هندسة الحوار السودانى فى القاهرة.. وتفكيك أضلاع الصراع
الأحد، 07 يوليو 2024 06:00 ص
حالة التفاؤل السودانية المرتبطة بمؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية الذى افتتح أعماله بالقاهرة إمس السبت، تؤكد معنى واحد، وهو الثقة السودانية فى الدور والتحركات المصرية لإحلال وإقرار السلام فى الجارة الشقيقة، وهو ما يظهر من حجم المشاركة والتفاعل، فللمرة الأولى منذ اندلاع الصراع المسلح فى السودان، تجلس القوى السياسية تحت سقف واحد، بعيدا عن اختلافاتهم السياسية، مؤكدين أن الخطر يداهم الجميع، حتى من ارتضى لنفسه أن يعيش خارج الحدود السودانية، لكن الخطر لن يتركه، فالسودان إذا انهار سيصيب كل السودانيين.
لكن التفاؤل يجب أن يكون مقرونا بالحذر، لأن الوضع فى الجارة الجنوبية بالغ التعقيد، لكن ليس مستحيلا التوصل إلى تسوية إذا خلصت النوايا، وهو ما تريده القاهرة من خلال إيجاد قواسم مشتركة بين الأشقاء السودانيين، لأن الحل يجب أن يكون سودانيا، وهو موقف مصرى واضح منذ بداية الأزمة، حينما دعا الرئيس السيسى كل الشركاء الدوليين والإقليميين المعنيين بالوضع السودانى أن يرفعوا أيديهم عن السودان، ويوفروا الظروف الملائمة لحوار سودانى سودانى يفضى إلى توافق سياسى وحل للأزمة، من خلال خلق أرضية مشتركة بين كافة التيارات المدنية وتوافق في الرؤى حول سبل بناء السلام الشامل والدائم في السودان، عبر حوار وطني سوداني/سوداني، يتأسس على رؤية سودانية خالصة، وهو ما يتطلب تنسيق للجهود والمساعي الدولية والإقليمية لاحتواء الأزمة، وأن يدرك يتعامل الجميع مع النزاع القائم باعتباره شأن داخلي، وتجنب أية تدخلات خارجية تسهم في إطالة أمد الصراع بالسودان وتعيق جهود التوصل لتسوية سياسية.
ومؤتمر القاهرة والذى يأتى ضمن جهود مصرية مستمرة لهندسة الحوار السودانى السودانى وتفكيك أضلاع الخلاف والأزمات والتصارع بين القوى السياسية المدنية السودانية، هو بمثابة تهيئة للأجواء وارتقاء بمستوى الأهداف السودانية من مجرد الخلاف إلى الجلوس للحوار، وهو جهد كبير، نجاحه سيكون له تاثير ايجابى، لان مشكلة الأزمة السودانية أن الأطراف الفاعلة فى الأزمة يرفضون الحوار والتفاوض او مجرد اللقاء، لذلك فان نجاح القاهرة فى استضافة هذا الجمع تحت سقف واحد يعد نجاحا، وبالتاكيد يحتاج إلى جهد مضاعف للاتفاق على خارطة حوار محددة المعالم وهو ما تقوم به مؤسسات الدولة المصرية التى تهدف إلى الحفاظ على مكتسبات شعب السودان، والمساعدة في تحقيق تطلعات شعبه، لذلك فإنها منخرطة فى حوارات مطولة ودقيقة مع الأشقاء السودانيين للتوافق على آليات الحوار واهدافه ومخرجاته المتوقعة.
ولا يخفى على أحد أن القاهرة وهى تتحرك فى هذه الطرق ترفع دوما مجموعة من المبادئ التى لم ولن تحيد عنها وهى، أن أي حل سياسي حقيقي للأزمة في السودان لابد وأن يستند إلى رؤية سودانية خالصة تنبع من السودانيين أنفسهم، ودون إملاءات أو ضغوط خارجية وبتسهيل من المؤسسات الدولية والإقليمية، وعلى رأسها الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والدول الشقيقة والصديقة المهتمة بالسودان.
والمؤكد أنه لا سبيل إلا إيجاد حل سياسى واضح لما يحدث فى السودان، لما يمثله من خطورة بداية على الأشقاء السودانين، فضلا عن تداعيات هذا الوضع الكارثية على دول الجوار، وهو ما يتطلب الوقف الفوري والمستدام للعمليات العسكرية حفاظاً على مقدرات الشعب السوداني الشقيق ومؤسسات الدولة، وهو ما يلقى بثقل كبير على الجهود المصرية، لكن مصر قادرة ولديها من الخبرة والصبر ايضا ما يمكنها من فك طلاسم الحوار السودانى.