حمدى عبدالرحيم يكتب: الرب بريء من إبرام الصفقات
السبت، 11 مايو 2024 11:00 م
- أنا وأنت نؤمن أن الرب لم يبرم صفقة مع خليله إبراهيم عليه السلام لكن إيمانى وإيمانك لن يغير شيئًا من موازين القوى
الأمريكان ومعظم الدول الكبرى فى أوروبا، يقدمون ما هو فوق الدعم لجيش الاحتلال، فلو طلب المحتل لبن العصفور فسيأتون بأنهار من لبن عصافير الكرة الأرضية!
هذا الدعم الذى يشمل كل شىء، من التغطية السياسية والإعلامية وصولًا إلى الدعم العسكرى المباشر والجاد.
البحث عن تفسير لهذا الدعم غير المسبوق، يحتاج إلى طرح أسئلة تبدو شائكة، لأن بعضها، بل أهمها يدخل فى صلب العقائد الدينية!
النائب الجمهورى ريك ألين النائب عن ولاية جورجيا، وفر علينا عناء البحث والتفسير.
أولًا وقبل الدخول فى عرض ما قاله النائب، نلفت النظر إلى أنه جمهورى، يعنى فى خندق معارضة الرئيس الحالى جو بايدن، ولكن ساعة الجد يصطف الجميع خلف منظومة واحدة، فبايدن هو الذى قال مرارًا وتكرارًا إنه صهيونى، وهو الذى قال: «الصهيونية ليست حكرًا على اليهود»!
وهو الذى قال: «لو لم توجد إسرائيل لاخترعناها».
ووزير خارجية بايدن قال من قلب تل أبيب: «لقد جئتكم ليس بوصفى وزيرًا أمريكيًا ولكن بوصفى مواطنًا يهوديًا!».
إذن لا يمكن المزايدة على موقف بايدن وإدارته، هم يفتخرون بصهيونيتهم، ويصرون على ضمان تفوق جيش الاحتلال على غيره من الجيوش.
سيادة النائب ذهب مباشرة وبصراحة لا غموض فيها ولا لبس، إلى مربط الفرس، فعندما تولى استجواب رؤساء الجامعات الأمريكية فى إحدى أكبر قاعات الكونجرس، تحدث بصراحة منقطعة النظير مع السيدة مينوش، رئيسة جامعة كولومبيا وقال لها بوضوح: «إنه شىء واضح جدا، إنه عهد أقامه الله مع إبراهيم، (قرأت ترجمة تعنى أنه قال: الصفقة بين الرب وبين إبراهيم!) وكان ذلك العهد واضحا حقا».
أضاف نائب جورجيا الجمهورى المعارض: لقد قال الرب لإبراهيم: إذا باركت إسرائيل سوف أباركُك، وإذا لعنتَ إسرائيل، فسوف ألعنُك.
ثم فى العهد الجديد، تم التأكيد على أن كل الأمم ستكون مباركة من إبراهيم.
ثم بلهجة تهديد واضحة جدًا قال النائب لرئيسة الجامعة: هل تريدين لجامعة كولومبيا أن تكون ملعونة من الله؛ من رب الإنجيل؟!
هل هناك بُعد دينى للقضية؟
هل هناك خلط للدين بالسياسة؟
هل دعمهم لجيش الإبادة الجماعية يعد مكونًا رئيسيًا من مكونات عقيدتهم؟
أترك الإجابة لك!
حرب الإبادة التى يشنها جيش الاحتلال على غزة تجبرنى على العودة إلى الوراء قليلًا لمزيد من شرح موقف الأمريكان، فقبل ست سنوات كتبت عن احتفال الرئيس الأمريكى ترامب بعيد يهودى صغير اسمه عيد الحانوكا.
كتبت: «إن الحانوكا هو عيد من أعيادهم الثانوية، ليست له مكانة عيد الغفران، ولكنه يظل مهمًا لديهم».
الحانوكا كلمة عبرية تعنى التدشين، وهى مناسبة يتم فيها تشجيع ومكافأة الأطفال لدراسة التوراة، ونتيجة لذلك، يعطى الآباء أبناءهم أموالا وهدايا خلال العيد.
والتدشين المقصود هو التذكير بتدشين الهيكل المقدس الثانى فى أورشليم فى القرن الثانى قبل الميلاد، وللحانوكا اسم شائع وهو «عيد الأنوار» وفى ذلك العيد يتواصل احتفال اليهود لثمانية أيام، وأيام العيد ليست محددة بدقة، فهى أحيانًا تبدأ فى الأسبوع الأخير من نوفمبر، وأحيانًا تكون فى الأسبوع الأخير من ديسمبر.
قال الرئيس الأمريكى ترامب وهو يحتفل بعيد الحانوكا: «حانوكا لليهود فى جميع أنحاء العالم، عندما يجتمعون حول المينورا المضاءة ويحتفلون بعجائب الماضى والأمل فى المستقبل، ميلانيا زوتجى وأنا نتمنى لجميع إخوتنا اليهود الاحتفال بهذه العطلة المهمة لمدة 8 ليال كاملة بالسعادة والصحة».
وأضاف ترامب: «قصة معجزة حانوكا بدأت منذ أكثر من 2000 سنة، عندما كانت ممارسة الشعائر اليهودية يعاقب عليها بالموت، وقد انتفضت فرقة صغيرة من الوطنيين اليهود واستعادت الهوية اليهودية عن طريق هزيمة جيش عظيم، وفى محاولة سعيهم لإعادة تشييد معبدهم المقدس، لم يجد الأبطال اليهود غير قليل من الزيت لإضاءة مصباح المعبد لليلة واحدة، ولكن وقعت معجزة، عندما استمر الزيت بنعمة من الله فى الإضاءة لمدة ثمانية أيام».
ثم واصل ترامب خطبته فتحدث عن معجزة إسرائيل (يقصد نبى الله يعقوب عليه السلام) وقال إن إسرائيل وأحفاد إبراهيم وإسحاق قد تحملوا بشجاعة نادرة محنًا كثيرة مرت بهم ثم انتصروا على كل اضطهاد غير مبرر تعرضوا له.
ثم ختم ترامب خطبته صائحًا: «القدس يهودية هكذا كانت وهكذا ستبقى!».
لم يكتف ترامب بالخطبة، فقد نشر على الموقع الرسمى للبيت الأبيض رسالة يقول نصها: «نفتخر فى هذا العيد أننا ندعم الشعب اليهودى الذى يلمع بين الدول، كما نؤيد شعب إسرائيل والدولة اليهودية التى لها فى حد ذاتها تاريخ رائع فى التغلب على الظروف غير المواتية، وآمل أن يحظى من يحتفل بهذا العيد فى الولايات المتحدة، وفى إسرائيل وحول العالم، بإجازة ممتعة.
وبعدُ، فأنا وأنت نؤمن أن الرب لم يبرم صفقة مع خليله إبراهيم عليه السلام، ولكن إيمانى وإيمانك لن يغير شيئًا من موازين القوى، فالمهم هو إيمان ساكن البيت الأبيض.