نص كلمة الرئيس رشاد محمد العليمي في الاحتفال بالعيد الوطني للجمهورية اليمنية

الثلاثاء، 21 مايو 2024 11:37 م
نص كلمة الرئيس رشاد محمد العليمي في الاحتفال بالعيد الوطني للجمهورية اليمنية

ألقى الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي، خطابا للشعب اليمني بمناسبة العيد الوطني للجمهورية اليمنية .

جاء فيه ..

يا أبناء شعبنا اليمني العظيم في الداخل والخارج،،

احييكم بمناسبة هذا اليوم المجيد، يوم ميلاد الجمهورية اليمنية.. اليوم الذي تجلت فيه روح التاريخ، و تحققت الآمال الكبيرة للأجيال المتعاقبة في جنوب الوطن، وشماله.

و رغم ما يعيشه الوطن الكبيراليوم من ظروف استثنائية جراء انقلاب المليشيات الحوثية الإرهابية، وما خلفه ذلك من خراب ودمار، فإن الثاني والعشرين من مايو، سيظل مناسبة جليلة محاطة بالتقدير، ولحظة تاريخية جديرة بالتأمل، والتعلم، والمبادرة الواعية لحماية توافقنا الوطني، وارادة شعبنا، وضمان المشاركة الواسعة في صنع القرار، دون اقصاء او تهميش.

وانه لمن دواعي الاعتزاز، ان تأتي هذه المناسبة وقد اصبح فيه تحالفنا الجمهوري اقوى واكثر التفافا حول اهدافه الوطنية الكبرى، التي ينتصر فيها شعبنا لتضحيات الابطال من قواتنا المسلحة والامن، وكافة التشكيلات العسكرية، والمقاومة الشعبية، ولمدننا الصامدة وهي تخوض جولة اخرى من المعركة المصيرية.

 

أيها المواطنون ايتها المواطنات في كل مكان،،

إن الوحدة اليمنية منذ تبلورت كفكرة، ودعوة وطنية، وحتى ولادتها كواقع ملموس، مثلت في جوهرها مشروعا حضاريا متكاملا، ارتكز على جملة من المبادئ السامية، أهمها: تعزيز الوحدة الوطنية، والشراكة الواسعة في السلطة، والثروة، وتحقيق العدالة والمساواة، وسيادة القانون.

ومثلما يتمسك اليمنيون الأحرار في شمال الوطن، وجنوبه بمضامين هذ المشروع النهضوي، فانهم يرفضون بشدة افراغه من مضمونه الوطني، والسياسي، و الأخلاقي، وأن يغدو مجرد شعار مظلل يخفي وراءه نزعة التسلط، والتفرد بالسلطة والثروة.

وهي النزعة التي تجسدها اليوم المليشيات الحوثية الارهابية، التي تتشدق بحديثها الأفاق عن الوحدة اليمنية، في حين أنها تمعن كل يوم بتكريس وقائع للتقسيم ماديا، ومعنويا، وتعمل بشكل ممنهج على تفتيت البنية الاجتماعية وتشطير مكوناتها على أساس طبقي، و طائفي، ومناطقي.

ولهذا فإننا نؤكد التزامنا الكامل بتعهداتنا السابقة في هذه المناسبة، وفي المقدمة اعتبار القضية الجنوبية أساسا للحل الشامل، وانفتاحنا على كل الخيارات لتمكين أبناء شعبنا من تحقيق تطلعاتهم، وتقرير مركزهم السياسي، ونمائهم الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي بموجب المرجعيات الوطنية، والإقليمية والدولية.

ويكفي أننا نجتمع اليوم في العاصمة المؤقتة عدن كقيادة توافقية موحدة، لمواجهة المخاطر المتجددة كما فعل أسلافنا الأوائل على مدى نحو سبعة عقود من الدفاع عن النظام الجمهوري الذي لم يسبق ان مر بوقت أكثر صعوبة مما يعيشه الان، حيث تطارد جماعة إرهابية بشكل هستيري، أهلنا في كل مكان، مودية بحياة مئات الالاف من الارواح، وتشريد الملايين على نحو يفوق كل الحروب العنصرية على مر تاريخها المظلم.

 

يا أبناء شعبنا اليمني العظيم،،

أننا في هذا اليوم، ومثلما نشيد بمناقب الرعيل الاول الذي ساهم في ولادة الجمهورية اليمنية، فإننا أيضا نعبر بكثير من التقدير لأولئك الذين تصدروا تصويب مسار هذا المشروع الوطني بعد حرب صيف عام 1994، بدءا بانطلاق الحراك الجنوبي السلمي، ومرورا بالمطالب الشعبية بالتغيير، وصولا الى قوافل الشهداء والجرحى من أبناء القوات المسلحة والامن، وكافة التشكيلات العسكرية، والمقاومة الشعبية المناهضة للمشروع الحوثي الامامي.

لذلك قبيل حلول هذه المناسبة الوطنية، كرمنا أولئك الأبطال الشجعان الذين دفعوا حياتهم ثمنا للحرية، وليس هناك أفضل من أن تستلهم كافة المكونات السياسية ارثهم، وصمودهم بمزيد من الاصطفاف وحشد كافة الامكانيات والطاقات لاستعادة مؤسسات الدولة، وردع المشروع الإيراني الذي يتربص بنا جميعا دون استثناء.

والحقيقة أن من يمعن النظر في حركة التاريخ، يدرك بوضوح أن الوحدة اليمنية، وحيثيات القضية الجنوبية وجهان لفكرة واحدة، وحلم واحد.. وجهان لليمن الجمهوري التعددي، والنظام القائم على العدالة والمساواة، وسيادة القانون.

وهذا هو الوطن الجديد الذي نسعى أنا واخواني أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، إلى تجسيده واقعا بقدر المستطاع؛ من خلال العمل الدؤوب لتصويب الأخطاء، وإعادة بناء المؤسسات، والتمسك الصادق بقيم الشراكة في السلطة والثروة، والتوافق الوطني، ومن خلال تمكين السلطات المحلية، وتعزيز استقلاليتها ودعم أليات الحكم الرشيد، وترسيخ لامركزية السلطة، على انقاض فكرة المراكز المقدسة للحكم.

 أيتها المواطنات، أيها المواطنون الكرام،،

إن الطريقة المثلى للاحتفاء بالأعياد الوطنية، تكون بالوقوف الجاد لمواجهة التحديات القائمة، والعمل على معالجة قضايا الحاضر، ومتطلبات المستقبل دون الاستغراق في تباينات الماضي، وصراعاته، وانما تحويله الى فرصة للمراجعة والتقييم، والمضي قدما نحو مستقبل أفضل.

ولا يخفى على أحد أننا  نقف اليوم أمام لحظة مفصلية على كافة المستويات المحلية والإقليمية و الدولية، وهي لحظة غنية بالفرص لكنها أيضا مليئة بالتحديات.

وسيظل العامل الحاسم في قدرتنا على تحقيق أهدافنا الوطنية؛ هو مدى تمسكنا بوحدة الصف، وواحدية الهدف.

وعلى مدار الأشهر الماضية، فشل الحوثيون - بخلاف ما صورت لهم اوهامهم- في إدارة المعركة السياسية والديبلوماسية، والاقتصادية امام مؤسسات الدولة الشرعية، وقواها الوطنية.

وانتهى بهم المطاف إلى مزيد من العزلة المحلية والدولية، رغم رهاناتهم الانتهازية على ركوب موجة التعاطف العربي والإسلامي مع القضية الفلسطينية العادلة، والمزايدة بأوجاع شعبها العظيم.

لذلك ليس هناك من خيار سوى الجنوح نحو السلام، وهو ما يرفضونه شكلا ومضمونا حتى الان، أو الذهاب باتجاه مغامرة عسكرية شاملة، لفرض ارادتهم القمعية على الشعب اليمني الذي قاوم، وسيقاوم هذا المشروع الاستبدادي إلى الابد.

وقد بات جليا أن مليشيا الحوثي الإرهابية، وبعد أن أمعنت في تهديدها العبثي للملاحة الدولية، تعتقد أن بوسعها الاستدارة لإشعال المعارك في الجبهات الداخلية.

وأننا في هذا السياق نؤكد وحدة، وجاهزية القوات المسحلة والأمن بكافة تشكيلاتها، لردع أي مغامرة عدائية، وقد اختبر الإنقلابيون بمرارة خلال الاسابيع الماضية بعضا من بسالة قواتنا المرابطة على مختلف الجبهات.

وفي هذه المناسبة، وجب علينا التأكيد أن مجلس القيادة الرئاسي لم ولن يتخل يوما عن نهجه الصارم في مقاومة المشروع الحوثي الامامي، المدعوم من النظام الايراني، على طريق استعادة مؤسسات الدولة واسقاط الانقلاب.

أما بخصوص الموقف من السلام، فان مجلس القيادة الرئاسي يشدد على المبادىء الاربعة التي أكدنا عليها مرارا: أولا التمسك بالمرجعيات الوطنية والإقليمية، والدولية، وعلى وجه الخصوص القرار 2216، وثانيا: التأكيد على عدم المساس بالمركز القانوني والسياسي للدولة العضو في الأمم المتحدة، وثالثا: شمولية أي عملية سلام وحمايتها بضمانات اقليمية ودولية، بما في ذلك حضور القضية الجنوبية، في أي مشاورات مقبلة.

ورابعا: استمرار سياسة الانفتاح على كافة جهود الوساطة المرتبطة بتخفيف معاناة مواطنينا، وتأمين مصالحهم وسبل عيشهم الكريم.

أيها الشعب العظيم،،

نعلم جيدا أن أيام الصيف الحارة، الهبت معاناتكم على نحو مضاعف، خصوصا في المناطق الساحلية، لاسيما العاصمة المؤقتة عدن.

وللأسف الشديد فإن الأزمة الراهنة على المستويين الخدمي والاقتصادي، لم تكن فقط وليدة تقصير حكومي، وإلا لكان من السهل علينا مقاربتها، بل إن سببها الجوهري يكمن في سلوك المليشيات الحوثية الإرهابية التي استهدفت منشآت النفط، واخرجتها عن التصدير منذ عامين، ومن ثم ذهبت إلى تهديد السفن التجارية في مياهنا الإقليمية، وهو ما فاقم من الأعباء الاقتصادية على بلدنا، شعبا، وحكومة.

ومع ذلك فان إرهاب المليشيات الحوثية لا يعفينا من مسؤولية العمل على تحسين الأوضاع وإنهاء أزمة الطاقة المزمنة، وقبل ذلك تقدير صبرمواطنينا الذين يتحملون العبء الاكبر من المعاناة.

لهذا نحن نعمل على هذا الصعيد ضمن مسارين: الأول هو المسار الاسعافي الذي وجهنا بأن تتولاه الجهات التنفيذية المعنية من خلال حلول عاجلة لتأمين الوقود اللازم لتشغيل المنظومة الكهربائية القائمة، وزيادة قدراتها التوليدية، والاستجابة الفورية لأي طارىء.

أما المسار الثاني فهو مسارالتوليد الكهربائي الذي يعمل عليه مجلس القيادة الرئاسي منذ عامين مع الحكومة، والسلطات المحلية لوضع استراتيجية شاملة هدفها إيجاد حلول جذرية لمشكلة الكهرباء بدعم من أشقائنا في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الامارات العربية المتحدة.

وهنا يجدر الإشارة إلى أن انفراجة قريبة في الخدمة، ستأتي من استدامة إمدادات الوقود، واستكمال دخول 120 ميجا وات إلى التوليد الشهر المقبل في محافظة عدن من محطة الطاقة المتجددة، إضافة الى دخول 25 ميجا وات حيز التوليد بمديرية المخا في محافظة تعز.

كما يتم العمل على إنشاء محطة للطاقة المتجددة بقدرة 56 ميجاوات في محافظة شبوة كمرحلة أولى، و50 ميجا في الخوخة وحيس، بينما يجري الاستعداد لبناء محطات كهربائية في حضرموت بقدرة 25 ميجاوات، وأخرى في تعز بقدرة 30 ميجا، وثالثة بالرياح في راس العارة بقدرة 100 ميجاوات، كما تعمل الحكومة على زيادة قدرة التوليد من محطة الرئيس بعدن إلى أكثر من 200 ميجا وات بعد أن تم تجديد  شبكة التوزيع المتهالكة بالكامل خلال العامين الماضيين، في حين يدعم الاشقاء الكويتيون مشروع إعادة صيانة، وتأهيل محطة مارب الغازية بمبلغ 40 مليون دولار، إضافة الى مساهمات مقدرة من جانب السلطة المحلية في المحافظة.

وبقدر ما يتطلب النجاح في المسار الأول مزيدا من التفاني والعمل من قبل أجهزة الدولة، فان التقدم في المسار الثاني يتطلب مزيدا من الصبر، والاستعداد لتقديم الكلفة التي يتطلبها أي تغيير إيجابي شامل لتحسين الخدمات وتعافي الاقتصاد.

 

أيها الشعب العظيم،،

في الختام اسمحوا لي باسمي وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، ان اجدد الشكر والتقدير لأشقائنا في دول تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة على دعمهم المستمر لشعبنا، وقيادته السياسية، وتطلعاته في السلام والاستقرار والتنمية.

وهي مناسبة أيضا لارسال عظيم التهاني، والامتنان والعرفان إلى أبطال القوات المسلحة والأمن، وكافة التشكيلات العسكرية، والمقاومة الشعبية المرابطين في محتلف الجبهات، دفاعا عن الكرامة، والهوية، والجمهورية في ملحمة اسطورية، سيمثل النصر فيها تحولا جذريا ليس في القدرة على معالجة أثار الماضي فقط، ولكن بقدر أكبر في الوفاء باستحقاقات المستقبل.

الرحمة للشهداء،،

الشفاء للجرحى،،

والحرية للأسرى،،

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق