الخارجية والهجرة.. الدمج الضرورى
الجمعة، 05 يوليو 2024 05:30 ص
حسناً فعلت الدولة بقرار دمج وزارة الهجرة مع وزارة الخارجية، بعدما شهد الواقع العملى على الأرض طيلة السنوات الماضية، تداخلاً كبيراً في الاختصاصات والمهام، وهو ما أثر على أداء وزارة الهجرة، وظهر ذلك جلياً من خلال التفاعل مع قضايا المصريين في الخارج، فالمسئول المباشر عنها هو القطاع القنصلى بوزارة الخارجية، الذى يتابع بشكل دورى مع سفاراتنا بالخارج، وفى نفس الوقت، كانت وزارة الهجرة، تريد أن يكون لها تواجد واختصاص، وهنا ظهر التداخل في العمل.
كما أن هناك أمور أخرى تنظيمية وإدارية، أثرت على الأداء، بل وألقت أعباء كثيرة على عاتق وزارة الهجرة، التي وجدت نفسها مضطرة للاشتباك مع قضايا ومشاكل المصريين في الخارج، وفى نفس الوقت لا تملك الوسيلة لتحقيق ذلك، الا من خلال بوابة وزارة الخارجية.
ولا اخفى اننى كنت من أشد المتحمسين لوجود وزارة للهجرة، تكون مسئولة بالكامل عن أوضاع جالياتنا في الخارج والتي يتجاوز عددها العشرة مليون، لكن مع التجربة العملية بدأت تظهر عقبات وتداخل في الاختصاصات والمهام، وهو ما دفع الوزارة الوليدة إلى الولوج إلى مبادرات وأفكار أخرى بديلة، مثل العمل على إعادة دمج الأجيال الجديدة من المصريين في الخارج خاصة في أوربا وأمريكا وكندا مع الوطن الأم، وهو ما ترك انطباعاً لدى الكثيرين أن الوزارة أصبحت فقط مسئولة عن مثل تلك المبادرات، وهو تصور خاطئ.
لذلك كان قرار إعادة دمج الوزارتين في وزارة واحدة، جيداً كونه جاء أيضاً متوافقاً مع سياسة الدولة، بتوفير كل سبل الرعاية والحماية للمصريين في الخارج.
والأمر الأخر الجيد، هو تعيين نائب لوزير الخارجية والهجرة يكون مسئولاً عن ملف المصريين في الخارج، والأهم من كل ذلك، أن الوزير الجديد، الدكتور بدر عبد العاطى، بدأ عمله الرسمي أمس الخميس باجتماع مع قيادات وأعضاء قطاع الهجرة وشئون المصريين بالخارج بالوزارة، مع ضم هيكل وزارة الهجرة المدمجة مع هذا القطاع، لتحقيق أقصى استفادة ممكنة، واستكمال الملفات التي بدأتها الوزارة، مع تكليف نائب وزير الخارجية السفير نبيل حبشى بالأشراف على هذا القطاع، وأعتقد أن هذه البداية هي مبشرة ومطمئنة لطيورنا المهاجرة أن الدولة أبدا لن تنساهم ولن تتخلى عنهم، وأن ما حدث هو مزيد من تطوير العمل والأداء لصالحهم، وهو ما ظهر من حديث "عبد العاطى" مع القطاع القنصلى، بأهمية مواصلة مسيرة العمل والإنجاز لتعزيز التواصل مع المصريين بالخارج، والعمل على إيجاد آليات جديدة لتحسين قنوات التواصل مع المواطن، أخذاً في الاعتبار حجم الجاليات المصرية في الخارج وكثافتها وتوزيعها الجغرافي، وأيضاً الدور الذي تقوم به بعثات مصر الدبلوماسية والقنصلية باعتبارها متواجدة على الأرض، ولها اتصال مباشر مع الجاليات المصرية.
ما قاله عبد العاطى في هذا الاجتماع يمثل سياسة الدولة، وينقل التكليفات الرئاسية الواضحة للحكومة الجديدة بأن تضع المواطن دوماً نصب اعينهم، سواء كان مقيما في الداخل او متواجد في الخارج لأى سبب، فالمهم الا يشعر المصرى أنه بعيد عن وطنه، لذلك على كل بعثاتنا أن تقدم له كافة أشكال الدعم والعون، وأن تتابع التواصل مع الجاليات لرعاية مصالحهم.
في النهاية يمكن القول أن دمج الوزارتين كان ضروريا في ظل تعقيدات عملية ظهرت على أرض الواقع، وأن الفيصل للحكم على التجربة هو الواقع، وكلى يقين بواقع المعرفة الشخصية بكثير من الدبلوماسيين سواء في مبنى وزارة الخارجية والهجرة أو في بعثاتنا بالخارج، أنهم لن يتأخروا أبداً عن دعم أي مواطن مصري متواجد خارج البلاد لأى سبب.