مصر للألومنيوم.. قصة تطوير قلعة صناعية عملاقة تتحدى الزمن

- مجمع المصانع بنجع حمادى يلبى احتياجات السوق المحلية ويتبوأ مكانة كبيرة فى الصادرات 

- الشركة أدخلت منتجات جديدة تستخدم فى صناعة أسلاك الكهرباء والعبوات الدوائية.. وحققت اشتراطات الاتحاد الأوروبى 

- وزير قطاع الأعمال العام: خطة التطوير والتحديث أسفرت عن معدلات أداء لم تعرفها الشركة من قبل

- الشركة تستهدف تصدير 191 ألف طن.. وقريبا إنشاء مصنع جديد باستثمارات 3 مليارات دولار طاقته الإنتاجية 600 ألف طن

 

حظيت صناعة الألومنيوم باهتمام الدولة، والحرص على تطوير الصناعة وتوطينها، وتصنيع منتج مصرى، يتم تصديره للخارج، ويعد مصنع مصر للألومنيوم بنجع حمادى من أقدم المصانع التى حرصت الدولة على تطويرها، حتى وصلت أرباحه إلى 3.43 مليار جنيه منذ بداية يوليو حتى نهاية ديسمبر 2023، مقابل 1.7 مليار جنيه أرباحا خلال الفترة المقارنة من العام المالى الماضى.

 

وشركة مصر للألومنيوم، التى تمتلك الشركة القابضة للصناعات المعدنية التابعة للوزارة النسبة الأكبر فيه، والمطروحة فى البورصة، هى المحتكر لإنتاج خام الألومنيوم فى مصر، وتبيع نحو نصف إنتاجها للخارج.

 

فى عام 1969، كانت البداية على ضفاف نهر النيل فى جنوب مصر، حيث بدأت عملية إنشاء واحد من أهم المشروعات العملاقة، وهو الصرح العملاق مصنع مصر للألومنيوم فى نجع حمادى، وتم اختيار نجع حمادى كموقع لمصنع الألومنيوم لعدة عوامل، أهمها قرب الموقع من محطة محولات كهرباء السد العالى بنجع حمادى جهد 500 ك ف، والقرب من ميناء سفاجا لاستقبال الألومينا، والفحم البترولى الأخضر، علاوة على وفرة الأيدى العاملة اللازمة لبدء إعداد الموقع والإنشاءات المدنية والمعدنية.

 

وتحديدا فى عام 1975، انطلقت الشرارة الأولى معلنة بدء الانتاج من خلال 5 خطوط فى يوليو 1983، وتشغيل الخط السادس فى أكتوبر 1997، وفى أبريل 2010، تم الانتهاء من إعادة تأهيل وتطوير جميع خطوط الإنتاج إلى خلايا سابقة التحميص، لتصل الإنتاجية القصوى إلى 320 ألف طن سنويا، ويضم المصنع أكثر من 550 خلية إنتاجية، كما يضم عددا من القطاعات، منها قطاع المسابك، وقطاع الدرفلة، ومصنع إنتاج القطاعات، ومحمص الفحم، ووحدة إنتاج بلوكات الأنود الكربونية، ويتبع الشركة 4 موانئ فى القاهرة (المعصرة- شرق النيل)، والإسكندرية، ونجع حمادى، وسفاجا.

 

‏وقال المهندس خالد الفقى، عضو مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات المعدنية رئيس النقابة العامة للصناعات الهندسية والمعدنية والكهربائية، إنه خلال السنوات الماضية، تحولت مصر للألومنيوم إلى قلعة صناعية عملاقة، ليس فقط فى الإنتاج لتلبية احتياجات السوق المحلية المتزايدة، بل تبوأت مكانة كبيرة فى الصادرات، وصعدت لهرم الصادرات المصرية، ولاسيما فى ظل وجود خطة لزيادة تلك الصادرات خلال الأعوام المقبلة من خلال تدشين محطة الطاقة الشمسية، بالإضافة إلى إعادة تأهيل المصنع الحالى لمضاعفة الإنتاجية، ‏وبالتالى الوصول بالصادرات لما يقارب المليار دولار سنويا، بالإضافة إلى دراسة إنشاء مصنع جديد بشراكة عربية أو أجنبية.

 

وتابع خالد الفقى: إن هذه القلعة الصناعية، نجحت فى خلق مجتمع عمرانى كبير، وتحولت إلى مصدر جذب للصناعة فى منطقة الصعيد، وكانت بمثابة نقطة جذب للصناعات الثقيلة فى صعيد مصر فى ظل سياسة الدولة لتنمية الصعيد، مدللا على ما أحدثه المصنع من خلال خلق تنمية مجتمعية للمنطقة المجاورة، وذلك من خلال إنشاء المدارس والطرق ورصفها وخط سكة حديد لنقل العاملين، مؤكدا أن الصحراء تحولت إلى مناطق سكنية مجاورة للمصانع، حيث تم بناء المدن السكنية، التى تتوافر فيها كل الخدمات للعاملين من مساكن وطرق مشجرة ومستشفى وملاعب رياضية ومدارس ومحال تجارية وبنك ونقطة شرطة ومكتب بريد .

 

وأوضح خالد الفقى، أن الشركة تستهدف تحقيق 4.269 مليار جنيه صافى ربح خلال العام المالى المقبل، مقابل صافى ربح 4.855 مليار جنيه متوقع بنهاية العام المالى الجارى، كما تستهدف بحسب الموازنة التقديرية المعلنة،  تحقيق مبيعات بقيمة 26.69 مليار جنيه خلال العام المالى المقبل، مقابل 25.96 مليار جنيه، متوقع بنهاية العام المالى الجارى.

 

وخلال زيارته الأخيرة لمصنع مصر للألومنيوم، حرص الدكتور محمود عصمت، وزير قطاع الأعمال العام، على متابعة التطورات، وتفاصيل عمليات الإنتاج، وخطط التحديث ومستهدفات الشركة الفترة المقبلة، لكى تكون أكبر كيان صناعى فى أفريقيا والشرق الأوسط، وتفقد المصانع وخطوط الإنتاج الجديدة والورش والوحدات الإنتاجية وتطوير وتحديث خطوط الإنتاج والماكينات، وما ترتب على ذلك من الوصول بحجم الإنتاج إلى الطاقة التصميمية القصوى، وذلك للمرة الأولى فى تاريخ الشركة منذ إنشائها، وتمت مراجعة السياسات البيعية والتسويقية، والتوافق مع اشتراطات المنظمات الدولية المنظمة للصناعة وفتح أسواق جديدة.

 

وتم استعراض خطط التشغيل الحالية والمستقبلية، والتى أظهرت زيادة الطاقة الإنتاجية، لتصل إلى نحو 310 آلاف طن سنويا، والتوسع فى تصنيع مستلزمات الإنتاج اللازمة لتوطين الصناعة، وإحلال المنتج المحلى والاعتماد عليه، لخفض الواردات، وزيادة الصادرات، والحرص على توفير احتياجات مصانع القطاع الخاص العاملة فى مجالات تقوم على منتج الألومنيوم، وكشف الوزير، أن حجم المبيعات السنوية، بلغ نحو 30 مليار جنيه، منها قرابة 15 مليار جنيه مبيعات تصدير للأسواق الخارجية، ونمت أرباح الشركة إلى ما يقرب من 5 مليارات جنيه، وكذلك الاستثمارات المنفذة لتطوير الخلايا والوحدات الإنتاجية، لتلبية احتياجات السوق المحلية، وتمت متابعة تطوير المصهر القائم، وإطالة عمر المصنع، ومشروع زيادة الطاقة الإنتاجية للمصنع بمقدار 200 ألف طن، لتوفير الاحتياجات المحلية.

 

وشهد الوزير مشروع إنشاء مصفاة الألومينا بطاقة 2 مليون طن سنويا فى إطار العمل على توفير مستلزمات الإنتاج محليا، والتصدير، ومشروع إنشاء مصنع الرقائق «الفويل» بطاقة 50 ألف طن سنويا، ومشروع إنشاء محطة طاقة شمسية لإمداد الشركة بالكهرباء بقدرة 1 جيجاوات/ ساعة فى إطار التحول لمصادر الطاقة النظيفة والمتجددة.

 

ونجحت شركة مصر للألومنيوم فى إدخال منتجات جديدة، يتم استخدامها فى صناعة أسلاك الكهرباء والعبوات الدوائية وغيرها، وكذلك فى إطار تطبيق معايير التصنيع العالمية، وتلبية اشتراطات المنظمات الدولية، كما حصلت الشركة على شهادة «EN ISO:14001»، إحدى المتطلبات للحصول على شهادة معيار أداء مبادرة الإشراف على الألومنيوم، وهى معايير صارمة لضمان سلامة، وتوافق سلاسل التوريد، وقوانين العمل وحماية البيئة والحوكمة، واستمرار تسجيل العلامة التجارية للشركة ببورصة لندن للمعادن، للاستمرار فى تسويق وتوزيع منتجات الشركة بالأسواق الأوروبية.

 

وحققت مصر للألومنيوم، التوافق فى الوصول لحساب البصمة الكربونية لمنتجات الشركة المتنوعة باعتبارها خطوة مهمة نحو تلبية اشتراطات الاتحاد الأوروبى، لضمان سلاسل التوريد لمنتجات الألومنيوم، وتسعى الشركة للوصول لأعلى معدلات الأداء، وتحسين بيئة العمل، لتقليل نسبة الانبعاثات الكربونية للمنتجات، للوصول إلى الحد الأمثل، لضمان الاستمرار فى التصدير وزيادة الصادرات لدول الاتحاد الأوروبى والأسواق الأجنبية والعربية المختلفة، والتى وصلت حتى الآن إلى 60%، خاصة فى ظل اعتماد الشركة كمصدر معتمد ببرنامج الفاعل الاقتصادى، بما يسهم فى تسهيل الإجراءات وسرعة الإفراج عن الشحنات، التى يتم تصديرها للدول المعتمدة بالبرنامج كدول الاتحاد الأوروبى، وغيرها من الدول المعتمدة.

 

وتعمل الشركة حاليا على تطوير وإعادة التأهيل للمصهر القائم بنجع حمادى، وزيادة الطاقة الإنتاجية إلى جانب دراسة مشروع إنتاج الفويل، لتلبية احتياجات السوق المحلية والخارجية، والعمل على إنتاج منتج Slugs، لتلبية احتياجات الشركات العاملة فى مجال صناعة الدواء بالسوق المحلية والخارجية لإنتاج العبوات الدوائية والتغليف، وكذلك مشروع ماكينة السلك، التى ستساعد فى تغطية احتياجات السوق المحلية من منتج السلك، وفتح أسواق خارجية جديدة، خاصة أن هذه الماكينة سوف تنتج سبيكة الميلك وسبيكة ٦١٠١ و ٦١٠٢ المستخدمة للأسلاك الهوائية، والتى يتم استخدامها فى البلدان التى تتميز بمناخ غير مستقر على مدار اليوم لمنع الترخيم أو الانكماش الزائد فى الأسلاك.

 

وأكد الدكتور محمود عصمت، وزير قطاع الأعمال العام، أن خطة تطوير وتحديث مجمع الألومنيوم بنجع حمادى، أسفرت عن معدلات أداء وحجم إنتاج لم تعرفها الشركة من قبل، وتعمل شركة مصر للألومنيوم حاليا بالطاقة القصوى لتصميم خطوط الإنتاج، الأمر الذى انعكس فى زيادة نسبة المبيعات محليا، وفتح أسواق جديدة أمام الصادرات وزيادتها، وأن أرباح الشركة خلال العام الجارى، ستكون مضاعفة، موضحا أن حصول شركة مصر للألومنيوم على هذه الشهادة الدولية، يمثل خطوة مهمة تعكس مدى الحرص والالتزام بتبنى المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة المؤسسية، وهى بنود ضمن خطة التطوير، التى يجرى تنفيذها حاليا، لتحسين الإنتاج ومعدلات الأداء، مشيرا إلى الاهتمام بحماية البيئة، وتطبيق المعايير والاشتراطات الدولية، لزيادة الصادرات، وفتح أسواق جديدة أمام الشركات، وذلك فى إطار الحوكمة والشفافية.

 

وتستهدف الشركة خلال العام المالى المقبل 2024-2025، تحقيق ربح 4.27 مليار جنيه، مقابل صافى ربح 4.855 مليار جنيه، متوقع بنهاية العام المالى الجارى، وزادت إيرادات الشركة خلال الستة أشهر الأولى من العام المالى الجارى، لتصل 13.3 مليار جنيه، مقابل 8.35 مليار جنيه فى النصف المقارن من العام المالى الماضى، كما تستهدف تحقيق مبيعات بقيمة 38.7 مليار جنيه خلال العام المالى 2024/2025، مقابل 29.7 مليار جنيه متوقعة خلال العام المالى الجارى 2023/2024، مقارنة بـ 22 مليار جنيه محققة خلال العام المالى 2022/2023.

 

فيما تعتزم الشركة تصدير 191 ألف طن بقيمة 23.4 مليار جنيه بمتوسط سعر بيع للتصدير 2720 دولارا خلال العام المالى 2024/2025، مقابل 158.6 ألف طن بقيمة 15 مليار جنيه بمتوسط سعر بيع للتصدير 2586 دولارا، ومقارنة مع 129.6 ألف طن بقيمة 9.9 مليار جنيه بمتوسط سعر بيع للتصدير 2867 دولارا.

 

وفى إطار تطوير صناعة الألومنيوم، أعلن وزير قطاع الأعمال العام، محمود عصمت، أنه من المنتظر توقيع شراكة قريبا مع مستثمر جديد من أجل إنشاء مصنع جديد للألومنيوم، بخلاف مصنع شركة مصر للألومنيوم بنجع حمادى، باستثمارات 3 مليارات دولار، ومن المتوقع الانتهاء من إنشاء هذا المصنع خلال عامين، وتصل الطاقة الإنتاجية للمصنع الجديد إلى 600 ألف طن، بينما تبلغ الطاقة الإنتاجية الحالية لشركة مصر للألومنيوم 320 ألف طن.

 

ووجه الرئيس عبد الفتاح السيسى، بإقامة مصنع جديد، يتم الاتفاق عليه لتقليل الواردات من الألومنيوم، والتوسع فى منتجات إضافية، مثل الفويل، بالإضافة للخط الجديد فى نجع حمادى، وجميع أعمال التطوير الأخرى للمصنع القائم.