يوسف أيوب يكتب: قرار رفع سعر الخبز المدعم تصحيح لعوار في منظومة الدعم

الأربعاء، 29 مايو 2024 08:45 م
يوسف أيوب يكتب:  قرار رفع سعر الخبز المدعم تصحيح لعوار في منظومة الدعم

قرار الحكومة اليوم برفع سعر الخبز المدعم إلى 20 قرشا، اعتبارا من بداية الشهر المقبل، يمكن فهمه في إطار ما تقوم به الحكومة من الترشيد قليلا من حجم الدعم المُلقى على عاتق الخزانة العامة للدولة؛ من أجل ضمان استدامة تقديم الخدمة والدعم، وضمان وصول الدعم إلى مستحقيه.
 
ورغم أن القرار الذى أعلنه اليوم الدكتور مطفى مدبولى، يعد من القرارات الصعبة، لكنه كان ضرورياً، بعدما أحجمت الكثير من الحكومات السابقة عن اتخاذه، وهو ما زاد من العبء، وأيضاً إصابة ملف الدعم بالكثير من العوار، مما هدد الدعم بعدم استمراراه، اذا استمر هذا العوار، وهنا كان قرار الحكومة الجرئ، الذى يؤكد في الوقت نفسه استمرار انحياز الدولة للفئات المستحقة للدعم، بان يظل الدعم قائما، لكن من خلال منظومة أكثر كفاءة واستدامة، وهو ما اكد عليه مدبولى، بأن الحكومة لديها تصور لبدء التحرك في بعض السلع والخدمات، وبدأنا في هذا الصدد بالخبز المُدعم.
 
ولنعلم ثقل هذا الملف، نشير إلى بعض الأرقام التي قالها مدبولى اليوم في المؤتمر الصحفى، اهمها أن تكلفة رغيف الخبز على الدولة تبلغ نحو 125 قرشا، ويتم بيعه بـ 5 قروش، وبالتالي فالدولة تتحمل 120 قرشا على كل رغيف؛ وهو ما يعني أن الدولة تتحمل سنويا 120 مليار جنيه على اعتبار أنه يتم إنتاج 100 مليار رغيف في المتوسط سنويا؛ لذا كان من الضروري اتخاذ قرار بتحريك سعر الخبز قليلا لتقليص الدعم نسبيا؛ ورغم رفع سعر الخبر المدعم إلى 20 قرشاً الا أن الدولة لا تزال تدعم كل رغيف خبز بـ 105 قروش، وهو ما يعني أن الدولة ستتحمل 105 مليارات جنيه سنويا.
 
وهذا القرار لا يعنى ان الدولة في سيلها إلى الغاء الدعم بالكامل، لذلك كان رئيس الوزراء واضحاً حينما شدد على أن الدولة ستظل مُلتزمة بوجود الدعم، خاصة في السلع الأساسية التي تمس حياة المواطن، وأن كل محاولات الحكومة تستهدف ترشيد هذا الدعم، حتى يتسنى للدولة استدامة تقديمه، وهنا كان القرار المهم من جانب الحكومة بطرح موضوع الدعم للحوار الوطني والمجتمعي، لدراسة فكرة التحول للدعم النقدي؛ لأنه كما أكد الخبراء الاقتصاديين فإنه لضمان استدامة منظومة الدعم ووصولها لمستحقيها لا سبيل لذلك إلا من خلال التحول من دعم عيني إلى دعم نقدي يمكن أن تستفيد منه الأسر المستحقة لهذا الدعم.
 
وهنا يجب ان نفهم القرار الخاص بزيادة سعر الخبز وتقليص فاتورة الدعم التي تتحملها الدولة، أنه يتماشى مع توجه الحكومة لجعل الميزانية المصرية أكثر إدراكا واستجابة للصدمات المتتالية التي انعكست آثارها على مدار أكثر من أربع سنوات منذ انتشار وباء كورونا، ويضاف هذا القرار إلى القرارات الاقتصادية التي تتخذها الدولة وتستهدف إعادة ترتيب الأولويات ورفع كفاءة الإنفاق العام اتساقا مع إجراءات إصلاح وتطوير المسار الاقتصادي المصري، فمن ينظر إلى الموازنة المصرية الجديدة سيجد أنها تحقق التوازن المطلوب بين تخفيف الآثار التضخمية التي عانى منها المواطن المصري على مدار العامين الماضيين، والعمل على تحسين مستوى المعيشة وتلبية الاحتياجات التنموية للمواطنين وتخفيف الأعباء عن كاهلهم، وذلك بزيادة مخصصات الدعم والحماية الاجتماعية، وزيادة الإنفاق على الصحة والتعليم، وأيضا خلق فرص العمل.
 
ومن ضمن الأمثلة المهمة هنا أنه تم زيادة موازنة الدعم والحماية الاجتماعية إلى 635.9 مليار جنية فى العام المالي الجديد 2024/2025 مقارنة بـ529.7 مليار جنيه في العام المالي الحالي، بمعدل نمو سنوي 20%، بما يعكس التزام الدولة باستمرار مساندة الأسر منخفضة ومتوسطة الدخل فى مسار الإصلاح الاقتصادي، وهو أكبر رد على ما يمكن أن يقال بان الدولة تريد الغاء الدعم بالكامل، بل أن الحقيقة أن الدولة تريد ترشيد الدعم وأيصاله إلى مستحقيه، لكن بالطرق والأليات الناجحة، وتجنب العوار الموجود في المنظومة الحالية.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق