت مدنيين بل تجاهل تنفيذ الاحتلال لبروتوكول هانيبال
أتهم السيد كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، المقاومة الفلسطينية بقتل مدنيين.
لم يلتفت معالي المدعي العام إلى نفي المقاومة القاطع بأنها استهدفت مدنيين، بل لم يلتفت إلى تنفيذ الاحتلال لبروتوكول هانيبال، وهذا البرتوكول معروف بـ«توجيه هانيبال» أو «آلية هانيبال» جميعها مسميات لبروتوكول عسكري إسرائيلي، يتيح تنفيذ هجمات يمكن أن تهدد حياة الجنود الإسرائيليين لمنع احتجازهم أحياء، فيما يصفه البعض ب «الملاذ الأخير» للجيش الإسرائيلي.
هذا البروتوكول هو بمعنى أوضح يعني "عليّ وعلى أعدائي"، ويوم التاسع والعشرين من مارس الماضي اعترف نقيب في الجيش الإسرائيلي بأنه نفذ "بروتوكول هانيبال" الذي ينص على قتل الأسرى الإسرائيليين خلال عمليات "طوفان الأقصى، وقال: "قررت أنه من الأفضل وقف الاختطاف" فيما يتعلق بإمكانية إطلاق النار على الجنود الأسرى.
جاء اعتراف النقيب "بار زونشين" باستهدافه للأسرى أمام كاميرات القناة 13 بالتلفزيون الإسرائيلي، وقد أكد أن القوات الإسرائيلية استهدفت المدنيين والجنود الأسرى في 7 أكتوبر.
وذكر زونشين أنهم رصدوا سيارتين في 7 أكتوبر، وقال: "كان هناك الكثير من الأشخاص في مقصورة المركبتين. لا أعرف إذا كانت هذه جثثًا أم أشخاصًا أحياء، وقررت مهاجمة المركبتين".
وردًا على سؤال: "ربما قتلتهم، فهم جنودكم؟".. قال النقيب الإسرائيلي: "هذا صحيح، لكنني قررت أن هذا هو القرار الصحيح، وأنه من الأفضل وقف الاختطاف".
وحول ما إذا كان هذا القرار أمرًا من الجيش لتنفيذ بروتوكول هانيبال أجاب النقيب الإسرائيلي: "كان لابد من اتخاذ العديد من الخطوات العملياتية في هذا الأمر، كان لا بد من إطلاق النار على التجمع المركزي ونقاط التفتيش، وإذا تم التعرف على جندي لنا، فلا بد من القيام بهذا الشيء -بروتوكول هانيبال-"
الم يصل هذا التقرير الذي بثته القناة الثالثة عشرة الإسرائيلية إلى سمع السيد المدعي العام؟
المدعي العام لا يريد أن يرى الأمر كما حدث، لا هو ولا القوى التي تناصر وتساند وتغدق على الاحتلال، المقاومة نتيجة وليست سببًا، السبب هو الاحتلال، وكل احتلال هو الذي يستدعي المقاومة، والمقاومة تعمل على الدفاع عن أهلها وعلى الحاق ما تستطيع من أذى للمحتل.
مرت شهور على تقرير القناة الثالثة عشر الإسرائيلية، ثم جاء الأسبوع الأول من شهرنا هذا، وفيه نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية وهي من كبريات صحف الاحتلال شهادات جنود وضباط كبار من جيش الاحتلال، ومن الرتب المتوسطة، تؤكد صدور سلسلة من الأوامر والإجراءات التي تلقوها من فرقة غزة، والمنطقة الجنوبية، وهيئة الأركان العامة، حتى بعد ظهر يوم 7أكتوبر، باستخدام بروتوكول "هانيبال" على نطاق واسع، منذ الساعات الأولى من هجوم حماس، وفي نقاط مختلفة في منطقة الغلاف.
وكشفت التحقيقات أنّ جيش الاحتلال، أصدر أوامر بمنع أي سيارة من العودة إلى قطاع غزة في 7 أكتوبر، وبتفعيل بروتوكول "هانيبال"، وقتل الآسرين والأسرى الإسرائيليين من جنود ومستوطنين، في ذلك اليوم.
وأشارت الصحيفة إلى أن مسؤولا أمنيا وصف هجوم السابع من أكتوبر قائلًا: "لقد صدم الجميع بعدد المقاتلين الذين تسللوا، حتى في أسوأ أحلامنا لم يكن لدينا خطة لمثل هذا الهجوم، ولم يكن لدى أحد أي فكرة عن عدد المختطفين أو مكان تواجد القوات، كانت هناك هستيريا جنونية وبدأوا في اتخاذ القرارات دون أي معلومات مؤكدة".
تقرير الصحيفة المستند على شهادات كبار الضباط، أوضح من أن يُفسر. هناك أوامر من كبار القادة صدرت بتصفية الجميع، الآسرين والأسرى، فكل الذين لقوا حتفهم في صبيحة السابع من أكتوبر قتلهم جيش الاحتلال، سواء كانوا من المقاومة أو من مواطني جيش الاحتلال، فهل تحقيقات السيد مدعي عام المحكمة لم يصلها شيء من كل هذا؟
مربط الفرس أن كل القوى الدولية والأممية تنتهج منهج المساومة لا العدالة، فإذا تورطت في إدانة نتانياهو فلا بد وأن تدين إسمايل هنية، وهذا المنهج المعوج الذي يساوي بين الجلاد وضحيته هو الذي يجعل بنيامين نتانياهو يستأسد ويفشل مجهودات كل الدول التي تعمل ليل نهار على إيجاد فرصة لتسوية معقولة لصراع لم يبدأ يوم السابع من أكتوبر بل بدأ قبل مئة عام.
بعضهم يروج لمبدأ فاسد يقول: المساواة في الظلم عدل!
والحق أن المساواة في الظلم ظلم بل ظلمات.