كتابات ملغومة عن الحج

السبت، 29 يونيو 2024 03:18 م
كتابات ملغومة عن الحج

الأمر كله أمر مشاكل بشرية لا علاقة لها بالفريضة من حيث كونها فرضها الله على القادرين من عباده قبل آلاف السنين
 
شهد موسم الحج لعامنا هذا 1445/ 2024، زيادة فى أعداد الوفيات بين الحجاج أثناء تأديتهم شعائر الفريضة.
 
ونسبت وكالة رويترز لمسئولين مصريين: إن عدد الحجاج المصريين الذين لاقوا حتفهم أثناء مناسك الحج هذا الموسم، بلغ 672 حاجا.
 
هذا العدد جعل الدولة المصرية، تبادر إلى تشكيل خلية أزمة برئاسة رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولى.
 
وذكرت خلية الأزمة، التى أمر الرئيس عبدالفتاح السيسى بتشكيلها، لمتابعة وإدارة الوضع الخاص بحالات وفاة الحجاج المصريين، أن رئيس الوزراء مصطفى مدبولى «كلف بسحب رخص 16 شركة سياحة، تحايلت لتسفير الحجاج بصورة غير نظامية، وإحالة مسئوليها للنيابة العامة».
 
وأشار تقرير وكالة رويترز: إلى أن السبب وراء ارتفاع حالات وفاة الحجاج المصريين غير المسجلين، يرجع إلى قيام بعض شركات السياحة بتنظيم برامج حج بتأشيرة زيارة شخصية، ما يمنع حامليها من دخول مكة، ويتم التحايل على ذلك عبر التهرب داخل دروب صحراوية سيرا على الأقدام، مع عدم توفير أماكن إقامة لائقة بباقى المشاعر، ما تسبب فى تعرض الحجاج غير المسجلين للإجهاد نتيجة ارتفاع درجات الحرارة.
 
إذًا الأمر كله، أمر مشاكل بشرية، لا علاقة لها بالفريضة من حيث كونها فريضة فرضها الله على القادرين من عباده قبل آلاف السنين، ولكن بعضهم يتعامى عن تعامل الدولة المصرية مع القضية بوصفها قضية أبطالها بشر أصحاب شركات خاصة، لم تقم بواجبها، وستتم محاسبة تلك الشركات بعد خضوعها للتحقيق.
فجأة تحول الكلام من محاسبة البشر المقصرين إلى محاسبة الفريضة نفسها!
 
فبدأنا نقرأ للذين يريدون «عودة النسىء»، والنسىء مذكور فى الآية الكريمة «فإِنَّمَا النَّسِىءُ زِيَادَةٌ فِى الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِى الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ».
 
أما عن معنى (النَّسِىءُ)، المذكور فى الآية، فقال الإمام الشوكانى: كانت العرب تحرم القتال فى الأشهر الحرم، فإذا احتاجوا إلى القتال فيها، قاتلوا فيها، وحرموا غيرها، فإذا قاتلوا فى المحرم، حرموا بدله شهر صفر، وهكذا فى غيره، وكان الذى يحملهم على هذا، أن كثيرا منهم، إنما كانوا يعيشون بالغارة على بعضهم البعض، وكانت الأشهر الثلاثة المسرودة، يضر بهم تواليها، وتشتد حاجتهم، وتعظم فاقتهم، فيحللون بعضها، ويحرمون مكانه بقدره من غير الأشهر الحرم، فهذا هو معنى (النَّسِىءُ) الذى كانوا يفعلونه.
 
إن هذا التلاعب بعدة الشهور محرم بنص قطعى الدلالة، قطعى الثبوت، ولكن الذين يطالبون به، يريدون جعل زمن الحج فى الشتاء دائما، لكيلا تضر الشمس القاسية بالحجاج!
 
وهذا كلام عجيب جدًا، فعندما يكون الفصل هو الشتاء فى نصف الكرة الشمالى، فإنه يكون صيفًا فى نصفها الجنوبى، وعلى ذلك سيقوم المسلمون بالحج مرتين فى العام الواحد، ولن يكون هناك أى معنى لاجتماعهم فى صعيد واحد فى يوم عرفة، وهكذا سيكون للمسلمين رمضانان، لا رمضان واحد، وقد يكون لكل واحد زمن صلاة غير الذى لأخيه فى البيت نفسه، فقد يشق على واحد أداء صلاة الظهر فى ساعة توسط الشمس كبد السماء، فيؤخرها هربًا من الحر إلى زمن العصر أو المغرب!
 
ثم تكلم بعضهم فى تفسير الآية الكريمة «الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال فى الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقونِ يا أولى الألباب»، ودار كلامهم حول أن الحج مسموح به على مدار شهور، ومتاح على مدار شهور، بحيث يختار كل مسلم الشهر الذى يناسب ظروف حياته!
 
هذه الكتابات خطيرة، ولا يمكن تجاهلها، لكيلا يتسع الخرق على الراتق.
 
وليس لأحد أن يتصدى لتلك الكتابات غير الأزهر الشريف، لأن المادة السابعة من دستورنا، تنص على «الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على جميع شئونه، وهو المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة، ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم، وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية، لتحقيق أغراضه، وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، وينظم القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء».
 
فعلى مؤسسة الأزهر، أن تبادر بالرد والتوضيح، لتنفيذ مهامها التى نص عليها الدستور، لأن التجاهل، لن يكون جزءًا من الحل، بل سيكون جزءًا من المشكلة. 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق